إدموند غريب الأكاديمي الأمريكي والخبير بشؤون الشرق الأوسط لـ«صوت الأمة»: الانتخابات الرئاسية "مقلقة ومثيرة" ونتيجتها معلقة حتى اللحظات الأخيرة

السبت، 31 أكتوبر 2020 09:00 م
إدموند غريب الأكاديمي الأمريكي والخبير بشؤون الشرق الأوسط لـ«صوت الأمة»: الانتخابات الرئاسية "مقلقة ومثيرة" ونتيجتها معلقة حتى اللحظات الأخيرة
إدموند غريب الأكاديمي الأمريكي
أجرى الحوار – طلال رسلان

الشارع الأمريكي منشغل بالأوضاع الاقتصادية وانتشار كورونا أكثر من القضايا الخارجية
 
أكد الدكتور إدموند غريب الأكاديمي الأمريكي والخبير بالشؤون الدولية ودراسات الشرق الأوسط، ان الانتخابات الرئاسية الحالية هي الأغرب وفى نفس الوقت الاشرس، خاصة في ظل تركيز الأمريكيين على الشئون الداخلية، وأيضاً بعد تزايد وتيرة الاتهامات بين المرشحين "ترامب وبايدن".
 
وأشار غريب في حواره مع "صوت الأمة" إلى تراجع تركيز المرشحان الجمهورى والأمريكى على الملفات الخارجية، بسبب فيروس كورونا، والذى جعل محور الحديث الانتخابى "داخلى"، مع التركيز فقط على قضية الإرهاب، حتى حينما تحدثا "خارجيا" تم ربطها بالداخل، وهو ما ظهر من الاتهام الذى وجهه ترامب لنجل بايدن بأنه حصل على 3.5 مليون دولار من موسكو.. وإلى الحوار.
 
في البداية هل ترى أن المشهد الحالي للانتخابات في الولايات المتحدة الأمريكية مغاير عن المشاهد السابقة، وما هي أوجه الاختلاف إن وجدت؟
دون شك أن هذه الانتخابات هي مختلفة تقريبا عن معظم إن لم يكن كل الانتخابات التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال العقود الأخيرة، وقد تكون واحدة من أكثر الانتخابات التي يمكن وصفها بغير العادية. 
 
في البداية فإن الانتخابات هذه المرة تجرى في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة وباء قاتل وأصيب به عدد كبير من المواطنين بل والسياسيين أيضا وصولا إلى دونالد ترامب نفسه، وهو وباء كورونا، وهناك عدد كبير من الوفيات مع مخاوف من موجة ثالثة، وتابعنا عدد كبير من المسؤولين في الحزبين قد أصيبوا بهذا الوباء، ثم هناك تعيين مؤخرا وهو مثير للجدل حول قاضية في المحكمة العليا التي تحولت جلسات الاستماع على كفاءتها إلى مجرد صراع ديمقراطي جمهوري ولم يتم التركيز كثيرا على كفاءتها وخلفياتها.
 
كل هذه الأمور تؤشر على إن الانتخابات الأمريكية وإلى حد ما هذه المرة مقلقة ومثيرة للكثيرين في الشارع الأمريكي، كما أن نتيجتها ستظل معلقة حتى اللحظات الأخيرة.

انطلاقا من حديثك عن اهتمام الشارع الأمريكي.. كيف ينظر المواطن الأمريكي إلى هذه النسخة من الانتخابات الأمريكية وما هي القضايا التي يريد أن يرها كحديث أساسي في المناظرات؟
في الواقع الناخب الأمريكي يهتم بصورة أساسية بالوضع الاقتصادي وبموضوع الوباء وكيفية تعامل الإدارة معه، ومهتم أكثر وأكثر بموضوع الرعاية الصحية، وهناك بعض الولايات المهتمة بأسعار الطاقة الحجرية، والتي عبر المرشح بايدن عن معارضته لها ورغبته في التحول باتجاه الطاقة النظيفة بدلا من النفط والغاز، لكن هذه النقطة بدأت تثير ردة فعل في ولايات متأرجحة مثل بنسلفينيا وأوكلاهما  وتكساس وغيرها، وبعض من هذه الولايات مهمة لأن نتائجها ستكون مهمة في الأصوات الكلية بالمجمع الانتخابي، وبالتالي بدأنا نرى تراجعا من جانب بايدن الذي ركز على هذه النقطة في البداية، لكنه ربما بدأ في الشعور مؤخراً أنه ارتكب خطأ.
 
وهناك بالطبع عدد من القضايا الأخرى مثل رفع الضرائب التي استخدمها ترامب، بينما استخدم بايدن موضوع الوباء لاستقطاب الأمريكيين حيث وجه انتقادات لاذعة لترامب.

بالحديث عن الداخل الأمريكي.. كيف ترى نتيجة تأثير المناظرة الأخيرة مثلا بين ترامب وبايدن على الشارع وأهم القضايا التي كانت مكسبا للمرشحين؟ 
فيما يتعلق بالمناظرة الأخيرة، فكان ترامب أهدأ هذه المرة، مقابل المقاطعات المتكررة من جانبه التي ألحقت الأذى به في المناظرة الأولى، والتي كان فيها تدخلات ومقاطعات وربما كان الهدف منها أن هجوم ترامب يدفع بايدن إلى الوقوع في الخطأ أو الهفوات، لكن ما حدث كان العكس، أن ترامب هو الذي وقع في الأخطاء وأن الردود على مقاطعاته كانت سلبية، أما في المناظرة الثانية كان أداء ترامب أكثر فاعلية وهدوء، الأمر الذي جعل بايدن يقع في بعض الهفوات والأخطاء، وأيضا ركز ترامب على بعض النقاط المهمة هذه المرة، مثلا دور ابن بايدن وعلاقته مع شركة بوريسما في أوكرانيا واستلامه مبالغ عالية ليكون في مجلس إدارة الشركة، خاصة وأنه ليس لديه خلفية كبيرة في مجال عمل الشركة وهو الطاقة، وبالتالي فإن التهمة هنا ستكون أنه حصل على هذه الوظيفة فقط لأن والده كان نائب الرئيس الأمريكى، كما أن الدور الذي لعبه والده في الضغط على الحكومة الأوكرانية لطرد المدعي العام الذي كان يحقق في أعمال هذه الشركة، ونجاحه في ذلك، لذلك اتهمه الرئيس ترامب وأسرته بأنهم مؤسسة إجرامية إلى حد ما وقال إنه تجب المحاسبة، والسؤال هنا إلى أي مدى هذه النقاط ستكون فعالة في التأثير على نتيجة الانتخابات الأمريكية خاصة أن الإعلام لم يسلط عليها الضوء كثيرا، وكانت هناك اتهامات بأن هذه مجرد دعاية روسية من قبل الدمقراطيين.
 
في خضم هذا الخلاف المتصاعد بين الجمهوريين والدمقراطيين وصراع الانتخابات الأمريكية.. هل تم استخدام المؤسسات الأمريكية بشكل أو بآخر؟
هنا نأخذ بعين الاعتبار اعتماد الولايات المتحدة على المؤسسات التي لعبت دورا في الصراع بين ترامب وخصومه، عندما اتهم الديمقراطيين أنهم استخدموا الأجهزة الأمنية والاستخباراتية ووزارة العدل في محاربته، حتى إن بعض أنصاره قالوا إن هناك محاولة انقلابية، ورغم كل ذلك فإن المؤسسات الأمريكية داخل الإدارة كانت دبلوماسية، وتلعب دور بغض النظر عن هذه الصراعات، وإن كانت بدأت هناك بعض التداعيات تظهر بأن المؤسسات بها انحيازات أحيانا وليست محصنة تماما.
 
كيف ترى فعلا أن تداعيات الانتخابات في الولايات المتحدة الأمريكية، ومع إعلان الفائز بين ترامب وبايدن ستؤثر بشكل أو بآخر على مجريات الأحداث في العالم أو على أقل تقدير تحصل على زخم كبير واهتمام سياسي عالمي؟ 
كما ذكرت فإن هناك كثيرين في العالم يتابعون ما يجري في الولايات المتحدة، وهذه الانتخابات التي من وجهة نظري مثيرة لكثير من الاهتمام والقلق، مع مزيد من المخاوف من تداعيات هذه الانتخابات، فالولايات المتحدة الأمريكية لا تزال الدولة الأقوى، وإن كانت هناك بروز للتعددية القطبية مؤخرا، لأن ما يجري في الولايات المتحدة قد يؤثر على كثيرين خاصة في العلاقات الخارجية.

لماذا لم تكن القضايا الخارجية حاضرة وبقوة مثل بقية الملفات في المناظرتين اللتين تم تنظيمهما بين ترامب وبايدن مؤخرا؟
صحيح أن القضايا الخارجية لم تحظ باهتمام كبير في هذه المناظرات أو الانتخابات بوجه عام، إلا ربما بعض قضايا التي تحدثت عن تدخلات صينية إيرانية كورية روسية، هذه تثير أيضا أسئلة حول مدى دقة وأهمية وتأثير هذه التدخلات إذا كانت فعلا قد حدثت، وهل يتأثر فعلا الناخب الأمريكي بهذه الأمور، فهناك من يستبعد ذلك وهناك من يرى أن الأمر جزء من عملية التخويف، وحاول الديمقراطيين استغلالها أحيانا وكذلك إلى حد ما الجمهوريين، لذلك كانت هذه إحدى النقاط المهمة المثيرة في العملية الانتخابية الأمريكية.
 
