السودان وإثيوبيا.. خلافات قديمة تعود إلى الواجهة
الثلاثاء، 22 ديسمبر 2020 09:00 م
الأسابيع الماضية شهدت تحركات واسعة على الحدود بين السودان وإثيوبيا، حيث إن الأخيرة تواجه مشاكل داخلية مع إقليم تيغراي، وتسعى لمنع الإقليم من الحصول على حقوقه الدستورية بإجراء الانتخابات في موعدها، وذلك باستخدام القوة العسكرية «المفرطة». السودان استغل الفرصة للسيطرة على أراضيه المغتصبة من قبل إثيوبيين منذ سنوات، وعلى ضوء هذه التغيرات قالت مصادر عسكرية سودانية إن "إثيوبيا ترفض الاعتراف بالحدود السودانية"، مؤكدة أن "الخرطوم ترفض الاتهامات الإثيوبية وتتمسك بحدودها". وذلك خلال زيارة اللجنة الإثيوبية لترسيم الحدود، الثلاثاء، إلى العاصمة السودانية الخرطوم لعقد اجتماعات اللجنة السياسية المشتركة بين السودان وإثيوبيا، بعد أيام من التوتر الحدودي.
ووفقاً للمصادر، فإن إثيوبيا رفضت الاعتراف بالحدود السودانية داخل الاجتماع المشترك، ورد عليها السفير عمر بشير مانيس بأن الأراضي هي أراضٍ سودانية، والخرطوم تتمسك بحدودها.
ورفض السودان طلبًا تقدم به الوفد الإثيوبي، يتعلق بضرورة مناقشة ما يحدث على الحدود السودانية الإثيوبية، غير أن الخرطوم تتمسك بضرورة الفصل ما بين مناقشة قضايا ترسيم الحدود وما يحدث بشأن العمليات العسكرية- وذلك وفقًا للمصادر العسكرية في تصريحات صحفية.
وانتهت الجلسة الأولى من المباحثات حول الحدود، من دون التوصل إلى اتفاق حول الأجندة، وسيتم استئنافها الأربعاء مجدداً. وقدم السودان مقترحاً إلى الوفد الإثيوبي للبدء في عملية ترسيم الحدود بين شهري أبريل ومايو 2021.
وقال قيادي في المنطقة العسكرية الشرقية بولاية القضارف في تصريحات صحفية إن هدوءًا نسبيًا يسود منطقة الفشقة الصغرى الحدودية، مؤكدًا انسحاب الحركات المسلحة الإثيوبية من المناطق المحيطة بجبل أبو طيور المتاخمة للحدود الإثيوبية، مشيراً إلى أن الجيش السوداني "يسيطر على منطقة سلام بر بالكامل".
زيارة إثيوبية فور السيطرة السودانية
الوفد الإثيوبي وصل إلى الخرطوم برئاسة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية دمقي مكونن، ووزير الدفاع ومستشار رئيس الوزراء للشؤون الأمنية قدوان دراشو، ووزير الدولة في الخارجية رضوان حسين. وكان في استقبال الوفد بمطار الخرطوم وزير شؤون مجلس الوزراء عمر مانيس، ووزير الخارجية المكلف عمر قمر الدين.
وقالت شبكة "فانا" الإخبارية الإثيوبية إن إثيوبيا تدعو إلى "حل مشكلة الحدود مع السودان ودياً".
ونقلت الشبكة عن نائب رئيس الوزراء الإثيوبي ووزير الخارجية دمقي مكونن القول إن بلاده "ملتزمة بالعمل مع حكومة السودان في جميع القضايا الثنائية والإقليمية".
وقال مكونن إنه "منذ التاسع من نوفمبر الماضي، رصدنا قيام الجيش السوداني بهجمات باستخدام المدافع الرشاشة والمدرعات على الحدود المشتركة"، مضيفاً أن حكومة إثيوبيا "قلقة للغاية تجاه التطورات الأخيرة في المناطق الحدودية".
واعتبر وزير الخارجية الإثيوبي أن التطورات الأخيرة "تهدد الاتفاقات بين البلدين للحفاظ على الوضع القائم في منطقة شمال جبل دقليش الحدودي".
توتر بين الجانبين منذ 14 عامًا
ومنذ عام 2006، توقف عمل لجنة إعادة ترسيم الحدود بين البلدين. وكانت القوات المسلحة السودانية أعلنت الأسبوع الماضي أن قوة تابعة لها تعرضت لكمين في اليوم السابق داخل الأراضي السودانية، في منطقة أبو طوير شرق ولاية القضارف، متهمة "القوات والميليشيات الإثيوبية" بتنفيذه.
وذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية السبت الماضي، أن السودان أرسل "تعزيزات عسكرية كبيرة" إلى الحدود بعد أيام من "كمين" للجيش الإثيوبي، وميليشيات ضد جنود سودانيين. وأضافت الوكالة أن "القوات المسلحة السودانية واصلت تقدمها في الخطوط الأمامية داخل الفشقة لإعادة الأراضي المغتصبة، والتمركز في الخطوط الدولية وفقاً لاتفاقيات عام 1902. وأرسلت القوات المسلحة تعزيزات عسكرية كبيرة للمناطق".
من جانبها، قللت أديس أبابا من خطورة الكمين الذي تعرّض له الجنود السودانيون، وأكد رئيس وزرائها آبي أحمد، الخميس، قوة العلاقات "التاريخية" بين البلدين. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الإثيوبية لوكالة الأنباء الفرنسية إن قوات الأمن الإثيوبية "صدت اعتداء نفذه جنود ومزارعون على أراضيها".
"إيغاد".. فرصة التهدئة
واتفق حمدوك مع آبي أحمد، على هامش قمة الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) في جيبوتي، على استئناف عمل اللجنة السياسية المشتركة.
وعقد الاجتماع الأخير حول ترسيم الحدود في مايو 2020 في أديس أبابا. وكان من المقرر عقد اجتماع جديد بعد شهر لكن تم إلغاؤه، كما أن موسم الأمطار زاد من صعوبة إقامة نقاط حدودية بين البلدين في هذه المنطقة.
ويعود تاريخ اتفاق ترسيم الحدود إلى مايو 1902 بين بريطانيا وإثيوبيا، لكن ما زال هناك ثغرات في بعض النقاط، ما تسبب في وقوع حوادث مع المزارعين الإثيوبيين الذين يأتون للعمل في أراضٍ يؤكد السودان أنها تقع ضمن حدوده.
ويشهد السودان، خصوصاً ولاية القضارف المتاخمة لإثيوبيا، أزمة إنسانية كبيرة بعد وصول 54 ألف لاجئ إثيوبي إليها هرباً من الحرب في إقليم تيغراي، وفقاً للأمم المتحدة.