بعد واقعة سرقة «البط».. هل يمكن أن يفلت المتهم من العقاب مهما كان جرمه صغيرا؟

الأحد، 06 ديسمبر 2020 12:02 م
بعد واقعة سرقة «البط».. هل يمكن أن يفلت المتهم من العقاب مهما كان جرمه صغيرا؟
حبس

هل يمكن أن يفلت أي متهم من العقاب مهما كان جرمه صغيرا؟ هذا ما كان يعتقده البعض بشكل خاطئ لاعتقادهم بأن ما فعلوه جرم صغير لا يستحق العقاب، إلا أن القانون حدد عقوبة لكل جريمة، لأنه لا يوجد جرم في القانون اسمه "فعل بسيط، أو شيء تافه"، فالجرم جرم مهما كان شكله وضآلته وطريقة ارتكابه، فالقانون لا يفرق بين أحد.

كما أن الأفعال التي يعتقد مرتكبيها أنها بسيطة وصغيرة ولا يجب الالتفات لها، من الممكن أن تعرض صاحبها للإهانات والفضيحة بشتى الطرق وعلى مواقع الاجتماعى ليصبحوا "ترند اليوم" ما يجلب لهم العار والفضيحة.

آخر هذه الجرائم التي أودت بمرتكبها إلى الفضيحة والحبس والعزل من وظيفته، هي واقعة قيام محامى بسرقة "بط" من بائعة طيور في الغربية، حيث رصدت كاميرات المراقبة في أحد شوارع محافظة الغربية، واقعة قيام شخص يقود سيارة بالوقوف أمام سيدة تحمل "بط " لبيعها، وبعد أن حصل منها على الطيور، طلب منها أن تأتي له بطيور إضافية له، كي يصرفها ويشتت انتباهها عنه حتى يتمكن من الهرب لعدم دفع قيمة "البط"، إلا أن كاميرات المراقبة رصدت تفاصيل الواقعة، بالإضافة إلى ظهور رقم السيارة التي كان يستقلها، والتي كانت أول طرف الخيط الذي قام على أثره رجال المباحث بالتوصل إلى شخصية هذا الشخص، والذي أتضح أنه يعمل في مهنة المحاماة.

فمع دراية هذا المتهم وعلمه بمواد القانون، إلا معرفته به لم تمنعه من أرتكاب هذه الواقعة بهذا النحو، ما أوقعه تحت طائلة القانون، وعرضه للفضيحة على مواقع التواصل الإجتماعى، وتقديمه لجهات التحقيق والتي أمرت بحبسه على ذمة التحقيق، والذى أتضح بعد ذلك أنه محام مفصول.

كانت النيابة العامة بقسم شرطة دمنهور بالبحيرة قد قررت حبس "م. ع" المتهم بسرقة طيور إحدى السيدات بمدينة دمنهور والمعروفة اعلاميا بـ"سيدة البط" 4 أيام ويجدد فى المواعيد المقررة ويأتى هذا القرار بعد احتجاز المتهم علي ذمة تحريات المباحث الجنائية بشأن الواقعة.

وقالت مصادر أمنية إنه رغم انخفاض قيمة المسروقات المبلغ عنها وهي المتمثلة فى ثمن الطيور إلا أنه تم الاهتمام بالبلاغ مراعاة للبعد الإنسانى للسيدة المجنى عليها.

واقعة أخرى لشاب من محافظة المنيا، أتى إلى القاهرة بمنطقة عزبة الهجانة للعمل، إلا أنه تحول من شاب يعمل ويكافح من أجل بناء نفسه، إلى مجرم سافك للدماء بعد أن وسوس له الشيطان وأوقعه في شر أعماله، ودفعه لقتل أعز أصدقائه بدافع الحقد والطمع، بعد أن علم أن صديقه المجنى عليه حدد ميعاد خطوبته، وأنه جهز مبلغ لشراء الذهب لزوم الخطوبة، بالإضافة إلى شرائه هاتف محمول جديد، هنا اختمرت في ذهن الجانى فكرة قتل أعز أصدقائه للحصول على مبلغ الذهب والهاتف المحمول، فقام بإحضار آلة حادة وأنهال على القتيل ضربا مهشما رأسه، ليسقط على الأرض غارقا في دمائه.

