إشكالية «التطبيع» وجعجعة السوشيال!
الخميس، 26 نوفمبر 2020 07:09 م
ما أحوجنا إلى طرح مغاير لما دأبت عليه الموروثات الرافضة للتطبيع مع دولة الاحتلال، وهو الطرح الذى راهن عليه، ولا يزال الغالبية العظمى من الرافضين للتطبيع مع دولة محتلة فعلا للأرض العربية دون وجه حق، لكن علينا أن التوقف كثيرا أمام ما جرى خلال عقود مضت من تداعيات مزلزلة على المنطقة العربية والشرق الأوسط.
لاشك أن إعادة ترتيب الأوراق، وطرح رؤية حديثة تتناسب وما يحيق بالمنطقة العربية من مؤامرات، لهو أدعى بالدراسة، والعمل على خروج هذه الأفكار إلى النور من أجل عبور النفق المظلم، فكما يقال «لكل بداية نهاية».
الصراع الدينى لن ينتهى من العالم فى ظل أفكار آمن بها من سبق وسيؤمن بها من لحق، وستظل إلى قيام الساعة - هذه الأفكار- إلعوبة فى يد من يريد السيطرة ومن يسعى إلى «التكويش» على السلطة والثروة.
تجريد الصراع من كونه صراعا دينيا لهو ادعى لأن يختصر الطريق إلى الحل الشامل، والعادل للقضية الفلسطينية فكل ما يحدث من نزاع تقف خلفه أسباب سياسية، وربما يهدف لتفوق عسكرى يتبعه سيطرة اقتصادية.
إذا ما عدنا إلى التاريخ، سنجد أن الدين نفسه جرى تسييسه فى أكثر من حقبة مضت، وأريقت دماء الملايين حول العالم بزعم الدفاع عن المقدسات، فى حين أن ما جرى فى حقيقته كان وبمنتهى الصدق حشد لـ «العوام»، والتضحية بهم فى معارك ربما لا يعلمون لها سببا فى عبث ما بعده عبث!
هناك اتهامات موجهة إلى بنى أمية مفادها - على سبيل المثال- وضعههم أحاديث نبوية شريفة تقوى وتعضد وجودهم فى السلطة وهى الاتهامات التى لا أؤيدها ولا أنكرها ولا اهتم بها، لكن جاء الاستشهاد هنا على سبيل وجود العديد من الوقائع التاريخية لاستخدام الدين مطية للقفز على السلطة ثم التثبث بهذه السلطة فما أسهل من إطلاق شيوخ يروجون لما تريد، وكذلك حاخامات، لتظل الأزمة لهيب مستعر يدفع ثمنه أجيال وراء أجيال!
ليس معنى الطرح السابق أن كل ما اندلع من معارك كان بلا عقيدة أو هدف، حتى لا يشكك المشككون، ولا يزايد المزايدون، فهناك معارك فى التاريخ - ربما حتى لم نكن نحن كعرب طرفا فيها - كانت دفاعا عن الإنسانية والعدالة وعن الإنسان نفسه فى جوهره لا مظهره.
مصر مثلا خاضت حروبا عديدة دفاعا عن الإنسانية، وضد عدو غاشم استباح وقتل الإنسان، واغتال الحضارة، من قبيل حربها ضد التتار وهزيمتهم على يد الجيش المصري العظيم في معركة عين جالوت، وكذلك خوضها حرب أكتوبر العظيمة، وانتصارنا المذهل على العدو الهصيوني، واستعادة أرضنا الغالية والعزيزة إلى التراب الوطني الذي نفديه بكل بالدم والروح، كذلك الحرب التي تخوضها مصر الآن ضد طيور الظلام من تكفيريين وإخوان اتخذوا من الدين مطية لترويع وقتل المصريين بالإرهاب الأسود.
ما حدث عقب صور الفنان الشهير مع بعض الصهاينة، واشتعال السوشيال بعبارت نارية آرها محمودة فى جانب منها وربما نختلف مع بعضها، لكن السؤال هو ماذا بعد؟
ماذا بعد، ما يصنفه سياسيون غربيون، وربما كتاب من داخل إسرائيل نفسها بـ «الجعجعة»، ولماذا فشلنا كعرب فى تقديم رؤية معاصرة لحل إشكالية هذا الصراع فى ظل تفوق إسرائيلى على العديد من الدول العربية اقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا!
لماذا لا نفكر خارج الصندوق؟ فى أزماتنا ولماذا دائما نظل نحبس أنفسنا فيما نعتقد كونه صواب؟ وماذا علينا أن نفعل حتى نخرج من سجن أفكار ربما تكون غير صالحة لزماننا؟