فرخندة حسن.. تاريخ شخصية نسائية فريدة للمرأة المصرية بعد الرحيل
السبت، 31 أكتوبر 2020 11:29 ص
ودعت الدكتورة فرخندة حسن، أمين عام المجلس القوم للمرأة سابقا، عالمنا بالأمس، وتقام اليوم السبت، بعد صلاة الظهر في مسجد كومباوند بـ6 أكتوبر، ونعى المجلس القومي للمرأة ببالغ الحزن وعميق الأسى العالمة الدكتورة فرخندة حسن أمين عام المجلس القومي للمرأة سابقًا.
نعي المجلس القومي للمرأة للدكتورة فرخندة حسن
نعى المجلس القومي للمرأة وأعرب عن بالغ حزنه الشديد في وفاة العالمة العظيمة الدكتورة فرخندة حسن، مؤكدا أننا فقدنا اليوم شخصية نسائية فريدة للمرأة المصرية ستبقى حية في قلوبنا، أثرت الحياة العامة والسياسية بجهدها وعلمها الغزير، وكانت فرخندة حسن مصدر الهام لجميع من حولها، أخذت على عاتقها قضايا المرأة المصرية وعملت بجهد ومثابرة وحرفية عالية لإزالة العقبات والتحديات التي تواجهها ودعمها للحصول علي حقوقها، هذا بالإضافة إلى دورها في تربية اجيال تخرجوا على إياديها من خلال عملها كأستاذة ودكتورة جيولوجيا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، تميزت بالعطاء بلا حدود وتقديم النصح والمساعدة للجميع .
رحلة فرخندة حسن
فارقت عالمنا بالأمس، الدكتورة فرخندة حسن بعد رحلة طويلة من الكفاح والجد والتعب، و بدأت من سن الـ12 عامًا، بعد قرارها أن تصبح جيولوجية، واتخذت من "كوري" مكتشفة الراديو، و"أينشتاين" عالم الفيزياء، مثلاً أعلى لها في حياتها العملية، حتى أصبحت فرخندة حسن أول سيدة مصرية تتناول بالبحث صخور القمر.
أهم تصريحات فرخندة حسن
ذكرت الدكتورة فرخندة حسن، في حوار لها قبل الوفاة أنها كانت الطالبة الوحيدة في قسم جيولوجيا، والدفعة التي سبقتها ضمت طالبة واحدة فقط هي الدكتورة إجلال، رحمها الله، و عندما كانت في الـ12 من العمر، في رحلة عائلية للمقطم، ووجدت صخرة تشبه القواقع، وكان معها بالرحلة أحد أقارب والدها ويعمل بالبترول، فطلبت منه أن يخبرها اسم الصخرة التي عثرت عليها، فقال لها" دي ودعة، والصخور بتكون تحت المياه، وده اسمه علم الجيولوجيا، فقالت له فرخندة حسن هطلع جيولوجية، فضحك وقال لوالدها" إلحق بنتك عايزة تطلع جيولوجية وده علم الرجال، ومن هنا حبيت علم الجيولوجيا".
تجربة فرخندة حسن كأول امرأة في العالم تناولت صخور القمر بالبحث
ذهبت فرخندة حسن إلى الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1966، لنيل درجة الدكتوراه، وكانت رسالة الماجستير عن نوع من الصخور في الصحراء الغربية هو الزجاج الليبي، واختلفت الأقاويل حول نوع هذا الزجاج، وبعد العمل عليه أثبتوا أن تركيبه مثل تركيب الرمل.
بعدها توجهت فرخندة حسن إلى أمريكا للحصول على الدكتوراه، واختارت نوع صخرة القمر للعمل عليها من خلال تعريضها للإشعاع، وقالوا لها حينها" إنها ماسكة 10 بليون دولار في إديها، وبعدها كتبت لوالدتها جواب من أمريكا قالت فيه" بنتك ماسكة القمر في إياديها، وكانت تربة القمر تشبه الكحل البلدي، وهو مثل حجر جليلة الذي يباع في محلات الذهب، وهو حديد أسود لامع، وبعد انتهائها من الدراسة اكتشفت كل ما تنبأت بوجوده قبل بدء العمل على الصخرة.
فرخندة حسن وتواصلها مع الرئيس الراحل أنور السادات
تواصلت فرخندة حسن أثناء عملها في جمعية "العلم من أجل التنمية"، وهي الهيئة العلمية للمرأة، ولم يقتصر دورها على الأبحاث الأكاديمية بل ومساعدة المحتاجين أيضاً، لذلك كلفها الرئيس الراحل السادات، بإدخال الغاز الحيوي "البيوجاز"، ثم الطاقة الشمسية للقرى، ومن ضمن القرى قرية "ميت أبوالكوم"، وكانت معها في الجمعية قرينته جيهان السادات، وأعجبت بالأفكار المقدمة، وتواصلت مع جيهان السادات، وتم الاستئذان في عمل سخان شمسي في منزل الرئيس بقرية "ميت أبوالكوم".
ووافقت جيهان السادات على طلب فرخندة حسن ووضعوا الخرطوم الخاص بالسخان ثم لجأوا إلى "حيلة ذكية" وتعمدت أن تجعل الخرطوم يسرب قطرات من المياه للفت نظر الرئيس إلى السخان، وشاهد المياه الساخنة وقت المغرب، ثم طلب منهم تركيب سخان آخر في استراحة القناطر، ثم تركيب عدة سخانات في قرية "ميت أبوالكوم".
