طلال رسلان يكتب: حرب العصابات والجبهات تشعل الصراع داخل التنظيم الدولي للجماعة الإرهابية

السبت، 12 سبتمبر 2020 09:00 م
طلال رسلان يكتب: حرب العصابات والجبهات تشعل الصراع داخل التنظيم الدولي للجماعة الإرهابية
إبراهيم منير

قنبلة الشباب الغاضب تنفجر في وجه قيادات الإخوان الهاربة بعد اختيار إبراهيم منير قائما بأعمال المرشد
 
القطبيون يرفضون تصعيد "منير" وينسقون مع مجموعتى الدوحة وأنقرة  لإعلان كيان موازٍ يعبر عن توجهاتهم

الذراع الأيمن للقرضاوي يفضح ممارسات الإخوان: هم السبب في لجوء شباب الجماعة للإلحاد.. ودكتور جامعي يبيع شرابات على باب أحد المولات في اسطنبول بعد تخلي القيادات عنه 
 
لم تهدأ العاصفة داخل تنظيم الإخوان منذ التسريبات التي كشفها عناصر الجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن الزج بإبراهيم منير كقائم بأعمال مرشد الإخوان، بعد سقوط الصيد الثمين محمود عزت في يد الجهات الأمنية المصرية في ضربة دفعت إلى انهيار ما تبقى من معبد الجماعة.
 
العاصفة داخل الجماعة الإرهابية وصلت إلى قنبلة موقوتة عنوانها الرئيسى "شباب الإخوان الغاضبون" بسبب ممارسات الشيوخ التي ترمي إلى الانفراد بكعكة التمويلات والقيادة، خاصة بعد تصعيد "منير".
باحثون في شئون الجماعات الإرهابية أكدوا أن خطوة اختيار مرشد للجماعة حاليا ستكون بمثابة المسمار الأخير في نعش الإخوان، لأنها ستكون إذنا غير مباشر لفتح باب التنظيم على مصراعيه أمام قيادات التنظيم الدولي، التي تطالب بالحق في منصب المرشد الرسمي، وتراها فرصة مناسبة لتحقيق حلم تدويل منصب المرشد وعدم قصره على إخوان مصر منذ تأسيس الجماعة على يد حسن البنا عام 1928.
لا شك أن جماعة الإخوان تمر حاليا بمرحلة حالكة السواد بل إنها الأصعب منذ تأسيسها، واستكمالا لمسلسلات انهيار التنظيم داخليا أعقاب ثورة 30 يونيو، فإن اختيار "منير" ما هو إلا تمثيل التجاوز على الأعراف ولوائح التنظيم فيما يتعلق باختيار المرشد أو القائم بأعماله، فلأول مرة يتم اختيار المرشد وهو خارج مصر باعتبارها دولة المنشأ أو الميلاد، كما أن آلية الاختيار هذه المرة لم تأتِ عبر قيام أعضاء مجلس شورى الجماعة بانتخاب مرشدهم، في الوقت ذاته افتقد الاختيار للتوافق المعتاد، حيث أظهرت ردود الفعل الأولى أن مبدأ “الولاية للمرشد” وما يتبعه من سمع طاعة قد غابت في هذه الحالة بسبب رفض تيار كبير داخل الجماعه وتمرده على قرار اختيار “إبراهيم” منير.

خلف الكواليس.. انقلاب داخل الجماعة
مشهد اختيار إبراهيم منير قلب الجماعة داخليا رأسا على عقب، فقبل أبريل 2020 كانت مازالت رائحة دخان الخلافات والانشقاقات تفوح من داخل أروقة تنظيم الإخوان، بما يهدد بانفجار القنبلة الموقوتة في قلب الجماعة، عندما خرج عصام تليمة القيادي الإخواني الهارب في فيديو 20 دقيقة ليكشف به ما يدور خلف الكواليس ويفضح به قيادات الإخوان، ومحاولات إبراهيم منير من الانفراد بالقيادة.
 
في تفاصيل فيديو تليمة قال "إن قيادات الإخوان تخلوا عن رشدهم وهناك من يصر أن يدافع عنهم بالباطل، كما أن الظهير الشعبي الداعم للإخوان، تخلى عن الجماعة بسبب سلوك قيادات الجماعة، وهناك أعمدة من الجماعة تركوها، والعديد من أعضاء الإخوان فصلوا بسبب إبدائهم آراء معارضة"، وأضاف "أن هناك دكتورا جامعيا يقوم حاليا ببيع شرابات على باب أحد المولات في مدينة اسطنبول التركية، بعد تخلي عنه القيادات الإخوانية، فضلًا عن قيام تلك القيادات، بطرد بعض الشباب من أماكنهم السكنية بإسطنبول، بسبب معارضتهم للقيادات.. وهناك الكثير من الأخوات تركن الإخوان لسوء الممارسات، الإخوان السبب في لجوء شباب الجماعة للإلحاد".
 
 كان فيديو عصام تليمة بمثابة إعلان رسمي لتيار الشباب في الجماعة ببدء الخطوات الفعلية للانقلاب على الكهول، غير أن الموالين لجانب القيادات الهاربة وخاصة كتائب إبراهيم منير ردت بحملة على مواقع التواصل الاجتماعي تتنصل من تصريحات تليمة في محاولة لحلحلة الأزمة أو لعبة على ما يبدو لكسب وقت أكبر وتمويت الثورة المشتعلة داخل أروقة التنظيم الإرهابي.
 
5 أشهر وكرة الثلج المتدحرجة تزداد حجما داخل الإخوان، لم تهدأ العاصفة الشبابية الإخوانية، تبعتها وتيرة متسارعة من الفضائح وشهادات على مواقع التواصل الاجتماعي أشهرها للإخواني سامي كمال الدين، بعد طرده من أيمن نور في قناة الشرق، قبل فيديو عصام تليمة، تتحدث عن الخلافات والانشقاقات على تقسيم سبوبة التمويل.
 
كانت الأجواء داخل الإخوان تنذر بانفجار وشيك في أي لحظة، حتى كان عود الثقاب الذي أشعل الفتيل بسقوط الصيد الثمين محمود عزت في يد الأجهزة الأمنية، وقتها ضربت حالة من الرعب والتخبط عناصر جماعة الإخوان وسط اتهامات متبادلة بالتورط في اختراق وسائل التواصل معه ما ساهم في التوصل لمكانه واعتقاله.
 
 خلال ساعات عقب القبض على محمود عزت انهالت الأسئلة من عناصر الجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى قياداتها الهاربين في الخارج، وظهرت مطالبات قوية بتفسير سقوط العقل المدبر للجماعة في الفترة الماضية في يد أجهزة الأمن المصرية بعد اختراق وسائل التواصل مع محمود عزت، سواء إلكترونياً أو هاتفياً، ضرب الجنون عقول عناصر الإخوان فراحوا يطاردون قياداتهم بعد القبض على الرجل الذي يُعد مخزن أسرار الجماعة ومحركها الفعلي عقب القبض على محمد بديع المرشد العام. كما تساءل عناصر الإخوان، هل تم القبض على عزت بإيعاز وتسريب من قيادات بارزة في الجماعة للتخلص منه وتعيين شخص آخر مكانه خاصةً أن عزت يدير استثمارات الجماعة الضخمة والتي تقدر بمليارات الجنيهات.
 
 على خلفية تساؤلات واستفسارات عناصر الجماعة، أصدر المتحدث الرسمي باسم الإخوان طلعت فهمي بياناً رسمياً الجمعة حاول فيه تهدئة تلك المخاوف، لكن يبدو أنه فشل في ذلك، بعدما تنصل من التواصل مع محمود عزت الذي كان يعد الصندوق الأسود لجماعة الإخوان في الفترة الماضية.
 
 لكن كانت الأمور في الجماعة خرجت عن السيطرة وطار بيان متحدث الإخوان في مهب الريح، وخرج عصام تليمة من جديد بهجوم أكثر شدة دون رحمة على قيادات الجماعة الإرهابية فى الخارج، على رأسهم محمود حسين، ومحمود الإيباري وإبراهيم منير وغيرهم من المتحكمين فى الجماعة خارجيا، ووصفهم بالفشلة وأنهم وراء انهيارالإخوان بالداخل، وفضح أنهم تحدثوا باسم قيادات أخرى وأوصلوا رسائل خاطئة كانت من تخطيطهم أغرقت الشباب.
 
 أضاف تليمة في الفيديو الجديد أن "محمود حسين وغيره من القيادات أطلقوا ما أسماهم بكتائب الذباب الإلكترونى ليسبوه ويتهموه بأنه خان الجماعة هو وسليم عزوز وبعض العناصر بالخارج، ليغطوا عن كذبهم وما فعلوه فى الجماعة من أزمات وتفكك داخلى، وأن هؤلاء عينوا إبراهيم منير نائب للمرشد ومسئول التنظيم الدولى من أجل مصالحهم، وأنهم لم يشروا أحد فى تعيينه واختياره، وأنهم من باعوا القيادى الإخوانى محمد كمال، الذى قتل فى مواجهة مع الأمن وغيرهم من العناصر التى كانت موجودة بمصر".
 
منذ وقتها لم تهدأ أصداء انقلاب الشباب داخل جماعة الإخوان وعلى قياداتها، وتحول المشهد إلى حرب عصابات داخل التنظيم، وما أكد الأمر بيان الإخوان اليوم الذي تناقلته مواقعها وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي ناشدت فيه المكاتب الإدارية على مستوى الجمهورية باحتواء تمرد الشباب، بعد حملاتهم الرافضة لتعيين إبراهيم منير مرشدا للجماعة.
 
 وفقا لنص البيان الذي حصلنا على نسخة منه فقد ذكرت الجماعة "لا يخفى على أحد ما نمر به من ابتلاءات متعاقبة، وأوقات عصيبة لا يعلم مداها إلا الله حيث تعرضنا على مدار تاريخ أجدادنا لما هو أكثر من هذه الأزمات المتلاحقة، كانت هذه الابتلاءات والمحن هي سر قوتنا، ونحن الآن في مفترق طرق بين الوجود واستكمال القضية أو التشرذم".
 
