معظم الشرر..من خالد منتصر
الجمعة، 13 نوفمبر 2020 12:17 م
تفاعلت فى الأيام الأخيرة أزمة المدرس الذى تم توقيفه بالإسماعيلية بتهمة ازدراء النبى الكريم عبر الفضاء الألكترونى. ورغم حالة الغضب التى اجتاحت الكثيرين؛ على خلفية العبارات والكلمات المنسوبة للمتهم، والتى تحمل تجاوزًا صارخًا بحق الرسول الكريم، إلا أن هذا المخطئ ليس وحده من اقترف هذه الجريمة، بل إن هناك كثيرين يسلكون مسلكه، ويجدون البطولة فى الإساءة إلى الأديان والأنبياء والمعتقدات، ولا يأبهون بتبعات ذلك. الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها. والذين ينفخون فى نار الفتنة؛ حتى يشتد أوارها، كثيرون، أبرزهم على الإطلاق: خالد منتصر، يمكن مراجعة حساباته المتعددة "الأصلية والفرعية" على "فيسبوك"، ومشاهدة فيديوهاته على "يوتيوب"، ولكن لا أحد ينتبه إليهم، بل يتم التعامل مع "خالد منتصر" وأقرانه وقريناته، باعتبارهم مفكرين مغاوير ورموزًا للتنوير. المدرس الموقوف هو إفراز بيئة "ألكترونية" رديئة مُتردية لا تقيم للأديان اعتبارًا، ولا للكتب السماوية تقديرًا، هو فى الأساس ضحية وليس متهمًا.
وكان ينبغى على الجهات المختصة ألا تذر الجذور، لتستئصل الفروع؛ لأنها بذلك تكون قد خدعت نفسها، ولم تنجز المهمة المنوطة بها، وهى اقتلاع جذور الفتنة من المنبع وتطهير التربة المصرية من بقاياها وأدرانها؛ حتى لا تطلَّ بوجوهها القبيحة والبغيضة مجددًا. إذا كانت الجهات المختصة مهتمة باحتواء مظاهر الفتنة فى المجتمع المصري والقضاء عليها نهائيًا، فإن ذلك لن يتحقق بتوقيف مثل هذا المدرس أو غيره من صغار المزدرين وأشبال المتطاولين؛ لأن ذلك يشبه منطق الأجهزة الأمنية عندما تلاحق صغار تجار المخدرات فى الوقت الذى تعقد فيه صداقات وطيدة مع أباطرة التجار وكبرائهم؛ ومن أجل ذلك فإن المخدرات باقية وكبار تجارها يعيشون فى رفاهية مادية وأمنية منقطعة النظير.
حذرنا مرارًا وتكرارًا من "ترك الحبل على الغارب" لبعض من يظنون أنفسهم تنويريين؛ وفى الصدارة منهم: خالد منتصر، ليخوضوا عن جهل أو سوء نية، فى شأن الأديان، عبر منصات الفضاء الألكترونى، وفى الفضائيات، وعلى صفحات الصحف، وقلنا إن ذلك ينذر بعواقب وخيمة، لن يدفع ثمنها سوى مجتمع يبحث عن الأمن والهدوء والاستقرار، مجتمع يعيش منذ فجر التاريخ، لا يعرف تمييزًا أو طائفية، ولا تلاسنًا حول الثوابت الدينية، مقتديًا بالوحى الربانى: "لكم دينكم ولىَ دينى". وفى مقابل ذلك كان يتم التمكين لهؤلاء الخائضين عن جهل أو سوء نية، والتوسعة عليهم ماديًا ومعنويًا، وتصديرهم للنشء الجديد؛ باعتبارهم مفكرين تنويريين، وأنهم أتوا بما لم يأتِ به الأوائل، وصار القاصى والدانى مقتنعًا بأن ازدراء الدين بطولة ومجد وانتصار وعبقرية و "تفتيح مخ". واقعة المدرس الإسماعيلاوى سوف تتكرر مجددًا وبصور وأشكال اكثر قسوة، طالما تركنا الجذر يتضخم ويتعاظم، ولاحقنا الفروع الصغيرة عديمة أو محدودة الأثر بالحبس أو الفصل من الوظيفة. هذه الواقعة يجب أن تكون دافعًا لإعادة التفكير فى التعامل مع الفوضى الدينية والفكرية التى تم السماح بانتشارها وتفاقمها فى السنوات الأخيرة، لأسباب معلومة، والتفكير جديًا فى محاصرة نجومها ورموزها والقائمين عليها وإغلاق نوافذهم "الألكترونية والفضائية والصحفية" التى تحولت إلى روافد لا تنفد، لتغذية مثل هذا المدرس المتهم، وكل من فى نفوسهم مرض؛ لإثارة الفتنة فى أوصال هذا المجتمع الذى يجب أن يسترد وعيه المسلوب. الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها، ومعظم النار من مستصغر الشرر، ومن خالد منتصر، وهذا بيان للناس، وليُنذروا به.