الإعلام الوطني.. سلاح مصر الذي زرع الوعي وواجه مخططات الفوضى
السبت، 24 أكتوبر 2020 08:00 مأمل غريب
الصحافة والفضائيات المصرية الخاصة والحكومية دعمت استقرار الدولة المصرية وتثبيت أركانها وأعادت لمت المصريين
استيقظت الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو، على كارثة كبيرة خلفتها 3 سنوات من الثورات والأزمات السياسية والاقتصادية في مصر، إذ تم تفريغ المحتوى الإعلامي في مصر، من كافة الأعمال الدرامية والمواد البرامجية التي ترسخ الروح الوطنية في نفوس الشعب وتخاطب جميع مستوياته التعليمية والثقافية باللغة المناسبة لكل فئة، فغابت الأعمال الدرامية الوطنية التي تخلق التلاحم بين المواطن ومؤسسات الدولة، وتلاشت البرامج التثقيفية التي تحمل رسائل إعلامية هادفة، في مقابل بدء انطلاق قنوات فضائية خاصة دشنتها جماعة الإخوان الإرهابية، بتمويلات مباشرة من أجهزة الاستخبارات القطرية والتركية، خصصت من أجله ملايين الدولارات وبدأت بث إشارتها من إسطنبول، بهدف السيطرة على المشهد الإعلامي المصري من الخارج، واستكمال خطة تزييف وعي المصريين، وسط حالة من الانهيار الأخلاقي والقيمي خلفتها سنوات الانفلات.
ثورة تصحيح الإعلام المصري
عزمت الدولة المصرية بعد 30 يونيو، على إطلاق ثورة تصحيح لمسار الإعلام المصري، على كافة مستوياته، الرسمية والخاصة، المسموعة والمرئية والمقروئة، لوضعه على الطريق الصحيح، واتخاذ إجراء تغييرات جذرية في كل وسائل الإعلام من خلال 5 محاور، تمثل المحور الأول، في تغيير نمط إدارة المؤسسات الإعلامية التي كان يسيطر المحسوبية والواسطة والتدرج الوظيفي النمطي، على حساب الكفاءات والعقول المستنيرة، بينما اعتمد المحور الثاني، على إنشاء قناة إخبارية مصرية عالمية لمواجهة شبكة قنوات الجزيرة القطرية، والقنوات المعادية التي تمولها جماعة الإخوان الإرهابية، من خلال أحدث الإمكانيات والأجهزة والكاميرات التي تواكب التطور البصري والتقني القائم في وسائل الإعلام العالمية، هدفها توصيل صوت مصر، للخارج بالشكل الذي يليق بها ويوضح الصورة الحقيقية لما يحدث على أرض الواقع، وإبراز جرائم جماعة الإخوان الإرهابية في مصر، ومدى التخريب الذي خلفوه وراء حكمهم، والإرهاب الذي ينشرونه في مصر، ويدعون المظلومية في المحافل الدولية.
فيما تركز المحور الثالث على تغيير السياسة التحريرية لوسائل الإعلام، من أجل إظهار الصورة الحقيقية للإنجازات التي حققتها الدولة المصرية خلال السنوات القليلة التي أعقبت الثورة على حكم جماعة الإخوان الإرهابية، واستعادة ثقة الجماهير في الدولة وقدرتها على صنع المعجزات، في خضم الحرب على الإرهاب التي تخوضها الدولة ومؤسساتها الوطنية في الداخل والخارج، علاوة على جذب المشاهد مرة أخرى لمتابعة لإعلام المصري، بعدما فقد الثقة في الرسالة الإعلامية التي يبثها إعلام القنوات المعادية لمصر.
فيما تعلق المحور الرابع، بالبحث عن وجوه وطنية يثق فيها المشاهد، وعودة الرموز الإعلامية المثقفة مرة أخرى، والاعتماد على الكوادر الإعلامية المهنية ذات الخبرة العالية في المجال، وأخيرا تمثل المحور الخامس، في إعادة هيكلة وسائل الإعلام لإنقاذها من خسائرها المادية المتزايدة.
الإرادة السياسية كلمة السر في عودة الإعلام المصري
لعبت الإرادة السياسية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، دورا محوريا في إعادة تشكيل المشهد الإعلامي المصري، بعد حالة الفوضى التي كان يشهدها منذ فترة طويلة، خاصة خلال المدة التي شهدت إهمالا متعمدا من جانب جماعة الإخوان الإرهابية، لحساب القنوات المعادية لمصر، فلم يكن المشهد بحاجة إلى المزيد من الإرباك.
عزمت الدولة المصرية على إجراء تغيرات واندماجات في الآونة الأخيرة، بما يعود بالنفع على المشاهد أو القارئ المصري ويقدم له إعلامًا يحقق مصالح الوطن ويراعي الحالة التي تعيشها مصر، من خوض حروب حقيقية داخليًا وخارجيًا، ويخاطب الخارج ويبتعد عن مخاطبته لنفسه بلغة محلية بحتة، ويوجه حديثه للعالم بمعايير إقناعية دولية، من خلال قناة إخبارية قوية تخاطب الآخر أينما كان، وتتحدث باسم مصر، وتعرض الحقائق، بالتزامن مع خطة تطوير «ماسبيرو»، الذي يضم بين جنباته أكثر من 24 قناة، على رأسها قناة النيل للأخبار، وقطاع الأخبار وعدد من القنوات الهامة.
