مصر الملهمة.. المجتمع الدولي يطالب بتعميم التجربة المصرية في التصدي لفيروس C
السبت، 31 أكتوبر 2020 09:00 مأحمد سامي
الصحة العالمية: مصر اختبرت 60 مليون فرد وتجربتها فريدة واهتمام الرئيس ساعد في إنجاز المهمة في أقصر فترة زمنية
صحيفة أمريكية: نجاح تجربة فى القضاء على فيروس سى والموقع الجغرافى يعزز فرص استضافة القاهرة لمصنعى الدواء من الغرب وروسيا والصين
صحيفة أمريكية: نجاح تجربة فى القضاء على فيروس سى والموقع الجغرافى يعزز فرص استضافة القاهرة لمصنعى الدواء من الغرب وروسيا والصين
تعد التجربة المصرية الناجحة في علاج فيروس سي، دليل على قوة الإرادة وإصرار القيادة السياسية على أن تكون مصر خالية من الفيروس، مما جعل العديد من الدول تعمل على الاستفادة من تجربة مصر في علاج فيروس الالتهاب الكبد الوبائي، وخير دليل علي ذلك هو إعلان إيطاليا رغبتها في الاستفادة من تجربة مصر في القضاء على الفيروس وتطبيقها في روما.
في 30 ديسمبر من العام 2018، انطلقت صافرة القضاء على فيرس سي من خلال مبادرة "100 مليون صحة"، التي عكست اهتمام الدولة بقطاع الصحة، لإعلان مصر خالية من الفيروس وهو ما تم إنجازه خلال العام الجاري، بعد أن أعلنت الحكومة المصرية قضائها على فيرس سي نهائيًا، في تجريه صحية ناجحة، يُشار إليها من دول العالم، فربما تكون هي أول دولة في العالم تنتصر على الفيروس اللعين.
ولسنوات عديدة، سجلت مصر أعلى معدل لانتشار الالتهاب الكبدي الوبائي "C" في العالم، فوفقًا لدراسة أجريت عام 2010، فإن ما يقدر بأكثر من نصف مليون شخص يصابون بالفيروس للمرة الأولى كل عام، بينما أشارت تقديرات وزارة الصحة والسكان إلى أن عدد حالات الإصابة بالفيروس سنويًا تبلغ 100 ألف شخص، حيث كانت تعادل نسبة الإصابة الالتهاب الكبدي الوبائي C عشرة أضعاف مثيلاتها في أوروبا وأمريكا.
الدكتور جمال عصمت، أستاذ الكبد، وعضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات، قال إن مصر أصبحت أول دولة على مستوى العالم تصل للهدف الذي وضعته منظمة الصحة العالمية للقضاء على الفيروسات الكبدية بحلول 2030، وقبل المدة المحددة بـ10 سنوات، لافتاً إلى أن برنامج 100 مليون صحة الذي نُفذ منذ 2018 نجح في علاج مليون ونصف المليون مصاب بجانب مليونين آخرين، اكتشفت إصابتهم قبل بداية تطبيق هذا البرنامج، مضيفا أنه خلال 7 أشهر فقط في فحص 60 مليون مواطن ضد فيروس سي وتحويل من يملكون أجساما مضادة لمراكز العلاج المنتشرة في البلاد، حيث جرى متابعتهم بالتحاليل والعلاج المجاني حتى التأكد من الشفاء التام.
وأوضح عصمت أن مصر نفذت أكبر نظام علاجي على مستوى العالم لمرض فيروس سي، فلا توجد دولة أخرى نجحت في إجراء فحص لـ60 مليون مواطن لاكتشاف المصابين، والدولة التي تلينا هي نيجيريا، إذ أجرت فحصا لـ30 مليونا لكن عدد سكانها أكثر من ضعف مصر لذا تعد هذه النسبة منخفضة، كما أن فحوصاتها ركزت على فيروس سي فقط لكن مصر بجانبه فحصت ضغط الدم والسكر والسمنة، فأصبح هناك قاعدة بيانات صحية تفيدها في وضع التصور الصحي المستقبلي.
