صحف تونسية تكشف تفاصيل انقسام الإخوان بشأن استمرار "الغنوشي" رئيسا للحركة
الخميس، 05 نوفمبر 2020 11:00 م
يفصل حركة النهضة التونسية - إخوان تونس - عن عقد مؤتمرها الحادي عشر 30 يوما فقط لانتخاب رئيس جديد للحركة، وبحسب مراقبين لحركة النهضة، هذا المؤتمر أصبحت بوادر عدم انعقاده هذه السنة واضحة وشبه مؤكّدة، إذ انقسمت قيادات النهضة بين من يُريد أن يُحافظ على ألوهية راشد الغنوشي على رأس الحركة وجعله زعيمًا لا بديل عنه، وبين الذين يطالبون بمبدأ الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة مندّدين بتواصل ترأس الغنوشي للحركة في دورة ثالثة مخترقا بذلك النظام الداخلي لتنظيم الإخوان.
ووفقًا لصحف تونسية، تفاديًا لخرق القانون الداخلي للنهضة الذي ينصّ في فصله 31 على أنه "لا يحق لأي عضو أن يتولى رئاسة الحركة لأكثر من دورتين متتاليتين''، حاول أنصار راشد الغنوشي إيجاد حلّ وسط للحفاظ على مكانته داخل الحركة واقترح القيادي في الحركة الإخوانية ورئيس مجلس شوراها عبد الكريم الهاروني، رفقة رفيق عبد السلام، مبادرة تحمل عنوان ''من أجل مؤتمر توافقي يجدد مشروع النهضة ويحقق التداول القيادي'' وقاما بإرسالها لكلّ قيادات الحركة بتاريخ 16 أكتوبر الجاري. هذه المبادرة تهدف إلى تفعيل الحوار داخل قيادات الحركة للحفاظ على وحدتها ولتجنّب كلّ أشكال التجاذبات والخصومات الداخلية وتجنب الانفجار الداخلي الوشيك، كما تهدف إلى استحقاق التداول القيادي والجيلي في إطار من المرونة والتدرّج المرحلي. ودعا الهاروني وعبد السلام من خلال هذه المبادرة إلى تأجيل إجراء المؤتمر هذه السنة لمدّة سنة أو سنتين متعذّرين بالحالة الصحية التي تمرّ بها البلاد في حين أنّ الحالة الصحية الحرجة التي تمرّ بها النهضة من انشقاقات داخلها بسبب رغبة هؤلاء الحفاظ على الغنوشي في زعامة الحركة هو سبب تأخير المؤتمر.
ومن الأسباب التي تمّ ذكرها في المبادرة لتأجيل المؤتمر الحادي عشر للنهضة لسنة 2023، هي" الحاجة لإدارة حوار معمّق واستيفاء الوقت الكافي لصياغة تصوّر تجديدي للحزب مع ضبط أولوياته في المرحلة القادمة. "
الهاروني من خلال هذه المبادرة أراد إيجاد حلّ جذري وناعم للحفاظ على دور هام للغنوشي وأطلق عليه اسم ''دور الزعيم المؤسّس'' ودعا إلى الفصل بين رئاسة الحركة والترشّح للمناصب العليا في الدولة بعد انتخابات 2024. أنصار راشد الغنوشي من خلال هذه المبادرة دعوا إلى الإعلان خلال المؤتمر الحادي عشر أنّ زعيم الحزب هو المرشّح الرسمي للمناصب السيادية في الدولة وتقنين ذلك على مستوى النظام الأساسي مع الإلتزام بإسناد زعيم الحزب ومساعدته للقيام بدوره في ما تبقى من عهدته النيابية.
الهاروني وعبد السلام أبناء الغنوشي بهذه المبادرة أرادا استبدلاه عقول القياديين بالحركة وأن يُثبتا أنّ زعيم الحركة راشد الغنوشي حجر أساس في الحزب لا يمكن المساس به وحتى إن تمّ انتخاب رئيس جديد للحركة الإسلامية فإنّه لا يساوي شيئا أمام الغنوشي وزعامته. هذه المبادرة هي رسالة مضمونة الوصول للمئة قيادي الذي وقع على عريضة ضدّ ترشّح الغنوشي لدورة ثالثة، في حين أنّ الهاروني يدّعي أنّها ليست كذلك وأنّها لاقت ترحاب من قبل العديد من القيادات داخل الحركة. وفي تصريح إعلامي له كشف الهاروني عن مدى ولائه للغنوشي قائلا ''رئيس الحركة الأستاذ راشد الغنوشي هو شخصية كبيرة في النهضة وشخصية وطنية كبيرة في تونس وإقليميا ودوليا وهذا زعيم كبير لحزب كبير ولا يمكن التعامل معه بمجرّد تطبيق قانون حرفي أي بانتهاء مهمّته نقول له أن يذهب ليرتاح ويكتب مذكّراته''.
