صورة دمياط التي ضربت المتطرفين بسياط "المواطنة المصرية"
الجمعة، 04 ديسمبر 2020 01:20 م
"مصر ما يتخافش عليها.. محروسة بآذان الجوامع وأجراس الكنائس".. رسالة السفيرة نبيلة مكرم من داخل المسجد بعد حضورها لخطبة الجمعه
"مصر ما يتخافش عليها.. محروسة بآذان الجوامع وأجراس الكنائس".. رسالة تحمل الكثير من المعانى، بعثت بها السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين في الخارج، بعدما حضرت الأسبوع الماضى، خطبة الجمعة برفقة وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، والدكتورة منال عوض، محافظ دمياط، من داخل مسجدي الصفا والرحمة برأس البر خلال افتتاحهما، وجميعهم مساجد تم بناؤها بالجهود الذاتية، وساهمت وزارة الأوقاف في توفير الفرش بها، وتطوير مآذنها في إطار خطة الوزارة لإنشاء وتجديد المساجد.
رسالة أرفقتها الوزيرة بصورها وهى ترتدى الحجاب، وبجوارها الدكتورة منال عوض محجبة أيضاً داخل المسجد.. رسالة عنوانها أن "المواطنة هي الدين الحقيقى لمصر"، فلا فرق بين مسلم ومسيحي، الجميع تحت راية واحدة أسمها مصر.
الوزيرة نبيلة مكرم قالت: "إحنا شعب كل كلامنا بنذكر فيه ربنا لأننا كلنا قريبين منه بنشكره على نعمة الوطن، وعلى قيادتنا اللى مش بتفرق بينا".
من جانبه أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن مشاركة السفيرة نبيلة مكرم ف افتتاح المسجد، إنما يدل على التسامح بين جميع فئات وطبقات المجتمع المصري والتي يجب أن ينتقل لجميع شعوب العالم.
ورغم أن الصورة وتواجد الوزيرة والمحافظة في افتتاح المسجد، تأكيد على المواطنة المصرية، الا أن هناك من لايزال يعيش أوهام الماضى، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد تجاذب عدداً من رواد التواصل الاجتماعي مشروعية مشاركة الوزيرة والمحافظة باعتبارهما "مسيحيتان" في افتتاح مسجد وحضور خطبة الجمعة، فالبعض أفتى بحرمة ذلك، والبعض الأخر أفتى بمشروعيتها، والبعض تحدث عن المواطنة والصورة الحقيقة لمصر، والبعض قال إن بيوت الله خلقت للناس جميعاً وليس للمسلمين فقط.
الأمر اختلط على العامة درجة أن بعضهم استدل بعدم جواز لغير المسلمين هنا الدخول للمسجد حتى ولو لقضاء الحاجات، وفي الحقيقة أن ذلك الحكم غير صحيح، بعيداً عن أن الآية اختصت مسجد الله الحرام بمكة المكرمة، لكن تلك القضية أخذت باعاً طويلاً بين الفقهاء لحسم الجدل.
يقول مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان، إنه لا يجوز لغير المسلم دخول جميع المساجد، ودليلهم في ذلك ما تقدم ذكره من سورة التوبة، وزاد مذهب الإمام أحمد بن حنبل، بأنه لا يجوز لغير المسلم دخول شيء من المساجد لقوله تعالى: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) ودخول غير المسلمين فيها مناقض لترفيعها، وقوله تعالى (إنما المشركون نجس) ويرى المالكية أنه يُمنع إلا لضرورة عمل.
وذهب مذهب الإمام الشافعي إلى أنه يجوز لغير المسلمين دخول المساجد بإذن المسلمين؛ إلا المسجد الحرام، وكل مسجد في البلد الحرام.
وبعيداً عن تلك الخلافات، فقد حسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، هذا الخلاف، فهو من أنزل وفد أهل الطائف المسجد قبل إسلامهم، وهو من استقبل وفد نجران وهم "نصارى" في مسجده، وربط ثمامة وهو من مشركي مكة في سارية فيه، ولم يثبت شرعاً المنع من استقبال أو دخول غير المسلمين لأي مسجد إلا للبيت الحرام، ومعلوم وجود اليهود في المدينة ولم يثبت أن الشرع منع دخولهم إلى مسجد في المدينة. وهو الصحيح.
وذهب من فريق من أهل العلم إلى ربط جواز الدخول بعلة الحاجة، بقولهم: إذا كان هناك من المسلمين من يستطيع سد هذه الحاجة فينبغي عدم تمكين غير المسلمين تنزيهاً لها وخروجاً من خلاف من منع منها، أما إذا استدعت الحاجة دخولهم ولم يكن من المسلمين من يسد هذه الحاجة فلا حرج في ذلك. والخلاصة أنه يجوز دخول غير المسلمين للمسجد بإذن المسلمين ومن دون ابتذال إذا وجدت المصلحة.
المؤكد أن الصورة التي ظهرت خلالها السفيرة نبيلة مكرم، ومعها الدكتورة منال عوض، داخل المسجد وهما ترتديان الحجاب، كانت بمثابة السياط الذى نزل على وجوه كل المتشددين والتكفيرين، مؤكدة لهم أن مصر تلفظهم لأنها ترفع شعار "المواطنة قولاً وفعلا".