أعد المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ورقة بحثية تناولت فشل الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما فى إنقاذ جماعة الإخوان الإرهابية بعد الثورة الشعبية المصرية فى 30 يونيو 2013، والتى أطاحت بهم.
وقال البحث، إن إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تبنت استراتيجية لدعم تيارات الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط بعد ثورات 2011 وتمكينهم من تولي مقاليد الحكم في الدول التي شهدت هذه الموجة من الاحتجاجات والاضطرابات، ومنها مصر وتونس وليبيا وسوريا، وكانت الأداة الأهم في هذه الاستراتيجية هي جماعة الإخوان التي كانت الأكثر تنظيما من بين كل القوى السياسية في هذه البلدان.
وأوضح البحث، أن الإدارة الأمريكية نجحت في تمكين جماعة الإخوان من الوصول إلى الحكم في هذه البلدان، وراهنت عليها لتكون بداية لتنفيذ استراتيجية أمريكية جديدة تجاه مصر والمنطقة اعتمادا على حكم طويل الأمد للجماعة، إلا أن ممارساتها أثناء الحكم التى اتسمت بالإقصاء والهيمنة وفرض القوة لم تسعف إدارة أوباما لاستمرار الرهان عليها، ولا سيما بعد تنامي الغضب الشعبي -وخاصة في مصر - ضد حكم الجماعة والذى أفضى في النهاية إلى ثورة 30 يونيو التى قضت على آمالها في الحكم في مصر والمنطقة.
وأكد البحث، أن ثورة 30 يونيو كانت بمثابة ضربة قاصمة لمشروع جماعة الإخوان فى مصر، واتسم الموقف الأمريكي حيالها بالترقب، فيما سعت الجماعة إلى استغلال علاقاتها مع واشنطن ودعم الإدارة في البيت الأبيض لها للعمل على إعادة توازن القوى داخل المجتمع المصرى، بدأ ذلك بلقاءات مع المسؤولين الأمريكيين لتخفيف الضغط الواقع على الجماعة في مصر ومحاولة القفز على الواقع الجديد والخروج منه بأقل أضرار ممكنة أملا فى إعادة الاندماج بالمشهد السياسي الجديد.
وذكرت الدراسة البحثية، أن التعليق الأول من قبل الإدارة الأمريكية على ثورة 30 يونيو كان واضحا فيه حجم الارتباك والترقب الذى ميز تعاطيها مع المشهد في مصر. إذ قال الرئيس السابق باراك أوباما ( 3 يوليو 2013 ) " لا تهم الولايات المتحدة أحزابا سياسية بعينها، لكننا ملتزمون بالعملية الديمقراطية واحترام سيادة القانون" و "لا تزال الولايات المتحدة تؤمن إيمانا راسخا بأن أفضل أساس للاستقرار الدائم في مصر هو نظام سياسي ديمقراطي بمشاركة جميع الأطراف وجميع الأحزاب السياسية".
وأشار البحث إلى أنه بدا أن الإدارة الأمريكية استقبلت ما حدث في 30 يونيو بنوع من المفاجأة، ولم ترد في أول بيان للبيت الأبيض تعليقا على "بيان 3 يوليو " ولم تصدر موقفا رافضا بشكل واضح للحراك الشعبي في مصر أو مؤيدا لجماعة الإخوان بعد إزاحتها من الحكم، ولذلك ظهر هذا النوع من الترقب، وقال جون كيري وزير الخارجية في ذلك الوقت ( 1 أغسطس 2013 ) إن " الجيش المصري كان يعيد الديمقراطية ، فقد طلب من الجيش التدخل لتنحية مرسي من قبل الملايين والملايين من المواطنين ، وجميعهم يخشون الانحدار إلى الفوضى والجيش لم يتسلم زمام الأمور فهناك حكومة مدنية .
وفي بيانها أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي قالت إليزابيث جونز مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط ( 29 أكتوبر 2013 ) " أثبت مرسي عدم قدرته على الحكم بشكل كامل مما أدى إلى نفور العديد من المصريين، واستجابة لرغبات الملايين من المصريين الذين اعتقدوا الثورة اتخذت منحی خاطئا أعيد الأمن والاستقرار بعد سنوات من الاضطراب وتولت حكومة انتقالية الأمر".
وأكد البحث أن إدارة أوباما كانت تراهن على امتصاص التغيير الذى حدث في مصر بعد ثورة 30 يونيو، اعتقادا بأن جماعة الإخوان التي لفظها الشعب المصري يمكن أن يعاد تدويرها في المشهد السياسي الجديد في مصر، وعبرت عن ذلك ماري هارف المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية السابقة في حديثها ( 12 فبراير 2014 ) إذ قالت إن الولايات المتحدة لم تصنف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية كما فعلت مصر مؤخرا " لقد كنا واضحين للغاية في مصر أننا سنعمل مع جميع الأطراف وجميع الأطراف للمساعدة في دفع عملية شاملة إلى الأمام".
وأضافت هارف، حسب الدراسة البحثية: "سنواصل الحديث مع الإخوان في مصر كجزء من تواصلنا الواسع مع مختلف الأحزاب والجماعات هناك.. لقد طالبنا مرارا وتكرارا علنا وسرا على حد سواء الحكومة المؤقتة للمضى قدما بطريقة شاملة.. وهذا يعنى التحدث إلى جميع الأطراف وإشراكهم في العملية التي يجب أن تكون شاملة، وهذا بالطبع يشمل الإخوان" ، ما يظهر هذا الإصرار الأمريكي على أن تكون جماعة الإخوان جزءا من المشهد السياسي الجديد في مصر ما بعد 30 يونيو تحت ذريعة كونها قوة سياسية من القوى السياسية المصرية.
واستقبلت الولايات المتحدة بعد ذلك وفودا من جماعة الإخوان حاولت حث واشنطن على دعم الجماعة بشكل أكبر والضغط على مصر لإسراع عملية دمجهم في المشهد السياسى، ومن هذه الزيارات زيارة لوفد من أعضاء جماعة الإخوان ( 25 يناير 2015 ) التقى ممثلين عن البيت الأبيض ومساعد وزير الخارجية لمكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل ومسؤولون آخرون بوزارة الخارجية وممثلين عن جامعات ومراكز بحثية وأعضاء بالكونجرس .
وأثبتت الوقائع أن رهان جماعة الإخوان على الإدارة الأمريكية لعودتهم مجددا إلى المشهد السياسي في مصر كان رهانا خاسرار إذ ظلت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما على علاقاتها الاستراتيجية مع القاهرة باعتبارها هي الأكثر رسوا وضمانا ، ولذلك بعدما علق أوباما المساعدات الأمريكية العسكرية إلى مصر جزئيا بعد 3 يوليو أعادها مجددا مارس 2015 ).
كما أن نهج العنف والإرهاب الذي انتهجته الجماعة بعد أن أطاح بها المصريون من حكم مصر، أكد لدى الولايات المتحدة والغرب أن الجماعة لا تمثل الإسلام الوسطي المعتدل كما كانت تصور وكما كان يتم الرهان عليها، وإنما هي جماعة إرهابية تعد المرجع الأصولي المتطرف لكل التنظيمات الإرهابية، ومن ثم لم تستطع إدارة أوباما فرض الجماعة من جديد على المصريين لانتفاء واختفاء الحاضنة الشعبية التي استغلتها بعد 2011 لدعم وصول الجماعة إلى الحكم.