من أجل إعادة تدوير نفسه والظهور بالواجهة بعد أن فشل مشروعه التخريبي في المنطقة، يسعى تنظيم «الإخوان» الإرهابي بشتى الطرق لاستغلال أي ظرف دولي للعودة للواجهة، فمن بين المخاوف التي يقع تحت وطأتها تيار الإسلام السياسي المتشدد وعلى رأسه المنتمين لجماعة «الإخوان» الإرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية، في إطار السياق الإقليمي والدولي، خلال العقد الأخير، وتحديداً إبان أحداث ما عرف بـ «الربيع العريب»، الخشية من استمرار استبعادها، محلياً وإقليمياً، ورغبتها في إعادة التموضع من جديد، لإحياء نشاطها على خريطة الحركات السياسية، في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما بعدما تم إجهاض مشروعها، السياسي السلطوي والأيديولوجي، في عدد من الدول؛ من بينها مصر.
كما أن تصنيف جماعة الإخوان ضمن المنظمات الإرهابية، جعلهم منبوذين على المستوى الإقليمي والدولي، وهي الاستراتيجية التي اصطف على أساسها دونالد ترامب منذ تولي رئاسة أمريكا، مطلع عام 2017 ، بعد انتهاء ولاية أوباما، وقد تبنى ترامب رؤية ردايكالية باتجاه تهميش دور الإسلاميين، ومكافحة أنشطتهم المتشددة، ومن ثم، اقتراح قانون بالكونجرس، لتصنيف الإخوان «جماعة إرهابية»، الذي قدمه السيناتور الجمهوري، تيد كروز.
وقد شهدت الولايات المتحدة تغييرات عنيفة مع الحقبة السياسية الجديدة، منذ مطلع العام 2000، وتحولات جمة على أكثر من مستوى، إلا ّأن قضايا الإرهاب والإسلاميين والمهاجرين العرب، تعرضت بالتبعية، لنفس الدرجة، من التباين والحدة، وانتقلت المواجهة من التشريعات والقوانين إلى المكافحة الأيديولوجية، ومن ثم، انقلبت العلاقة بين الجمهوريين والإسلاميين، بصورة جذرية، حيث انتهى نموذج الرئيس الأمريكي، دونالد ريجان، الذي تحالف مع الإسلام السياسي، بل ودعمه، في إطار مقاومة الشيوعية، وذلك في مقابل التحفظ الشديد من جانب التيار الديمقراطي الذي نبذ تلك السياسة، الأمر الذي مل يتغير إلا مع عودة الديمقراطيين للحكم، في العام 2009، تحت إدارة باراك أوباما، حيث اعتمدت إدارته على الإخوان، كما انفتح على الحوار معهم، وصنفهم ضمن الجماعات "السلمية والملتزمة بلا عنف.
في النصف الثاني من العام الماضي، قامت اللجنة الفرعية للأمن القومي، التابعة للكونجر س، بعقد مجموعة من حلقات النقاش الداخلية، تحت عنوان: «التهديد العالمي لجماعة الإخوان المسلمين». إذ تم تحليل بدايات نشأة الجماعة، والملابسات السياسية التي رافقت ظهورها، وكذا الأدوار السياسية والميدانية التي اضطلعت بها، خلال العقود الثمانية الماضية، إضافة إلى ارتباطاتها التنظيمية الخارجية، بهدف تحديد جملة المخاطر التي مثلها التنظيم على المصالح الأمريكية، بصورة مباشرة، من ناحية، وتهديداته لباقي دول العامل، من ناحية أخرى.
وبحسب معهد «هادسون» الأمريكي، المعني بقضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، فإن جماعة الإخوان تعد مثابة المرجعية الأولى لباقي التنظيمات المماثلة، وذلك على اختلاف مسمياتها وطبيعة نشاطها؛ حيث ساهمت من خلال أدبيتها وأفكارها، وحجم تواجدها في العديد من الدول العربية، بظهور العديد من التنظيمات، من بينها تنظيم القاعدة، المصنف على قوائم الإرهاب، لذا طالب الباحثون في جلسات الاستماع بالكونجرس الاستجابة لتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية والتشريعية ضدها.
