احتفل عدد من الطرق الصوفية بمحافظة أسوان، بالليلة الختامية للمولد النبوي بحضور شيخ المنشدين ياسين التهامى، وسط حضور المئات من اتباع الطرق الصوفية والمريدين والمحبين للشيخ التهامى.
وأحيا شيخ المنشدين ياسين التهامى، الليلة الختامية للمولد بمحافظة أسوان، بعد اصطفاف محبيه ومريديه فى صفوف منتظمة لأداء الطقوس الابتهال والإنشاد وحلقات الذكر، وسط تجاوب كافة المشاركين للاستماع لأناشيد ومديح "التهامى"، وهو اليوم الذى يحتفل فيه المسلمين بجميع أنحاء العالم بالذكر والأناشيد وقراءة الأحاديث النبوية الشريفة وتقديم الحلوى والتهنئة وبرقيات من الرسائل بين جموع المسلمين.
وتواجد المئات من أهالى القرى بمحافظة أسوان فى أرجاء المكان المقام فيه الحفل، رغم تحذيرات انتشار فيروس كورونا، إلا أن أناشيد وابتهالات وقصائد "التهامى" الذى واصل الإنشاد بأصوات عذبة فرحاً بقدوم المولد النبوي الشريف، فهى ليلة ينتظرها أهالي محافظة أسوان، كل عام، قبل الموعد بأيام، للاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، اليوم الذي ينتظره كافة المسلمين فى جميع الدول العربية.
كما شارك فى إحياء الليلة الختامية للمولد، الشيخ أمين الدشناوى، ريحانة المداحين وسط تجاوب كافة المشاركين، الذين حرصوا على الحضور والاستماع لأناشيد ومديح "الدشناوى".
وتبدأ الاحتفالات داخل أسوان لتمتد طيلة 12 ليلة يجتمع فيها أبناء الطرق الصوفية والمحبين والمريدين على الذكر والابتهالات والتواشيح وغيرها من ليال المولد، ولعل أبرزها "دورة المولد" وهى عبارة عن مسيرة تضم الآلاف وتتضمن ألوان الابتهاج الدينى المختلفة، إلا أن الاحتفالات الرسمية هذا العام تم إلغاؤها بسبب مخاوف "كورونا".
وقال أحمد محمد، أحد أبناء الطريقة الميرغنية، إن الاحتفال بدورة المولد النبوى هو سمة الاحتفال فى ليال المولد والتى تمتد لـ12 ليلة فى غالبية الاحتفالات، وتعد دورة المولد هى ختام ليالى الاحتفال، ويحتفل بها المواطنين والمحبين وأتباع الطرق الصوفية الذين يتجمعون من كل مكان سواء داخل محافظة أسوان أو خارجها.
وأضاف أن دورات المولد لا تقتصر على دورة واحدة فى المحافظة، ولكنها تتعدد فى مختلف المدن والمراكز والقرى والنجوع، ولكن أبرزها هى دورة المولد فى مدينة أسوان والتى تبدأ بالتجمع بالقرب من "ساحة المدينة" بمدينة أسوان، وفيها يجتمع أبناء الطرق الصوفية والمريدين وكذلك المواطنين البسطاء الذين يحبون مشاهدة ومتابعة مثل هذه الاحتفالات، ويجتمع أبناء كل طريقة تحت راية واحدة ذات لون وطابع خاص، وتخرج هذه الرايات مجتمعة يصحبهم الخيول والسيارات فى مسيرة تنطلق من ساحة المدينة مروراً بميدان المحطة وكورنيش النيل وصولاً إلى أرض المعارض بمدينة أسوان، وسط ابتهالات وذكر وتواشيح وأدعية.
وأوضح أن هذه المسيرات كانت تخرج حتى وقت قريب، ولكن الفترة الأخيرة توقفت بسبب وباء كورونا المنتشر، حرصاً من أجهزة الدولة على صحة المواطنين ومنعاً لانتشار العدوى فى ظل التجمعات الكبيرة التى تشهدها "دورة المولد"
وقال مصطفى الصادق، أحد أبناء الطرق الصوفية: من أشكال الاحتفال بالمولد النبوى داخل محافظة أسوان، حلقات المديح والذكر، وفيها يتجمع الناس فى الساحات ويبدأون احتفالاتهم بتلاوة آيات من القران الكريم، ثم تشمل الاحتفالية بعض الكلمات والشعر والتواشيح والابتهالات والذكر والمديح وغير ذلك من الأذكار والأوردة التى يرددها أبناء الطرق الصوفية، طوال الليل ويحرصون على التجمع وتبادل المحبة، ويتجمع حولهم الكبار والأطفال رغم برودة الطقس أحياناً.
وتابع عوض طاهر، أحد المشاركين فى احتفالات المولد: معظم أبناء الطرق الصوفية يؤسسون لهم ما يسمى بـ"الساحة" لتحتضن الاحتفال بالمولد فى كل عام بجانب المناسبات الدينية الأخرى، وبعض هذه الساحات يمتد عمرها لـ100 عام، ولا زالت شاهدة على الاحتفال بليال المولد النبوى التى تبدأ مع هلال شهر ربيع الأول وتستمر 12 ليلة، وتعد هذه الساحات فرصة للم شمل القبائل العربية، وعلق قائلاً: "إحياء هذه الذكرى بهدف أن نربى ونغرس فى أولادنا حب رسول الله وسيرته العطرة وكيف كان تعامله مع الصحابة دون تشدد أو تفريط".
وأشار شاذلى الباغر، أحد القائمين على احتفالات المولد، إلى أن هذه الاحتفالات عادات قبلية توارثوها من الأجداد، ولكل قبيلة طريقة فى الاحتفال بالمولد النبوى، والكثير منهم لا زال يحافظ عليها حتى اليوم، لافتاً إلى أن الاحتفالات قديماً كانت ضعيفة وكان الأهالى يتبادلون فيها الغلال والتمور وكانت تذبح الولائم فى الليلة الختامية فى حالة إذا كانت الاحتفالية على مدار أيام.
وعن الضيافة فى المولد، أكد "الباغر"، أن إعداد الطعام لهذه الموالد له طريقة خاصة وتنسيق مسبق، حيث يتم جمع أوانى الطهى الكبيرة التى تسع لعشرات الأفراد، ويتم إحضار الذبائح وذبحهم أمام الخيمة وإعداد لحومهم وطهيها بمساعدة نساء القرية الذين تجمعون داخل منزل إحداهن ويقمن بإعداد الطعام فى مراحله الأولى ثم يتم نقل ما تم تجهيزه إلى أماكن الطهى خارج المنازل والتى يتم إعدادها وتهيئتها مسبقاً، ثم يتم طهى الطعام على مواقد إشعال عالية ومخصصة لهذه الأوانى العملاقة، مضيفاً أن الشباب يقسمون أنفسهم مجموعات أثناء إعداد الطعام وتقديمه للضيوف وذلك بعد تجهيز مكان مخصص لإطعام الأهالى وضيوف الاحتفالية، ثم يقوم فريق آخر بالمساعدة فى إعداد المراحيض وصنابير المياه وتزويدها باللازم بعد فراغ الضيوف من تناول الطعام، ثم يقوم فريق آخر أيضاً بإعداد المشروبات ويقوم أكثر من شاب بحمل "صوانى" الشاى والمشروبات الساخنة والمياه والعصائر وتوزيعها على الناس باستمرار طوال الاحتفالية، موضحاً بأن فريق العمل يظل من أول اليوم حتى نهاية الاحتفالية فى عمل مستمر حتى تخرج الاحتفالية بالشكل الذى يليق بها وبالمضيفين.