دخل قرار الولايات المتحدة الامريكية بالانسحاب من قمة باريس للمناخ حيز التنفيذ مما أثار استياء الأمم المتحدة وعدد من الدول الأعضاء في الاتفاقية الدولية وتضم الاتفاقية 192 دولة، وجاء ذلك تزامنا مع المنافسة القوية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الممتدة منذ يومين بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشح الديمقراطي جو بايدن، من جانبها أصدرت أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وكل من دول شيلي وإيطاليا والمملكة المتحدة وفرنسا، بيانا أعربت فيه عن أسفها لانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية رسميا من اتفاق باريس للمناخ، وفقا للمتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك.
وقال دوجاريك: "ما من مسؤولية أكبر من حماية الكوكب والناس من تهديد تغير المناخ، وجدد التأكيد على أن اتفاق باريس يوفر الإطار الصحيح بشأن تقليل آثار الاحتباس الحراري" مشير إلى ما ذكره الأمين العام من قبل عن وجود تحالف متزايد من الدول الملتزمة بتحقيق حياد الكربون بحلول منتصف القرن، وهو الهدف الرئيسي لاتفاق باريس مؤكدا على دعم الأمم المتحدة وإيمانها بالحاجة إلى قوة وفعالية اتفاق باريس لم يتغير.
وفور الإعلان عن انسحاب الولايات المتحدة الامريكية رسميا من اتفاقية باريس أمس الموافق 4 نوفمبر أعلن المرشّح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية جو بايدن، أن الولايات المتحدة ستنضمّ مجدداً "منذ اليوم الأول لولايته"، إلى اتفاق باريس المناخي الذي انسحبت منه رسمياً .
وقال بايدن في تغريده على حسابه في "تويتر": "اليوم، غادرت إدارة ترامب رسمياً اتفاق باريس المناخي. في غضون 77 يوماً بالضبط ستنضم إليه إدارة بايدن"، في إشارة إلى 20 يناير 2021 تاريخ بدء الولاية الرئاسية المقبلة.
وفي يونيو 2017 أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية انسحابها من اتفاقية باريس، وفي 4 نوفمبر 2019، أرسل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة للاتفاق بخصوص الانسحاب
ووفقا للفقرة 1 من المادة 28 من اتفاق باريس، يجوز للولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب من الاتفاقية اعتبارا من 4 نوفمبر 2019 من خلال إشعار خطي موجه إلى الأمين العام على ان يدخل حيز التنفيذ في 4 نوفمبر 2020.
واتفاق باريس، الذي تم اعتماده في 12 ديسمبر 2015 في العاصمة الفرنسية من قبل جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، يتطلب من الدول الموقعة أن تبقي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أقل بكثير من درجتين مئويتين وفقا لمستويات ما قبل زمن الصناعة.
وأوضحت إدارة الرئيس ترامب أسباب الانسحاب من اتفاقية باريس بسبب العبء الاقتصادي على العمال الأمريكيين والشركات ودافعي الضرائب بسبب التزامات الولايات المتحدة بموجب الاتفاق.
شروط اتفاق باريس للمناخ
وتعمل اتفاقية باريس للتغير المناخي بشكل أساسي على مواجهة مشكلة انبعاثات الغازات الدفيئة، وكيفية إيجاد الحلول للتكيف معها، والتخفيف من حدة ضررها على البيئة، والنظر بجدية للآثار الواضحة للتغيرات المناخية، والحد من ارتفاع الحرارة إلي أقل من درجتين مئويتين؛ حيث إن متوسط درجات الحرارة العالمية ارتفع بمقدار 0.85 درجه مئوية في الفترة 1880-2012.
وتعد هذه الاتفاقية أول اتفاق عالمي بشأن المناخ، وتم بعد العديد من المفاوضات التي عقدت في مؤتمر الأمم المتحدة الـ 21 للتغير المناخي.
ومن أهم البنود التي نص عليها هذا الاتفاق هي وقف ارتفاع حرارة الأرض والاحتفاظ بها أقل بدرجتين مئويتين قياساً على عصر ما قبل الثورة الصناعية وتكثيف الجهود لتقليلها إلى 1.5 درجة مئوية.
كما جاء في الاتفاق أيضاً بند ينص على تقليص شدة انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري وذلك بالحد من استهلاك الطاقة والاستثمار في الطاقات البديلة وإعادة تشجير الغابات.
ويتعهد المجتمع الدولي خلال الاتفاقية بحصر ارتفاع درجة حرارة الأرض وإبقائها "دون درجتين مئويتين"، قياساً على عصر ما قبل الثورة الصناعية، وبـ "متابعة الجهود لوقف ارتفاع الحرارة عند 1,5 درجة مئوية" مما يفرض تقليصاً شديداً لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري باتخاذ إجراءات للحد من استهلاك الطاقة والاستثمار في الطاقات البديلة وإعادة تشجير الغابات.
كما ينص الاتفاق على مراجعة تتم كل خمس سنوات لمساهمات الدول المشاركة والتي تعد اختيارية، فيما ستجرى أول مراجعة إجبارية للمساهمات في تقليل انبعاث الغازات في 2025 والتي يتعين أن تشهد إحراز تقدم.
ويلزم الاتفاق الدول الغنية بتقديم 100 مليار دولار سنوياً بدءاً من عام 2020 للدول النامية والفقيرة وذلك لمساعدتها على تمويل اختيار الطاقات البديلة والطاقة المتجدد.
كما طالبت الدول النامية في نص الاتفاق باعتبار مبلغ 100 مليار دولار سنوياً ليس سوى "حد أدنى"، وسيتم اقتراح هدف جديد في 2025، فيما رفضت الدول المتقدمة أن تدفع وحدها المساعدة، وطالبت دولاً مثل الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة والدول النفطية الغنية أن تساهم.