حُرُّة فى زمن الجوارى!!
الأربعاء، 14 أكتوبر 2020 03:45 م
"جريمتي الكبرى أنني امراة حُرَّة في زمن لا يريدون فيه إلا الجواري والعبيد. وُلدتُ بعقل يفكر في زمن يحاولون فيه إلغاء العقل".. هكذا غرَّدت نوال السعداوى، عبر حسابها الخاص على موقع التدوينات المختصرة "تويتر"، فى نهاية الأسبوع الماضى. دعك من حالة النرجسية المفرطة التى تتمتع بها المذكورة. هذه الحالة من الطاووسية تجتاح المعسكر الذى تنتمى إليه الطبيبة المعتزلة المتقاعدة.
جميعهم يحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا، ويحسبون أنهم يُحسنون صُنعًا، وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض، قالوا: إنما نحن مصلحون. وإذا قيلَ لَهُمْ آمِنوا كَما آمنَ النَّاسُ قَالوا أَنؤْمنُ كَمَا آمَنَ السُّفهاء ألا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفهَاء ولكِن لا يعْلَمُونَ. ودعك أيضًا من رؤية "نوال" وأقرانها وأتباعها ومريديها لمفهوم الحرية. ودعك أيضًا من تدليسهم على الإسلام وتصديره للعالم باعتباره دينًا يكبت الحريات، ويزدرى النساء، ويحتقر العقل. فتلك هى بضاعتهم التى يقتانون من ورائها ويسترزقون منها وبها..
وليكن السؤال المُركب الذى نحاول الإجابة عليه دون أن نتبع منهجهم التدليسى التآمرى السوفسطائى: ماذا قدمت نوال السعداوى خلال عمرها المديد؛ حتى تكون امرأة حرة فى زمن الجوارى والعبيد، ومن هم الجوارى والعبيد الذين تقصدهم، ومن هم الذين يحاولون إلغاء العقل؟ "السعداوى"، التى تكمل عامها التسعين خلال الشهر الجارى، تقف موقفًا غريبًا من الأديانِ السماويةِ جميعِها، بل من الله جلَّ فى عُلاه، كما نلمسُ فى أعمالها: "رواية سقوط الإمام"، "المرأة والجنس"، "الأنثى هى الأصل"، "الإلهُ يقدمُ استقالته من اجتماع القمة"، الذى تمَّ مصادرته، و"المناطقُ المُحرَّمةُ بالإثمِ والخوفِ" التى أسرفت خلاله فى التطاول على فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة الدكتور زكى نجيب محمود؛ انتقامًا منه لأنه اختتم حياته بالدفاع عن الإسلام، والتأكيد على أنه "أكثر الديانات السماوية دعوة إلى العلم والعقل والتعقل".. العقل الذى تدعى "نوال" أن الإسلام يلغيه. كما دأبتْ فى جميع مؤلفاتها وحواراتها ومقابلاتها التليفزيونية على "هدمِ كلِّ ما هو راسخٌ وتدنيسِ كلِّ ما هو مُقدسٌ ومساعدةِ الشيطانِ فى إغواء البشر"..
والوصف الأخير تحديدًا للكاتب أحمد أبوزيد، الذى استطرد فى وصفها بقوله: "أرادت أن تحقق لنفسها شهرة واسعة، فلم تجد لذلك وسيلة إلا الطعن فى الدين، وهو نفس الطريق الذى سلكه قبلها: "سلمان رشدى" و"نسرين" تسليمة" و"علاء حامد"، فكلهم دخلوا خندقًا واحدًا، بعد أن أصبح الطعن فى الدين الوسيلة الأسرع للشهرة فى هذا العصر الذى كثر فيه المرجفون الذين يحملون أسماء إسلامية ويعيشون بيننا ويحاربون ديننا وعقيدتنا".
"أحيانا أستخسر نفسى أن أكون فى مثل هذه المجتمعات"، هكذا تتحدث " نوال" عن نفسها فى موضع ثانٍ، فى خطاب لها يمثل أعلى حالات المرض وعبادة الذات، ولا يختلف كثيرًا عن أعراض مراهَقة فكرية واضحة تمثلت فى كتابها الذى يحمل توقيعها باسم والدتها، بدلاً من اسم أبيها، لتصبح: "نوال زينب"، بدلاً من "نوال السعداوى"، تحت وهم رد الاعتبار للنساء المحرومات من أن يحمل الأبناء أسماءهن أسوة بالرجال!
آراء وأفكار "نوال"، تسير على "طريق الرضا الغربى"؛ حيث إن أبرز معاركها هى: الحجاب وختان الإناث وتعدد الزوجات وتحميل الإسلام وحده مسئولية تخلف المجتمعات العربية وتدهور الحياة المدنية. وخلاصة قراءة مؤلفاتها لا تمنح القارئ جدلاً فكرياً عميقاً يدفعه إلى مراجعة أفكاره حول مُسلّمات عتيقة، ولا تمارس حفرًا فى جذور الاستعباد العربى عبر قرون طويلة، إنما هى مجرد مناوشات سطحية إعلامية تنفّر، ولا تُحرر، وتدل على مأزق شخصى تعانى صاحبته من عقدة اضطهاد مزمنة، كان ينبغى عليها أن تحاول علاجها قبل أن تصف روشتة العلاج للآخرين.
"مهيب الأرناؤوطى"، أحد مَن اهتموا بالحالة "النوالية السعداوية"، فكتب عنها قائلاً: إنها تعتبر أن الحجَّ وثنية، وأنها لا تعرف هل الله ذكر أم أنثى، بعد أن أعلنت حبها لإبليس؛ لأنه متمرد وليس خانعاً، وهاجمت الذات الإلهية فى روايتها "سقوط الإمام".
وكما يقول المثل العربى الشهير: "البنت مرآة أمها"، فها "منى حلمى"، ابنة الكاتبة المذكورة، تكتب ذات يوم مقالاً تعدد فى مناقب الإلحاد، وجماليات اللادينية بقولها: "اللادينية.. ليستْ تهمة دينية، وليستْ إدانة ثقافية، وليست جُرمًا جنائيًا، وليستْ اضطرابًا نفسيًا.. وليست اعوجاجًا فى الفكر.. وليست وصمة عار تستحقُّ الإهانة أو السخرية...اللادينية أو الإلحادُ موقفٌ فكرىٌّ وسياقٌ فلسفىٌّ وطريقة مُختلفة لفهم الوجود وتفسير الظواهر الكونية وإعادة صياغة التساؤلات وعلاقة الإنسان بالحياة وبنفسه وبالعالم المحيط به، ومرجعية الفضائل والأخلاق والحرية الإنسانية"!!
هذه هى "نوال" التى ترى نفسها حرة فى زمن الجوارى والعبيد، وتلك هى ابنتها التى تصف أمها دائمًا وأبدًا بأنها نبيَّة هذا الزمان، وأنه لا كرامة لها فى وطنها ولا أحد يعرف قدرها، ولن نعرفه إلا بعد فوات الأوان!