بنادق الإخوان تغتال أطفال مصر.. أكبر اختراق لمطبخ الجماعة الإرهابية يكشف مخططها لتجنيد طلاب المدارس
الأربعاء، 23 سبتمبر 2020 08:00 م
التنظيم يقرر الزج بالصغار فى مستنقع العنف.. وبرنامج "وحدة الشرائح" رهان عملاء قطر وتركيا على إشعال البلاد
أسرار مخطط الإخوان للسيطرة على الحضانات والمدارس والأندية.. وملامح ورقة الجماعة لاختراق البيوت وبناء قاعدة إرهابية جديدة
أسرار مخطط الإخوان للسيطرة على الحضانات والمدارس والأندية.. وملامح ورقة الجماعة لاختراق البيوت وبناء قاعدة إرهابية جديدة
جولة جديدة من استغلال الإخوان للأطفال، بعدما حاولت الجماعة الزج بأبناء بعض القرى فى أعمال عنف وإرهاب، كما حدث فى قريتى الكداية و"أبو رجوان" بمحافظة الجيزة، ما أعاد إلى الواجهة تاريخ الجماعة مع تلك الممارسات، بدءا من تاريخ تأسيس التنظيم وذراعه المسلحة "النظام الخاص" واستغلال الطلائع واليافعين فى أنشطة الجماعة ونقل السلاح ومعاونة شبكات العنف، مرورا بعشرات الوقائع التى ورطت فيها أطفالا وشبابا فى وقائع تنظيم 1965 ولجان المدارس والاستعراض العسكرى لطلاب جامعة الأزهر بالعام 2006 وغيرها، وصولا إلى توظيف تلك المجموعات المُغرر بها فى وقفات مؤيدة للجماعة بين 2012 و2013، ثم داخل اعتصام رابعة وفى أعمال العنف التى تلته، وفى وقفات ومسيرات عنيفة أُعدت للتصوير وإنهاك الأجهزة الأمنية خلال الأعوام التالية لثورة 30 يونيو.
المسار الذى بدا أن الجماعة عادت إليه مجددا، وقررت الرهان عليه طمعا فى تعويض مسلسل الفشل والإخفاق المفتوح منذ انتقالها إلى المراكز البديلة فى قطر وتركيا، وعملها لصالح بعض الدول والأجهزة الأمنية فى عمالة واضحة ضد الدولة المصرية، لا ينطلق تلك المرة من تحرك عارض لحشد صغار السن والوعى ووضعهم فى مواجهة الدولة، أو توريطهم فى أعمال عنف لتعجيز الأجهزة الأمنية عن مواجهة تلك التحركات، وإنما تكشف الوقائع المتتابعة والشواهد المتنوعة وما توافر لدينا من معلومات وقرائن بعد بحث طويل وتواصل مع أطراف عديدة بالداخل والخارج، وبعضها من شباب التنظيم أو الفاعلين بين لجانه الإعلامية، أن هذا المسار يأتى فى إطار خطة جديدة طويلة المدى، وليس تحركا طارئا أو وقتيا، وتستهدف تلك الخطة إعادة إحياء الأجنحة المعنية بالأطفال والطلائع، والعمل على تجنيد أكبر عدد من تلك الفئة، لصالح أنشطة الجماعة الإلكترونية والميدانية، أو لتوفير قاعدة عضوية بديلة للنزيف الذى عانته الجماعة خلال السنوات الأخيرة من التصدعات والانشقاقات الداخلية.
الإخوان وتاريخ استغلال الأطفال
"جهادى جهادى..." هكذا تبدّل النشيد الوطنى، وردَّده مئات التلاميذ فى أروقة المدارس المملوكة للإخوان بعد عدة أشهر من فض اعتصام رابعة المسلح. ورغم صدور قرار أواخر ديسمبر 2013 بوضع تلك المدارس تحت إشراف وزارة التعليم، وتسلُّم الأخيرة قائمة بـ84 مدرسة فى 16 محافظة ثمّ وضعها تحت مجهر فاحص، ظلّت خروقات الجماعة مُتصلة شهورا، وحتى بعدما أحكمت الوزارة قبضتها على الهيكل الظاهر من هذه الكيانات، لم تتوقف أنشطة الأفراد من المعلمين والإداريين الملتزمين تنظيميًّا، سواء بمدارس الإخوان، أو فى عموم مدارس مصر. والآن تُعد الجماعة برنامجا لاستعادة سطوتها على الحواضن التربوية، واختراق مؤسَّسات التعليم والتثقيف والرياضة، وتجنيد قاعدة جديدة من الأطفال والمراهقين!
عندما أعلنت الأجهزة الأمنية صبيحة 20 فبراير 2019، تنفيذ حكم الإعدام بحقّ 9 من المتورطين فى اغتيال النائب العام الأسبق، المستشار هشام بركات، نشطت قنوات جماعة الإخوان فى الدفاع عن أعضائها الشباب، وادّعت براءتهم؛ رغم ثبوت التهمة ومسؤولية القيادى الهارب يحيى موسى عن المجموعة والعملية، لكن كانت المفارقة أن أعمار المجرمين التسعة وقت إعدامهم تتراوح بين 21 و26 سنة فقط، ما يعنى أنهم نفذوا عملية الاغتيال وقتما كان أصغرهم أقل من 18 سنة، وبالنظر إلى مستوى الثقة المطلوب للتكليف بعملية نوعية بتلك الخطورة، فإن هؤلاء الشباب انخرطوا فى صفوف الجماعة منذ طفولتهم المُبكرة، ومن ثمّ فالأرجح أنهم أبناء أُسَر إخوانية راسخة، أو أنهم نتاج مُباشر للعمل داخل المدارس والمساجد ومكاتب تحفيظ القرآن والأندية ومراكز الشباب!
وقتها، استرعى الأمر انتباهنا، فحاولنا تتبُّع المعلومات المتاحة عن هذا المسار التنظيمى، أو ما عُرف سابقًا داخل الجماعة بـ"لجنة الأشبال والزهراوات"، وطوال 18 شهرا تقريبا تشابكت الخيوط بشأن أنشطة هذا الجناح المهم داخل التنظيم خلال السنوات الأخيرة. كانت أبرز الحكايات من نصيب القيادى المسجون محمد وهدان، الذى تولى مسؤولية قسم التربية، وزوجته وكيلة المعهد الأزهرى التى عاونته طويلا فى إعداد البرامج التربوية والإشراف على تنفيذ أنشطتها ومُعسكراتها، يليهما القيادى أيمن عبد الغنى، زوج ابنة خيرت الشاطر ورئيس قسم الطلبة بالجماعة ثم أمين شباب حزبها "الحرية والعدالة". لكن أهم ما عثرنا عليه فى رحلة البحث والحديث مع عناصر حالية ومُنشقّة عن التنظيم، ومع كوادر تنظيمية وإعلاميين مصريين بالدوحة وإسطنبول، مُقرّبين من التنظيم ومُستقلّين عنه، أن الجماعة تعمل على خطة جديدة لإحياء لجنة الأشبال، وتُعدّ برنامجا تربويا يتجاوز إخفاقات المرحلة السابقة، ويزيد قدرات التنظيم على الوصول إلى القاعدة الواسعة من الأجيال الجديدة، بدءا من مراحل عُمرية مُبكّرة، وبعيدا عن الربط الواضح أو العلاقة المباشرة لتلك الأنشطة بالجماعة ومكاتبها!
رحلة الدخول إلى وكر الإخوان
فى بادئ الأمر تحدثنا مع "محمد. ع"، 31 سنة، نجل قيادى بالمكتب الإدارى للإخوان بإحدى محافظات الصعيد، تأسيسا على علاقة شخصية ممتدة لسنوات، ويقول "ع" إنه لم يُعد إخوانيا بعدما سافر شقيقه إلى سوريا وورّطت الجماعة والده فى أعمال عنف دخل بسببها السجن بعد فض رابعة، لكنه يُخفى انشقاقه خوفا من رد انتقامى يضر والدته وإخوته، ويطال نصيب والده فى مشروع يتشارك فيه مع زملاء بالجماعة. وإلى جانبه امتدّ التواصل لثلاثة من الصحفيين المصريين فى تركيا، أحدهم منخرط تنظيميا بالجماعة. طالت الحوارات بين مارس وأكتوبر 2019 عن لجنة الأشبال، وعن الأنشطة التربوية وإعداد الأفراد داخل التنظيم. المُصادفة وحدها طوّرت الأمر خلال أحد النقاشات مع أحد المصادر الخارجية "م. ر"، قال فى ثنايا حديثه إن "مشكلة التربية داخل الجماعة موروثة عن رسائل البنا، وليست مرتبطة بأخطاء الأجيال اللاحقة، لهذا تُوجد فى الأدبيات والإفرازات الأولى للإخوان، بدرجة وجودها فى برنامجها التربوى الجديد لإعداد الشرائح". استفسرنا عن الأمر فقال إنها "خطة أعدتها الجماعة لاجتذاب النشء ووضع برامج جديدة لتربية الصف"، وأنه سمع بها من صديقه الشاعر "ى. ع"، الذى كان ينتقدها ضمن انتقادات عديدة لممارسات قادة الجماعة فى إسطنبول، ووعد بتزويدنا بنسخة حال حصوله عليها من العمدة. انتقلنا بتلك التفاصيل إلى مصدرنا الشاب بالداخل، فقال إنه لا يعرف عن تلك الخطة شيئا، لكن لديه صديق منخرط فى أنشطة الدعوة والتربية ومُنتم لأسرة إخوانية بارزة بالدلتا.
تعرّفنا من خلال مصدرنا إلى محمد مصطفى "اسم مُستعار"، بوصفنا فريقا بحثيا يُعد دراسة أكاديمية عن مناهج التربية داخل التيار الإسلامى، لا سيما الإخوان والتيار السلفى. تنامى النقاش عن تراث الدعوة والتربية بالجماعة، وعن رسائل البنا ومناهج التأهيل، بعدها زودنا "م. ر" من إسطنبول بملف pdf قال إنه "خطة الإخوان الجديدة". عرضنا الأمر على المصدرين المحليين فأكده "محمد. ع" جازما، ونفاه محمد مصطفى فى بداية الأمر، لكنه عاد بعد مناقشات ممتدة لأسابيع إلى تناول الخطة بجدية باعتبارها ورقة تنظيمية، لكنه قال إنها مجرد مقترح حتى الآن. بالتزامن كنا على تواصل مع مصدر رسمى يتابع أنشطة الإخوان، قال إنه تحصل على خطة انتشار جديدة من خلال أحد المتعاونين خارج مصر، وإنها دخلت حيز التنفيذ مؤخرا. منحنا نسخة منها، وبمطابقتها بالملف فى حوزتنا تأكدنا من تطابقهما. عُدنا إلى "مصطفى" بالمعلومات الجديدة، وبينما بدت معلومات المصدر الأول غير كاملة، ومُحمّلة بموقفه المشحون من الجماعة، كان الأخير أكثر هدوءا وإحاطة، كما بدا تنظيميا مُطلعا ومخلصا لجماعته، فرأينا أن اعتماد روايته واتخاذه مصدرا عمّا تحمله الكواليس سيكون أكثر موضوعية وحيادًا من جانبنا، بعدما تأكدنا من صحة الورقة، ومن دخولها حيز التنفيذ بالفعل!
ملامح خطّة اختراق المدارس
أُعدّت الورقة الموزعة على 4 محاور: خطة الإعلام والوعى لوحدة الشرائح، ورؤية لتطوير الوحدة، والعمل فى المدارس، وأماكن بديلة للمدرسة، من خلال لجنة مُزدوجة ضمّت عناصر من كوادر لجنة الأشبال والزهراوات فى الشُّعب والمكاتب الإدارية بالمحافظات، وخليط من الإعلاميين والتربويين والكوادر التنظيمية من المكتب الإدارى بالخارج، وفى ضوء استطلاع موسع للرأى شاركت فيه رموز تنظيمية متخصصة فى مجالات عمل مُنوَّعة، سواء بالداخل أو الخارج.
يقول المصدر إن الأمر بدأ باقتراح من بعض عناصر الداخل لقيادات المكتب الإدارى بالخارج، بشأن إعادة تنظيم لجنة الأشبال، وتحديث آليات العمل داخل الصف وفى المحيط الاجتماعى، بما يسمح بتطوير أنشطة المتابعة والفرز وانتقاء عناصر من الأجيال الجديدة، تكون نواة مستقبلية لإعادة بناء هياكل الجماعة ولجانها النوعية. وتضمن الاقتراح عرضا لما حققته طلائع الجماعة فى المرحلة التالية لثورة 25 يناير وما بعدها، وكيف كانوا الجسم الصلب للجماعة بعد 2013، والأساس الذى قامت عليه الأنشطة التنظيمية والحركية وجهود اللجان النوعية فى مواجهة "القبضة الأمنية للدولة" وحصارها الخانق للجماعة.
خضع المقترح للدراسة منذ رفعه أواخر العام 2018، وبعدما أقره الأمين العام محمود حسين ومعاونه أحمد عبد الرحمن، بدأ العمل على وضع أطره التنظيمية ومسارات تنفيذه اعتبارا من منتصف 2019، وتسارعت وتيرة العمل عليه بعدما أظهرت دعوات المقاول محمد على للتظاهر خلال سبتمبر الماضى وما بعده، أن قدرات الحشد لدى الجماعة تآكلت عمّا كانت عليه بين 2011 و2013، وأن هناك حاجة ماسّة لبدء تكوين قاعدة شعبية جديدة حتى لا ينعكس هذا التآكل على فرص وجود التنظيم نفسه. هكذا يُؤكّد المصدر.