وانهار المعبد الماثوني.. تداعيات سقوط "الكنز الثمين" محمود عزت في قبضة الأمن
الخميس، 10 سبتمبر 2020 09:00 ص
7 سنوات قضاها العقل المدبر لجماعة الإخوان محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام خارج السجون بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة المسلحين، بعيدا عن الآخرين من قيادات الجماعة، لكن الجمعة الماضية كانت نهاية "الكنز الإخوانى"، بعدما تقت الجماعة الإرهابية ضربة قاصمة بإعلان الأجهزة الأمنية القبض على "الصيد الثمين" مختبئا في إحدى الشقق السكنية بالتجمع الخامس، ليصبح "رأس حربة الصقور"، كما تطلق عليه الجماعة، في المصيدة.
محمود عزت هو أحد أهم الشخصيات داخل الإخوان، فهو شخصية محورية داخل التنظيم، بعد إلقاء القبض على خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد، وهو تلميذ سيد قطب وقت أن كان طالبًا بكلية الطب بجامعة الزقازيق عام 1962.
تاريخ أسود ومسيرة ملطخة بالدماء
تاريخ أسود لمحمود عزت القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية، قبل سنوات من ضربة قاضية لتنظيم الإخوان الإرهابي، نجحت فيها أجهزة الأمن، الجمعة 28 أغسطس الجاري، في إلقاء القبض عليه، مختبئًا بإحدى الشقق السكنية بمنطقة التجمع الخامس شرق القاهرة، ويعد محمود عزت أخطر الشخصيات داخل جماعة الإخوان، فهو المسؤول الأول عن تأسيس الجناح المسلح بتنظيم الإخوان، والمشرف على إدارة العمليات الإرهابية والتخريبية عقب ثورة 30 يونيو.
ولد الإرهابي محمود عزت في أغسطس عام 1944، وانضم لجماعة الإخوان في سن 9 سنوات، ثم أصبح أحد كوادر جماعة الإخوان في عام 1962، بعد أن جنده سورى في خلية مصر الجديدة، وهو واحد من التلاميذ المخلصين لأفكار سيد قطب المكفرة للمجتمع، وهو الذى تربى على يديه، وتولى عزت مسئولية النائب الثاني لمرشد الإخوان بعد خيرت الشاطر وكما تولى الأمين العام للجماعة الإرهابية في السابق.
وأدرجت عدد من الدول محمود عزت على قوائم الإرهاب، نظرا لخطورته، وهو شخص كتوم ومربك كما وصفه محمد حبيب، نائب المرشد الأسبق، والمنشق عن الجماعة، وتورط "عزت" في العديد من أعمال عنف وتخريب في عام 1965 وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، كما أنه اتهم بإعداد خطة تمكين الجماعة في قضية سلسبيل عام 1992 مع خيرت الشاطر، وفى عام 1995 حكم عليه بـ 5 سنوات لمشاركته في انتخابات شورى الجماعة الإرهابية، ويعد هو المسئول عن حركة أموال التنظيم الإرهابي وتوفير كل وسائل الدعم المالى له.
وأشرف الإرهابي محمود عزت على تمويل كافة الأنشطة والعناصر الهاربة في الخارج، كما تولى توزيع ودعم وتمويل المنظمات الدولية المشبوهة واستغلالها للإساءة لمصر، ووصفته الصحافة بمستر إكس الإخوان، كما عمل على إدارة كل الكتائب الإلكترونية التي تقوم ببث الشائعات والأكاذيب ضد مصر.
ووصف شباب جماعة الإخوان الإرهابية، محمود عزت بأنه الناب الأزرق والمتحكم في مكتب الأرشاد، وكان قد قرر من قبل بفصل أي إخواني ينضم لحزب غير الحرية والعدالة أو يساند أي مرشح غير مرشحي الإخوان، لأنه يؤمن بمبدأ التقية ويدير كل المؤامرات ضد مصر.
فبعد ثورة 30 يونيو، أدار "عزت" كل العمليات الإرهابية التي تمت، وأبرزها حادث اغتيال النائب العام الأسبق الشهيد هشام بركات أثناء خروجه من منزله باستخدام سيارة مفخخة والتى أسفرت عن إصابة 9 مواطنين، خلال 2015، وحادث اغتيال الشهيد العميد وائل طاحون أمام منزله بمنطقة عين شمس، وحادث اغتيال الشهيد أركان حرب عادل رجائى أمام منزله بمدينة العبور 2016 ، ومحاولة اغتيال المستشار زكريا عبد العزيز النائب العام المساعد الأسبق باستخدام سيارة مفخخة بالقرب من منزله بالتجمع الخامس 2016، و حادث تفجير سيارة مفخخة أمام معهد الأورام خلال شهر أغسطس 2019 والتى أسفرت عن مقتل 20 مواطنا وإصابة 47 آخرين.
على صعيد التنظيم.. ما بعد ثورة يناير
على الصعيد التنظيمي كان محمود عزت من أشد وأشرس المطالبين داخل التنظيم بترشيح "الإخوان" أحد قياداتها لمنصب رئيس الجمهورية بعد ثورة 25 يناير، على الرغم من إعلان الجماعة الإرهابية نيتها للجميع بعدم المنافسة على هذا المنصب، كما أنه كان المحرك الرئيسى وراء قراره الجماعة بفصل أي عضو ينتمي إليها وينضم لحزب غير الحرية والعدالة أو لا يؤيد مرشحها في الانتخابات الرئاسية.
