إدارة أمريكية جديدة.. هل تنتهي الأزمة مع الصين؟

الثلاثاء، 26 يناير 2021 10:00 م
إدارة أمريكية جديدة.. هل تنتهي الأزمة مع الصين؟

نقلت وكالة الأنباء الأمريكية "أسوشتيد برس" عن عدد من الخبراء الاقتصاديين قولهم إن الرئيس جو بايدن لن يخوض مواجهة مع بكين فوراً، إذ أنه يريد التركيز على مواجهته لفيروس كوفيد 19، بالإضافة إلى تحسين الوضع الاقتصادي، لكنه وفي الوقت ذاته يبدو مستعداً لتجديد الضغوط الأميركية على الصين بشأن شكاوى تجارية وتكنولوجية، دفعت الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب إلى رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية في عام 2017، وان الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية من جانب والصين من الجانب الأخر لن تنتهي قريبا.
 
ويرجح الخبراء أن المفاوضين قد يخففون من حدة تركيز دونالد ترامب على تقليل الفائض التجاري لجمهورية الصين مع أمريكا، ويدفعون بقوة أكبر لفتح اقتصادها الذي تهيمن عليه الدولة، وهذا الأمر مهم جدا في الوقت الراهن، لكن ليس من المتوقع إجراء تخفيضات مفاجئة في التعريفات، أو تغييرات كبرى أخرى حاليا.
 
كما نقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن لويس كويجس، مدير بحوث اقتصادات آسيا لدى “أكسفورد إيكونوميكس، قوله: "أعتقد أن بايدن سيركز أكثر على محاولة انتزاع إصلاحات هيكلية، وسيستغرق الأمر وقتاً قبل أن نرى أي تحوّل أو إعلانات صريحة".
فيما قالت چين ساكي، الناطقة باسم البيت الأبيض، أن بايدن يقيّم الرسوم الجمركية المفروضة على البضائع الصينية، ويريد تنسيق خطواته المستقبلية مع حلفاء الولايات المتحدة، مضيفة أن "الرئيس ملتزم بوقف الانتهاكات الاقتصادية للصين".
 
وأشارت جين ساكي إلى أن جوزيف بايدن يريد محاسبة بكين على "ممارسات غير عادلة وغير قانونية"، والتأكد من أن التكنولوجيا الأميركية لا تسهّل تعزيز ترسانتها العسكرية.
 
وأوضحت وكالة الأنباء الأمريكية أن ترامب تصرّف بناءً على شكاوى، شاركتها أوروبا وتجار آخرون، ودفع الحكومة الصينية إلى التفاوض، واستدركت أنه أثار اضطراباً في التجارة العالمية، ورفع أسعار بعض السلع على المستهلكين، فضلا عن تبديده للوظائف.
 
ومن جهتها تعهدت بكين، في اتفاق "المرحلة الأولى" المنعقد مع واشنطن، في يناير الماضي، بشراء مزيد من فول الصويا وعدد من الصادرات الأميركية الأخرى، وبوقف الضغط على شركات لتسليمها أسرارها التكنولوجية.
 
ولكن في ظلّ تداعيات فيروس كوفيد 19، اشترت الصين نحو 55% ممّا وعدت به، وبالنسبة لسياسة التكنولوجيا، يعتبر خبراء اقتصاديون أن هذه التغييرات مهمة، لكنهم يتساءلون عمّا إذا كانت تُشكّل مكسباً، إذ قد تناسب خطط بكين في أي حال.
 
وتتعرض الصين لموجة معارضة كبيرة وأكثر من أي وقت في أمريكا، ويأتي ذلك نتيجة لسجلها التجاري، والنزاعات الإقليمية مع جيرانها، وتعرضها لعدد من الاتهامات بممارسة القمع في هونغ كونغ، فضلا عن خروج تقارير عن انتهاكات بكين ضد أقلية الإيغور، واتهامها بسرقة التكنولوجيا والتجسس.
 
وأشار ناثان شيتس، وكيل وزارة الخزانة السابق للشؤون الدولية في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، إلى تغير القاعدة بشكل كبير.
 
أما كاثرين تاي، التي اختارها بايدن لخلافة الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر، فأبدت تشدداً، بقولها هذا الشهر: "نواجه منافسة شديدة من صين متنامية وطموحة، صين يدير اقتصادها مخططون مركزيون لا يخضعون لضغوط التعددية السياسية، أو الانتخابات الديمقراطية أو الرأي العام".
 
ورأى راؤول ليرينغ، وهو محلل التجارة العالمية في مؤسسة "آي إن جي" الهولندية للخدمات المالية، أن تصريحات كثيرة أدلى بها ترمب كانت "أشبه بتفاهة"، مستدركاً أنه كان محقاً في أن لدى الصين حواجز تجارية وتدخلاً رسمياً في الاقتصاد، أكثر من الولايات المتحدة.
 
وأضاف: "سيعتمد الأمر على الصين، وسرعتها في إصلاح سياسات وتغييرها، لمعرفة هل سيتراجع بايدن عن القيود التجارية التي فرضها سلفه".
 
