يوسف أيوب يكتب: «كفر سعد» أكبر رد على سؤال لماذا تصدت الحكومة للبناء المخالف؟
السبت، 12 سبتمبر 2020 03:07 م
المكان: منطقة كفر سعد بالقليوبية على أطراف مدينة بنها ووسط كتل خرسانية يمتد ارتفاع العمارة بها لأكثر من عشرة أدوار مبنية على اراضى زراعية، وكثير منها على أراضى حرم نهر النيل.
الزمان: صباح السبت 12 سبتمبر
الحدث: رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى يعقد لقاء مفتوحا، مع رؤساء تحرير الصحف والكتاب والإعلاميين، بحضور وزراء الدفاع والداخلية والإسكان والتنمية المحلية والزراعة، لاستعرض قانون التصالح بمخالفات البناء ووقف التعدى على الأراضى الزراعية.
المشهد في مجمله معبراً عن المأساة التي تعيشها الدولة المصرية، وتهدد مستقبلنا جميعاً، فالدولة تواجه منذ سنوات «سرطان» ينخر في جسد الدولة اسمه البناء المخالف والعشوائى والتعدى على الأراضى الزراعية، والذى نتج عنه تحويل 90 ألف فدان زراعى من أخصب الاراضى إلى كتل خرسانية متراصة بجوار بعضها البعض، حدث ذلك كله في تسع سنوات، من 2011 وحتى اليوم، وهذا الرقم مهدد للزيادة بشكل يومى، اذا لم تقف الدولة في وجه هذا السرطان الذى سيصل بنا في غضون سنوات قليلة إلى التهام الاراضى الزراعية بأكملها، ويزيد من القبح الذى نراه يومياً ينمو على أطراف المدن والقرى، وبشكل متناثر.
في هذا اللقاء كانت الدولة ممثلة في الحكومة حاسمين وحازمين في السير إلى أخر الطريق، لمواجهة هذا الملف شديد التعقيد والحساسية، وإصلاح ووضع حد للأخطار المتوارثة التي لا تسأل عنها الحكومة الحالية، لإنها أزمة بدأت منذ سنوات وزادت وتيرتها في أعقاب 25 يناير 2011، ولا يمكن غض البصر عنه، فلنا أن نتخيل أن عدد العزب والتوابع في 2011 كان 27 ألف، وصل اليوم إلى 32 ألف، بما يعنى أنه خلال 9 سنوات أصبح لدينا خمسة الاف عزبة وتابع جديد، وهو رقم مرشح للزيادة يومياً، اذا غضت الحكومة بصرها عن هذا الملف، كما فعلت الأنظمة والحكومات السابقة.
وربما كان السؤال من الحضور في هذا اللقاء، لماذا القليوبية؟.. والرد أن هذه المحافظة وهذا المكان الذى تواجدنا فيه هو خير جواب على السؤال الذى يتردد حالياً، وهو لماذا تصمم الدولة على السير في إنهاء ملف مخالفات البناء، فالمحافظة شهدت منذ 2011 وحتى اليوم 175 ألف و496 حالة تعدى على الاراضى الزراعية، بأجمالى 6 الاف و627 فدان، من أجود الاراضى الزراعية الخصبة، وهو ما أدى إلى تناقص أراضى المحافظة الزراعية من 167 ألف و208 فدان، إلى 160 ألف و580 فدان، ومن بين هذه الأرقام تقف مدينة الخصوص كمثال صارخ على هذا العوار، فهذه المدينة كانت قبل سنوات "قرية" نشأت على أراضى زراعية، ثم زادت تمدداتها فتحولت إلى مدينة عشوائية بالكامل، وغابة من الكتل الخرسانية بارتفاعات هائلة تفتقد لكل عوامل الأمان، فلا شوارع منظمة ولا خدمات يمكن تقديمها لساكنى هذه المدينة، وكل ذلك لسبب واحد، أن أهالينا في الخصوص استمروا في البناء العشوائى طيلة السنوات الماضية، دون أن يضع أحد منهم في حسبانه خطورة ما يحدث، فوصلنا إلى الشكل الحالي للمدينة، الذى عبارة عن أبراج متراصة بجوار بعضها البعض، وشوارع لا يزيد عرض الواحد فيها في أحسن الأحوال عن 5 أمتار، وهو وضع لا يمكن معه توصيل الخدمات لهذه المناطق.
القليوبية مثلها مثل بقية محافظات مصر، فالعشوائيات والبناء المخالف والتعدى على الاراضى الزراعية، هو الخطر الذى يهددنا جميعاً، وسيكتب للدولة المصرية أنها استطاعت أن تقف في وجه هذا الخطر، دون أي اعتبارات أخرى، فعلى الأرض كان نمو هذا العشوائيات مرجعه الاساسى هو ترضيات سياسية وشعبية، لكن لإن رئيس الدولة قالها منذ البداية، أنه لن يتهاون في مواجهة المخاطر التي تهدد الدولة أيا كان تأثيرها على شعبيته، لذلك لم يكن مستغرباً أن تقتحم الدولة هذا الملف، لتحقيق الهدف الأساسى، وهو القضاء على الملف الذى يؤرق الدولة بالكامل.
ومن يتابع ما يحدث في هذا الملف، سيجد نفسه أمام حقيقة مهمة، وهى أن الدولة بكل مؤسساتها مطلعة على تفاصيل ما يحدث، ومستعدة للتعامل مع أي مشكلة ظهرت أو مرشحة للظهور في تطبيق القانون، لان الدولة كما قال الدكتور مصطفى مدبولى، ليست في صراع أو معركة مع المواطن، وإنما تريد حل المشكلة وغلق هذا الملف، لذلك هناك تركيز على مراعاة البعد الاجتماعى خلال عمليات التقييم، وأعتقد أن القراراين الذين إعلنهما رئيس الوزراء أمس تنفيذاً لتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسى بتعميم سعر متر التصالح بالريف للحد الأدنى وهو 50 جنيها للمتر، تسهيلا وتيسيرا على أهالينا في الريف المصرى، وخصم 25٪ من قيمة التصالح حال سداد القيمة بالكامل، يؤكدان أن الدولة تستمتع لنبض الشارع وتتفاعل معه، وليست بعيدة عنه.
هذا التفاعل ظهر من القرارات المتتابعة التي تصدرها الحكومة في ملف التصدي للبناء العشوائى والتعدى على الاراضى الزراعية، والتي تأتى كلها تلبية لشكاوى المواطنين بعد دراستها وفحصها.
المحصلة النهائية أن الدولة وقفت على الحقيقة المهمة وهى ضرورة وضع حد للنزيف العشوائى للبناء، مع مراعات البعد الاجتماعى، مع وضع قاعدة جديدة تسير عليها الدولة من الآن فصاعداً، وهذه القاعدة عنوانها الرئيسى أنه لن يسمح لأى مخالفات بناء جديدة أو بناء عشوائى، ولن يتم السماح منذ هذه اللحظة بالبناء على قيراط جديد من الأراضى الزراعية، لأن استمرار نزيف الأراضى الزراعية يهدد بالوصول لمشكلة حقيقة في توفير الغذاء لـ100 مليون مواطن فى المستقبل.
1 (1)
1 (2)
1 (3)
1 (4)
1 (5)
1 (6)
1 (7)
1 (8)
1 (9)
1 (10)
1 (11)
1 (12)
1 (13)
1 (14)
1 (15)
1 (16)
1 (17)
1 (18)
1 (19)
1 (20)
1 (23)
1 (24)
1 (25)
1 (26)