الدليل المرجعي لمواجهة ومكافحة التطرف.. مرجع ديني مصري لتحصين الشباب والمجتمعات
الجمعة، 11 ديسمبر 2020 11:28 ص
تنتهي دار الإفتاء المصرية، من مشروعيين علميين أحدهما كتاب يعتبر مشروعا عملاقا وكبيرا بعنوان "الدليل المرجعى لمواجهة ومكافحة التطرف".
والدليل المرجعي، يقع في أكثر من 1000 صفحة، يقول عنه الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إننا درسنا الأدلة الصادرة عن اليونسكو والأمم المتحدة والجامعات ومراكز الأبحاث، وعملناها على نفس المنوال ليكون مرجعاً لكل الهيئات والمؤسسات المعنية بمكافحة التطرف ونسعى ليكون إلكترونياً وتصميم برنامج وسيكون عونا لشبابنا ويعطي تحصين ووقاية وربما يعطى علاجا لحالات بالفعل قد حصلت.
وتصدرت افتتاحية الدليل التأكيد على أن الإسلام قد جاء بالحنيفية السمحة، ودعا إلى الوسطية والاعتدال في الأمور كافةً، ولقد كان منهج الإسلام -دائمًا وأبدًا- قائمًا على التسامح وقبول الآخر ونبذ التطرف والتشدد ومقاومته..
واعتبر مفتي الجمهورية قضية التطرف واحدة من أهم القضايا الحيوية وذات الخطر الكبير؛ باعتبار أنها تهدد الأمن والنظام العام في المجتمع، كما أن صورها واسعة وآثارها كثيرة الحدوث في حياتنا اليومية، مضيفاً أن الإرهاب يحاول بكل وسيلةٍ التوغُّل داخل المجتمعات، ويتخذ أساليب ملتوية مستغلًّا العاطفة الدينية تارة وتارة أخرى الإشكالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ليصل إلى كافة المواطنين بمستوياتهم المختلفة في المجتمع.
وأكد مفتي الجمهورية، على أن فكرة الدليل تأتى لمواجهة التطرُّف الذى هو آفة من آفات العقل الإنساني، ومرض عُضال يضرِبُ أوصال البشرية قاطبةً؛ بل إنه جائحة إذا حلَّت بوطنٍ تحول فيه الخير إلى شر والتسامحُ إلى كراهيةٍ والبناءُ إلى هدمٍ؛ فحطمت آمالَ الأوطانِ، وأسقطت طموحاتِ أبنائِها، وأثَّرَت في حاضِرِها ومستقبلِها.
وتابع أن كل جائحةٍ تصيب الإنسانيةَ تحتاج إلى مواجهةٍ بإجراءاتٍ وتدابير عامة تحمي البشرية من أضرارها الحادثة والمحتملَةِ؛ حتى يستمر العطاء الإنساني وتؤتي الحضارة ثمارَها. وهذه المواجهة إنما تكون ناجعةَ الآثارِ إذا بُنِيَتْ على تشخيص سليم للمرض ومنهج فكري ناظم لإجراءات المواجهة.
ومن هذا المنطلق، وإيمانًا من دار الإفتاء المصرية بأهمية مواجهة التطرف لعظم خطره وأثره السلبي على الفرد والمجتمع، وقيامًا بدورها الديني والمجتمعي؛ ارتأت الدار إعداد دليل عامٍّ بعنوان: «الدليل المرجعي لمواجهة التطرف.. مدخل عام في فهم التطرف واستراتيجيات مواجهته» يتم صياغته بشكل علمي رصين بعيدٍ عن الغموض؛ ليكون سهل العبارة قريب المأخذ؛ مع التركيز بشكل كبير على استدعاء كافة النصوص الشرعية الداعية إلى التسامح والرحمة والناهية عن التطرف والغلو، كي يحقق الدليل الفائدة المرجوة منه؛ كل ذلك في إطار التوثيق العلمي المنضبط.
ونستعرض فيما يلي أهداف الدليل الذي أعدته دار الإفتاء:
يطمح إلى التعريف بالتطرف وتاريخه الذي أثَّر بالسلب على مسيرة البشرية نحو التطور والنمو والسلام العام، وكذلك يطمح إلى التوعية بخطر التطرف وكيفية مواجهته بالحجة والبرهان، من خلال تحديد الأسباب المباشرة للتطرف والعنف من جهة، والأساليب والأدوات لمواجهة ذلك التطرف ومكافحة العنف وبناء قدرة المجتمعات الإسلامية على مواجهة هذا التحدي من جهة أخرى، وتحديد الاستراتيجيات الممكنة والفاعلة والمبتكرة لمكافحة التطرف، وإيجاد آليات مناسبة لتنفيذ تلك الاستراتيجيات بناءً على سياسات الدولة والعمل المجتمعي، وبخاصة عبر مشاركة الشباب والنساء ووسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية فيها، مع الأخذ في الاعتبار دور المرأة والشباب في الحد والكشف المبكر عن مؤشرات التطرف.
ويستهدف الدليل في ذلك فئة الشباب على وجه الخصوص الذين يقعون فريسة في براثن التطرف، كما يستهدف القيادات الدينية وأئمة المساجد الإسلامية في الشرق والغرب، ومنظمات المجتمع المدني العاملة في الحقل الاجتماعي والسياسي والثقافي، والمنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بنشر السلام العالمي، ومتخذي القرار المهتمين بمواجهة التطرف والإرهاب.
أقسام الدليل المرجعى لمواجهة ومكافحة التطرف
كشف المفتى أنه تم تقسيم هذا الدليل إلى قسمين رئيسيين؛ القسم الأول منهما معنيٌّ بتشخيص التطرف، والقسم الثاني يتناول استراتيجيات مواجهته؛ وجاء ذلك في عشرة أبواب، القسم الأول: التطرف .. توصيف وتشخيص، ويشتمل على خمسة أبواب رئيسية، وهي:الباب الأول: مدخل إلى فهم التطرف. ويشمل تحديد المصطلحات وتحرير المفاهيم، وبيان أشكال التطرف والمصادر المعرفية له،الباب الثاني: التطرف.. دوافعه ونتائجه. ويشمل الكلام على دوافع التطرف وكيفية حدوثه وبيان آثاره، الباب الثالث: تاريخ التطرف.
ويبين تاريخ التطرف لدى الأمم، ثم تاريخه لدى المسلمين والكلام على جذور التطرف في فكر جماعة الإخوان الإرهابية باعتبارهم منشأ التطرف في العصر الحديث،الباب الرابع: خريطة التنظيمات المتطرفة في العالم. ويستعرض التنظيمات المتطرفة في قارات العالم المختلفة ليُظهر أن التطرف الحديث لا يقتصر على المنتسبين للإسلام فحسب؛ بل يوجد في سائر الطوائف.
الباب الخامس: جماعة الإخوان والإضرار بالمصالح الوطنية المصرية. ويعرض أهم المسائل التي سعت فيها هذه الجماعة للإضرار بالمصالح المصرية لما عُرِفَ عنها من العمل ضد المصلحة الوطنية من خلال خلق الأزمات تارة والتشكيك في مؤسسات الدولة وقدراتها تارة أخرى.
القسم الثاني: استراتيجيات مواجهة التطرف
وفيما يخص القسم الثانى فإنه يشتمل على خمسة أبواب رئيسية، وهي: الباب السادس: موقف التشريعات من التطرف. ويتناول موقف الإسلام من التطرف وبيان عقوبة التطرف في القوانين، الباب السابع: محاولات المواجهة الفكرية للتطرف. ويعرض التجارب المحلية والدولية في مواجهة التطرف فكريًّا، الباب الثامن: الرد على شبهات المتطرفين. سواء المستمدة من القرآن الكريم أو من السنة النبوية، الباب التاسع: آليات مواجهة التطرف. ويتناول أهداف ومهام مواجهة التطرف، ومجالات هذه المواجهة.
الباب العاشر: مواجهة التطرف بين الرؤى الوطنية والتعاون الدولي. ويتناول أبرز الرؤى الوطنية العربية والغربية لمواجهة التطرف، وأخيرًا سياقات التكامل بين دول العالم في مواجهته.
وأكد أن دار الإفتاء المصرية تطمح في أن يكون هذا الدليل المرجعي هو أفضل ما كُتب عن التطرف تعريفًا وتاريخًا ووصفًا وتشخيصًا للأسباب والأعراض، وتأسيسًا لتجارب واستراتيجيات المواجهة؛ ليكون ذلك نقطة انطلاق للقضاء على هذا المرض العُضال الذي يفتُّ في عضد الأمة الإسلامية ويُعرقِل طريق التطور البشري الذي يتطلَّب السلام الداخلي والخارجي لسائر البلدان والأمم في العالم أجمع.