وضعت الدولة خطة تطوير الإعلام المصري، للسير بخطى ثابتة في اتجاهين متوازيين، يعتمد الاتجاه الأول فيها على تطوير الرسالة والمحتوى الإعلامي، بينما الاتجاه الثاني يتمثل في خطة تطوير وتحديث البنية التحتية للقنوات الرسمية للدولة من ناحية، والإعلام الخاص من ناحية أخرى، فسيظل الإعلام المصري هو الركيزة الأساسية التي تعتمد عليها الدولة في تنوير وتثقيف ورفع درجات الوعي لدى الشعب المصري والعربي، وسيستمر في طريق تقديم رسالة إعلامية تليق بالمشاهد المصري والعربي.
تحديات الإعلام المصري
واجه الإعلام المصري عدد من التحديات التي وقفت أمام خطة نجاحه في توصيل الرسالة إلى المشاهد المصري والعربي، ومنها تعظيم الاستفادة من الكوادر البشرية الموجودة في المجال الإعلامي المصري، والتأكيد على أنه سيظل منارة العلم والتنوير والتثقيف في مصر والعالم العربي، ومكتشف المبدعين والمتميزين في كل المجالات، والذي يعتمد على المهنية والموضوعية وتثقيف المجتمع وبناء الإنسان المصري والعربي، على أسس علمية وتربوية وتثقيفية سليمة، فتسخر الدولة كافة جهودها في عودة إعلام الريادة والتفرد وتحقيق التقدم والتميز في كل ما يقدم عبر قنواته المختلفة، إيمانا بأنه إعلام الشعب الذي يقع على عاتقة المنافسة والتأثير ونشر الوعي في كل ربوع الوطن، بهدف حمل رسالة التنوير وليس الربح.
ويلعب الإعلام الوطني خلال هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن، دوراً في غاية الخطورة، لما يحمله من رسالة توعوية وتثقيفية تساند وتدعم جهود الدولة، وتتصدى للأكاذيب والشائعات والفتن، التي تنشرها جماعة الإخوان الإرهابية وأجهزة استخبارات أجنبية، في حروب من نوع آخر، وهي الحروب الفكرية، يكون الإعلام فيها أهم الأدوات في ظل دولة تتقدم وتبني مستقبل ابناءها وتواجه التحديات المختلفة.
رهان الإعلام المصري على المنافسة بخطى جادة
لم يكن من الممكن تطبيق نفس آليات تطوير الإعلام الخاص، على خطة تطوير الإعلام المصري، إذ يهدف الإعلام الخاص إلى تحقيق أرباح سريعة، بينما الإعلام الرسمي له معايير أخرى للنجاح، حيث يحمل رسالة إعلامية أسمى بكثير وتعتمد على استثمار الأموال في التثقيف والتعليم وتنمية الفكر ورفع درجات الوعي لدى المتلقي، وهي الأهداف التي لا يسعى إليها الإعلام الخاص إطلاقا، حتى ولو كانت على حساب سلامة وحماية الوطن ومستقبل وحاضر المواطن، فكان الاتجاه داخل الإعلام المصري إلى مواجهة الفكر بالفكر، والتصدي للشائعات بنشر الحقائق، ومنح المزيد من حرية التعبير وحرية الإعلام فيما لا يمس الأمن القومي المصري، ويكون حلقة الوصل بين نبض الشارع والدولة وصانع القرار، معتمدا على عمل مواد إعلامية محترمة تستطيع المنافسة وجذب الجماهير، وتوفير مقومات تطويره، ووجود خبرات محترفة، وتوافر المعلومات وحرية تداولها.
تتمثل المقومات الأساسية لنجاح أي وسيلة إعلام وقدرتها على المنافسة، في وجود نظام سياسي يؤمن بالإعلام المهني وبجميع ضغوطه ومحتواه وكافة أشكاله التعددية، وإرادة سياسية ماضية في الطريق الصحيح، وإنفاق بلا حدود على مواقع ومكاتب ومراسلين، وكذلك على سياسة إعلامية مرنة، وإدارة مهنية محترفة تحرص على مصلحة الدولة والمواطن على حد سواء، علاوة على اتخاذ عدة إجراءات لمواكبة التطور وإعادة ترتيب الهيكل الإداري لإعداد المناخ الملائم للعمل الإعلامي لزيادة القدرة على المنافسة، علاوة على ضرورة الالتزام بالقواعد التي تعمل على تطبيق السياسية الإعلامية الجادة لمواكبة التطور، فضلا عن العمل على تدريب الكفاءات الإعلامية، وأهمية إعداد محتوى جيد لجذب المشاهدين.
فَضلت الدولة النهوض بوعي المشاهد المصري ورجل الشارع، وتوصيل الصورة الصحيحة له على حساب تحقيق أرباح مادية، فعكفت على إطلاق الحملات التوعوية للنهوض بوعي الشعب المصري، وتبنت التركيز على ما يهم المواطن ويشغل باله، فكانت الأولوية لحملات تبصير المصريين بحقيقة جماعة الإخوان الإرهابية، وتعمدها نشر الشائعات والأكاذيب والأخبار المفبركة، وتصدت لها من خلال نشر الصورة الحقيقية من على أرض الواقع، وإبراز حجم التخريب الذي مارسته الجماعة الإرهابية بحق المصريين، مقابل الإنجازات التي تصل إلى حد المعجزات في آخر 6 سنوات خلال عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أحدث نهضة شاملة في كافة مجالات الحياة، والتي تحققت بفضل قوة وصلابة وتحمل وصبر الشعب المصري ووقوفه بجانب الدولة ومساندتها ضد مخططات الإخوان.
واهتم الإعلام المصري بنشر وترويج الحملات الضخمة التي تطلقها الدولة لحماية صحة المواطنين، كحملة 100 مليون صحة، التي أطلقتها وزارة الصحة تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكذلك الحملة الضخمة التي أطلقتها الدولة المصرية ووزارة الصحة، للتوعية بخطورة فيروس كورونا المستجد، وكيفية الوقاية منه، والتعامل معه والحماية من مخاطره، وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمنع انتشار المرض، وحملة التوعية بقانون التصالح في مخالفات البناء، الذي أظهر المأساة التي عاشتها الدولة المصرية على مدار عقود من العشوائية في البناء وارتفاع عدد المناطق السكنية العشوائية، التي لا تليق بآدمية وعظمة الشعب المصري.
خطة الدولة لتطوير ماسبيرو
تبنت الدولة المصرية، مهمة تطوير وتنمية مبنى الإذاعة والتليفزيون المصري «ماسبيرو»، كونه منارة العلم والتنوير والتثقيف في مصر والعالم العربي، ورسالته الدائمة التي يحملها على عاتقه تتركز على الإعلام التنويري التثقيفي الذي يعتمد على المهنية والموضوعية وتثقيف المجتمع وبناء الإنسان المصري والعربي، على أسس علمية وتربوية والحفاظ على منظومة القيم والأخلاق، استمرت على مدى 60 عاما من الإبداع والتميز والتألق، ورغم الكبوة التي سقط فيها على يد أعداء الوطن، لكان استمر في المضي بطريق رسالته السامية.
وظهرت خلال ال 3 سنوات الماضية، العديد من الأصوات التي نادت بضرورة التخلص من أعباء مبنى الإذاعة والتليفزيون، الذي يتكدس فيه نحو 35 ألف موظف، كادر إعلامي وفني وإداري، وكان هناك اقتراح بهدم المبنى، ونقل مقره الجديد إلى مدينة الإنتاج الإعلامي، إلا أن الدولة رفضت المقترح، واتجهت إلى رصد المديونيات المالية على ماسبيرو، ووضعت خطة لتطوير المبنى، يتم تنفيذها على مدار 3 سنوات، اعتمدت على فلسفة إعادة الهيكلة، بالتوازي مع عدم الاستغناء عن أي من العاملين به أو تسريح الموظفين، مع أهمية الحفاظ على حقوق العاملين، لما يضمه المبنى من خبرات إعلامية متميزة.
اعتمدت خطة تطوير مبنى ماسبيرو على 4 محاور رئيسية «الإصلاح المالي، التطوير المؤسسي، وتطوير المحتوى والجودة، وإنشاء صندوق نهاية الخدمة للعاملين»، فعلى الصعيد المالي اتجهت الدولة إلى تسوية المديونية المالية، بعد التفاوض مع بنك الاستثمار القومي، ووضع نموذج للسداد المتكامل للمديونية على عدة سنوات، والاتفاق على استغلال الأصول الثابتة للهيئة الوطنية للإعلام، مثل الأراضي وعدد من المباني والمخازن الغير مستغلة، لتسدد جزءًا من المديونية، وكذلك تفعيل قانون لإنشاء مجموعة من الشركات الإعلامية ليكون القطاع الخاص شريكًا فيها، وكذلك الاتفاق مع مكتب خبير اكتواري، لإنشاء صندوق نهاية خدمة العاملين، وإعطاء الهيئة الوطنية للإعلام فترة سماح معقولة لضمان دفع مكافأة نهاية الخدمة.
فيما اعتمد المحور الثاني من خطة التطوير المؤسسي، على عملية الاستدامة لإعادة الهيكلة، وتطوير الموارد البشرية، بإعادة تدوير العاملين، وتدريبهم ورفع قدراتهم وتنميتها وتعريضهم لأحدث أجهزة وتقنيات أجهزة الصوت والإضاءة والتصوير.