تزوجها بعدما تعرف عليها عن طريق أحد مواقع التواصل الاجتماعى، مبهورا بشخصيتها القوية ونشاطها التسويقى المبهر فى تعاملها مع أعضاء الجروب الذى تعرض عليه منتجات تسوقها لحساب شركات وتوكيلات كبرى، واستماله كفاحها وعقليتها التجارية، وتمنى لو استطاع الارتباط بها، وبالفعل تعرف عليها وطرق الباب من أقصر سبله، وبعد مدة لم تتجاوز السنة توطدت علاقته بها الكترونيا وواقعيا وتكررت مقابلاتهم – بهذه الكلمات بدأ الشاب "أمير. ل"، 27 سنة، محافظة القاهرة، سرد مأساته المتعلقة بمشوار زواجه.
وتابع: "وخلالها اخبرته أنها فتاة لم يسعفها القدر باللحاق بقطار الزواج فى سن مناسبة، وأنها تعدت الثانية والثلاثين متناسية الزواج من أجل تحقيق طموحها العملى، وبعد أن نزحت إلى العاصمة من بلدتها عقب وفاة والدتها التى تولت تربيتها وتعليمها طيلة حياتها يتيمة الاب، وتزوجها متمنيا أن تعوضه هى الأخرى عن آلام غربته ومرارة كفاحه فى تكوين نفسه وشركته الصغيرة، وبالفعل تزوج منها بعد أن اطمئن قلبه إليها، إلا أنه يوم الدخلة فوجئ بالطامة الكبرى، وهى أنه زوجته التى تمنى الارتباط بها ليست بكرا وأنها ثيب.. فما الحل القانوني".
خدعته كذبا بعذريتها وقهرته مطالباتها بحقوقها عند طلاقها.. فما الحل القانونى؟
في البداية - يقول الخبير القانوني والمحامى مختار عادل - لم يلتزم قانون الاحوال الشخصية بمذهب معين، إلا أن الفارق الراجح على المذهب الحنفى في أكثر مواده وبنوده لتحقيق ما يوافق المصلحة العامة للمجتمع، حيث كان هذا واضحا والمشرع يأخذ من كل المذاهب، فأخذ من ضمن ما آخذ من المالكية أحكام العدول عن الخطبة حين فرق بين العدول بمقتضي أو بغيره تاركا قول الاحناف بسريان قواعد "الهبة على الهدايا"، لكن المشرع نفسه لم ير داعيا لترك راجح الحنفية فيما يتعلق بالغش في الزواج، وبذلك فتح الباب واسعا أمام التدليس الذي يقع من الأزواج، حتى وصل الأمر باعتبار أن اكتشاف عدم بكارة الزوجة غير مبطل لعقد الزواج، بينما تصدي المذهب المالكي ليجبر الضرر الواقع على ضحايا الغش والتدليس بإبطال هذا الزواج استنادا للقواعد العامة التي تحكم العقود "من غشنا فليس منا".
وبحسب "عادل" فعلى سبيل المثال لا الحصر - لو ادعت الزوجة وأهلها أنها بكر، وجميلة، ورشيقة، وسليمة العقل، فتبين أنها – ليست بكراَ - ذات عقل زائل ومرض نفسي عضال، وقد أُخفيت هذه الحقائق عن الزوج المسكين، فدفع مهراً أضعافا مضاعفة لما تستحقه مثيلاتها، هل نقول له لا خيار لك سوي الطلاق ثم دفع نفقة جديدة مع خسارة كل ما دفعته سابقا؟ هل يجوز له ابطال الزواج واسترداد المهر الذي دفعه؟ يرد علينا الاحناف بالقول "لا"، بينما يذهب المالكية لـ "جواز" ذلك، وهل هناك عقوبة للغش والتدليس في هذه الحالة من الناحية الجنائية؟
عدم بكارة الزوجة لا يبطل عقد الزواج
والواقع العملي يذخر بتجارب مؤلمة لأزواج مخادعون تم اقتيادهم من حفل الزفاف للبقاء لحين السداد في جرائم احتيال، فاضطرت الزوجات لانتظار اكتمال شروط الطلاق للحبس أو الخضوع لابتزاز الزوج، وقصص أخري لأزواج وجدوا أنفسهم فريسة سهلة لتدليس متعمد في أمر جوهري ولزوجات فقدن حياتهن بسبب أمراض مزمنة داهمتهن نوبتها، ووقف الزوج مشدوها لا يدري ماذا حل بزوجته حتى فارقت الحياة بين يديه، كل هذا لأنها لم تصارحه أو العكس، ووفقا للقانون الجنائي فلا عقوبة على الزوجة، كما أنه وفقا للقانون أن الزواج شرطه أن تكون المرأة محلا لعقد الزواج عليها بالنسبة لمن يريد زواجها، وأن يحضر زواجهما شاهدان، وأن مسألة عقد قرانها على آخر أو عدم بكارتها وإن ثبت، لا أثر في محليتها لزوجها ولا يحرمها عليه ولا يبطل عقد زواجهما، وعلة ذلك تكون ليس للزوج خيار الفسخ إذا وجد في امرأته عيباً ما لأنه يقدر أن يدفع الضرر عن نفسه بالطلاق.
