الإدارة الأمريكية ترضخ لإرادة المصريين.. عندما فشل أوباما في إنقاذ الإرهابية بعد 30 يونيو
الأربعاء، 11 نوفمبر 2020 01:03 م
"فشل أوباما في إنقاذ الإخوان بعد ثورة 30 يونيو، حيث تبنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما استراتيجية لدعم تيارات الإسلام السياسى فى منطقة الشرق الأوسط بعد ثورات 2011 وتمكينهم من تولى مقاليد الحكم فى الدول التى شهدت هذه الموجة من الاحتجاجات والاضطرابات، ومنها مصر وتونس وليبيا وسوريا".. هذا ما كشفه المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في تقرير له.
وأوضح التقرير أن الأداة الأهم في هذه الاستراتيجية هي جماعة الإخوان التى كانت الأكثر تنظيما من بين كل القوى السياسية في هذه البلدان، نجحت الإدارة الأمريكية فى تمكين جماعة الإخوان من الوصول إلى الحكم في هذه البلدان، وراهنت عليها لتكون بداية لتنفيذ استراتيجية أمريكية جديدة تجاه مصر والمنطقة اعتمادا على حكم طويل الأمد للجماعة.
وأشار التقرير، إلا أن ممارساتها أثناء الحكم التى اتسمت بالإقصاء والهيمنة وفرض القوة لم تُسعف إدارة أوباما لاستمرار الرهان عليها ولا سيما بعد تنامي الغضب الشعبي - وخاصة في مصر - ضد حكم الجماعة، والذي أمضى في النهاية إلى ثورة 30 يونيو التي قضت على آمالها في الحكم في مصر والمنطقة.
واستكمل التقرير، أن ثورة 30 يونيو كانت بمثابة ضربة قاصمة لمشروع جماعة الإخوان الإرهابية في مصر، واتسم الموقف الأمريكي حيالها بالترقب، فيما سعت الجماعة إلى استغلال علاقاتها مع واشنطن ودعم الإدارة في البيت الأبيض لها للعمل على إعادة توازن القوى داخل المجتمع المصري، بدأ ذلك بلقاءات مع المسؤولين الأمريكيين لتخفيف الضغط الواقع على الجماعة في مصر ومحاولة القفز على الواقع الجديد والخروج منه بأقل أضرار ممكنة أملا في إعادة الاندماج بالمشهد السياسي الجديد.
التعليق الأول من قبل الإدارة الأمريكية على ثورة 30 يونيو كان واضحا فيه حجم الارتباك والترقب الذي ميز تعاطيها مع المشهد في مصر، إذ قال الرئيس السابق باراك أوباما (3 يوليو 2013 "لا تدعم الولايات المتحدة أفرادا أو أحزابا سياسية بعينها، لكننا ملتزمون بالعملية الديمقراطية واحترام سيادة القانون" و" لا تزال الولايات المتحدة تؤمن إيمانا راسخا بأن أفضل أساس للاستقرار الدائم في مصر هو نظام سياسي ديمقراطي بمشاركة جميع الأطراف وجميع الأحزاب السياسية العلمانية والدينية والمدنية والعسكرية.
أن الإدارة الأمريكية استقبلت ما حدث في 30 يونيو بنوع من المفاجأة، ولم ترد في أول بيان للبيت الأبيض تعليقا على "بيان 3 يوليو" أن تصدر موقفا رافضا بشكل واضح للحراك الشعبي في مصر أو مؤيدا لجماعة الإخوان بعد إزاحتها من الحكم، ولذلك ظهر هذا النوع من الترقب.