فرخندة حسن وسفرها إلى إسرائيل
سافرت فرخندة حسن بناء على طلب من الرئيس السادات، لرؤية كيفية استخدامهم للسخانات الشمسية، وشعرت بالدهشة الشديدة فلم يكن هناك شارع في إسرائيل لا توجد به أغاني لأم كلثوم وعبدالحليم ونجاح سلام، والناس هناك بيسافروا لرؤية المصريين والتعلم من ثقافتهم، وبعد عودتها من الرحلة تأثرت بشكل كبير.
فرخندة حسن وعملها بالسياسة
بدأت فرخندة حسن عضوة في البرلمان وكان مبدئها هو "العلم في خدمة التنمية"، وقدمت حينها العديد من مشروعات القوانين منها المحميات الطبيعية، وقانون حماية نهر النيل من التلوث، وجهاز شؤون البيئة، فالجزء العلمي في السياسة من وجهة نظرها من الأشياء المهمة.
فرخندة حسن وعلاقتها بالسيدة سوزان مبارك
كانت سوزان مبارك تلميذة بالجامعة الأمريكية، وكانت فرخندة حسن أستاذ جيولوجيا بالجامعة، وكانت سوزان مبارك، كتلميذة، تقدم كثيراً للمرأة والطفولة، وفيما بعد قاموا بالعمل معاً، لكن فرخندة حسن لم تدرس لها بل درست لنجليها علاء وجمال.
عند عمل فرخندة حسن مع السيدة سوزان مبارك، في متحف الطفل، ذكرت لي أنها شاهدت مركزاً للمرأة في الخارج، وحينها تم التفكير في إنشاء مجلس في مصر، وبعد مرور عام كامل جرى تدشين المجلس القومي للمرأة، وبعد انتهائه شكلوا لجنة لرئاسته، وكانت أول من تولى رئاسة المجلس الدكتورة ميرفت التلاوي.
معلومات عن فرخندة حسن
فرخندة حسن ولدت في عام 1930، وعندما بلغ عمرها 12 عاما، لم تكن تعلم أن زيارتها إلى جبل المقطم في رحلة عائلية ستغير مجرى حياتها، لتكون من أبرز علماء الجيولوجيا ومجال علوم الأرض، متخذة من العالمة مدام كورى مكتشفة مادة الراديوم المشعة، مثلا أعلى لها.
وقررت فرخندة حسن دراسة علم الجيولوجيا، الذي كان مقتصرا حينها على الرجال فقط، فأنهت مرحلة الدراسة الثانوية، والتحقت بكلية العلوم قسم الجيولوجيا، الذي فضلته عن دراسة الطب لارتباطها بهذا المجال منذ الصغر.
كانت عضوة بالشعبة البرلمانية المصرية في المحفل البرلماني الأورو متوسط حتى 2011 في مجلس الشورى، وأيضا رئيسة اللجنة البرلمانية الخاصة عن البرنامج النووي المصري عام 1988 في مجلس الشورى.
وكانت قبل ذلك قد انتخبت فرخندة حسن عضوا في البرلمان المصري عام 1979 وحتى 1984، وبعدها انضمت إلى مجلس الشورى، كما عملت كناشطة في مجالات حقوق المرأة والحفاظ على البيئة.
حصلت الدكتورة فرخندة خلال مسيرتها السياسية على عضوية الشعبة البرلمانية المصرية في الاتحاد البرلماني الدولي 1979-1984، ورئيسة لجنة التعليم والثقافة والبيئة للاتحاد 1979، لكن بعد انتهاء عضويتها بمجلس الشعب في 1984، تم منحها العضوية الشرفية مدى الحياة للاتحاد البرلماني الدولي.
ذكرت فرخندة حسن في سلسلة منشورات عرضها المجلس القومي للمرأة في 2017، تحت مسمى "ملهمات مصريات"، وعرض تاريخ العالمة المصرية الراحلة، وكانت بداية ظهور فرخندة حسن للحياة العامة، عندما حصلت على وسام الفنون والعلوم من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وعملت الدكتورة فرخندة كأستاذ للجيولوجيا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة منذ عام 1964، وتقلدت منصب الأمينة العامة للمجلس القومي للمرأة بمصر في الفترة بين 2001 وحتى 2012.
كما أنها تعد أول امرأة في العالم تناولت بالبحث العلمي صخور القمر، بمنحة من وكالة ناسا للفضاء في جامعة بتسبرج في الولايات المتحدة في أواخر الستينات، وحصلت من خلالها على جائزة سيجما زاي الأمريكية.
شغلت فرخندة حسن منصب مندوبة جمهورية مصر العربية في المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة العربية التابعة لجامعة الدول العربية في الفترة ما بين 2003 و2012، وانضمت فرخندة حسن لمجلس الشورى السابق، وترأست بعدها اللجنة البرلمانية لتنمية القوى البشرية والإدارة المحلية "1984 - 2011".
تقدمت الفقيدة فرخندة حسن بمشروعات قوانين واقتراحات برغبة حول عدد من القضايا العلمية والبيئية تم الموافقة عليها، ومنها قانون حماية نهر النيل من التلوث، قانون المحميات الطبيعية، تعديل قانون نقابة العلميين، إنشاء جهاز شؤون البيئة، إنشاء مركز معلومات لدعم اتخاذ القرار.
لكن بعد مسيرة طويلة في الحياة السياسية والعامة وتبنيها لقضايا المرأة والبحث عن حقوقها، رحلت بالأمس، الدكتورة فرخندة حسن التي وصفها المجلس القومي للمرأة بالشخصية النسائية الفريدة للمرأة المصرية.