فيس بوك في زمن حرب أكتوبر.. الثورجية: «حاربوا يا مصريين واحنا قاعدين»
الثلاثاء، 06 أكتوبر 2020 12:15 م
بالكاد يفتح عينيه من نوم متأخر ليلة البارحة بعد سهرة في جروب "الرفقاء"، يلتقط هاتفه المحمول متلهفا إلى التطبيق الأزرق «فيس بوك» ليرى آخر الأخبار عن البلاد التي تتوق إلى حرب الثأر وإعادة أراضيها من عدو مغتصب، الظروف مناسبة تماما والمناخ العام يسمح له بالانتشار ولعب الدور الذي طالما تدرب عليه في بروفات سابقة.
«يا رفقاء إيه آخر الآخبار.. الوقت مناسب علشان نقوم بثورة داخلية لتنظيف البلد أولا علشان نقدر نرجع الأرض.. كل التجارب في البلاد السابقة بتقول إننا لازم نعمل ثورة داخلية الأول ودي مهمتنا».. لم يضع الشاب الثورجي الوقت والتقط مسرعا أطراف الحديث على أحد جروبات الرفقاء، والذي سمي «رفقاء وسط البلد» ليمارس لعبته المفضلة في حبكة الخطابات الرنانة والشعارات الثورجية وقيادة الجماهير إلى النزول في الشوارع لأي شيء وأي وقت.
الأجواء مشحونة، والشعب في الشوارع يتوق إلى الثأر، رائحة أرض سيناء الطاهرة ودماء الشهداء تفوح في الحارات والأزقة في المدن والقرى من شرق المحروسة لغربها، و«وجروب الثورجية» يرى أن البلاد لن تقوم لها قائمة مرة أخرى إلا بإسقاط النظام القائم، صفحة على فيسبوك تلو الأخرى تم إنشاؤها لقيادة الجماهير، منشورات متتالية مع هاشتاجات #انزلوا_يا_مصريين #الثورة_قبل_الحرب.
«يا عم حرب إيه وبتاع إيه.. الشعب دا مش بتاع حروب.. سيبك من المناورات دي.. خلونا نشوف مصلحتنا في الوسط السياسي».. ألقاها أحدهم وسط الجروب ليؤمن الآخرون على الخطة التي تقتضي جزء من الكعكة السياسية وحشد الجمهور على السوشيال ميديا كأرضية سياسية معارضة للحكم.
لم تمر سوى ساعات قليلة حتى تواردت الأخبار متلاحقة عن حرب في سيناء، فعلها الجيش المصري وقررت القيادة البداية، الشعب في الشوارع يتلهف إلى سماع الأخبار الواردة عن الأبطال، رائحة النصر تذكم الأنوف، كتائب شعبية داعمة في المستشفيات والمؤسسات، شعب كامل انتظر هذه اللحظات لتحرير أرضه من عدو غاشم، والحلم يتحقق أمام عينيه بدماء وتضحيات رجاله.
«حاربوا يا مصريين واحنا مستنيين».. كان هذا هو الشعار المرفوع داخل "جروب الثورجية" منذ اللحظة الأولى من توارد الأخبار عن حرب أكتوبر المجيدة وساعة الصفر، اختارت المجموعة مساندة الشعب من شاشة الموبايل ومنشورات الفيسبوك، في انتظار النتيجة وما ستؤول إليه نتيجة الأحداث وكيف ستكون اللعبة السياسية بعد الانتصار.
«احنا لازم نهني الشعب ببيان كامل باسم مجموعتنا.. وكمان نقف وراء القائد العظيم».. اقترح أحدهم على الجروب، والتقط آخرون الفكرة ثم ما لبثوا أن خرجوا بالبيان على جموع الشعب معلنين فيه مباركة الأمة والقيادة الرشيدة على النصر الذي كانوا جزء منه بلا شك.
عزيزي القارئ.. السطور الماضية ما هي إلا سيناريو تخيلي بإسقاط على واقع نعيشه وشاهدناه لشخصيات أطلقت على نفسها لقب الثورجية، وعينوا أنفسهم أوصياء على الشعب يتحدثون باسمه ويأخذون له قراراته المصيرية دون اعتبار لأحلام ومستقبل البلاد، وما هو إلا وقت قليل ويسقط اللثام عن تلك الشخصيات وتظهر الأسرار من خلف الكواليس ويتعرى معها مدعو الثورية بمخططات لإحراق وإسقاط البلاد مقابل حفنة دولارات من الخارج.. هؤلاء هم النكسة الحقيقة وتخلص الشعب منهم هو الانتصار الحقيقي.. ولو كان هؤلاء بفيسبوكهم موجودون في زمن حرب أكتوبر لما رأت مصر خيرا.