وتابع التقرير، أن جون كيري وزير الخارجية قال في ذلك الوقت (1 أغسطس 2013) إن "الجيش المصري كان يعيد الديمقراطية فقد طُلب من الجيش التدخل لتنحية مرسي من قبل الملايين والملايين من المواطنين وجميعهم يخشون الانحدار إلى الفوضى، والجيش لم يتسلم زمام الأمور
فهناك حكومة مدنية"، وفي بيانها أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي قالت إليزابيث جونز مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط (29 أكتوبر 2013):" أثبت مرسي عدم قدرته على الحكم بشكل كامل مما أدى إلى نفور العديد من المصريين، واستجابة لرغبات الملايين من المصريين الذين اعتقدوا أن الثورة اتخذت منحی خاطئا أعيد الأمن والاستقرار بعد سنوات من الاضطراب وتولت حكومة انتقالية الأمر".
ولفت التقرير، إلى أن إدارة أوباما كانت تراهن على امتصاص التغيير الذي حدث في مصر بعد ثورة 30 يونيو، اعتقادا بأن جماعة الإخوان الإرهابية، التي لفظها الشعب المصري يمكن أن يعاد تدويرها في المشهد السياسي الجديد في مصر وعبرت عن ذلك ماري هارف المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية السابقة في حديثها (12 فبراير 2014) إذ قالت إن الولايات المتحدة لم تصنف الجماعة كمنظمة إرهابية كما فعلت مصر مؤخرا، "لقد كنا واضحين للغاية في مصر أننا سنعمل مع جميع الأطراف وجميع الأطراف للمساعدة في دفع عملية شاملة إلى الأمام".
وأضافت:" سنواصل الحديث مع الإخوان في مصر كجزء من تواصلنا الواسع مع مختلف الأحزاب والجماعات هناك، " القد طالبنا مرارا وتكرارا علنا وسرا على حد سواء الحكومة المؤقتة للمضي قدما بطريقة شاملة وهذا يعني التحدث إلى جميع الأطراف وإشراكهم في العملية التي يجب أن تكون شاملة، وهذا بالطبع يشمل الإخوان".
ومن كل ما سبق نستنتج الإصرار الأمريكي على أن تكون جماعة الإخوان الإرهابية جزءاً من المشهد السياسي الجديد في مصر ما بعد 30 يونيو تحت ذريعة كونها قوى سياسية من القوى السياسية المصرية.
هذا واستقبلت الولايات المتحدة بعد ذلك وفودا من جماعة الإخوان الإرهابية حاولت حث واشنطن على دعم الجماعة بشكل أكبر والضغط على مصر لإسراع عملية دمجهم في المشهد السياسي، ومن هذه الزيارات زيارة لوفد من أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية (25 يناير 2015) التقى ممثلين عن البيت الأبيض ومساعد وزير الخارجية لمكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل ومسؤولون آخرون بوزارة الخارجية وممثلين عن جامعات ومراكز بحثية وأعضاء بالكونجرس.
واكد التقرير، أنه أثبتت الوقائع أن رهان جماعة الإخوان الإرهابية، على الإدارة الأمريكية لعودتهم مجددا إلى المشهد السياسي في مصر كان رهانا خاسرا، إذ ظلت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما على علاقاتها الاستراتيجية مع القاهرة باعتبارها هي الأكثر رسوخا وضمانا، ولذلك بعدما علق أوباما المساعدات الأمريكية العسكرية إلى مصر جزئيا بعد 3يوليو أعادها مجددا (مارس 2015).
كما أن نهج العنف والإرهاب الذي انتهجته الجماعة الإرهابية بعد أن أطاح بها المصريون من حكم مصر أكد لدى الولايات المتحدة والغرب أنها لا تمثل الإسلام الوسطي المعتدل كما كانت تصور وكما كان يتم الرهان عليها، وإنما هي جماعة إرهابية تعد المرجع الأصولي المتطرف لكل التنظيمات الإرهابية، ومن ثم لم تستطع إدارة أوباما فرض الجماعة الإرهابية من جديد على المصريين لانتفاء واختفاء الحاضنة الشعبية التي استغلتها بعد 2011 لعدم وصول الجماعة الإرهابية إلى الحكم.