الأراضى المتأثرة بالأملاح، هى الأراضي التى تعوق نمو معظم النباتات، لوجود نسبة عالية من الأملاح الذائبة، الصوديوم المتبادل، أو كلاهما، مما يؤثر على الإنتاج الزراعى عموما بصورة سلبية.
ورغم أنها تعتبر أراض منتجة، وإن كانت ضعيفة، إلا أنها لا تصل لمرحلة الإنتاج القصوى، إلا بتطبيق الأساليب الفنية لإدارة ومعالجة مشكلة الملوحة والقلوية بها.
وتنتشر الأراضى المتأثرة بالأملاح على نطاق واسع فى المناطق الجافة وشبه الجافة، والتى تعتبر مصر من المناطق الممثلة لها؛ وذلك، وفقاً لما جاء على بوابة المعلومات الوطنية عن الأرض والمياه وتغذية النبات، بجامعة المنصورة.
ويرتبط التركيب المحصولي في مصر ارتباطاً أساسياً بظروف التربة؛ ففي الجزء الشمالي من دلتا نهر النيل، توجد الأراضي الملحية، تشمل الدورة الزراعية، الأرز والقطن، كمحاصيل صيفية أساسية، والقمح والبرسيم، كمحاصيل شتوية؛ وكل تلك المحاصيل ذات درجة تحمل للملوحة إلى حد ما؛ كما تتم زراعة محصول بنجر السكر فى تلك المنطقة، وهو من المحاصيل المقاومة للملوحة، ويغذى مصنع السكر الموجود بمنطقة شمال الدلتا.
وهناك اتجاه للتوسع فى زراعة ذلك المحصول فى الأراضي حديثة الاستصلاح فى مناطق غرب الدلتا؛ وحاليا تواصل الحكومة نشاطها فى استصلاح الأراضي المتأثرة بالأملاح، من خلال تنفيذ ثلاثة برامج رئيسية، تهدف إلى زيادة إنتاجية الأراضي ومعالجة الآثار الناتجة عن مشكلة ملوحة وقلوية التربة.
إجمالي الأراضي المنزرعة 7.8 مليون فدان منها 2 مليون فدان متأثرة بالأملاح
هذا، وتبلغ المساحة الكلية المنزرعة فى مصر بنحو 7.8 مليون فدان تعتمد كلية على الري، وتبلغ مساحة الأراضي المتأثرة بالأملاح بنحو 2 مليون فدان، بنسبة حوالى 35% من المساحة الكلية، بواقع 60% من أراضي شمال الدلتا، و25% من أراضي وسط وجنوب الدلتا، و25% من أراضي مصر العليا.
ويعتمد توزيع الأراضي المتأثرة بالأملاح على العوامل البيئية مثل: المناخ، الجيولوجيا، الجيوكيمياء والظروف الهيدرولوجية؛ كما أن تكوين الأنواع المختلفة من الأراضي المتأثرة بالأملاح فى المساحات المروية يرتبط ارتباطا مباشرا بتركيز الكلوريد، الكبريتات والبيكربونات السائدة.
توجيهات رئاسية لإنشاء محطات معالجة مياه الصرف الزراعي
وفي إطار رفع جودة إنتاجية الأراضي الزراعية، استعرض الرئيس عبد الفتاح السيسي، الخطوات التنفيذية لإنشاء محطات معالجة مياه الصرف الزراعي، لتوفير مصادر مياه الري لمناطق الأراضي الزراعية بوسط وغرب الدلتا، وكذلك المخطط العام لمشروع حماية وتطوير شواطيء شمال الدلتا خاصة بمحافظة بورسعيد، حيث وجه رئيس الجمهورية بتوفير الموارد المالية للمشروع والإسراع في استكمال كافة الدراسات الإنشائية وفق أعلى المعايير البيئية والهندسية؛ جاء ذلك خلال اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وكل من الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الري والموارد المائية، الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، اللواء أركان حرب ايهاب الفار، رئيسي الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، واللواء أحمد الشاذلي رئيس هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة.
شملا والحامول نموذج للأراضي الملحية شمال الدلتا
تتركز الأراضى المتأثرة بالأملاح فى مصر فى منطقة شمال وشرق وغرب الدلتا؛ بالإضافة إلى بعض الأماكن الأخرى، فى مناطق: وادي النطرون، التل الكبير، الواحات والفيوم؛ ويعتبر ملح كلوريد الصوديوم هو المصدر الرئيسى للملوحة؛ كما أن تأثر التربة بمياه البحر والبحيرات الملحية لمدة طويلة، يؤدى لزيادة ملوحة المحلول الأرضي.