لم يتوقف الأمر عند ذلك بل قام المتهم بخنق الضحية حتى يتأكد أنه فارق الحياة، وبتفتيش القتيل لم يجد بحوزته سوى مبلغ ألف جنيه، فقام بالإتصال بأحد أقاربه وأخبره بالواقعة، والذى حضر في الحال، وقاما هما الأثنان بوضع جثة الضحية داخل سجاده، وقام باستئجار سيارة أجرة ودفع لها ألف ونصف، وطلبا من السائق توصيلهم إلى مسقط رأسهما بمحافظة المنيا، وما أن وصلا إلى إحدى القرى قام بالنزول من السيارة، تاركان السجادة التي بداخلها جثة القتيل، وادعيا أنهما ذاهبان لشراء بعض الأشياء، ثم فرا هاربان، لترصدهما كاميرات المراقبة، وتم إلقاء القبض عليهما عقب اعتراف السائق عليهما.

ومن جانبه أوضح الدكتور أحمد الجنزورى المحامى، أن القانون حدد في مواده نصوص قاطعة لكل جريمة مهما كانت صغيرة أو كبيرة، بعقوبة قانونية رادعة، يتم معاقبة مرتكبها بها، مضيفا أنه لا يوجد شيء في القانون أسمه "جريمة كبيرة و جريمة صغيرة"، موضحا أن مرتكب الفعل أو الجرم في نظر القانون مجرم آثم يجب محاسبته ومعاقبته بنص مواد القانون.

وأضاف الجنزورى، أنه يتوجب علينا أن نقوم بحملات توعية موسعة عبر وسائل الإعلام، لنشر المعرفة القانونية لدى الجميع بالأفعال التي من الممكن أن يقع فيها الشخص دون أن يدرى، اعتقادا منه أنها أشياء وأفعال بسيطة، لكنها في حقيقة الأمر جرائم يعاقب عليها القانون، موضحا أن وسائل الإعلام تلعب دورا كبيرا في هذا الصدد، ومن الممكن أن يكون لها دور كبير في نشر المعرفة والثقافة القانونية للحد من ارتكاب الجرائم والأفعال المعاقب عليها قانونيا.

شدد المحامى الجنزورى، على أنه لا يجب أن نلصق الجريمة أو الجرم لصفة الشخص مرتكب الفعل، موضحا أنه لا يجب أن تتناول وسائل الإعلام الوقائع أو الجرائم التي يتم ارتكابها وتقديمها إلى الرأي العام بصفة صاحبها مثل " محامى يسرق أو دكتور يقتل أو مهندس يزور "، موضحا أن الأصح في هذه الحالات لصق الجرم للشخص وليس للصفة.

وأكد أن المحكمة والقضاء يتأثران بتدخل وسائل الإعلام بشكل مبالغ فيه، حيث يأثر تدخل الإعلام والسوشيال مديا على القاضي، مما يدفعه للحكم بأقصى عقوبة على المتهم حتى لا يشاع أن المحكمة تأثرت بالضغط الإعلامي وأصدرت حكما مخففا، وعليه يقوم القاضي بالحكم بالحد الأقصى للعقوبة.

وأشار الجنزورى إلى أن علم الجريمة حدد دافع ارتكاب جرم مثل جرم السرقة إلى شقين، الأول إما أن يكون بدافع إجرامى، وفى هذه الحالة يجب الردع القانوني الصارم للمتهم، أو أن يكون إرتكاب الفعل بدافع مرضى، وهنا يجب معالجة هذا الشخص وتقويمه وإعادته للمجتمع إنسان صالح مرة آخرى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق