4 مبادئ ملزمة لحكومة مدبولي في التعاطي مع مخالفات المباني
الأحد، 27 سبتمبر 2020 10:43 مسامي بلتاجي
نهج جديد للدولة المصرية، يتمثل في مشاركة الرأي العام، في تنفيذ قرارات بناء وإعادة بناء الدولة، وتوضيح أبعاد تلك القرارات وأثرها على الأمن القومي؛ ومن أمثلة ذلك، كم الفعاليات التي نظمتها رئاسة الجمهورية، بحضور ومشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وتلك التي نظمها مجلس الوزراء، لتوضيح أبعاد موقف الدولة من مخالفات المباني، وآخرها اللقاء الذي جمع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، يوم السبت، 12 سبتمبر 2020، في زمام كفر سعد بمحافظة القليوبية، وكلا من الفريق أول محمد زكي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام، واللواء عبدالحميد الهجان، محافظ القليوبية.
خلال كلمته، عرض الدكتور مصطفى مدبولي، لقوانين تنظيم عمليات البناء، منذ التسعينيات وحتى 2020؛ لافتا إلى أن مصر فقدت ما يقرب من 400 ألف فدان، من أجود الأراضي الزراعية على مستوى العالم، على مدار 40 عاما؛ منها 90 ألف فدان خلال الفترة من 2011 حتى 2020؛ مشددا على ضرورة الانتهاء من ملف مخالفات المباني للخروج من الدائرة المفرغة، المتمثلة في استمرار مخالفات البناء في سباق مع جهود الدولة التقنين.
وتأتي جدية الدولة في مواجهة مخالفات المباني انطلاقا من 4 مبادئ على الأقل، تلزم الدولة بالإزالة في حالة إصرار المخالف على مخالفته للقوانين القواعد المنظمة.
المبدأ الأول: عدم مكافأة المخالف من التمييز بين المواطنين في الالتزام بتطبيق
(المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات الواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أوالعقيدة، أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر)، بنص المادة 53 من الدستور المصري المعدل في 2019، وهو ما يعني أن عدم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المخالفين، غير المستوفين لشروط التصالح، سيكون بمثابة تمييز لصالح المخالف لقوانين البناء ضد الملتزمين بتلك القوانين وغير المخالفين، بالمخالفة لنص نفس المادة، حيث: ﴿التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون﴾، حيث أن التمييز أحد أسباب الكراهية؛ لذلك، ووفق المادة، المشار إليها، (تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض).
المبدأ الثاني: عدم معاقبة المواطنين الملتزمين بالقانون
في المؤتمر الصحفي الذي عقده، في 9 سبتمبر 2020، كشف الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن بعد جديد، ويهدد بالخطر ووقوع الضرر على غير المخالف، وهو البعد الذي يتمثل في اضطرار الدولة لنزع مساحات من الأراضي من الملكيات الخاصة لبعض المواطنين، لإقامة مشروعات نفع عام، كمحطات لمياه الشرب والصرف الصحى أو المدارس، وغيرها من الخدمات والمرافق العامة، في حالة التقنين للمخالفين بالتعدي على الأراضي الزراعية أو اشتراطات البناء؛ وبالتالي تقع العقوبة على غير المخالف، في حين يتم توفير الخدمات للمخالف.
وزاد رئيس مجلس الوزراء، في اللقاء الذي جمع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، يوم السبت، 12 سبتمبر 2020، في زمام كفر سعد بمحافظة القليوبية، موضحا أن مجرد فتح شوارع بين الكتل السكانية المخالفة، لخروج ودخول المواطنين، لمساكنهم، يتطلب إزالة بعض المباني، فضلا عن أن تلك الكتل، التي لا تتوافر فيها الاشتراطات البنائية، لا تحقق الشروط الفنية لإدخال وإمداد الوحدات السكنية بالغاز الطبيعي، من حيث عرض الشارع بين العقارات المبنية.
المبدأ الثالث: التهاون في إهدار الأراضي الزراعية يخالف الدستور
كانت مهابة المواطنين من القانون وجهات تنفيذه، قبل نحو 40 عاما -الفترة التي قدرت الدولة كم المساحة الإجمالية لمخالفات المباني بأربعمائة ألف فدان- تتحقق من مجرد ارتكاب مخالفة تجريف الأراضي الزراعية لاستخدامها ترابها في قمائن الطوب اللبن، لأغراض البناء في المناطق الريفية، ومع غياب دور الأجهزة التنفيذية في مواجهة تلك النوعية من المخالفات، تجرأ المخالفون على القانون، وتطورت جريمة التعدي على الأراضي الزراعية، إلى تبوير تلك الأراضي واستخدامها في أعمال التشوين أو التقسيم بغرض البيع باعتبارها أراضي مباني بدعوى عدم توافر مقومات الري والصرف، ثم تطورت جرأة المخالفين إلى حد البناء على الأراضي الزراعية وبدون ترخيص أو تخطيط، وادعاء الحق في التقنين بغض النظر عن شروطه.
وفي هذا الصدد، ولمواجهة تجرؤ المخالفين على القوانين المنظمة، احتاط الدستور المصري لذلك، ونص في مادته رقم 29، على أن: "الزراعة مقوم أساسي للاقتصاد الوطني"، "وتلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها وتجريم الاعتداء عليها".
وفي المادة 44 من الدستور، "تلتزم الدولة بحماية نهر النيل والحفاظ على حقوق مصر التاريخية"، و"يحظر التعدي على حرمه أو الإضرار بالبيئة النهرية، وتكفل الدولة إزالة ما يقع عليه من تعديات، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون"؛ كما تلتزم الدولة بنص المادة 45 من الدستور: "حماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية"، "ويحظر التعدي عليها أو تلويثها أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها".
المبدأ الرابع: تكرار المد لفترات التصالح دون تحقيق الغرض من التمديد
تطرق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى مطالبات البعض بتمديد مهلة التصالح على مخالفات المباني، لمدة 6 شهور أخرى، بعد انتهاء المدة المحددة بنهاية شهر سبتمبر 2020؛ وأشار رئيس الوزراء إلى أن فتح باب التصالح بدأ في عام 2017، من خلال القانون رقم 144 لسنة 2017، والصادر في 22 يوليو من ذات العام، بشأن بعض قواعد وإجراءات التصرف في أملاك الدولة الخاصة، ثم قرار رئيس مجلس الوزراء، رقم 18 لسنة 2017، والصادر في ديسمبر من العام نفسه؛ وأعقب ذلك إصدار القانون رقم 17 لسنة 2019، بشأن التصالح في بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها، الصادر في أبريل من العام، المشار إليه، ثم تعديله بالقانون رقم 1 لسنة 2020، الصادر في يناير من ذات العام، ولائحته التنفيذية الصادرة في مارس 2020، والتي على أساسها تم تحديد مهلة التصالح بنهاية شهر سبتمبر 2020.
وبالرغم من ذلك، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مواطنين لا يزالون يرتكبون مخالفات بناء، حتى يوم 29 أغسطس 2020، قبل نهاية فترة التصالح بشهر فقط؛ متسائلا: هل حجم الطلب على المباني يواكب سرعة حركة البناء المخالف؟.. وتابع: "كفاية كده.. خلينا نصلح اللي فات".
الرئيس عبد الفتاح السيسي، في تعقيبه على الغضب من توقيع العقوبة على المخالفين، أوضح أن المخالف، بطبيعة الحال، لا يكون سعيدا بتوقيع الغرامة أو العقوبة عليه؛ ونوه الرئيس إلى أن الدولة لم تتخذ قرارا قاسيا في هذا المجال، بدون إنذار، ولكن بعد التنويه المسبق والتوضيح للأبعاد.
وتابع رئيس الجمهورية: تحدثنا في الموضوع منذ أكثر من ثلاث سنوات، إلا الاستجابة لم تتجاوز 10% من حجم المخالفات، في حين أن حجم التعديات التي حدثت، خلال الفترة ذاتها، تتجاوز تلك النسبة، بما يعني أن القضية تدور في دائرة مفرغة.