تجريم الكراهية ومراقب التبرعات.. ملامح مشروع الحكومة الفرنسية لقانون مكافحة الإرهاب
الأربعاء، 09 ديسمبر 2020 06:37 م
بدأت الحكومة الفرنسية، اليوم الأربعاء، في مناقشة مشروع قانون جديد لمكافحة الإرهاب، تمهيدا لعرضه على البرلمان وإقراره بعد أشهر من انطلاق جهود صياغته.
وأثار مشروع القانون الذي كان اسمه الأول "التطرف والانفصالية الإسلاموية" جدلا واسعا، خاصة بعد الهجمات الإرهابية التي ضربت فرنسا في أكتوبر الماضي.
ودفع الجدل الواسع بشأن تخصيص القانون بالتطرف الإسرائيلي إلى تغيير اسمه إلى "ترسيخ المبادئ الجمهورية".
وقد تعمدت الحكومة طرحه للنقاش في الذكرى 115 لإقرار قانون الفصل بين الكنيسة والدولة، المعروف بقانون علمانية الدولة في العام 1905.
من جانبه، قال رئيس الوزراء الفرنسي، جان كاستكس، الأربعاء خلال ندوة صحفية إن مشروع القانون المطروح سيسمح بامتلاك "أدوات تمكن من مكافحة الأعمال الإيديولوجية التي تستهدف قيمنا، وأحيانا تتسبب في ارتكاب جرائم".
تفاصيل مشروع القانون
وبحسب مشروع القانون الجديد، فإن فصوله تجرم الكراهية على شبكات التواصل الاجتماعي ومشاركة المعلومات الشخصية للأفراد على شبكة الإنترنت بطريقة تسمح للآخرين الذين يريدون إيذاءهم بتحديد مكانهم.
ويلزم مشروع القانون المساجد والجمعيات التي ترعاها بالخضوع لإجراءات جديدة تتعلق بالشفافية المالية لتمويلاتها، حيث سيكون عليها الخضوع للمراقبة الضريبية للتبرعات المالية الأجنبية التي تزيد عن 10 آلاف يورو.
وكذلك يفرض القانون عقوبات يمكن أن تصل للسجن على كل من يرهب أو يهدد المسؤولين الحكوميين لأسباب دينية، أو آيديولوجية خلال أداء وظائفهم.
كما يفرض القانون قيودا اضافية على التعليم في المنزل، وعلى المدارس الخاصة غير المتعاقدة مع وزارة التعليم الفرنسية وخاصة المدارس الدينية والتي يمكن أن تصل هذه القيود إلى حد إغلاقها.
وبحسب اللجنة الوزارية الفرنسية للوقاية من الانحراف والتطرف، فإن هذا المشروع، وإن كان يستهدف "الإسلام السياسي"، فإنه سيشمل كافة الانحرافات الطائفية.
وتقول اللجنة إن: "المستهدف ليس الإسلام باعتباره دينا، بل الإسلام السياسي، وهو عقيدة سياسية تهدف إلى فرض السيطرة على المجتمع من خلال تقييد الحريات وتثبيت الشريعة فوق قوانين الجمهورية".
ووفقا لمجلة "لوبوان"، فإن القانون الجديد سيرفع من صلاحيات الخلايا الجهوية الخاصة بمكافحة الإسلام السياسي والانفصالية داخل المجتمع وسيزيد من سلطة المحافظين والولاة.
وتقول مارلين شيابا، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالمواطنة لدى وزارة الداخلية في تصريحات صحفية، إن المشروع يعالج كافة المناطق الرمادية في القوانين الموجودة، والتي لا يمكن من خلالها معاقبة المخالفين لقيم الجمهورية.
وتابعت الوزيرة: "رغم الفراغ القانوني، فإن هناك الكثير من الأشياء التي تم القيام بها، حيث استطاعت السلطات خلال الثلاث سنوات الماضية من إغلاق قرابة 250 فضاء، بينها مدارس ومساجد، تبشر بأيديولوجية انفصالية وواجهت خلال ذلك مشاكل حقيقية تتعلق بالسلامة العامة ".
ويرى الباحث في العلوم السياسية بجامعة "باريس إست"، رامي التلغّ، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مشروع القانون الجديد "يتمتع بحضوظ وافرة كي يحظى بثقة غرفتي البرلمان، الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، لإعتبارات تتعلق بالأغلبية التي يملكها الرئيس ماكرون إلى جانب دعم واضح من يمين الوسط الجمهوري وحتى من حزب الجبهة الوطنية، أقصى اليمين الفرنسي، على الرغم من أن رئيس الحزب مارين لوبان كانت قد طالبت بتسمية التطرف الإسلامي بوضوح في نص القانون".
وأضاف التلغّ "أعتقد أن التحفظات التي كانت موجودة حول النص الأولي للقانون حول الحريات، من طرف أحزاب اليسار، لن تؤثر في مسار مرور القانون، باعتبار أن مجلس الدولة (القضاء الإداري) كان قد أقر قرارات إدارية اتخذتها الحكومة ضد بعض المنظمات الإسلاموية وضد مسجد متهم بالتحريض على العنف، وهو ما يعني أن مجلس الدولة مقتنع بالإطار التشريعي العام للقانون، وحتى التحفظات التي أبداها المجلس سابقاً حول مسألة الحد من التعليم المنزلي، قد سارعت الحكومة بتعديلها والتخفيف من القيود المفروضة".
وكان القضاء الإداري قد صدق في نوفمبر الماضي على قرار الحكومة الفرنسية، بحل منظمة" بركة سيتي'' بتهم تتعلق بالتطرف ونشر خطاب يدعو للكراهية.
وفي السياق نفسه، أقرت المحكمة الإدارية بمدينة مونراي شمال باريس، قرار الحكومة بإغلاق مسجد مدينة بانتان، 6 أشهر، بتهم نشر مواد تحرض على قتل مدرس التاريخ صمويل باتي على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك.
ويمنح مشروع القانون المحافظين إمكانية تعليق قرارات السلطات المحلية المنتخبة التي من شأنها الإساءة إلى حياد الخدمة العامة أو التي تنتقص من علمانية الدولة.
وقد أثار هذا الاقتراح ضجة بين ممثلي المسؤولين المحليين المنتخبين وخاصة رؤساء البلديات، وترك أعضاء مجلس الشيوخ منقسمين حول الموضوع.
وكان مجلس الشيوخ الفرنسي قد كشف في تقرير له صدر في يوليو الماضي، عن أن "مؤيدي الإسلام السياسي يسعون إلى السيطرة على الإسلام في فرنسا" من أجل "إنشاء الخلافة"، ويغذون في بعض المدن "نزعة انفصالية" خطيرة، من دون تقديم تفاصيل عن هذه الأعمال.
واقترح التقرير، الذي حررته عضوة مجلس الشيوخ الفرنسي جاكلين أوستاش-برينيو، نحو 40 إجراء للحد من "التطرف"، من بينها منع التحريض والخطابات الانفصالية ومراقبة بعض المدارس والجمعيات، وتوعية المسؤولين المنتخبين ووسائل الإعلام، مبدية قلقها إزاء الحركات الإسلامية المتشددة التي تدعي أنها غير عنيفة، لا سيما السلفية منها والإخوان.