ويعتبر ذلك أحد الأسباب الرئيسية لملوحة الأراضي؛ وذلك، بحسب بوابة المعلومات الوطنية عن الأرض والمياه وتغذية النبات؛ حيث تمثل أراضي شملا والحامول نموذجاً للأراضي الملحية فى شمال الدلتا جنوب بحيرة البرلس؛ كما تعتبر أملاح كلوريد وكبريتات الماغنسيوم، المصدر الرئيسي لملوحة أراضي بحيرة المنزلة؛ بينما في أراضي أبيس، جنوب بحيرة مريوط، تنتشر أملاح كلوريد الصوديوم؛ وبالنسبة لمناطق مريوط والتل الكبير، تسود أملاح كلوريد وكبريتات الصوديوم على التوالي.
ويعتبر السبب الرئيسي لتدهور تلك الأراضي، هو الرشح الذى يحدث من قنوات الري فى مريوط، ومن ترعة الاسماعيلية فى التل الكبير؛ وبالنسبة لمنطقة فرهاش، تسود أملاح كربونات وكبريتات الصوديوم؛ ويعتبر السبب الرئيسي فى ظهور مشكلة القلوية هو عملية الاختزال الحيوي للكبريتات؛ السبب الرئيسى لظهور الملوحة فى تلك المنطقة، سيادة أملاح كلوريد الصوديوم والري بمياه ملحية ذات درجة ملوحة 5000 جزء فى المليون؛ وفقا لما ورد في بوابة المعلومات الوطنية عن الأرض والمياه وتغذية النبات.
نسبة 40% من مياه الري مهدرة في الصرف الزراعي
وفي ذات السياق، كان "المنظور البيئي لاستراتيجية التنمية العمرانية على مستوى الجمهورية" موضوع تقرير للإدارة العامة للدراسات البيئية والطبيعية، بالهيئة العامة للتخطيط العمراني، بوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، في عام 2015، وفي الجزء الخاص بإقليم وسط الدلتا؛ أفاد التقرير بأن المياه الجوفية التي تتجمع في التربة، مصدرها الرئيسي مياه الري المتسربة من نهر النيل والترع في الأراضي الزراعية، خاصة أن نظام الري السائد في أراضي الوادي والدلتا، هو نظام الري بالغمر، والذي لا تزيد فاعليته عن 60%، ما يعني ضياع نحو 40% من مياه الري المستخدمة، تقدر بمليارات الأمتار المكعبة على مستوى مصر بأكملها؛ وتتميز بصلاحيتها لأغراض الري والشرب، في القسم الجنوبي من الدلتا والوجه البحري عموما، غير أن ملوحتها تزداد بالاتجاه شمالا؛ لذلك، لا تستخدم مباشرة في عمليات الري، هي ومياه الصرف الزراعي مرتفعة الملوحة، لما تحمله من أملاح وبقايا المخصبات والمبيدات المستخدمة في أعمال الزراعة، إلا بعد خلطهما بمياه الترع بنسب متفق عليها.
"المنظور البيئي لاستراتيجية التنمية العمرانية على مستوى الجمهورية"، كما سبقت الإشارة، وفي الجزء الخاص بإقليم وسط الدلتا، نوه إلى أن عدم الحد من زراعة محصول الأرز، وعدم تنظيم تلك زراعته، في ظل شراهته للمياه، يؤثر في وجود بعض المشكلات المتعلقة بصرف الأراضي الزراعية؛ حيث تبلغ الاحتياجات المائية لمحصول الأرز، 10 آلاف م³ للفدان الواحد؛ فضلاً عن التلوث المائي نتيجة للاستخدام السيء للموارد الطبيعية والإسراف في استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية وكثرة النفايات والمخلفات الآدمية التي تصرف في المجاري المائية.
