إصابة ترامب بكورونا تجدد حرب اللقاحات بين الكبار
السبت، 10 أكتوبر 2020 10:00 مأحمد سامي
روسيا تستعرض عضلاتها بـ«سبوتنيك V» وتعرض على البيت الأبيض علاج الرئيس الأمريكي.. والصين تسابق الزمن لغسل سمعتها السيئة
هل يخضع رئيس أكبر دولة في العالم إلى اللقاح الروسي؟.. أم سيلجأ إلى شركات أمريكية أعلنت أيضًا عملها على انتاج علاج للفيروس؟.. أسئلة طرحت نفسها خلال الأيام القليلة الماضية، بعدما عرضت موسكو على الإدارة الأمريكية أن يتناول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اللقاح الروسي «سبوتنيك V» الذي أعلنت عنه موسكو في منتصف أغسطس الماضي بعدما ثبت إصابته بفيروس كورونا المستجد.
جميع المؤشرات توضح أن علاج "سبوتنيك V" الروسي هو الأكثر فاعلية مقارنة بجميع اللقاحات التي أعلنت عنها الشركات العالمية، ولم تظهر نتائجها بشكل رسمي حتى الآن، وتشير البيانات الأولية إلى أن اللقاح يؤمن استجابة جيدة للأجسام المضادة ولا يسبب آثارا جانبية خطيرة، لذلك هو الأقرب لعلاج الرئيس الأمريكي الآن، رغم ما تردد عن إعلان أكبر شركة لقاحات في العالم «سيروم إنستيتوت أوف إنديا» توفير جرعات من لقاح كورونا تكفي كل الأشخاص في العالم حتى عام 2024.
رغم الاحتياج الذي كان فيه الرئيس ترامب إلى لقاح آمن وفعال لعلاجه من فيروس كورونا، إلا أنه لو كان قد وافق على استخدام اللقاح الروسي كان سيقع في مأزق كبير خاصة أنه أول من وجه انتقادات شديدة لروسيا بسبب اللقاح الذى تنتجه لعلاج الفيروس التاجي، قائلاً إن موسكو تخطت بعض الاختبارات اللازمة فى إنتاج مثل هذه اللقاحات، وإن الولايات المتحدة لم تفعل الشىء ذاته.
لو كان ترامب استخدم اللقاح الروسي، كانت ستفوز روسيا تفوز في حرب اللقاحات التي يتنافس عليها العديد من الدول الكبري.
وزادت الضغوطات على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدما أظهرت نتائج استطلاعات الرأي تراجع شعبيته مع اقتراب عدد وفيات الأمريكيين جراء فيروس كورونا من 190 ألف شخص، ووعد ترامب بلقاح في وقت قياسي، ربما قبل الانتخابات، المقرر إجراؤها في الثالث من نوفمبر المقبل وهو ما قد يزيد من حظوظه في الفوز بالانتخابات، واتهم جو بايدن ونائبته السناتور كامالا هاري، ترامب بتعريض الأرواح للخطر بأسلوب تعامله مع الجائحة، غير أن وعود ترامب أججت التساؤلات حول الضغوط التي يتعرض لها الباحثون والعلماء من أجل إخراج لقاح قبل اجتياز اختبارات السلامة.
تسارعت الدول الكبري منذ انتشار فيروس كورونا المستجد لتمويل الشركات ومراكز البحوث للتوصل إلى لقاح يقضي على وباء كوفيد-19، وخاضت عدداً من الدول بينها وروسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والصين وفرنسا وغيرها، سباقاً عالمياً لتطوير لقاحات فعالة ضد فيروس كورونا المستجد، وتعتبر روسيا أول دولة في العالم وافقت رسمياً على طرح لقاح مضاد للفيروس أطلق عليه اسم "سبوتنيك" تيمناً باسم أول قمر صناعي في العالم أطلقه الاتحاد السوفيتي عام 1957، وبات التوصل إلى لقاح فعال وآمن وإمكانية توزيعه بسرعة على نطاق واسع، أولوية استراتيجية تتنافس فيها بشأنها القوى العالمية الكبرى، مستعملة في ذلك كل الأسلحة المتاحة علمياً واقتصادياً وسياسياً وحتى استخباراتياً.
وأعلنت 4 شركات أمريكية عملاقة عن أنها تحضر علاجا للفيروس، أبرزها فايزر، التي تعد من الشركات القليلة التي حددت موعدا قريبا لطرح اللقاح، حيث أكدت استعدادها لتجهيز اللقاح للاستخدام الطارئ في الخريف، على أن تصبح أكثر جاهزية لإنتاج واسع النطاق في نهاية العام، وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، كما أعلنت شركة جيلياد ساينسز الأمريكية عن عقار رمديسفير الذي أظهر نتائج إيجابية خلال التجارب السريرية على مصابين بكوفيد-19.
وأعلن أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، والمسئول عن اعتماد الأدوية في الولايات المتحدة، أن دواء ريمديسفير نجح في تقليل مدة المرض من 15 إلى 11 يوما، وأنه قد يكون متاحا في الأشهر القليلة المقبلة، وأيضا تعاقدت الحكومة الأمريكية مع شركة جونسون آند جونسون لتطوير لقاح لفيروس كورونا، وبلغت قيمة العقد 456 مليون دولار، بحسب مجلة فوربس، وينص العقد على إنشاء الشركة قسما متخصصا في إنتاج الأدوية، من أجل التوصل إلى اللقاح.
من جهتها، أجازت الصين منذ نهاية يونيو، استخدام لقاح يطوِّره معهد أبحاث عسكرية ومجموعة «كانسينو بيولوجيكس» في صفوف جيشها، وذلك قبل بدء المراحل الأخيرة لتجربته، فيما يُجهِّز وزير الصحة الروسي، ميخائيل موراشكو، حملة تطعيم جماعي ضد فيروس «كوفيد-19» في أكتوبر، بعد استكمال التجارب السريرية لأحد اللقاحات.
وعرضت الصين لقاحات محلية ضد فيروس كورونا فيما يحاول هذا البلد الذي اندلع فيه الوباء لأول مرة، تحسين سمعته الدولية، وتعلّق بكين آمالا كبيرة على لقاحات محتملة من إنتاج الشركتين الصينيتين "سينوفاك بايوتك" و"سينوفارم" قدمت مشاريعها في المعرض التجاري ببكين، ولم يُطرح أي من تلك اللقاحات في السوق حتى الآن، لكن منتجيها يأملون أن تتم الموافقة عليها بعد انتهاء تجارب المرحلة الثالثة في وقت مبكر من نهاية العام الجاري. وقالت شركة "سينوفارم" إنها تتوقع أن تستمر الأجسام المضادة التي يوفرها لقاحها، ما بين سنة وثلاث سنوات، رغم أن النتيجة النهائية لن تُعرف إلا بعد انتهاء التجارب.
أما شركة سينوفاك للتكنولوجيا الحيوية، فأكدت في مايو الماضي أن لقاحها ضد الفيروس لم يسبب آثارا جانبية حادة في مرحلتي التجارب الأولى والثانية، وهي تجارب شملت 421 مشاركا كانت أعمارهم 60 عاما على الأقل. ويبدو هذا اللقاح آمنا لكبار السن حسب نتائج أولية، في حين أن الاستجابات المناعية التي أثارها اللقاح كانت أخف قليلا عندهم عما هي عليه عند البالغين الأصغر سنا.
وتشعر السلطات الصينية بقلق بخصوص ما إذا كانت اللقاحات التجريبية يمكن أن توفر حماية آمنة لكبار السن، الذين عادة ما تتفاعل أجهزتهم المناعية بشكل أقل قوة مع اللقاحات.
يجري اختبار هذا اللقاح أيضا في البرازيل وإندونيسيا في مرحلة التجارب النهائية على البشر، وقُدم لقاح "كورونا فاك" بالفعل لعشرات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم نحو 90 في المئة من موظفي سينوفاك وأسرهم، في إطار برنامج تطعيم طارئ في الصين لحماية الأشخاص الأكثر عرضة لاحتمالات العدوى.
وتقوم شركة "نوفارتيس" الألمانية بتصنيع اللقاح المحتمل لفيروس كورونا وعقدت صفقة تصنيع مع فريق أمريكي، ويعتمد اللقاح المرشح على تكنولوجيا مماثلة لتكنولوجيا علاج الجينات، حيث يهدف الباحثون الأمريكيون إلى إدخال مادة وراثية تشكل "طفرات" فيروسات التاجية الجديدة في ما يسمى بالفيروس المرتبط بالأدوية (AAV)، قبل حقنها في البشر لإثارة استجابة مناعية ضد كورونا.
فيما أعلنت شركة بيونتش Biontech الألمانية توسيع طاقات إنتاجها للقاح كورونا، وذلك بتفويض من شركة الأدوية السويسرية العملاقة "نوفارتيس" التي تقوم بتصنيع لقاح محتمل للفيروس، ومن المقرر أن تصل طاقات الإنتاج للقاح إلى 750 مليون علبة سنويًا أو أكثر من 60 مليون علبة شهريًا عند التشغيل الكامل.
ودخل لقاح فيروس كورونا الذى تطوره جامعة أكسفورد البريطانية بالتعاون مع شركة أسترا زينكا في السباق العالمي مع اللقاحات المرشحة لفيروس كورونا، وقد أثبت هذا اللقاح في التجارب الأولية أنه آمن ويوفر استجابة مناعية قوية ويتمكن من تنشيط جهاز المناعة، ولكنه تم ايقاف تجاربها السريرية النهائية لإنتاج اللقاح، بسبب مرض أحد المتطوعين في بريطانيا.
من جهتها، تقود منظمة الصحة العالمية والتحالف العالمي للقاحات والتحصين (جافي) برنامج كوفاكس الذي يهدف إلى المساعدة في شراء وتوزيع جرعات اللقاحات المضادة للفيروس، بشكل عادل على مستوى العالم. لكن بعض الدول فضلت الحصول على إمداداتها عن طريق اتفاقايت ثنائية، ومنها الولايات المتحدة التي قالت إنها لن تنضم لكوفاكس.