نحو 6 دقائق من فيديو للإرهابي الإخواني محمود عزت العقل المدبر للجماعة الصيد الثمين الذي وقع في يد أجهزة الأمن المصرية، أمام المحكمة برئاسة المستشار معتز خفاجي رئيس الدائرة الثانية إرهاب، كانت كفيلة بنسف كل الادعاءات الخارجية والمنظمات المأجورة بشأن حقوق الإنسان في مصر.
ظهر الإرهابي الإخواني أمام المحكمة وتحدث مع القاضي بكل أريحية وأشار إلى طلبه بحضور المحامي، ورد عليه المستشار خفاجي بأن محاميه الذي طلبه مشطوب من النقابة وعليه اختيار اسم آخر، وإذا لم يحضر محاميه فسوف تنتدب له المحكمة محامي للدفاع عنه وفقا لحقه القانوني.
خلال الفيديو، الذي نشرته قناة صدى البلد، سمح المستشار خفاجي للإرهابي الإخواني محمود عزت بالتحدث والمناقشة والاستفسار عن سير القضية والتحقيقات والدفاع، وأعاد القاضي أكثر من مرة كلامه وتوجيهاته وملاحظات هيئة المحكمة لكي يتأكد من الاستيعاب الكامل لمحمود عزت، ومعرفته لحقه القانوني في انتداب محامي للدفاع عنه.
طوال الفيديو لم ينطق المستشار خفاجي مناديا على العقل المدبر للجماعة في العمليات الإرهابية للداخل المصري، غير بالسيد محمود، وحضرتك يا سيد محمود، إضافة إلى المعاملة بلين وبالقانون وبكامل الإجراءات وترك المساحة بشكل كبير للمتهم للرد والمناقشة بكل ارتياح.
محمود عزت الذي تلطخت يداه بدماء الأبرياء من المصريين وأخطر إرهابي وقيادي في الجماعة، والقائم بأعمال المرشد العام، قبل سقوطه في قبضة رجال الأمن بأغسطس الماضي يقف أمام محكمة مصرية ويعامل ويحاسب بالقانون، كان ذلك أبلغ رد وبشكل صريح وواضح على مزاعم تقارير المنظمات والقنوات التي تستهدف مصر بشأن حقوق الإنسان في الداخل.
تاريخ من الإرهاب والدماء لصق باسم محمود عزت منذ انضمامه للجماعة، لم يمنع ذلك المؤسسات القضائية في مصر، الدولة التي تحترم القانون والدستور، في إعطاء الإرهابي الإخواني حقوقه القانونية كاملة في طلب الدفاع والاستجابة والمناقشة وعدم التعرض لمطالبه غير بالاستجابة.
بالطبع لن تنقل القنوات والمنظمات التي تهاجم مصر في الخارج ليل نهار وتتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان لخدمة أجندات خارجية، وقنوات الجماعة في اسطنبول، مشاهد محاكمة محمود عزت كما بدت واضحة وهو في كامل صحته وبإجراءت حبس قانونية كما وضح في الصورة، لكن سيتباكي عناصر الجماعة في الخارج على سقوط الأب الروحي في التخطيط والإرهاب، إذا لم يتجاهلوا الظهرو في الأساس.
نظرة على تاريخ محمود عزت.. دماء وإرهاب
وانضم محمود عزت قبل 58 عاما لجماعة الإخوان الإرهابية، كأحد شبابها، متأثرا بأفكار الإرهابي سيد قطب، وفى 1965 وقف أمام جهات التحقيق وكان حينها طالبا في الجامعة معتبرا العنف المسلح أساسا بنيت عليهم أهدافهم، وفى التحقيق لم ينكر شيء، بل تمادى معتبرا أفكار سيده قطب هى التى ستحقق العدل المطلق على الأرض.
يقول محمود عزت، المولود عام 1944، في أحد الفيديوهات: "الذى قابل فكر الجماعة المبنى على الضوابط الفقهية المبنية على أساس فكر الجماعة وعلى رسائل حسن البنا وضعت فى هذه الوثيقة من قبل هذا بقى من الإخوان المسلمين".
وداخل جامعة الإخوان الإرهابية وقبل نحو 40 عاماً وبالتحديد فى 1981 صار محمود عزت عضواً بمكتب الإرشاد، وبمرور السنوات بدأ الجميع يضفون عليه من الصفات ويطلقون عليه الأسماء التى كانت تتبدل بتصاعد قوته داخل الجماعة إلا أن صفة واحدة ظلت تسبق اسمه منذ انتظامه وحتى سقوطه "رجل العنف المسلح".
ومهما حملت الروايات التاريخية ومهما كانت ماهية رواياتها تظل محاضر التحقيقات على السنة أصحابها هى الأكثر توثيقا لما جرى والأكثر قدرة على تشكيل صورة واضحة على ما أراده ويريده كل تنظيم، أو شخص سعى فى الظلام محركا آخرين.
في تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا في العام 1965 وفقا لـ"الوثائقى" كان محمود عزت واحدا ضمن المتهمين مع سيد قطب، حينها تجلت حقيقته وسرد الإجابات بناء على معتقداته وأفكاره هذه الإجابات كانت أساس قوته وتصعيده داخل الاخوان فهو الرجل العنيف الذى يرى أن العمل السري يجلب النجاح، وأن الصدام المسلح مع الدولة يمكن الجماعة من الوصول إلى الحكم.
وقبل انضمامه إلى الإخوان ذهب عزت إلى جماعة الدعوة والتبليغ إلا أنه من واقع التحقيقات أحس أن تلك الجماعة لا تلبي طموحاته وأن مجرد الاعتكاف فى المساجد وإطلاق اللحية ولبس الجلباب ليس من صميم الإسلام، وأن الاتجاه السليم هو الانضمام إلى جماعة تضم أفرادا مرتبطين بتنظيم يحاول الوصول إلى مراكز القيادات في المجتمع.
وبعد انضمام عزت إلى الإخوان، اعترف فى التحقيقات أنه أعد أفرادا مسلحين استعدادا للصدام مع الحكومة، واصفا نظام الرئيس جمال عبدالناصر بالجاهلية وأنهم أى "الإخوان" يعتبرون الحكومة من الكفار، وأن المجتمع الذى ينشدونه يقوم على وجود أمير للمؤمنين وكل أحكامه مستمدة من الشريعة، معتبرا السرية الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحكم عبر التغلغل فى المجتمع ومفاصل الدولة ومن ثم الوصول إلى الهدف المنشود وهو "حكم مصر".
وحكم عليه ضمن تنظيم سيد قطب عشر سنوات، وخرج من السجن 1974 ثم عاد إلى السجن مرة أخرى 1993 على ذمة القضية الشهيرة المعروفة بسلسبيل برفقة خيرت الشاطر وحسن مالك، وتوالت السنوات ومعها كان محمود عزت يزداد قوة داخل التنظيم ويتولى مواقع تسمح له بدور قيادى اكبر حتى بات متحكما فى قواعد الجماعة الإرهابية، يحركها طبقا لأفكاره ويهيمن مع "القطبيين" على التنظيم، وكان يطلق عليه الرجل الحديدى والمرشد السرى، حتى تجلى من جديد توصيف "رجل العنف المسلح" بعدما قائما بمهام مرشد الاخوان بعد يونيو 2013، ليبدأ بعدها فى اخراج رغبة مدفونة عبر احياء التنظيم المسلح للإخوان.
ويعد محمود عزت، أحد القيادات التاريخية للإخوان، ما سهل عليه عملية تشكيل وتأسيس الخلايا والتنظيمات المسلحة تحت مظلة الاخوان مثل "حسم – كتائب حلوان – العقاب الثوري" وغيرها من الخلايا التى سعت لأحداث تخريب وتدمير وإرهاب طال المواطنين المصريين فى محافظات مختلفة، كما حاول اعادة ترميم الهيكل التنظيمى للجماعة بعدما حدث من خلافات وصراعات داخلية أدت إلى انقسامات عديدة.
وإلى جانب دوره الدموى، تولى محمود عزت مسؤولية إدارة حركة أموال الاخوان وتوفير الدعم المالى للأنشطة المسلحة داخل مصر، 7 سنوات ومصر تواجه عمليات إرهابية داخلية أساسها الخلايا التى شكلها كاهن المعبد محمود عزت بعد هروبه عقب فض اعتصام رابعة، وأمام اختلاف الإجابات على سؤال اين محمود عزت ؟، كانت الإجابة لدى الدولة المصرية، فى نهاية أغسطس الماضى بعدما أعلنت وزارة الداخلية فى بيان رسمى نبأ القبض على القائم بأعمال مرشد جماعة الاخوان الإرهابية "محمود عزت "مختبًا فى إحدى البيوت بمنطقة التجمع.
ويواجه عزت أحكاما غيابية فى العديد من القضايا من بينها الإعدام فى قضة التخابر، والإعدام فى قضية الهروب من سجن وادى النطرون والمؤبد فى قضية أحداث مكتب الإرشاد، والمؤبد فى قضية أحداث شغب وعنف فى المنيا، كما أنه مطلوب على ذمة قضايا أخرى تتعلق جميعها بأنشطة إرهابية.
ويعد القبض على محمود عزت هزيمة نفسية ومعنوية لجماعة الإخوان الإرهابية قبل أن تكون خسارة تنظيمية، فهو الرمز الذى كان يعتقد فيه أعضاء الجماعة ويعيشون معه أجواء السرية والتخفى والقدرة على إدارة شؤون التنظيم من مكانه السرى حتى كانت الصدمة بسقوط "عزت" الذى يعد بمثابة خزينة أسرار لكل التنظيمات الإرهابية التى شكلها خلال السنوات السبع الماضة.
وتظل قصة محمود عزت بكامل تشابكها من أفكار تكفيرية وصعود تنظيمى داخل الإخوان ثم تقدمه الصفوف لإدارة الجماعة وهم الذين يعرفون "برجل العنف المسلح" دليل ثابت على تطرف الإخوان وإنتهاجهم العنف والإرهاب وأنهم يقدمون أهدافهم على أى شيء فهم لا يعتبرون للأرض التى "آوتهم"، بل تتلخص حياتهم كلها فى نطاق الانتهازية المسلحة.