وترجع مصادر تلوث المياه الساحلية إلى مياه الصرف الزراعي المختلط بالصرف الصحي التي تحملها المصارف من منطقة الدلتا لتصب في البحر بطريق مباشر أو غير مباشر؛ وذلك وفقا للتقرير، المذكور؛ لافتا إلى أن الإنسان يقوم بدور كبير في تغيير الخصائص البيولوچية للتربة الزراعية، باستخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية والنيتروچينية، مما يزيد من المركبات الزئبقية المتسربة في المياه الأرضية والجوفية، حتى أن نهر النيل بفرعيه يتعرض للعديد من صور التلوث الزراعي أو الصناعي أو الآدمي، على مدى عشرات السنين.
تلوث المياه يسبب وفاة 17 ألف طفل سنويا بالنزلات المعوية وإصابات الفشل الكلوي
استند تقرير هيئة المجتمعات العمرانية إلى دراسة لمجلس الوزراء المصري، تفيد بأن نهر النيل، يتأثر بمخلفات الصرف الزراعي، مما يحمل مياهه بالمبيدات والأسمدة الكيماوية وغيرها من المواد السامة، بما لذلك من أضرار خطيرة، منها ارتفاع عدد وفيات الأطفال، نتيجة الإصابة بالنزلات المعوية، والذين يصل عددهم 17 ألف سنوياً.
كما وصلت نسبة إصابات الفشل الكلوي في مصر أربعة أضعاف مثيلاتها في العالم، بواقع 13 ألف حالة فشل كلوي و60 ألف حالة سرطان مثانة، لذات السبب، فضلا عن تأثير ذلك على الثروة السمكية؛ وخلصت الدراسة إلى أن 50% من إجمالي الفاقد في المساحات المنزرعة، جاء نتيجة تلوث البيئة ومساهمته في انخفاض الإنتاج الزراعي وتدهور جودته، وانخفاض قدرة المحاصيل على المنافسة في الأسواق العالمية، مما يؤثر على الميزان التجاري لمصر.
إنشاء بحيرات صناعية للاصطياف لتلافي مخاطر تلوث المياه الساحلية
ويرى تقرير الإدارة العامة للدراسات البيئية والطبيعية، بالهيئة العامة للتخطيط العمراني، عدم تيسر تحسين ذلك الوضع المتدهور، وقت صدروه، لاعتبارات اقتصادية، لما يتطلبه من مد شبكات الصرف الصحي بمختلف التجمعات العمرانية، حتى أن التقرير كان قد أوصى بعدم الاصطياف بالشواطئ المتأثرة بتلك المياه، وعدم استخدامها للاستحمام، لما لذلك من مخاطر صحية عالية، بحسب التقرير؛ والذي رجح أن يكون أحد الحلول الممكنة، إنشاء بحيرات صناعية على الشاطئ الرملي المتسع، الاستفادة من المميزات البيئية الأخرى للموقع دون التعرض لمخاطر تلوث المياه الساحلية.
وأوضح تقرير هيئة المجتمعات العمرانية، أن مجموعة من العوامل البشرية أسهمت وتسهم في التأثير المباشر على النطاق الساحلي للقسم الشمالي من إقليم الدلتا، ومن أهمها زيادة تلوث المياه المقابلة للإقليم نتيجة لصرف ملايين الأمتار المكعبة من المياه الملونة، سواء بالصرف الزراعي أو الصناعي أو الصحي، مما يؤثر على بحيرتي المنزلة والبرلس.
صفات الأراضي المتدهورة
تتميز الأراضى القلوية بالخواص الطبيعية السيئة مثل سوء التهوية والنفاذية والرشح والتى ترتبط ارتباطاً مباشراً بسيادة كاتيون الصوديوم على مقعد التبادل؛ بالإضافة لوجود سيلكات الماغنسيوم المترسبة خلال تكوين الأراضى القلوية؛ كما تتميز الأراضي الغنية بالعروق الجبسية بانخفاض نفاذيتها للمياه، نظراً لوجود طبقات صماء تحت الطبقات الغنية بعروق الجبس على أعماق مختلفة؛ وبتعرض تلك الأراضي للرطوبة، يحدث تفكيك لتلك الطبقات التى تتحول إلى طبقات صماء بالجفاف؛ وهذا النوع من الأراضي المتدهورة يتأثر بعدة عوامل، مثل: العمق، الزمن، وانتظام أو تذبذب المياه الجوفية؛ وتنشأ الأراضي الغنية، بالعروق الجبسية تحت ظروف ماء أرضي عميق؛ بينما النوع القلوي يتكون في المساحات التى تعاني من ارتفاع مستوى الماء الأرضي.