والمقرر فى فقه الأحناف أنه لكى يكون الزواج صحيحاً له وجود يحترمه المشرع ويرتب أثاره الشرعية أن تكون المرأة محلا لعقد الزواج عليها بالنسبة لمن يريد زواجها وأن يحضر زواجها شاهدان، وكان سبق عقد قرانها على آخر أو عدم بكارتها إن ثبت لا يؤثر فى محليتها لزوجها ولا يحرمها عليه أو يبطل عقد زواجهما، وأن المقرر شرعاً أن الزوج ليس له خيار الفسخ إذا وجد فى امرأته عيباً ما لأنه يقدر أن يدفع الضرر عن نفسه بالطلاق.
ويضيف الخبير القانوني، أن الغش لا يجوز في العقود وعقد الزواج عقد مقدس يجب فيه الكشف عن أي حقيقة جوهرية قد تتعذر معرفتها إلا بصعوبة بالغة، كالمرض النفسي والأمراض المزمنة وكل ما من شأنه التأثير علي حياة الزوج، فإن قبل راضيا وإلا كان له حق التراجع، كما أن الغش لا يتصور صدوره من جانب الزوجة فقط، فالزوج قد يغش بإخفاء حقائق وادعاء خلافها، فإذا خدع الزوج زوجته واهلها بادعاء أنه ينتمي لقبيلة معينة أو من جهة معينة ردا علي استفسارهم وهو يعلم أن قول الحقيقة سيترتب عليه رفض خطبته، ثم تبين بعد عقد القران وأثناء حفل الزفاف وقدوم جموع الأهل أنه من جهة أخري مختلفة أو قبيلة مختلفة .
كيف يخدم القانون الزوجة دون الزوج؟وفى سياق أخر – يقول الخبير القانوني والمحامي سامى البوادى – أن ما تفعله الزوجة من عدم إخبار الزوج بزواجها الأول جائز شرعاً، ولا حرج فيه، وليس هذا من الخداع كما تظن، ولا يلزم الزوجة إخبار زوجها بزواجها السابق، ولا يترتب على علمه بهذا الأمر شيء فهذا الأمر لا يؤثر على حياته الزوجية ولا يضره شيء، ومن الجدير بالذكر أن القانون سمح للزوجة عند اكتشاف زواج زوجها بأخري علي ذمته وفي عصمته أن تطلب الطلاق خلال سنة من تاريخ علمها بواقعة زواجه علي انه لا يعد تزويرا كون الزوجة سبق لها الزواج واقرت في الوثيقة بأنها بكر، فجريمة التزوير وضع لها القانون عدة شروط من ضمنها أن يكون التزوير في بيان جوهري للمحرر، وللأسف القانون لا يعتبر البكارة من البيانات الجوهرية لعقد الزواج، فمناط التزوير في وثيقة الزواج هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك فمثلا أن تكون الزوجة متزوجة بأخر وعلي ذمته فهذا يعتبر تزوير، لأنه مانع شرعي فلا يجوز للزوجة الجمع بين زوجين وبالمقابل نجد أن اخفاء الزوج زوجة بأخري لا يعد تزوير لعدم وجود مانع شرعي يمنعه من الزوج بأخري.
وبحسب "البوادى"، فهنا الزوج إذا أختار الطلاق فإنه يجب لهذه الزوجة كل حقوقها الشرعية المترتبة على الطلاق، حيث أن الغش فى البكارة لا يؤثر على صحة عقد الزواج، فيظل العقد صحيحا لكافة آثاره الشرعية المترتبة عليه، وذلك وفقا للرأى الراجح فى المذهب الحنفي، الذى لا يجيز للزوج خيار العيب فى عقد النكاح، أى لا يبيح للزوج فسخ العقد للعيوب التى قد يجدها فى زوجته، وذلك لأن الزوج إذا وجد عيبا فى زوجته، يستطيع أن يتخلص من عقد الزواج بطلاقها دون الخوض فى حقها أمام القضاء.