وقد أدانت جلسات الاستماع بالكونجرس، دور إدارة أوباما في الانفتاح على جماعة الإخوان، وذلك على ضوء النتائج التي جرت في مصر، في الفترة بين عامي 2011 و 2013؛ إذ تعددت اللقاءات بالمسؤولين الأمريكيين وأعضاء جماعة الإخوان، خلال تلك الفترة، وحضر قيادات الجماعة للبيت الأبيض، في (أبريل) العام 2012 ، لمقابلة عدد من المسؤولين، ومناقشة الأوضاع السياسية والإقليمية، وقد كان مهندس تلك اللقاءات، الدبلوماسي الأمريكي وليامبنز، والذي تولى منصب نائب وزير الخارجية الأمريكي، بعد أن غادر القاهرة في (أغسطس) العام 2013، عقب سقوط الجماعة من الحكم، وفشل جهود الوساطة لحل الأزمة السياسية، والذي كان أحد المشاركين فيها.
وهناك تقارير عدة تؤكد دعم التنظيم الدولي للإخوان لبايدن، وذلك حتى يتمكن التنظيم من النجاة من سياسات التضييق على حركات الإسلام السياسي، فالانتخابات الأمريكية تأتي، هذه المرة، في ظل تأزم جماعة الإخوان الإرهابية على المستويين الأيديولوجي والتنظيمي، ومواجهتها لاحتمالات القضاء نهائياَ على التنظيم، خاصة في ظل الانقسامات الحادة داخلياً، إضافة إلى إخفاق التنظيم الدولي في أكرث من دولة، وقد عمق نجاح الجمهوريين على حساب هيلاري كلينتون، ومجىء ترامب للسلطة، من التأثيرات السلبية على أوضاع التنظيم، وتراجع أي دعم خارجي لهم؛ حيث كانت حقبة أوباما مبثابة فترة مثالية لهم.
كما أن هناك مؤشرات وتقارير عدة تؤكد دعم التنظيم الدولي للإخوان لبايدن، وذلك حتى يتمكن التنظيم من النجاة من سياسات التضييق على حركات الإسلام السياسي، وإعادة الأمل في رفع التشريعات المعلقة في الكونجرس، والخاصة بتصنيفهم كجماعة إرهابية، وهو ما يعني بصيصاً من الأمل، مرة أخرى، للتنظيم الذي خسر مساحات نفوذه، في الداخل والخارج.
وتتصل إحدى المحطات الإشكالية والمثيرة للجدل ببن الديمقراطيين والإسلامويين في أمريكا، بتدشين تشريعات لضبط نشاطهم، ووضع قيود على أعمالهم، خاصة المرتبطة بتمويل ودعم «أنشطة مشبوهة» تتعلق بالإرهاب، مثل ما جرى في حقبة التسعينات من القرن الماضي؛ حيث عمد الرئيس الأسبق بيل كلينتون إلى وضع قانون لمكافحة الإرهاب، يضمن مراقبة الأنظمة المالية والتحويلات التي تتم من خلال الجمعيات الإسلامية، الخيرية والاجتماعية، والمرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين كما جرى محاكمة عدد من الأفراد المتورطين في قضايا عنف، وإغلاق عدد من المؤسسات التابعة للجماعة، وهو ما كان مثار دعاية مضادة بعد ذلك في إطار المنافسة الانتخابية، استخدمه المرشح وقتها عن الحزب الجمهوري، جورج دبليو بوش، مطلع الألفية الجديدة.
وقد شهدت الولايات المتحدة تغييرات عنيفة مع الحقبة السياسية الجديدة، منذ مطلع العام 2000 ، وتحولات جمة على أكثر من مستوى، إلا ّأن قضايا الإرهاب والإسلاميين والمهاجرين العرب، تعرضت بالتبعية، لنفس الدرجة، من التباين والحدة، وانتقلت المواجهة من التشريعات والقوانين إلى المكافحة الأيديولوجية، ومن ثم، انقلبت العلاقة بين الجمهوريين والإسلاميين، بصورة جذرية، حيث انتهى نموذج الرئيس الأمريكي ، دونالد ريجان، الذي تحالف مع الإسلام السياسي، بل ودعمه، في إطار مقاومة الشيوعية، وذلك في مقابل التحفظ الشديد من جانب التيار الديمقراطي الذي نبذ تلك السياسة، الأمر الذي مل يتغير إلا مع عودة الديمقراطيين للحكم، في العام 2009 ، تحت إدارة باراك أوباما، حيث اعتمدت إدارته على الإخوان، كما انفتح على الحوار معهم، وصنفهم ضمن الجماعات "السلمية والملتزمة بلا عنف.