مثلا كانت هناك مناقشة حول دور الصين والعلاقة في المناظرة الأخيرة، لكن إجمالا لم يكن هناك تركيز ولا يوجد اهتمام في الشارع الأمريكي بالعلاقات الخارجية.

هذا يقودانا مباشرة إلى سؤال حول مدى تأثير قضايا الشرق الأوسط على مجريات الأمور في الانتخابات الأمريكية؟
لم يكن هناك اهتمام كبير بالاتفاقيات التي جرت لعمليات السلام أو التطبيع في الشرق الأوسط، الاهتمام بها على الأقل من قبل الناخبين ومن قبل المرشحين خلال المناظرة كانت محدودة، وإن كان بايدن قد عبر عن دعمه، وربما هذه المرة الوحيدة التي تحدث فيها بإيجابية عن جهود ترامب، وبالتالي فإن قضايا الشرق الأوسط إجمالا فيما عدا بعض التركيز الطفيف على قضايا محاربة الإرهاب بقي محدودا، وبالتالي هذه الانتخابات هي فعلا انتخابات غير عادية فيما يتعلق بالتركيز على الشق الخارجي، فيما عدا النخب الأمريكية وأصحاب المصالح الخاصة.
 
وفيما يتعلق مثلا بموضوع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لاشك إن ترامب أظهر من خلال موقفه بنقل السفارة واعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل وغيرها انحيازه لإسرائيل، وإن كان في الآونة الأخيرة بعد اتفاقيات السلام التي دخلت فيها الإمارات ومن ثم البحرين حدثت عملية تجميد، لكن إجمالا لا توجد خلافات كبيرة حول هذا الموضوع بين الجهتين، وإن كان بايدن يواجه تيارا تقدميا ينتقد سياسة ترامب في نقل السفارة والاعتراف بالقدس، وهناك تيار متزايد يرى حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيرهم، وهذا تطور مهم.

وماذا عن الملف الإيراني الذي هو موضع خلاف كبير بين الجبهتين في الولايات المتحدة الأمريكية؟
فيما يتعلق بإيران، من ناحية يمكن القول إن الديمقراطيين يقولون إنهم سيعودون إلى الاتفاقية التي سبق توقيعها خلال فترة الرئيس السابق باراك أوباما، وإنهم انتقدوا بشدة موقف ترامب من اتفاقية 5+1، لكن حتى لو عادوا إلى الاتفاقية وهذا متوقع إلا أنهم سيقومون بتبني سياسة متشددة فيما يخص تدخلات إيران الإقليمية وانتهاكات الاتفاقية التي تقوم بها إيران أو امتلاك صواريخ وأسلحة متطورة، لأن هذا نوع من الإنجاز الذي حققته إدارة أوباما.

هذا يقودنا للحديث إلى موقف الإدارة الأمريكية بوجه عام من محاربة الإرهاب في العالم.. كيف ترى تأثير هذا الملف حاليا على الانتخابات الأمريكية؟
فيما يخص موضوع محاربة الإرهاب في العالم، فتوجد خلافات كبيرة بين ترامب وبايدن، خاصة بعد إعلان ترامب سياسته بالتركيز أكثر على أولوية واشنطن، ثم على الحلفاء في لعب دور أكبر بدفع المال والمساعدات، إضافة إلى التدخل المباشر في الملفات المشتعلة مثل ليبيا وقبرص ومنطقة شرق المتوسط.

كثيرون في منطقة الشرق الأوسط يرون أن ترامب حاول مسك العصا من المنتصف في انتهاكات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وسياسته الخارجية.. هل ذلك صحيحا وإلى أي مدى يصل تأثير ذلك على الانتخابات؟
صحيح أن الرئيس ترامب لوح بالعقوبات على تركيا ووصل الأمر إلى اتخاذ إجراءات في أزمة شراء أنقرة للصواريخ الروسية، لكنه في ملف التدخل التركي في ليبيا وانتهاكات أنقرة في شرق المتوسط وقبلها الأعمال ضد الأكراد في سوريا كان أقل انتقادا من الديمقراطيين، بل إن الأمر يمكن وصفه بشكل واضح أن الديمقراطيين كانوا أكثر شراسة في انتقاد الدور التركي بشأن هذه الملفات، وهذا في حد ذاته يعد استقطابا للنخبة الأمريكية التي ترى ضرورة تحجيم أنقرة في هذه الملفات لتأثيرها على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ومع الحلفاء.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق