هل نجحت المقاطعة الفرنسية؟
الإثنين، 01 فبراير 2021 09:58 م
الاقتصاد الفرنسي يئنُّ، يتألم، يتوجَّع، يترنَّح تحت سيف مقاطعة المسلمين للبضائع الفرنسية؛ على خلفية أزمة الرسوم المسيئة للرسول الكريم.
هذه ليست أمانىَّ ولا أحلامًا ولا أضغاثَ أحلام، ولكنه واقع حقيقى تعكسه بياناتٌ وتصريحاتٌ رسمية صادرة عن الجانب الفرنسي نفسه الذي يبدو أنه في طريقه إلى الاستسلام ورفع الراية البيضاء فى معركة افتعلها من جانبه دون مبرر، وفتنة أوقد جذوتها وأشعل نارها بنفسه دون أدنى مسؤولية، ظنًا منه أن المسلمين صاروا يُشبهون بعض حكامهم، فلن يحتجوا ولن يعترضوا على الإساءة إلى نبيهم الأكرم.
لا شك أن الموقف المصرى الرسمي والديني والشعبي في هذه الأزمة كان مشرفًا ومشهودًا، بعيدًا عن أية مواءمات رخيصة أو مناورات مكشوفة.
فى تقرير حديث صدر قبل أيام، أكد المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء أنَّ بلاده سجَّلت في العام المنقضي ركودًا قياسيًا، هو الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية. وبالتزامن معه..نشرت وكالة "رويترز" تقريرًا يقول: إن مصالح فرنسا الاقتصادية باتت "على المحك"؛ بعد تصاعُد الدعوات لمقاطعة منتجاتها في العالم الإسلامي. وزير الخارجية الفرنسي "برونو لومير" دخل أيضًا على خط الأزمة بتصريحه بأن بلاده مُقبلة على ما هو أصعب اقتصاديًا مع بداية العام الجديد.
وإذا تطوَّع أحد المغرضين أو بعضُهم زاعمين أن المِحنة الاقتصادية الفرنسية الطارئة، لا علاقة لها بمقاطعة المسلمين للمنتجات الفرنسية، ولكن بسبب جائحة كورونا التى عمَّت البلاد والعباد، فإننا نحيلهم جميعًا على حزمة من التقارير والبيانات والتصريحات الصادرة مؤخرًا عن جهات فرنسية رسمية تُرجع الأمر كله إلى "سلاح المقاطعة" الذي استهان به كثيرون، أو قلل منه كثيرون، سواء من الجانب الفرنسي أو من بعض المتطفلين والمتنطعين والمرجفين الذين يسبحون ضد التيار فى بلاد المسلمين الذين لا يزعجهم الإساءة إلى دينهم ورسولهم الأكرم، ولكن يشغلهم فقط الموائد التي يتزاحمون عليها للاقتتات منها، وحساباتهم البنكية!
ولأنَّ الأرقام أصدقُ أنباءً من الكلام المرسل والخيالات المريضة، فإنَّ بياناتٍ حديثة أظهرتْ أن إجمالي صادرات فرنسا إلى العالم يزيد قليلاً على 55 مليار دولار، فيما تبلغ حصة العالم العربي منها 28.6 مليار دولار، أي أن العرب والمسلمين يستأثرون وحدهم بنصف الصادرات الباريسية، وفور تفعيل سلاح المقاطعة فإنَّ الرقم الأخير اهتزَّ كثيرًا وبقوة، بحسب البيانات والتقارير والتصريحات الرسمية الصادرة عن الجانب الفرنسي!
ولا شكَّ أن الغضب "الشعبى" تحديدًا من الإساءة الفرنسية للرسول الكريم هذه المرة، كان لافتًا ورائعًا وتلقائيًا ومتدفقًا ومستمرًا حتى كتابة هذه السطور، حيث وظف الغاضبون لدينهم الفضاء الإلكترونى وملأوه بدعوات التحريض على مقاطعة منتجات الدولة التى انحازت لموجات الإساءة ودافعت عنها؛ بحجة أن هذه الإساءة تندرج تحت حرية الرأى والتعبير، ولا يجوز التدخل لمنعها ووأدها وتجفيف منابعها؛ احترامًا لمشاعر أكثر من ملياري مسلم، فضلاً عن قطاعات أخرى غير مسلمة تتأذى من الإساءة إلى المقدسات والمشاعر الدينية، وتعتبرها انفلاتًا غير محمود، وتجاوزًا غير عقلاني، وأثمرت هذه الدعوات نتائج إيجابية وسلوكًا إنسانيًا جديرًا بالاحترام والتقدير.
ولا شكَ أن التاريخ سوف يذكر بكل الفخر، موقف الدولة المصرية في هذه الأزمة، عندما أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسى عن استياء عموم المسلمين من إهانة مقدساتهم ورموزهم الدينية وجرح مشاعرهم والاستهانة بها، وكذلك عندما استقبل الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بمقر المشيخة في القاهرة، إبان الأزمة، حيث قال له نصَا: "الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم مرفوضة تمامًا، وسيتابع الأزهر مَن يُسئ لنبينا الأكرم في المحاكم الدولية، حتى لو قضينا عمرنا كله نفعل ذلك الأمر فقط".
وختامًا.. فإنَّ سلاح المقاطعة فى هذه الأزمة أثبت فعاليته وقوته وجديته، ومن ثمَّ فإنه يجب أن يكون حاضرًا ضد كل من تسوِّل له نفسه من الغرب أو من الشرق التطاول على المسلمين وإيذاء مشاعرهم بأى شكل، قاطعوا الإعلاميين المسيئين، والتنويريين المسيئين، والمفكرين والمسيئين، والكتاب المسيئين، والصحف المسيئة، والأعمال الفنية المسيئة، حاصروهم جميعًا بـ"سلاح المقاطعة"..وكفى به سلاحًا تنصرون به دينكم ضد صغار العقول والضمائر والنفوس!