زيادة التكلفة وتراجع الصادرات.. ارتفاع أسعار الغاز يعصف بصناعة الحديد والصلب
الخميس، 12 نوفمبر 2020 12:00 م
شهدت صناعة الحديد والصلب حالة من التراجع الملحوظ نتيجة ارتفاع سعرالغاز الطبيعى والذي يعتبرعصب الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة، الأمر الذى يجعل ارتفاع سعر الغاز الطبيعى، ضاغطا بقوة عليها ويضربها فى مقتل، فى ظل تكاليف مرتفعة جدا مع تراجع واضح فى التصدير للخارج.
مصنعو الحديد في مصر، أكدوا في أكثر من مناسبة ضرورة مراجعة الدولة لأسعار الغاز الطبيعى للمصانع، خاصة أن صناعة الصلب أحد الصناعات كثيفة الاعتماد على الطاقة، واجتمع المصنعون مطلع العام الجارى وتحديدا يناير 2020، وخرجوا بورقة مقترحات للحكومة اشتملت على أكثر من مقترح لدعم صناعة الصلب، والتي كان على رأسها خفض أسعار الغاز الطبيعى للصناعة.
واقترح طارق الجيوشى، عضو غرفة بالصناعات المعدنية ورئيس مجلس إدارة الجيوشى للصلب، ضرورة دعم صناعة الحديد والصلب، بوصفها صناعة وطنية، مشيرا إلى أهمية توفير خامات الإنتاج كأحد آليات الصناعة للاستمرار في الإنتاج، وثانيا ضرورة ضبط التكاليف الإنتاجية المؤثرة بصورة سلبية على الإنتاج، لأنها ترفع التكلفة الإنتاجية على المصانع.
وأضاف الجيوشي، إن تأثير أسعار الحديد على صناعة الحديد والصلب واضح للجميع، خاصة وأن الغاز الطبيعى يمثل 90 % من الصناعة، لذلك هو مكون رئيسى، لأن الصناعة كثيفة فى استهلاكه، وضرورة النظر في تكلفته أمر واجب.
واقترح رئيس مجلس إدارة الجيوشى للصلب، أن تقوم الحكومة المصرية بربط أسعار الغاز المصرية بالسعر العالمى، لأن ذلك سيساهم فى خفض التكلفة الإنتاجية فى مصر، ويحقق لمصر تنافسية فى الأسواق العالمية عبر نفاذ المنتجات المصرية إليها بأسعار تفضيلية، ومن المتوقع أن يساعد تخفيض الأسعار مرة أخرى على تحقيق مستهدفات مصر التصديرية خلال الفترة المقبلة.
وأضاف: إن ارتفاع سعر الطاقة عن السعر العالمى أدى إلى تحقيق خسائر لدى المصنعين محلياً، ورفع التكلفة الإنتاجية للمصانع، وهو ما يجعل فرصة التنافسية مستحيلة فى ظل وجود دول معينة تقوم بتصنيع نفس المنتج وتصدره لمصر لكن بسعر أقل بسبب تخفيض مدخلات الإنتاج من الكهرباء أو الغاز لديهم.
وأوضح طارق الجيوشى، أن كل مصنع في مصر لديه حساباته الخاصة فيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، لكن الجميع يعتمد على الغاز، فمراجعة تكلفته أمر ضرورى للقطاع الصناعى، لافتا إلى أن المتوسط العالمى للغاز أقل بكثير عن السعر المتعامل به في مصر والمحدد بـ 4.5 دولار، لذلك نحتاج إعادة النظر في هذا السعر.
واكدت بيانات حديثة صادرة عن هيئة الرقابة على الصادرات المصرية، بشأن هبوط صادرات مصر من الحديد والصلب خلال الـ 8 أشهر الأولى من 2020 لتسجل 365 مليون دولار مقابل 497 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2019 بانخفاض قدره 26%.
ومن جانبه أكد حسن المراكبي رئيس مجلس إدارة المراكبى للصلب، أن صناعة الصلب في مصر لها مقومات رئيسية لابد النظر إليها عند مناقشة ملف تطوير ودعم هذه الصناعة، أولا ملف توافر خامات الإنتاج، ونحن في هذا الملف نعاني عجزا في توافر الخام وليس لدينا وفرا في الخردة، الشق الآخر هو ملف الطاقة وهذا يحتاج وقفة حقيقة من الدولة، لأن أسعار الغاز في مصر ترتفع 15 إلى 20 % عن أقرب الدول المنافسة لنا تصديريا.
وأضاف المراكبى، أن سعر الغاز بالخارج يتراوح بين 2 إلى 2.7 دولار للمليون وحدة حرارية، في إحدى الدول المنافسة لنا، وإذا ما نظرنا للسعر في مصر ستجده 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، وهنا ستكون المنافسة صعبة بل مستحيلة، وسيكون لهم ميزة سعرية.
وأكد حسن المراكبى، أن صناعة الصلب في مصر واعدة جدا ولدينا طاقات إنتاجية وصلت إلى 15 مليون طن في وقت احتياجات السوق فيه الآن 7 إلى 8 ملايين طن، ولم نصل إلى هذه الطاقة الإنتاجية الكبيرة إلا من خلال الاستثمارات والتي ظهرت حينما كان سعر الطاقة منافس، لكن حاليا سعر الطاقة سواء الكهرباء أو الغاز أصبح عبئ على القطاع الإنتاجى.
وأشار "المراكبى" إلى أن الدولة تمكنت من ضبط الزيادة غير المبررة في الاستيراد، عبر اتخاذ قرارات بفرض رسوم حمائية على الاستيراد، لكن على جانب آخر الصناعة تعانى ارتفاع التكاليف حاليا بسبب الغاز والكهرباء، ورغم أن مصر أكبر الدول في المنطقة من حيث الطاقات الإنتاجية، لكن عند الحديث عن وضع المنافسة الخارجية لنا ستجد معضلة كبيرة أمامنا تخلقها التكلفة المرتفعة سواء بالطاقة أو مؤثرات أخرى.
واستطرد "المراكبى"، أن صناعة الصلب والحديد لا تحقق مكاسب كبيرة، فزيادة التكاليف سواء الطاقة أو اللوجستيات، ستكون مؤثرة على الصناعة، في ظل منافسة غير متكافئة بالخارج، وقد نخرج من المنافسة تصديريا، لأن الدول المنافسة لها ميزات سعرية أكبر عن مصر.
وبشأن تأثير أسعار الكهرباء، يقول المراكبى، أن وزارة الكهرباء تبيعها للمصانع بـ 130 قرش حاليا وندفع مقابل قدرة وصيانة، حتى إذا تم إغلاق المصنع ، وكذلك ندفع تأمين استهلاك لمدة شهرين، وهنا مشكلة أخرى فإذا تأخرنا يوم واحد في دفع الفاتورة يتم احتساب غرامة تأخير، رغم أننا ندفع تأمين استهلاك لمدة شهرين.
وأختتم المراكبى، أن خفض الطاقة يجعل الصادرات في وضع أفضل، فبدلا من تصدير الكهرباء أو الغاز، يمكن أن نخفض التكاليف على المصانع، وقتها سنصدر منتجات بعائد أكبر من العملة الصعبة، وكذلك تشهد القطاعات توسعات استثمارية، وتزيد حصيلة الضرائب وتزيد فرص العمل، وتزيد الطاقات الإنتاجية وتصبح بأسعار أقل، هكذا يمكن أن تتوسع الصناعة ويتم تقويتها، لأنها عصب رئيسى للتنمية.
ومن جانبه، قال محمد حنفى مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، في تصريحات سابقة، أن جميع المصانع التي تعتمد على الغاز كمصدر حرارى فى صناعتها تأثرت بارتفاع أسعار الغاز في مصر وتعمل بأقل من 60% من طاقتها الإنتاجية، موضحا أن السعر المطروح حاليا يحتاج إلى خفضه ليكون 3 دولار لكل مليون وحدة حرارية.
وأضاف حنفى، أن جميع الدول المحيطة تعامل صناعتها بأسعار غاز تنافسية لا تزيد عن 2 دولار لكل مليون وحدة حرارية مثل السعودية، والإمارات، والجزائر، وتعتبر مصر أعلى سعر في الغاز للصناعة المحلية، موضحا أن الصناعة فى مصر خاصة لمصانع الحديد، والأسمنت، والزجاج، والسيراميك، والبتروكيماويات، والأسمدة قدرتها التنافسية في مواجهة السلع الأجنبية المستوردة ضعيفة جدا في السوق المحلية بسبب ارتفاع أسعار الطاقة عليها .
وتابع، أن زيادة سعر الغاز تضعف من الصادرات المصرية في غزو الأسواق الخارجية ومنافسة مثيلتها في الخارج، ولابد من دعم الصناعة المحلية وحل جميع المشاكل التى تواجهها والذى يعتبر الغاز أولى هذه الأزمات فى جميع الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وأوضح مدير عام غرفة الصناعات المعدنية، أن الغرفة طالبت مرارا لجنة تسعير الطاقة بإعادة النظر فى أسعار الغاز والكهرباء للمصانع، وخفض سعر الغاز إلى أقل من 4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، ليصبح 3 دولارات أقصى سعر في محاسبة المصانع، خاصة وأن الغرفة قدمت من قبل دراسة تؤكد فيها تباين أسعار الغاز للمصانع فى دول عديدة أقل من الأسعار المتاحة فى مصر.
تعد صناعة الحديد من بين القطاعات المرشحة لتحقيق طفرة وتطورات كبيرة فى حال إقرار الحكومة تعديلات جديدة على أسعار الغاز، حيث يشكل عنصر الطاقة نسبة لا بأس بها من إجمالى تكلفة الإنتاج، وبالتالى فإن خفض أسعار الغاز يعد دفعة قوية لتحقيق التوازن داخل السوق المحلية ويدفع المنتجين للتوسع خارجيًا أيضا، علما بأن الحديد عصب رئيسى للتنمية فى الوقت الحالي، وفق جمعية الصلب المصرية.