 وأضاف البيان : "في هذه الأوقات الدقيقة إذ نهيب بالمكاتب الإدارية والشعب على مستوى الجمهورية بإحتواء الشباب المكافح المتحمس لقضية الأمة وإيصال الصورة كاملة بشأن الظروف التي صاحبت اختيار السيد إبراهيم منير ليكون قائما بأعمال المرشد وهي المسئولية الصعبة التي رفض الكثيرون توليها في هذا التوقيت الحرج، وبناءا عليه فإننا نهيب بكافة الشباب على مستوى الجمهورية بالالتزام المطلق والطاعة الواجبة وعدم الالتفاف حول الصف ومحاول التوحد ضد ما نتعرض له من أزمات وابتلاءات والله ولي التوفيق".
 
قبل بيان الإخوان وفيديو تليمة بأيام، وفي حواره مع قناة الجزيرة القطرية، حاول إبراهيم منير استعطاف المنشقين وإخماد النار المشتعلة في جسد الجماعة، لكنه يبدو أنه لم يستطع إخفاء قنبلة الخلافات الموقوتة داخل الجماعة، حاول جاهدا مراوغة المنشقين بأن الجماعة لا تزال بخير وبابها مفتوح لمن يريد العودة إليها، لكن محاولته اصطدمت بجدار صلب لم يجد له مخرجا سوى الاعتراف بوجود مشاكل لدى أبناء الجماعة في الخارج يتم الاجتهاد في حلها، حسب وصفه، وأنهم ليسوا ملائكة.
 
 وحاول إبراهيم منير بتصريحاته عن "باب الجماعة المفتوح" خطب ود المنشقين والناقمين لقيادات وشيوخ الجماعة الذين كشف عنهم النقاب بتفضيل السبوبة قبل الانتظار وقت أكبر فوق السفينة الغارقة، فمنذ مايو من العام 2017م، جاءت تصريحات عصام تليمة، المدير السابق لمكتب الإخوانى الهارب فى قطر يوسف القرضاوى، لتؤكد أن تلك الانشقاقات والخلافات لم يعد يجدي معها استعطافات إبراهيم منير وغيره من قيادات الإخوان الهاربين، وما تبعها من تصريحات مؤخرا لشباب الجماعة الغاضبين على إبراهيم منير وكهول الإخوان.

هل تضحي الجماعة بإبراهيم منير لإيقاف الانقلاب؟
في قراءة للمشهد الذي تكشفت أطرافه بشهادات داخل الجماعة، فإن الأمور تطرح بشكل جدي عن اختيار إبراهيم منير كقائما بأعمال المرشد هربا من الصراعات الداخلية المشتعلة والتي تقود إلى انهيار ما تبقى من التنظيم في الخارج.
 
داخليا تقف المجموعة القطبية التي تهدف إلى الاستحواذ على كافة المناصب، أمام ترتيبات الدفع بإبراهيم منير، خاصة وتفردهم بعلاقات مع داوئر صنع القرار في أنقرة والدوحة، ذلك يمكنهم من اجتذاب عدد كبير من شباب الجماعة، والإعلان عن كيان موازٍ يعبر عن توجهاتهم، إضافة إلى الحملات الممنهجة على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر فضائح القيادات المنافسة، وكشف فسادهم المالي والإداري والتنظيمي.
 
في الكواليس، ظهرت مجموعة جبهة "المكتب العام"، والتي كانت أحد المصادر الرئيسية التي تنشر فضائح الصراعات الداخلية بين القيادات التاريخية لتوريطهم أمام الشباب، ومن ثم سحب  التكتل القوي إلى جانبهم، برغبة استثمار الأحداث الجارية، لصالح شخصية تكون أكثر قربا لتمكين مشوع هيمنتهم على مفاصل التنظيم، والإطاحة برجال محمود عزت والنظام الخاص.
 
مشهد النهاية
 
يبدو أن الخلافات الداخلية، ومن ثم تسمية إبراهيم منير كقائم بأعمال المرشد، ستعصف بكيان التنظيم، وربما تكتب مشهد النهاية للجماعة، تلك الإشكاليات بين صراعات وتجاذبات أجنحة الجماعة تدفعها شيئًا فشيئًا نحو الانهيار، فما بين سقوط قيادات الإخوان بمصر في قبضة الأمن وملاحقات العناصر الهاربة في الخارج المتورطة بجرائم من المصير ذاته للسابقين، مع انقطاع مصادر التمويل وصراع مكاتب التنظيم بالخارج عليه، تكون عناصر الصورة كاملة للصراع الداخلي الإخواني والانقسام المدعوم من الدول الراعية جماعة الإخوان والمتنافسة على الولاية على توظيفها، بما يبشر بانهاير الهيكل القائم للإخوان.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة