هل تأثرت الصحة النفسية للمصريين بسبب تفشي وباء كورونا؟.. سؤال شغل بال الأطباء النفسيين منذ تفشي الوباء القاتل وتسببه في حالة من الخوف الجماعي والقلق والتوتر من الإصابة به أو إصابة أحد المقربين بالفيروس، وهي الأزمة التي وصفها الدكتور يحيى الرخاوي أستاذ الطب النفسي بأنها "أزمة عالمية" أعطت رسالة بأننا لا نستطيع أن نتخلى عن بعض كبشر.
وقال "الرخاوي" إنه لا أحد يستطيع أن يُقدر بالتحديد ما هو تأثير أزمة كورونا على الصحة النفسية لأن هذا يحتاج إلى إحصاء دقيق بالأرقام، وأن الظروف تذكرنا أن المسالة لا تستثنى غنيا أو فقيرا، أمريكا مثل السنغال مثل الهند حتى البلاد المتقدمة أصيبت أكثر.
أما الرسالة الثانية تذكره بأن الأمور لم تعد في تحكم العلماء كما يتصور الناس، لأن فيروس لا يُرى بالعين المجردة يتسبب في اهتزاز العالم أجمع.
والرسالة الثالثة جعلت الناس أكثر قربًا من بعضهم خوفًا من مواجهة عدو مشترك، والرسالة الأخيرة والأهم هذه الأزمة ذكرتنا بقدرة الله سبحانه وتعالي في إنهاء وباء كورونا، هناك إرادة فوقية تنبهنا، وأننا يجب جميعًا أن نقول "يارب".
والقاعدة الأبسط والأوضح "اللهم إنا لا نسالك رد القضاء لكن نسالك اللطف فيه".
وأشار الرخاوي إلى أن هناك اجتهاد حقيقى من العلماء لتطوير لقاحات لمواجهة أزمة كورونا في العالم وكذلك علماء مصر يحاولون الوصول للقاح، لكن الناس عندما عرفوا أن من يصاب مرة بفيروس كورونا يمكن أن يصاب مرة ثانية تسبب في الذعر والهلع وهو ما جعلهم يتشككون في اللقاح، لأن المناعة الطبيعية توفر حماية أكبر من اللقاح حتى بعد الإصابة بالفيروس فمن أصيب كون مناعة وأجسام مضادة أقوى من الذي حصل على اللقاح.
ونقاط ضعف اللقاحات تتمثل أيضًا في وجود سلالات وأجيال جديدة من فيروس كورونا نوع التركيبة البيولوجية تختلف عن الجيل الثانى من الفيروسات قد لا تتعامل معها اللقاحات.
وعن اللقاح الذي يمكن أن يحصل عليه الدكتور الرخاوي، رد: "حتى الآن سأحصل على لقاح رب العالمين، هعتمد على المناعة الطبيعية"، مضيفًا لا أستطيع أن أحكم على اللقاحات من الجرائد ولا منظمة الصحة العالمية لأن الأمر يحتاج لإحصاء دقيق كم عدد الذين عولجوا، وكم أخذوا لقاح ومع ذلك أصيبوا وكم عدد من أخذ اللقاح ولم يصابوا وهذا الأمر سوف يستغرق سنوات.
وعما إذغا كانت كورونا قد اثرت على أحلام المصريين بفيروس كورونا، قال الرخاوي أى حدث مخيف أو مرعب مثل: زلزال أو فيروس كورونا ينطبع في الجهاز العصبى للإنسان، وعندما ينام يتالف الحلم الذي قد يرعبنا أكثر أو يجعلنا أكثر هدوءًا، لكن محتوى الحلم ليس له قيمة مقارنة بفائدة هذه الأحلام لجهازنا العصبى ووظيفتها في إعادة تنظيم المخ.
وردا على الشائعات التي تقول أن فيروس كورونا قد أدي لزيادة الأمراض النفسية في ظل وباء كورونا، قال الرخاوي إن فيروس كورونا لم يكن السبب في ظهور أمراض نفسية جديدة، لكنه قد زاد من حدة الأمراض النفسية الموجودة بالفعل، ومن بين الأمراض التي زادت مرض الخوف من الاقتراب من الآخرين، والخوف الوسواسى من المرض والخوف من الموت، وكذلك الوسواس القهرى وكثرة غسل اليدين للوقاية من الجراثيم.
وقال: هذه الأيام أسال المريض بماذا تشعر يقول لي "اكتئاب"أو" Depression". زمان مكنش عندنا المصطلحات دى. أمى كانت تقول غم. هم وأنا لا أستطيع أن أخذ تصنيفات من المريض نفسه لنفسه على أنه مريض اكتئاب".
وأضاف أن من أكثر الأمراض المنتشرة والخطيرة أمراض التوقف عن الحياة يكون الشخص عايش "زى قلته"، فهناك عديد من الشباب يأتون للعيادة دون عمل، وأكتب لهم في الروشتة "إن لم تعمل لن تشفى".
وأوضح أن أبرز علامات الاكتئاب تتمثل في "هم أزلى. غم ما يتلم. عزوف عن الحياة. عزوف عن الأكل. الانتحار. الفشل في الحياة. الفشل الزوجى".
وعن الميعاد المناسب للذهاب للمريض، رد الرخاوي قائلا: "يستحسن بلاش" ثم تابع قائلًا "زمان الناس كانت تعيش في أمان الله دون أطباء نفسيين فيما عدا طبعا الأمراض الخطيرة مثل: العدوان أو الجنون".
وأضاف أن كثرة الدعاية لضرورة الذهاب لطبيب نفسى جعلت أى شخص يصاب بأى حزن طبيعى يذهب للطبيب دون حاجة حقيقية، وهذا يسمى "نفسنة المجتمع" أى جعل العواطف والمشاعر التي تحدث للإنسان ليتعلم منها يلقى بها على طبيب نفسى.
وعن ذكرياته مع الأديب الكبير نجيب محفوظ باعتباره من أقرب أصدقائه، قال الرخاوي: "صداقتى لنجيب محفوظ نعمة من ربنا، لأن أنا لقيت واحد يعالجني. هو اللي كان يعالجني وملجأ للزنقات والاكتئاب بعكس ما تصور الناس أني أنا الذي أدعمه نفسيًا هو الذي كان يسندني ويدعم كل المحيطين به، وحتى الآن أكتب عن ذكرياتي معه وأصدرت عدة كتب في شرف صحبة نجيب محفوظ".
وأضاف قائلًا: "قرب وفاته كان محفوظ يشعر أن وفاته قد اقتربت وقال لي مرة (يا يحيى بيه كفاية كده، قلت له كفاية ليك أنت مش كفاية لنا) لكن عمري ما شعرت أنه تركني حتى الآن أعيش مع كتاباته وذكرياتنا سويًا".