وأشار عصمت إلى أنه منذ العام الماضي لمساعدة تقوم مصر علي مساعدة 18 دولة أفريقية لتخطي مشاكل فيروس سي، وزار أطباء مصريون دول جنوب السودان والصومال وتشاد وأوغندا، لنقل خبراتهم للفرق الطبية بشأن تقييم الحالات ووصف الدواء المناسب، لكن انتشار "كوفيد-19" أوقف برامج التعاون مؤقتا، ومن المتوقع أن يستأنف بمجرد تخطي أزمة كورونا.
من جانبه أكد الدكتور محمد عز العرب، استشاري الكبد، ومؤسس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد، إن التجربة المصرية لعلاج فيروس سي مُلهمة للعالم، ونموذج يحتذى به حاليًا في الدول النامية، موضحًا أن البداية الفعلية لمواجهة فيروس سي كانت في 2006 بإنشاء اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، حيث كان العلاج المتاح هو عقار الأنترفيرون، غير أن 12 فئة لم تستفيد من هذا العلاج، حيث كان له آثار جانبية شديدة، ونسبة الشفاء تراوحت بين 40 و50%، لافتاً إلى أنه مع بداية ظهور العقاقير الحديثة، ابتداءً من السوفالدي الذي اعتُمد من هيئة الدواء الأمريكية في 6 ديسمبر 2013، كان أول مريض مصري يستخدم العلاج في 16 أكتوبر 2014، أي أنه خلال 10 شهور تم وضع لوجستيات واتفاقيات بين وزارة الصحة والشركة المنتجة لتوريد العقار وهو إنجاز كبير، منوهًا بأنه تم إنتاج المثيل المصري للسوفالدي لاحقًا واعتماده دوليًا، وهو ما ساهم في حصول نحو 4 مليون مريض مصري على العلاج من الفيروس الكبدي.
وأضاف عز العرب، أن ثمن علاج مريض أجنبي من فيروس سي بالسوفالدي يُقابله علاج 10 أشخاص مصريين بنفس السعر، ولا يقل المثيل المصري كفاءة عن مثيله الأجنبي، كما وجد السوفالدي المصري سوقًا خارجيًا له في الأسواق العربية والأفريقية، وكُلها أمور تدعو للفخر، في الوقت الذي اتخذت الحكومة على عاتقها علاج مرضى فيروس سي المصريين على نفقة الدولة، إضافة إلى أنه مُنذ يوليو 2016 ولا يوجد قائمة انتظار أمام المصابين بالفيروس للعلاج.
وأشار إلى أن حملة 100 مليون صحة استطاعت مسح نحو 52 مليون مصريًا لاكتشاف فيروس سي والأمراض غير السارية، وهي خطوة عالمية، لكن تظل الوقاية من الفيروسات الكبدية B وC هي الخطوة الأهم في المرحلة القادمة من خلال تطبيق بعض الإجراءات الوقائية؛ كالتخلص الآمن من النفايات الطبية، ورفع وعي المواطنين بالمرض وخطورته، والإشراف الكامل على المستشفيات الأماكن التي قد تُساعد في انتقاله، مثل مراكز وعيادات بير السلم وأماكن الحلاقة.
ونشرت مجلة" The new england journal of medicine"، بحثًا عن برنامج القضاء على فيروس سى فى مصر مؤخرًا، والذى قامت به مجموعة من العلماء من المصريين، والجهود التي بذلتها مصر للقضاء على فيروس سي، تحت عنوان "برنامج الفحص والعلاج للقضاء على التهاب الكبد الوبائي سي في مصر لمعرفة كيف استطاعت مصر أن تعالج 4 ملايين مريض فى فترة قصيرة، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن مصر كانت لديها أعلى معدل انتشار لعدوى فيروس سى في العالم، إلا أنها استطاعت أن تكون مثلا يحتذى به للعالم كله فى القضاء على فيروس سى، والتى أشادت بها منظمة الصحة العالمية، بجميع المحافل الدولية، وتصدرت عناوين الصحف العالمية، وأهمها مجلة لانسيت التى جعلت غلاف المجلة عن علاج مرضى فيروس سى المصريين، ووضع صور الفراعنة أثناء اعطائهم العلاج للمرضى.
وأشادت منظمة الصحة العالمية بدور مصر في القضاء على فيروس سى، موضحا أن مصر اختبرت أكثر من 60 مليون شخص للالتهاب الكبدي C، وربطت أولئك الذين ثبتت إصابتهم بالعلاج مجانًا
وأشارت المنظمة، إلى أن مصر نجحت خلال جائحة فيروس كورونا كوفيد19، في الاستمرار في تقديم الفحص والعلاج لمن يحتاجه من مرضى فيروس سى وبى ، فمصر لها تاريخ في محاربة التهاب الكبد الفيروسي وما تلاها من أنشطة، ففي عام 2006 تم إنشاء اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، و في عام 2014تم إدخال العقاقير الجديدة لعلاج التهاب الكبد الفيروسي سي، وفى عام2018-2019 قامت بإجراء أكبر مسح لفيروس سى، والأمراض غير السارية عرفه العالم، بالإضافة إلى ميكنة قواعد بيانات المرضى، وإجراء أكبر حملة للقضاء على فيروس سى من خلال المبادرة الرئاسية " 100مليون صحة".
وتزامنت هذه الاشادات الدولية بالتعامل المصرى مع ملف فيروس c، مع تقرير أخر نشرته الأسبوع الماضى صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، التي أكدت خلاله إن مصر باتت قريبة من أن تكون بوابة لاستثمارات أجنبية ضخمة عبر تصنيع لقاحات كورونا من مختلف الشركات متعددة الجنسيات، لما تتمتع به من موقع استراتيجي، وتعداد سكاني مرتفع، بخلاف نجاحها في تجربة علاج فيروس سي.
وقال تقرير الصحيفة الأمريكية إن مصر تبرز كسوق مهمة للقوى العالمية التي تسعى إلى تصدير لقاح لفيروس كورونا إلى العالم النامي، مشيرة إلى أن تعداد سكانها الذي يفوق 100 مليون نسمة وقدرتها على تصنيع اللقاحات وموقعها الاستراتيجي يجعلها منصة جذابة لصانعي اللقاحات الروسية والصينية والغربية، موضحة أن القوى العالمية وكبار الكيانات المصنعة للأدوية، تسعى لتصدير لقاح فيروس كورونا للعالم النامي، من خلال مصر باعتبارها منصة إطلاق "حاسمة" لها.
وقال مسؤولون صينيون للصحيفة الأمريكية، إنهم يريدون أن تصبح مصر مركزا لتصنيع اللقاحات للسوق الإفريقية، حيث أطلقت شركة أدوية تديرها الدولة الصينية شراكة مع القاهرة لإجراء تجارب بشرية.
وفي غضون ذلك، وافقت شركة مصرية على استيراد عشرات الملايين من جرعات اللقاح في صفقة مع صندوق الثروة السيادية الروسي، كما تجري مصر محادثات لاستيراد ملايين الجرعات من اللقاح الذي يطوره باحثون في جامعة أكسفورد بالشراكة مع شركة أسترا زينيكا.
وقال مدير معهد اللقاحات الدولي في سيول، الدكتور جيروم كيم: "هناك نوع من الجغرافيا السياسية للقاحات.. إنهم يفعلون بالضبط ما تفعله البلدان ذات الدخل المرتفع، لكن ليس لديهم المال للقيام بذلك، لذا فهم يتفاوضون".
كما أشارت وول ستريت جورنال إلى إجراء مصر، في الآونة الأخيرة، حملة "ناجحة إلى حد كبير للقضاء على وباء التهاب الكبد الوبائي من خلال الاختبار والعلاج"، وأجرى فريق من منظمة الصحة العالمية مؤخرا تقييما لمصنع اللقاحات الرئيسي المصري، في إحدى ضواحي القاهرة، وخلص إلى أن المصنع لن يحتاج إلا إلى تعديلات طفيفة لإنتاج لقاحات فيروس كورونا، وفقا لممثلة منظمة الصحة العالمية في مصر، نعيمة الجاسر.