سنحتفل كأنك لم تغب يوماً

الثلاثاء، 06 أكتوبر 2020 07:58 م
سنحتفل كأنك لم تغب يوماً
مصطفى الجمل

 
لم يكن والدي سوى صعيدي أزهري صوفي، يعتقد مثلما يعتقدون في أنه لا بشر على وجه هذه البسيطة يستحق أن يُحتفَل بمولده سوى نبينا محمد وآل بيته، ساد هذا الاعتقاد حتى قدم ثلاثتنا واحداً تلو الآخر على ما بيننا من سنوات فاصلة. 
 
لا أقول إن مكانتنا في قلب أبي اقترنت بمكانة نبي الأمة وآل بيته، حتى يكسر قاعدته ويقر يوم مولدنا مناسبة تستحق الاحتفال، ولكن قلبه أفتاه بأنه لا ضرر في أن يحتفل بنا مذكراً بسيرة النبي مشدداً على أنه لا سبيل للنجاة سوى التمسك بتعاليم خير خلق الله. 
 
شيئاً فشئياً تغيرت مظاهر الاحتفال، وتكسرت على عتبة تمردنا وتعلقنا بما يُفعل لأقراننا في مثل تلك المناسبات كثيرٌ من تقاليد والدي ووصاياه، ولم يعد هذا اليوم  - بالنسبة لنا وقتها – حدثًا يناسبه هذه الوصايا الدينية. 
 
كنا أطفالاً وليس على الأطفال حرج، أما اليوم وتمر علينا ذكرى مولدك، وأنت في عالم آخر غير عالمنا، أعدك بأن نحتفل بك مثلما كنت تحلم لنا دائماً.
 
أعدك أننا لن نحتفل دون أن نكون على وضوء وانتهينا من صلاة العشاء، أعدك بأننا لن نغالي في الزينة و«النفافيخ» و«الجاتوهات»، أعدك أننا لن نحتفل إلا بدعوة الأهل قبل الأصدقاء، أعدك أننا لن نحتفل وفي قلبنا ضغينة لأحد. 
 
أعدك أننا سنستعيد وصاياك، لن نغفل منها واحدة، ولن نبدي ضجراً من تكرارها، لن نناقش، لن نجادل، أعدك أننا سنحاول جاهدين تنفيذ ولو القليل منها، وفي المحاولة إثابة كإثابتك لمن حاول فينا الصوم قبل موعده.  
 
أعدك وأننا نحتفل لن نقرب حاسبوك، لن يصيبه أذى، ستبقى ملفاته وما عليه من مخطوطات ورسائل ومناقشات كما هي، أعدك أن ورقك أيضاً ستجده بعد الاحتفال، لن يضيع ولن تدهسه أقدامنا في غفوتنا. 
 
سنحتفل بك بطريقتك، سنحتفل كأنك لم تغب يوماً، كأنك لم تغادر غرفتك كأنك لم تغير جلستك، كأنك لم تفارق سجادتك، كأنك لازلت ممسكاً بقلمك تحضر لخطبة الجمعة المقبلة، كأنك لم تخلع يوماَ نظارتك.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق