لماذا يكره الإخون حرب أكتوبر؟.. دراسة تؤكد: عبدالله الشريف نموذج فج في الترويج للمغالطات والسير في نسق تل أبيب.. زور وحرف شهادات
السبت، 10 أكتوبر 2020 07:36 م
تعتمد السردية المعادية لانتصار حرب أكتوبر، بنسقها الإخوانى – الإسلام السياسى -، والإسرائيلي؛ على التشكيك فى حجم الانتصار المصرى والترويج لتعادلية الموقف الميدانى بين مصر وإسرائيل، وإبراز وقائع ثغرة الدفرسوار بشكل يعتمد على المبالغة والتهويل، والاجتزاء من شهادات العسكريين المصريين، وترسيخ حالة من الانهزامية فى المخيلة والذهنية المصرية والعربية جراء حرب أكتوبر، وما حققته من انقلاب جذرى فى تاريخ الحروب المعاصرة والعلوم العسكرية.
ووفقا لتقرير يرصد تفكيك السردية والخطاب الإخوانى الإسرائيلى لحرب أكتوبر، نموذج "عبد الله الشريف"، فإنه بشكل عام تتقاطع السردية الإخوانية مع الإسرائيلية فى محاولة بخس الانتصار حقه، من خلال إبراز ثغرة الدفرسوار كأنها تحول ميدانى كبير قلب ميزان المعركة نتيجة لسوء التخطيط والإدارة المصرية وتفوق الجانب الإسرائيلى الكمى والكيفى، فيما تتميز السردية الإخوانية بالاعتماد بشكل كبير على مذكرات الفريق الراحل سعد الدين الشاذلى رئيس أركان القوات المسلحة فى حرب أكتوبر، مستغلًة تباين واختلاف الرؤى بين الشاذلى والرئيس الراحل أنور السادات، فى الهجوم على الدولة المصرية ورموزها وتزييف الحقائق بشكل يعمق من روح الانهزامية لدى مخيلة المصريين خاصة، والعرب عامًة، فى حدث صاغ وحده ميزان قوى جديد للشرق الأوسط ظل صامدًا لخمسة عقود.
ويوضح التقرير تقدير موقف لنموذج من السردية المعادية لحرب أكتوبر، مشيرا إلى أنه قد عّبر عن السردية الإخوانية – الإسلام السياسى – وروج لها؛ المدعو "عبد الله الشريف" فى حلقته الأخيرة، وأثار سؤال مازال يتردد فى أوساط شعبية مرتبطة بالمزاج الإسلاموى والشعبوى، "هل انتصرت مصر فى حرب أكتوبر؟"، واعتمد الأخير فى حلقته على تطعيمها بمعلومات صحيحة ضمن فقرات تنضح بالتزييف والتزوير، وقد انطوت الحلقة على العديد من المغالطات المنطقية الفجة، والاجتزاء المجحف من شهادات العسكريين المصريين، وخاصة الفريق الشاذلى، وبالرغم من إجابة المدعو على السؤال المثار بـ "نعم ولكن"، إلا أنه من خلا العرض قد عزز من السردية الإسرائيلية كما يجب أن تكون، والتى تدور بالأساس حول تعادلية الموقف الميدانى، بل وضعف موقف القوات المسلحة المصرية بعد الرابع عشر من أكتوبر 1973 .
ورصد التقرير هذه المغالطات، وهى كالتالى: فى الدقيقة 1:15، يقول أن مصر هزمت فى حرب 1956، وهو ما يتنافى بالأساس مع إعلان القادة الغربيين أنفسهم بفشل حملة العدوان الثلاثى على مصر، ويتنافى كذلك مع الواقع، باستمرار نظام الرئيس جمال عبد الناصر، بل وسيطرة مصرية كاملة على قناة السويس. حيث كان من أهداف الدول الثلاث المعتدية (فرنسا بريطانيا إسرائيل) إعادة احتلال منطقة قناة السويس وإعادة القناة إما دوليًا أو من خلال شركة، وإسقاط نظام الحكم فى مصر ونزع سلاح سيناء، وهو ما لم يتحقق.
وفى الدقيقة 2:10، يقول بأن عدد الخبراء الروس فى مصر وصل لـ 17 ألف خبير روسى، وهو أمر مبالغ فيه، ولم تشمل أى من شهادات العسكريين المصريين ولا الروس هذا الرقم، إذ كانت التقديرات تدور حول المئات، وفى الدقيقة 2:43 يقول بأن خطة العبور فقط هى "المآذن العالية" للفريق سعد الدين الشاذلى، وهو أمر مغلوط، حيث أن خطة العبور الأصلية كانت منذ عهد عبد الناصر وسلمها له الفريق محمد فوزى، وكان اسمها "جرانيت"، وتعرضت لتعديلات بعد ذلك وكانت تهدف لاحتلال منطقة المضائق المائية، وُدِمجت بعد ذلك مع خطة "المآذن العالية" التى كتبها الفريق الشاذلى وكانت الخطة تقع ضمن المستوى التكتيكى للجيش المصرى، وبعد الدمج مع جرانيت، اصبح اسم الخطة "بدر" وهى خطة العبور الكبرى التى هدفت لاحتلال شرق القناة والسيطرة على خط بارليف بالكامل.
وفى الدقيقة 4:07، يقول بأن زوج بنت جمال عبد الناصر "أشرف مروان" هو من سرب موعد الحرب للإسرائيليين، وهو أمر ينطوى على تزييف، فأشرف مروان عميل لجهاز المخابرات العامة المصرية، وكان من ضمن خطة الخداع الاستراتيجى الذى نفذتها أجهزة الاستخبارات، وتعكف أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية على ترسيخ أن أشرف مروان كان عميل لها، مع أنه فى حقيقة الأمر، كما قال الرئيس الراحل حسنى مبارك: "قال لى السادات إنه كان يرسل أشرف مروان إلى العاصمة البريطانية لندن لكى يقابل الإسرائيليين ويمدهم بمعلومات مضللة، إذا يقينا السادات كان يعلم بكل لقاءات أشرف مروان بهم فى لندن، هو كان مكلفا من السادات نفسه، وهذه شهادة للتاريخ سمعتها من الرئيس السادات شخصيا".
وقد روج الإخوانى عبد الله الشريف فى حلقة سابقة له عن السردية الإسرائيلية لقضية أشرف مروان كونه عميل للاستخبارات الإسرائيلية وهو ما يتنافى مع الحقيقة التى عبر عنها الرئيس مبارك، فلا يعقل أن يكون أشرف مروان عميلا للاستخبارات الإسرائيلية ويقوم مندوب من الرئيس مبارك بحضور تشييع الجنازة التى حضرها عدد من المسؤولين الكبار فى الدولة.
كما يقول عبد الله الشريف فى الدقيقة 6:25 بأن خطة المآذن العالية تقضى التغول فى شرق القناة تحت حماية مظلة الدفاع الجوى لـ 15 كم، فى حين أن ذلك كان فى التوجيه الاستراتيجى الصادر عن الرئيس السادات، ومكتوب بخط يده، ويكلف القوات المصرية بالآتي: إزالة الجمود العسكرى الحالى بكسر وقف إطلاق النار اعتبارا من يوم 6 أكتوبر 1973، تكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة فى الأفراد والأسلحة والمعدات، العمل على تحرير الأرض المحتلة على مراحل متتالية حسب نمو وتطور امكانيات وقدرات القوات المسلحة، وحدد السادات أن تنفيذ المهام يتم بواسطة القوات المسلحة المصرية منفردة أو بالتعاون مع القوات المسلحة السورية.
وجاء بالتقرير أنه فى الدقيقة 8:50 يقول بأن القرارات العسكرية ليست من اختصاص رئيس الجمهورية، لأن اختصاصه فقط فى القرار السياسى بشن الحرب، إنما التفاصيل تخص القادة العسكريين، وهذا أمر خاطئ تمامًا ويعكس مدى الجهل بطبيعة أدوار القادة فى المعركة، فالرئيس طبقًا للقانون هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، كما للرئيس السادات خلفية عسكرية، وكما أنه لم يحتكر القرار العسكرى فى المحطات التالية من العبور، وإنما جاء باستشارات واجتماعات مطوله مع القادة العسكريين وأبرزهم المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية واللواء محمد عبدالغنى الجمسى رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، وجميعهم كتبوا مذكراتهم عن الحرب، وأكدوا فى فصولها على الاجتماعات الدورية مع الرئيس السادات فى كل قرار وموقف ميداني.
وفى الدقيقة 9:10، يقول بأن الرئيس السادات طلب تطوير الهجوم وسحب قوات من النسق الثانى لتخفيف الضغط على الجبهة السورية، وهو ما لم يحدث ولم يتم ذكره فى أى من المذكرات حتى مذكرات الفريق سعدالدين الشاذلى، حيث كان الخلاف الرئيس على اعتراض كل من "الرئيس السادات – المشير أحمد إسماعيل – اللواء عبدالغنى الجمسي" على فكرة الشاذلى بسحب قوات من شرق القناة وهى قوات مشاة، لغرب القناة للتصدى للثغرة وإبادتها، وهنا كان الخلاف تكتيكيًا بمعنى، كى يتم نقل القوات من الشرق للغرب تحتاج لتأمينها تماما كالانسحاب ما يضع القوات فى خطر استهدافها ويضع وضع الجبهة المصرية فى شرق القناة فى مخاطر جسيمة، والرئيس مبارك عبر عن ذلك بالصوت والصورة فى فيديو يشرح فيه حقيقة الأمر.
وفى الدقيقة 11 يقول بأن مصر كان لديها نحو 400 دبابة فقط كانت تمتلكها وقت الحرب، وهى معلومة خاطئة تمامًا فكان لدى مصر حوالى 1700 دبابة، وفى الدقيقة 12 يتحدث عن عملية "الغزالة" الإسرائيلية وهى عملية ثغرة الدفرسوار، ويتابع أنها أبادت القوت المصرية ويرفق باجتزاء شهادة الفريق الشاذلى عن الخسائر جراء عملية الالتفاف، لكن ما لم يعرضه هو قول الفريق الشاذلى ببطولة وتصدى القوات المصرية لوحدات المدرعة الإسرائيلية، بل وإبادتها.