عبد الكريم الهاروني لم يُبالي رفقة رفيق عبد السلام باستراتيجية الغنوشي الأنانية في إدارة شؤون الحزب منذ توليه رئاسة الحركة لمدّة دورتين، ونسي أنّ زعيمه ساهم في تفجّر بنيان ووحدة أوصال الحركة الإخوانية الذي ما انفكّت تدعي اللحمة والوحدة، وكان تفكّك قواعد النهضة تجسّد في تمرّد العديد من القيادات على سياسة الغنوشي وتقديمهم لإستقالتهم من النهضة على غرار كلّ من أمين عام الحركة زياد العذاري وزبير الشهودي و لطفي زيتون وكانت أقوى استقالة غير متوقّعة هي استقالة القيادي وعضو مجلس شورى حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي في مارس الفارط بعد 40 سنة تجربة في الحركة الإرهابية النهضة. وكان الجلاصي بعد استقالته كشف أنّ قيادات النهضة تعاملوا مع الدولة بمنطقة الغنيمة بطريقة سيئة ورديئة، واعتبر أنّ محاولات الإبقاء على الغنوشي في رئاسة الحركة هو تكرار لخطأ الحزب الدستوري وبورقيبة والنداء والباجي قائد السبسي. كما أكّد أنّ المؤتمر الحادي عشر هو المؤتمر الانتقالي ولو كان الغنوشي ينوي تمرير السلطة لبدأ في تفويضها تدريجيا لكنه لا ينوي المغادرة وسيبحثون عن آليات قانونية لتجديد عهدته.
في شهر سبتمبر الماضى، تفاجأ الغنوشي بإمضاء 100 قيادي من الحركة على وثيقة بعنوان " مستقبل النهضة بين مخاطر التمديد وفرص التداول"، طالبوا من خلالها بعدم التمديد لراشد الغنوشي لولاية ثالثة واستنكر الموقعون على هذه الوثيقة عدم احترام الغنوشي للقانون الداخلي للنهضة الذي ينصّ في فصله 31 على أنه "لا يحق لأي عضو أن يتولى رئاسة الحركة لأكثر من دورتين متتاليتين". هذه الوثيقة كشفت أنّ أبناء النهضة نفسهم لا يثقون بالغنوشي او على الأقل 100 منهم ممن يعتبرون أنه أضر بالحركة في السنة الأخيرة وخلق حولها وهما بأنها تقدّس الزعامات وتشرع للرئاسة مدى الحياة خاصة أن الارهابي الغنوشي بقي رئيسا للحركة لأكثر من أربعون سنة، كما تؤكّد هذه الوثيقة أن ترشح راشد الغنوشي في المؤتمر القادم أو التمديد له هو ترجمة للاستبداد والديكتاتورية التي تدعي الحركة أنها قاومتها سابقا إبان حكم الرئيس المنقلب عليه زين العابدين بن علي رحمه الله . قياديو الحركة الإخوانية بتونس الموقعون على العريضة يشددون على أنه يوجد تناقض بين ماضي الحركة التي ناضلت ضد الاستبداد وبين حاضرها الذي يمهد للرئيس الأوحد، كما يصرون على أن ترشح الغنوشي أو التمديد له لن يجلب سوى التنازع وإفقاد الثقة وإضعاف الهياكل ويشجع على استهداف المنظومة الحزبية ونسف ما تبقى من ثقة المواطنين في الأحزاب وكان من أبرز الموقعين على هذه العريضة سمير ديلو ونورالدين العرباوي وآمال عزوز وفتحي العيّادي وعماد الحمامي ومنية إبراهيم ومحمد النوري وجميلة الكسيكسي وعبد اللطيف المكّي ومحمد بن سالم وأسامة الصغير
بدوره قال منذر قفراش رئيس جبهة إنقاذ تونس: "المراقب لما يدور من مؤامرات و دسائس داخل الحركة الإخوانية النهضة يتأكد أنها تسير نحو طريقها المحتوم وهو الانفجار الداخلي الذي سيعجل بنهايتها خاصة في ظل تنامي الفقر والبطالة بتونس عبر الحكم الكارثي للنهضة التي حكمت تونس لعشرة سنوات وأدت لشبه إفلاس للدولة بسبب سرقات الحركة وجماعتها واعتبارهم تونس غنيمة يجوز نهبها وفي ظل أيضًا وجود رئيس مدعوم شعبيا يسعى لإنهاء هيمنة الإخوان على الحكم عبر تحويل النظام من برلماني الى رئاسي وسط دعم شعبي كبير ما فتح حربا باردة بينه وبين النهضة الإرهابية ستنتهي بفناء الإخوان من تونس قريبا ".
وأضاف: "أضف إلى ذلك استقالة لطفي زيتون من مجلس شورى النهضة أمس و هو من أقرب الأشخاص للغنوشي وصرح بأنه يرى أت تونس خسرت الكثير بسبب النهضة لذلك استقال".