الفشقة.. كيف استغلت أثيوبيا الأراضي السودانية لأكثر من قرن؟
السبت، 16 يناير 2021 07:50 م
سنوات من الترقب والحذر، وسط استغلال أثيوبي للأراضي السودانية، في منطقة الفشقة التي تقع على الحدود بين البلدين. ومع تصاعد التوتر خلال الأسابيع الماضية إبان محاولات السودان للسيطرة على أراضيه التي كان يستغلها مزارعون أثيوبيون وسط تأمين من قبل ميليشيات مسلحة. رفعت أثيوبيا حدة تصريحاتها حيث حذرت إثيوبيا من "نفاد صبرها" إزاء ما قالت إنه استمرار الخرطوم في الحشد العسكري في منطقة حدودية متنازع عليها رغم محاولات نزع فتيل التوترات بالدبلوماسية.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي قال الثلاثاء الماضي: "يبدو أن الجانب السوداني يسبق ليشعل الموقف على الأرض"، مضيفا "هل ستبدأ إثيوبيا حربا؟ حسنا، نحن نقول دعونا نعمل بالدبلوماسية".
منطقة الفشقة السودانية، هي النقطة التي تجمع شمال غرب منطقة أمهرة الإثيوبية بولاية القضارف السودانية، ويعد نزاع الحدود بين الجانبين من أقدم النزاعات في أفريقيا، فالاشتباكات المسلحة على طول الحدود بينهما، هي أحدث تطور في تاريخ من التنافس المستمر منذ عقود بين البلدين.
الحكومة البريطانية وقعت مع الإمبراطور منليك حاكم إثيوبيا في عام 1902، على اتفاقية الحدود والتي اعترفت من خلالها بسودانية منطقة الفشقة الحدودية، وذلك حسب تأكيد المتحدث باسم المجلس السيادى السودانى، محمد الفكي سليمان، الجمعة 15 يناير، حيث قال إن منطقة الفشقة أرضًا سودانية خالصة باعتراف المجتمع الدولي، وباعتراف أديس أبابا منذ توقيع تلك الاتفاقية عام 1902، و1903.
وأحيا السودان وأثيوبيا المحادثات التي كانت قد توقفت، وذلك بعد حرب عام 1998 بين أريتريا وإثيوبيا على الحدود، ليحددا بدقة حدودهما التي يبلغ طولها 744 كيلومترا، وفي هذا الإطار، كانت الفشقة هي أصعب منطقة لتسوية الخلاف حولها، فوفقا لمعاهدات الحقبة الاستعمارية لعامي 1902 و 1907 تمتد الحدود الدولية إلى الشرق منها، وهذا يعني أن الأرض ملك للسودان، لكن الإثيوبيين استقروا في المنطقة حيث مارسوا الزراعة بعلم السلطات السودانية.
وتجدد الصراع في منتصف ديسمبر 2020، حيث لقي 4 من الجيش السوداني مصرعهم بينهم ضابط برتبة كبيرة، وجرح 12 آخرين اثر معارك شرسة مع مليشيات أثيوبية مسلحة على الشريط الحدودي بين البلدين.
واندلعت الاشتباكات بمحلية القريشة شرق منطق "ود عاروض" في أعقاب نصب المليشيات الأثيوبية أكثر من كمين للقوات السودانية بتلك الجهات، على الفور أرسلت القوات المسلحة السودانية تعزيزات عسكرية إلى منطقة الفشقة الحدودية.
وكالة الأنباء السودانية قالت إن "القوات المسلحة السودانية واصلت تقدمها فى الخطوط الأمامية داخل الفشقة لإعادة الأراضى المغتصبة والتمركز فى الخطوط الدولية وفقا لاتفاقيات العام 1902".
والأسبوع الماضي، شنت قوات إثيوبية مسلحة هجوما على منطقة "اللية" بمحلية القرّيشة داخل الحدود السودانية بعمق خمسة كيلومترات في أراضي الفشقة ما أدى لمقتل خمسة نساء وطفل وفقدان امرأتين، ووقع الهجوم أثناء عمليات حصاد الذرة بالشريط الحدودي ما أدى إلى تدخل الجيش السوداني وتمشيط المنطقة وملاحقة القوات الإثيوبية.
وقالت وسائل إعلام سودانية حينها، إن القوة الاثيوبية نصبت كمينا كان يستهدف الجيش السوداني بتمركز قناصة ببنادق آلية أعلى أشجار كثيفة لكن الكمين راح ضحيته مدنيين.
وأمس الجمعة الموافق 15 يناير 2020، قال المجس السيادي السوداني، ، إنه لم يتخذ قرارا سياسيا بإعلان الحرب على إثيوبيا ولكنه أمر بانفتاح قواته على أراضٍ كان يستغلها إثيوبيون لنحو ربع قرن مؤكدا أنه لم يتبقى من أراضيه سوى منطقتين تحت سيطرة إثيوبيا.
وأكد عضو مجلس السيادة الانتقالي والمتحدث باسمه محمد الفكي سليمان، إن الجيش السوداني تمكن من استعادة نح 90% من أراضيه في الفشقة بولاية القضارف وتبقت منطقتي القطرون وخور حمر في يد الإثيوبيين.
وأوضح الفكي في مؤتمر صحفي مساء الجمعة أن السودان يأمل في إخلاء هاتين المنطقتين فورا تحاشيا لتدخل الجيش الذي يمكنه اعادتهما حربا ولكن تقديرا للعلاقات مع إثيوبيا يأمل أن يتم ذلك بالطرق السياية والدبلوماسية.
وشدد أن الوضع العسكري للسودان في حدوده الشرقية جيد فضلا عن تمتعه بقوة الحق، قائلا "للذين يقرعون طبول الحرب نقول نحن لا نريدها ونفضل الحل السياسي بالحوار".
وقال الفكي إن انفتاح القوات السودانية في أراضي الفشقة كان قرارا سياسيا من المجلس الأعلى للدفاع بعد انسحاب القوات الإثيوبية بسبب الحرب في إقليم تيجراي من بعض المواقع في الفشقة الصغرى والفشقة الكبرى حيث انتشرت هذ القوات في 17 موقعا من أراضي السودان منذ عام 1995.
وطالب المتحدث باسم مجلس السيادة الحكومة الإثيوبية بضبط خطاب مسؤوليها قائلا إنهم تخلوا عن الصمت بعد أن لمسوا تصريحات غير متزنة من بعض الدبلوماسيين الإثيوبيين، وأكد أن السودان يتنازل عن أراضي الفشقة ولن ينسحب منها لأنها أراضي سودانية وفقا لكل الخرائط في العالم وحتى في الخرط المثبتة في المناهج الإثيوبية.
وعاب على إثيوبيا تماطلها في دفع تكلفة ترسيم الحدود على الأرض بوضع العلامات والبالغة 12 مليون دولار مناصفة مع السودان تارة بالتحجج بعدم القدرة وأخرى برفضها مقترح السودان بدفع ما عليها بحجة أن الأمر سيادي.
وأقر بأن الحكومة ستنجز تشييد عدد من الجسور على أنهار الفشقة قبل الخريف حت لا تنعزل بسبب الأمطار مؤكدا أن ذلك ضرورة حياتية قبل أن تكون ضرورة عسكرية.
وتشهد العلاقات بين السودان وإثيوبيا توترا لافتا بعد أن أعاد الجيش السوداني في نوفمبر الماضي انتشاره وتمركزه في مناطق الفشقة على الحدود الشرقية لأول مرة منذ عام 1995 وقال لاحقا إنه استرد هذه المساحات من قوات ومليشيات إثيوبية.