وأشار التقرير إلى فيديو يقول فيه الشاذلى فى شهادته أن القوات المصرية حققت معجزة عسكرية بتصدى قوات الصاعقة للواء مدرع إسرائيلى، كما أن الثغرة تلك لم تحقق أهدافها، حيث كانت تريد إسرائيل احتلال كامل السويس والإسماعيلية وهو ما لم يتحقق.
كما يقول عبد الله الشريف، بأن الرئيس السادات كان يخطب يوم 16 أكتوبر والقوات الإسرائيلية مسيطرة على منطقة السويس، ولم يكن هناك من يدافع عن القاهرة، وهى سردية خائطة وعارية من الصحة، إذن فلماذا لم تتقدم إسرائيل باتجاه القاهرة؟، والحقيقة أن إسرائيل واجهت خطر تصفية قواتها غرب القناة فى حال استمرار الوضع الميدانى الذى بات يضيق عليهم بشهادة الفريق الشاذلى، لكن شهادته فى هذا الأمر لم يعرضها المدعو فى حلقته.
وأوضح التقرير أن المدعو يحاول تزييف الغرض الرئيسى من عبور القوات، ويحاول تصوير بأن الجيش المصرى كانت مهمته تحرير كامل أرض سيناء فى أكتوبر 73، وهو أمر مغلوط تمامًا، فطبقًا للتوجيه الاستراتيجى للرئيس السادات، يقضى بعملية عسكرية محدودة تتطور حسب الظرف السياسى، أى أن الهدف هو عبور القوات واحتلال منطقة بعمق شرق القناة وتثبيت هذا الانتصار العسكرى لمواصلة باقى عمليات تحرير الأرض السياسية والعسكرية دون تعريض الأمة المصرية لخطر وجودى، حيث أن الحرب مبنية على تقديرات معينة، طبقًا للحالة المصرية وقدراتها الاقتصادية والعسكرية ومدى نفوذها السياسى وبالوضع الجيوستراتيجى فى المنطقة، حرب أكتوبر هى حرب محدودة وليست حرب اكتساح شاملة على غرار الفيالق الرومانية والجيوش الألمانية فى عملية غزو روسيا "بربروسا".
والمدعو عبد الله الشريف يتطرق فى آخر الفيديو بمقتطفات من مذكرات اللواء الجمسى، يتطرق فيها الأخير بأنه فى إعادة بناء القوات المسلحة عقب النكسة تم إزاحة أدوار الجيش المدنية، للتركيز على الجبهة، وهى فقرة صحيحة فى المذكرات، لكن المدعو اجتزأ الفقرة لترسيخ أن أدوار الجيش هى فقط عسكرية وضمن الحرب وليست ضمن الحياة الاعتيادية، وذلك فى ضوء الجهود المبذولة الحالية من جانب القوات المسلحة المصرية فى معاونة الدولة المصرية فى تنفيذ خططها للتنمية الشاملة، ما يجهله المدعو أو يريد عدم إيضاحه، هو أن بعد حرب أكتوبر، تطورت العلوم العسكرية فى شتى المجالات منها الإدارة، حيث أصبح تحقيق الاكتفاء الذاتى للجيوش من الخبرات والعمالة والاحتياجات سمة أساسية من سمات الجيوش الحديثة لتخفيف عبئ الاعتماد على الحكومات لتوفير حاجات الجيوش، فمثًال الجيش التركى يشارك فى مختلف المشاريع المدنية فى تركيا، من الزراعة للصناعة وحتى التجارة، ولديه قاعدة تصنيع محلية مع شركات من القطاع الخاص تقوم بتصنيع الفرقاطات والطائرات من دون طيار، كما لديه اسهامات كبيرة فى الطرق ومشاريع البنى التحتية.
أيضا، اعتمد المدعو على بوست رئيس الوزراء الإسرائيلى عن حرب أكتوبر والذى قدم نفس السردية التى سوقها المدعو للملايين، كما ركز المدعو على وصف رئيس الوزراء الإسرائيلى لكل من مصر وسوريا بالأعداء أثناء تطرقه لحرب أكتوبر، والمدعو لا يعلم أن إسرائيل هى العدو فى عقيدة الجيش المصرى ووحداته وذلك يظهر فى عدة مستويات منها التدريبى وحتى شكل القوات وتقسيمها، إذ أن الجيش المصرى مصمم بالأساس للمواجهة مع إسرائيل، وما تفرضه الظروف الميدانية وبروز التهديدات والمخاطر المتنوعة.
وتطرق المدعو لمقتل عدد من الصيادين فى قطاع غزة أثناء انتهاكهم للسيادة البحرية المصرية، مع أن تركيا لم ولن تتوانى عن قتل النساء والأطفال السوريين أثناء عبورهم للحدود التركية لاجئين من القصف والحرب.