لماذا تستفيد الزوجة بالطليق للعيب دون الزوج؟ويؤكد الخبير القانوني: فالقانون رقم 25 لسنة 1920 لم يتناول بالتنظيم مسألة تخويل الزوج خيار فسخ عقد الزواج للعيب المستحكم فى الزوجة أو للغش والتدليس إلا أن المادة 9 من القانون رقم 25 لسنة 1920 الخاص بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية تضمنت قصر حق الزوجة وحدها دون الزوج فى طلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به عيباً مستحكماً لا يمكن البرء منه أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل ولا يمكنها المقام معه إلا بضرر كالجنون والجذام والبرص، سواء كان ذلك العيب بالزوج قبل العقد ولم تعلم به أم حدث بعد العقد ولم ترض به، فإن تزوجته عالمة بالعيب أو حدث العيب بعد العقد ورضيت به صراحة أو دلالة بعد علمها، فلا يجوز التفريق.
وكذا نص الفقرة الثانية من المادة 11 مكرر من القانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 فيما تضمنه من أحقية الزوجة فى طلب التطليق للضرر إذا تزوج عليها زوجها بدون رضائها، وأيدت المحكمة الدستورية هذه المادة، كذلك استقر الرأي القانوني علي ان عدم بكارة الزوجة لا يبرر فسخ عقد الزواج ولا يبطله، حيث أن المقرر فى فقه الأحناف أنه لكى يكون الزواج صحيحاً له وجود يحترمه المشرع ويرتب أثاره الشرعية أن تكون المرأة محلا لعقد الزواج عليها بالنسبة لمن يريد زواجها وأن يحضر زواجها شاهدان، وكان سبق عقد قرانها على آخر أو عدم بكارتها إن ثبت لا يؤثر فى محليتها لزوجها ولا يحرمها عليه أو يبطل عقد زواجهما، وأن المقرر شرعاً أن الزوج ليس له خيار الفسخ إذا وجد في امرأته عيباً ما لأنه يقدر أن يدفع الضرر عن نفسه بالطلاق، لذلك الزوج لن يستطيع فسخ العقد أو إبطاله أو أن يطعن عليه بالتزوير فلا يوجد خطا موجب للتعويض – الكلام لـ"البوادى" .
رأى محكمة النقض فى الأزمةهذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في الطعن المقيد برقم 760 لسنة 67 قضائية، قالت فى حيثيات الحكم أن اكتشاف عدم بكارة الزوجة لا آثر في محليتها لزوجها ولا يحرمها عليه ولا يبطل عقد زواجهما، وليس للزوج خيار الفسخ إذا وجد في امرأته عيبا ما لأنه يقدر أن يدفع الضرر عن نفسه بالطلاق - ولما كان المستأنف قد أقام دعواه ابتداء بغية فسخ عقد الزواج وإبطال آثاره، وذلك تأسيساَ على وجود عيب بالزوجة لعدم بكارتها وقت العقد، ولما كان من المقرر عند أبى حنيفة وأصحابه أن الزوج ليس له خيار الفسخ إذ وجد فى امرأته عيباَ ما لأنه يقدر أن يدفع الضرر عن نفسه بالطلاق.
شرط بكارة الزوجة لدى الحنفيةوبحسب "المحكمة" - ومن ثم فإن وجود عيب بالزوجة وقت عقد الزواج من أنها لم تكن بكرا لا يترتب عليه بطلان العقد أو فسخه لكونه ليس من أركان الزواج أو شروط صحته كما أن الزوج يستطيع أن يدفع الضرر عن نفسه بالطلاق إذ هو بيده، ويملك إيقاعه ومن ثم يكون الطلب قد أقيم على غير سند صحيح من الواقع والقانون.
ماذا عن التعويض المالى؟وعن طلب التعويض فى مثل هذه الحالة، قالت المحكمة أنه من المقرر أن الزواج من عقود المعاوضات الغير مالية إذ رتب المشرع على عقد الزواج أحكامه المنظمة لحقوق وواجبات كل من الزوجين كل سواء أثناء الزواج أو إذا وقعت الفرقة بينهما ولا محل لطلب التعويض فى عقد الزواج، ولما كان الحكم المستأنف قد جاء صحيحاَ فيما قضى به، وقد التزم صحيح القانون ولاحظا ولا عواره يفسده ولم يأت المستأنف بجديد الأمر الذى ترى معه تأييد الحكم المستأنف ورفض الاستئناف.
وتُضيف "المحكمة": "صورة ورقة الإعلان إذا خلت مما يشير إلى أنها التى قام المحضر بتسليمها للمعلن إليه بأن جاءت مجردة من أى كتابة محررة بخط يد المحضر يمكن أن يتخذ أساساً للبحث فيما إذا كانت هي صورة الإعلان الذى وجه إلى المعلن إليه فإن المحكمة لا تعول على هذه الورقة فى أنها هى الصورة التي سلمت فعلاً له فإذا بان لها من أصل ورقة الإعلان أنه أشتمل على جميع البيانات التى يستوجبها القانون لصحته فإن الدفع ببطلانها يكون على غير أساس".