حالة من الترقب تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية بعد تأخر إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية التي ينتافس فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمرشح الديمقراطي جو بايدن، وسط شكاوى من نظام التصويت بالبريد، والذي حال دون إعلان النتائج في ليلة التصويت كما هو معتاد.
وانتزع المرشح الديمقراطي جو بايدن 248 صواتاً من أصوات المجمع الانتخابي، مقابل 214 صوتاً لصالح الرئيس ترامب، فيما يستمر فرز الأصوات في 7 ولايات، هي بنسلفانيا، وكارولينا الشمالية وجورجيا وميتشجان ويسكونسن ونيفادا، وآلاسكا، وهي الولايات التي ستحسم كفة أحد المرشحين وتقوده لكسر حاجز الـ270 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي، واللازمة لتحقيق الفوز.
ووسط مخاوف متزايدة من حالة الاستقطاب، خاصة بعد خروج تظاهرات مساء أمس بمحيط البيت الأبيض توالت الشكاوي من نظام التصويت بالبريد، والذي عارضه الرئيس الأمريكي بشدة قبل الانتخابات، حيث أعلنت دائرة البريد الأمريكية، بحسب ما نشرته شبكة سي إن إن عن وجود "مشكلات" بسبب قيود كورونا التي أسفرت عن تقليص عدد العمالة التي تتولي عمليات نقل صناديق الاقتراع.
وفى سلسلة تغريدات مساء اليوم الأربعاء، شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجوماً حاداً على الديمقراطيين، قائلاً إنهم يعملون لتعويض تفوقنا بفارق 500 ألف صوت في ولاية بنسلفانيا وجعل هذا التفوق يختفي في أسرع وقت ممكن، وكذلك الحال في ميشيجان وغيرها.
وأضاف ترامب: إنهم يجدون أصوات بايدن في كل مكان.. في بنسلفانيا وويسكونسن وميتشيجان، هذا سىء جدا لبلدنا".
هجوم ترامب، جاء بعد ساعات من مطالبته صباح الأربعاء بوقف فرز أصوات البريد، واللجوء إلى المحكمة العليا للبت في نتيجة الانتخابات، حيث قال في كلمة بالبيت الأبيض: "من الواضح أن هناك عملية احتيال على الشعب الأمريكي"، معلنا نيته التوجه إلى المحكمة العليا لوقف احتساب الأصوات المتأخرة.
وعلقت صحيفة جارديان في تقرير لها علي نوايا ترامب اللجوء للمحكمة العليا، قائلة إنها الهيئة القضائية الأعلى في الولايات المتحدة، وغالبا ما ترتبط بالطعون فى قضايا بحثتها محكمة أدنى حول نقاط من القانون الفيدرالي والدستور، موضحة أن التحديات القانونية فى الولايات أمرا جديدا، وعادة لا يكون لها تأثير كبير باستثناء ما حدث فى عام 200 عندما أدت الطعون القانونية ضد إجراءات معيبة فى التصويت إلى منح الفوز لصالح جورج بوش.
وبحسب تقرير الجارديان، فمن خلال أكثر من 40 قضية أقامها الجمهوريون قبل الانتخابات، فإن استراتيجية ترامب تقوم على الفرضية أن أي إجراء لجعل التصويت أسهل وأكثر أمنا فى ظل الوباء أمر غير دستورى ويفتح الباب للتزوير، وهو ما يهدف على نقله للمحكمة العليا.
أما الحجة الثانية التي تم طرحها عدة مرات أن الكثير من الإجراءات لضمان سهولة التصويت تمت من قبل مسئولي الولايات مثل الحكام وليس من خلال مجالسها التشريعية، مما يفتح طريقا امام الطعن عليها دستوريا بحسب ما يقول المحافظين.
ويظل السيناريو الأكثر شيوعا، بحسب جارديان هو أن يطعن المحامون على الطريقة التي جرت بها الانتخابات محليا، والسعى لعدم عد الأصوات. وفى ولاية بنسلفانيا الرئيسة، كثف المحافظون تحريك الدعاوي القضائية لضمان ألا تم حساب الأصوات البريدية المتـأخرة، لكن بنسلفانيا تتطلب دليل قوى للطعن فى الانتخابات بما فى ذلك مخالفات مكتوبة بالتفاصيل.
وأرجأت المحكمة العليا غالبية الدعاوي التي تم تحريكها قبل انطلاق التصويت، إلا أنها أيدت طعناً قدمه الجمهوريين يقول أنه لا يمكن احتساب الأصوات المتأخرة بالبريد فى ويسكونسن.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه حملة المرشح الديمقراطي جو بايدن اقترابها من حسم المعركة لصالحها، في انتخابات سجلت مشاركة هي الأكبر خلال القرن الماضي، وتمسك ترامب بوجود تلاعب في أصوات البريد، تزايدت حدة التوتر في الشارع الأمريكي، بشكل لافت، وسط استعدادات أمنية للتعامل مع أي أعمال عنف أو شغب.
ومنذ صباح الثلاثاء، تم تنشيط أكثر من 3600 من أفراد الحرس الوطنى فى جميع أنحاء الولايات المتحدة، بحسب تقرير نشرته صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، مشيرة إلى أن هناك 16 ولاية على الأقل لديها قوات حراسة جاهزة لمجموعة من المهام، من دعم الأمن السيبراني إلى المساعدة في مواقع الاقتراع بدون الزى العسكرى. كما أنهم على أهبة الاستعداد فى حالة حدوث احتجاجات ليلة الانتخابات أو في وقت لاحق هذا الأسبوع.
وفي الساعات الأولي من صباح الأربعاء، وقعت اشتباكات أمام البيت الأبيض الذي تمت إحاطته بسور أمني بالكامل، بين مؤيدى ترامب وحركة "حياة السود مهمة" التى تهدد بمواصلة المظاهرات حال فوز ترامب بولاية جديدة، الأمر الذى دفع رجال الشرطة لإلقاء القبض على المشاركين فيها.
وسار المئات من المتظاهرين في وسط واشنطن، وهم يهتفون: "شوارع من؟ شوارعنا!" و "إذا لم نحصل على العدالة ، فلن يحصلوا على سلام"، كما اندلعت احتجاجات مناهضة لترامب في سياتل وبورتلاند وأوريغون ونيويورك، ما دفع قوات الأمن للتصدي لمحاولات إثارة الشغب.
ويحمل المرشحان ترامب وبايدن رؤي مختلفة في العديد من الملفات وبمقدمتها أزمة كورونا، وإدارة الاقتصاد، وملف المهاجرين وأمن الحدود وغيرها، وهو ما خلق حالة من التباين في استطلاعات الرأي التي تتوقع نتيجة الانتخابات الامريكية 2020 .
ويتم اختيار رئيس الولايات المتحدة بنظام المجمع الانتخابي، والبالغ عدد أصواته 538 ، ولكي يصبح المرشح فائزا، عليه أن ينتزع 270 صوتاً أو أكثر من أصوات المجمع الانتخابى، أما عن آلية احتساب الأصوات فتتم بقاعدة الفائز يحصد الكل، بمعنى أنه لو فاز أى مرشح بأكبر نسبة من الأصوات فى ولاية ما، فإنه يحصل على كل أصوات المجمع الانتخابى لها، وهو ما يفسر لماذا يمكن أن يصبح مرشحا فائز بنتيجة الانتخابات رغم حصوله على عدد أصل من الأصوات الشعبية.