في المقابل، أعرب وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، عن أمله في أن "تستعيد واشنطن عقلانيتها"، فيما ناشدت ناطقة باسم وزارة الخارجية في بكين، الولايات المتحدة أن تعيد علاقاتها مع الصين إلى "المسار الصحيح للتنمية، في أقرب وقت ممكن".
 
وبعد سنتين ونصف السنة و13 جولة من المحادثات الصينية – الأميركية، ما زال على المفاوضين معالجة أحد أبرز مسبّبات الإزعاج للشركاء التجاريين لبكين، وهو وضع الشركات الحكومية التي تحظى بمحاباة سياسية، وتهيمن على الصناعات، من المصارف إلى النفط والاتصالات، وفق "أسوشيتد برس".
 
وانتقدت أوروبا واليابان وحكومات أخرى، تكتيكات ترمب، لكنها شكت من أن بكين تسرق التكنولوجيا وتخالف وعوداً بفتح السوق، من خلال دعمها شركات وحمايتها من المنافسة.
 
وهذه الشكاوى تمسّ جوهر نموذج التنمية الذي تقوده الدولة، ويعتبره قادة الحزب الشيوعي أساساً لنجاح الصين، التي أسّست "بتروتشاينا"، أبرز منتج للنفط في آسيا، و"تشاينا موبايل"، أبرز شركة للاتصالات الهاتفية في العالم من حيث عدد المشتركين، وأعلن الحزب في عام 2013 أن الصناعة المملوكة للدولة هي "جوهر الاقتصاد".
 
وخارج قطاع الدولة، يرعى الحزب شركات صناعية رائدة، في الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية ومجالات أخرى.
 
وذكر ليرينغ أن بكين قد تعرض التخلّي عن زعمها بأنها اقتصاد نام، وهذا وضع تصرّ عليه، رغم أنها باتت واحدة من أبرز الدول المصنّعة ومجتمعاً لمتوسّطي ​​الدخل.
 
وبموجب قواعد "منظمة التجارة العالمية"، يتيح ذلك للسلطة حماية الصناعات، والتدخل بشكل أكبر في الاقتصاد، وقال ليرينغ إن التخلّي عن ذلك "سيكون بادرة مهمة جداً".
 
وانطلقت الحرب التجارية، في عام 2017، برفع ترمب الرسوم الجمركية على واردات صينية قيمتها 360 مليار دولار، وردّت بكين برفع رسوم جمركية، وتجميد واردات فول الصويا، في خطوة مسّت ولايات زراعية صوّتت لترمب في انتخابات 2016.
 
وتقلّص العجز التجاري الأميركي مع الصين بنسبة 19% عام 2019، مقارنة بالعام السابق، وبنسبة 15% في الأشهر التسعة الأولى من عام 2020.
 
لكن ذلك فشل في تحقيق هدف ترمب بنقل الوظائف إلى الولايات المتحدة، إذ إن الشركات المورّدة انتقلت إلى تايوان والمكسيك ودول أخرى، وانخفض إجمالي العجز التجاري الأميركي بشكل طفيف في عام 2019، ثم ارتفع بنحو 14% حتى نوفمبر 2020.
 
ويقدّر مكتب الموازنة في الكونغرس، أن رفع الرسوم الجمركية كبّد كل أسرة أميركية نحو 1300 دولار في 2020، وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن شركات أرجأت استثماراتها، ملغية بذلك بعض مزايا خفض ضريبي على الشركات، أقرّه ترمب في عام 2017.
 
وأظهرت دراسة أعدّها "مجلس الأعمال الأميركي – الصيني" و"أكسفورد إيكونوميكس"، أن الاقتصاد الأميركي خسر 245 ألف وظيفة بسبب الرسوم الجمركية، وأن خفضاً محدوداً في الرسوم سيوجد 145 ألف وظيفة، بحلول عام 2025.
 
وكثف ترمب ضغطه على بكين، وحرم شركة "هواوي" العملاقة ومؤسسات أخرى من الحصول على التكنولوجيا الأميركية، إذ رأى مسؤولون أميركيون في ذلك أخطاراً أمنية محتملة، وتهديداً للقيادة الصناعية للولايات المتحدة، وتلقى أميركيون أوامر ببيع أسهمهم في شركات صينية، تشتبه واشنطن في صلتها بالجيش الصيني.
 
وردّ الحزب الشيوعي متعهداً بتسريع حملته المستمرة منذ عقدين، لجعل الصين "قوة تكنولوجية" تعتمد على نفسها.
 
واستبعد تو شينكوان، مدير "معهد دراسات منظمة التجارة العالمية" في جامعة الأعمال والاقتصاد الدولية في بكين، تخفيف القيود التكنولوجية، لأن واشنطن "تعتبر الصين منافساً".
 
ورأى أن تخفيضات الرسوم الجمركية تبدو الخيار الوحيد قصير المدى، لافتاً إلى أن بايدن يمكن أن يدافع عن إسقاط الضرائب التي تعتبر "منظمة التجارة العالمية" أنها فُرضت بشكل غير صحيح، وزاد: "في هذه الحالة لن يخسر ماء وجهه"

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق