نظام 30 يونيو وضع "روشتة النجاح".. كيف تجنبت مصر مصير "الدول الفاشلة"؟
الأربعاء، 30 ديسمبر 2020 02:02 م
بخطوات واثقة، استطاعت الدولة المصرية علي مدار السنوات القليلة الماضية العودة إلي الريادة علي صعيد الداخل والخارج، فما بين تنمية شاملة تمتد لكافة ربوع مصر، وما بين دور إقليمي ودولي رائد في ملفات عدة، قدمت القاهرة نموذجاً في إعادة البناء والعودة لصدارة المشهد، لتتجنب بذلك مصير "الدول الفاشلة".
ولا تكفي ست سنوات للحكم بموضوعية على نظام حكم تسلم إدارة دولة تعرضت لهزة عنيفة ومحنة سياسية واقتصادية قاسية عقب ثورتين تخللتهما موجات إرهابية تصاعدت في ظل غياب وانهيار لمؤسسات فرض النظام والأمن.. كان ذلك هو مشهد مصر قبل تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي لمقاليد الحكم في منتصف عام 2014 حتى أن غالبية مراكز الدراسات والأبحاث الغربية كانت توقعاتها للدولة المصرية تنحصر في أنها تقترب من مصير الدولة الفاشلة وهو المفهوم الذي ظهر لأول مرة عام 1993عبر دراسة تناولت انهيار الدولة الصومالية.
ونشرت في مجلة السياسية الخارجية الأمريكية وحددت المقصود من مصطلح "الدولة الفاشلة"، باعتبارها الدول التي لا تستطيع أن تلعب دورا ككيان ولم تعد قادرة على القيام بوظائفها الأساسية فكلما ضعفت الدولة عن القيام بواجباتها السيادية ، وعجزت عن توفير الخدمات العامة وتراجعت قدرتها على بسط نفوذها على حدودها وأراضيها و انتشرت مظاهر التفكك والانهيار الحكومي كلما باتت الدولة أقرب إلى الفشل.
وفق المؤشرات السياسية: كانت مصر تعاني من خلل عام في أداء الدولة خلال عام حكم الإخوان، فقد حاولت الجماعة المصنفة إرهابيا في أكثر من دولة أن تستولي على مفاصل ومؤسسات الدولة وانشغلت بعملية أخونتها والاعتداء على القانون والقواعد الدستورية المستقرة في مصر عبر إعلانات دستورية سعت لتأسيس ديكتاتورية الجماعة وواصلت حلقة الديكتاتورية بإصدار دستور معيب لم يحظ بأي حوار مجتمعي يسعى لاقتسام السلطة بين أجنحة الجماعة بين رئاسة وبرلمان يسيطر عليهما مكتب إرشاد الجماعة وسط حالة من تديين المجال العام واستغلال المشاعر الدينية في حسم معارك سياسية وهو ما هدد في الصميم دولة ، المواطنة وأصاب النسيج الاجتماعي المصري بشرخ عميق وضغط على أعصاب الدولة وأطرافها بمحاولة الإخوان فرض مخطط التمكين.
ووفق المؤشرات الاقتصادية، عجزت الدولة خلال عام حكم الإخوان عن القيام بأي عمليات تنمية أو إصلاحات وهو ما أثر بشكل سلبي على المؤشرات الاقتصادية. واعتمد الإخوان على الدعم المالي القطري في ظل حالة مقاطعة فرضها وجودهم في حكم مصر لدى دول عربية وخليجية ترفض التعامل معهم. كما أصيبت مرافق الدولة الحيوية بحالة من الضعف والتفكك وهو ما أدى إلى حالة شلل كامل في قدرة الدولة ،كما أصيبت مرافق الدولة الحيوية بحالة من الضعف والتفكك على تقديم خدماتها الطبيعية مثل توصيل الطاقة الكهربائية للمنازل وإمداد السيارات بالوقود وتوفير السلع التموينية في المجمعات التجارية والأسواق التي شهدت نقصا حادا في كل السلع الضرورية، بالإضافة إلى العجز المالى الضخم بسبب تراجع مدخلات السياحة والأنشطة التجارية والتصديرية للدولة وهو ما كان التعافي منه يحتاج لعلاج حاسم وعاجل يمتد لسنوات.
ووفق المؤشرات الاجتماعية، كانت ملامح الدولة المصرية قبل ثورة 30 يونيو تصاعد الضغوط الديموغرافية، ويعبر عنه بارتفاع كثافة السكان في الدولة، وانخفاض نصيب الأفراد في المجتمع من الاحتياجات الأساسية، مع تزايد حركة اللاجئين بشكل كبير إلى خارج الدولة، أو تهجير عدد من السكان في منطقة داخل الدولة بشكل قسري، مع انتشار ظاهرة هروب العقول والكفاءات.
وكانت الجماعات الإرهابية أكثر المستفيدين من حالة ضعف الدولة، وهو ما مثل خطورة مضاعفة على الدولة المصرية. وظهر تخطيط جماعات مثل داعش لإدارة مرحلة ما بعد انهيار الدولة وفق مفهوم إدارة التوحش التي وضعها أبو بكر ناجي أحد منظري الجماعة الإرهابية المجهولين وطبقته داعش في المناطق التي خضعت لاحتلالها في سوريا والعراق.
ويعتمد مخطط داعش في تطبيقه على تنفيذ ثلاث مراحل للتمكين وهي مرحلة شوكة النكاية والإنهاك للدولة القائمة، ثم مرحلة إدارة التوحش، ثم مرحلة شوكة التمكين - أو قيام الدولة. ويقوم المخطط بشكل رئيسي على استغلال فوضى ما بعد إسقاط السلطة الحاكمة ومعاناة السكان من نقص السلع والخدمات وغياب أدوات تنفيذ القانون ، فتتقدم المليشيات الإرهابية المسلحة لتحل محل السلطة المنهارة الغائبة ويقيم الإمارة الإسلامية ، ويطبق الشريعة وفق منظوره الخاص.
وبذلك اكتملت دائرة الخطر على مصر ما بين انهيار سياسي واقتصادي وتربص إرهابي إقليمي تجسد في المواجهات التي أعقبت فض بؤرتي رابعة والنهضة . وما نتج عنها من انتشار وتمدد العمليات الإرهابية في ظل دعم خارجي لا ينقطع عن تلك الجماعات ، وسعي محموم لإسقاط الدولة المصرية واستغلال نقاط ضعفها .
وفي ظل تلك الظروف تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم واتضح أنه وضع خطة لاستعادة الدولة كهدف أولي تمر عبر مسارين متوازيين، الأول هو استعادة وتقوية مؤسسات الدولة المصرية وحمايتها من الانهيار والفشل ومكافحة الإرهاب واثبات وجود الدولة وقدرتها على المواجهة. وكان التركيز بشكل عاجل على استعادة الدولة لقدراتها الأمنية لمواجهة الأخطار المحيطة بها خارجيا وداخليا بتقوية دور القوات المسلحة والشرطة المدنية ، وفرض الأمن بشكل سريع وحاسم، وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية لاستعادة قدرة الدولة على توفير خدماتها للمواطنين، والبدء في حل أزمة انقطاع التيار الكهربائي وإمداد محطات البنزين بالوقود وفق خطة واضحة طويلة المدى لمنع أي تعطيل لمسار تقديم الخدمة للمواطن بالتزامن مع الإعلان عن أول مشروع قومي كبير وهو قناة السويس الجديدة والانتهاء منها في ظرف عام واحد لاستعادة قدرة الدولة على العمل والبناء بمشروع كبير ومؤثر ثم تبعها عدد من المشروعات القومية الكبرى مثل البدء في حفر انفاق تحت قنة السويس لربط سيناء مرة أخرى بالدلتا وإنهاء عزلتها بشكل عملى وبدء عمليات التنمية فيها.