في الفترة ما بين عزل مرسي وفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة المسلحين، اختفى على الفور محمود عزت وغيره من قيادات الإخوان بعد مرافقته لعصام العريان، حيث اشترط على "العريان" عدم استخدام أياَ من وسائل الاتصال الأرضية أو المرتبطة بالأقمار الصناعية حتى يكونا بمنأى عن الأجهزة الأمنية، بينما خرج عصام العريان عن التزامه ووجه رسالة لشباب الجماعة عبر قناة الجزيرة الفضائية بالاستمرار في أعمال الفوضى بحجة "عودة الشرعية"، لتتمكن الأجهزة الأمنية من القبض عليه في العقار الذي هرب منه "عزت" قبل وصول قوات الأمن بوقت قصير.
هروب القيادى الإخوانى محمود عزت وعدم تواصله مع قيادات الجماعة ولا حتى كل من يمت للجماعة بصلة كان من الصعب بمكان الوصول إلى مكان اختبائه عن أعين الأمن، الأمر الذى دفع جماعة الإخوان الإرهابية أن تتخذ منه وتعلن أنه أصبح مرشدًا عامًا لهم بعد القبض على محمد بديع، وذلك ظناَ منهم أن القبض على محمود عزت بالأمر "شبه المستحيل".
تخبط وارتباك وانقلاب داخل الجماعة الإرهابية
حالة من الرعب والتخبط يعيشها عناصر جماعة الإخوان الهاربين في الخارج، بعد عملية القبض على الصيد الثمين محمود عزت، القائم بعمل مرشد الجماعة، وسط اتهامات متبادلة بالتورط في اختراق وسائل التواصل معه ما ساهم في التوصل لمكانه واعتقاله.
حالة من الرعب والتخبط يعيشها عناصر جماعة الإخوان الهاربين في الخارج، بعد عملية القبض على الصيد الثمين محمود عزت، القائم بعمل مرشد الجماعة، وسط اتهامات متبادلة بالتورط في اختراق وسائل التواصل معه ما ساهم في التوصل لمكانه واعتقاله.
خلال الساعات القليلة الماضية، وعقب القبض على محمود عزت، انهالت الأسئلة من عناصر الجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى قياداتها الهاربين في الخارج، وظهرت مطالبات قوية بتفسير سقوط العقل المدبر للجماعة في الفترة الماضية في يد أجهزة الأمن المصرية بعد اختراق وسائل التواصل مع محمود عزت، سواء إلكترونياً أو هاتفياً.
وضرب الجنون عقول عناصر الإخوان فراحوا يطاردون قياداتهم بعد القبض على الرجل الذي يُعد مخزن أسرار الجماعة ومحركها الفعلي عقب القبض على محمد بديع المرشد العام، كما تساءل عناصر الإخوان، هل تم القبض على عزت بإيعاز وتسريب من قيادات بارزة في الجماعة للتخلص منه وتعيين شخص آخر مكانه، خاصةً أن عزت يدير استثمارات الجماعة الضخمة والتي تقدر بمليارات الجنيهات.
وعلى خلفية تساؤلات واستفسارات عناصر الجماعة، أصدر المتحدث الرسمي باسم الإخوان طلعت فهمي بياناً رسمياً الجمعة حاول فيه تهدئة تلك المخاوف، لكن يبدو أنه فشل في ذلك، بعدما تنصل من التواصل مع محمود عزت الذي كان يعد الصندوق الأسود لجماعة الإخوان في الفترة الماضية.
ضربة اصطياد محمود عزت الموجعة، أتت بعد أيام من تصريحات لإبراهيم منير، نائب مرشد جماعة الإخوان على قناة الجزيرة حاول فيها لملمة ما تبقى من فتات الجماعة في الخارج، وقال إن "الجماعة لا تزال بخير وبابها مفتوح لمن يريد العودة إليها"، مقراً بوجود "بعض المشاكل" لدى عناصر الإخوان في الخارج يتم "الاجتهاد في حلها"، كما أكد أن الآلاف من عناصر الإخوان الفارين للخارج "في محنة".
إبراهيم منير، الذي لم يستطع إخفاء قنبلة الخلافات الموقوتة داخل الجماعة، حاول جاهدا مراوغة المنشقين بأن الجماعة لا تزال بخير وبابها مفتوح لمن يريد العودة إليها، لكن محاولته اصطدمت بجدار صلب لم يجد له مخرجا سوى الاعتراف بوجود مشاكل لدى أبناء الجماعة في الخارج يتم الاجتهاد في حلها، حسب وصفه، وأنهم ليسوا ملائكة.
فشل منير بتصريحاته عن "باب الجماعة المفتوح" في خطب ود المنشقين والناقمين لقيادات وشيوخ الجماعة الذين كشف عنهم النقاب بتفضيل السبوبة قبل الانتظار وقت أكبر فوق السفينة الغارقة، ففي مايو من العام 2017م، جاءت تصريحات عصام تليمة، المدير السابق لمكتب الإخوانى الهارب فى قطر يوسف القرضاوى، لتؤكد أن تلك الانشقاقات والخلافات لم يعد يجدي معها استعطافات إبراهيم منير وغيره من قيادات الإخوان الهاربين.
لم تكن تصريحات تليمة وقتها غير إشارة لانقلاب على "عواجيز الجماعة" من شباب وقيادات التنظيم الهاربين من الملاحقات هم الآخرين، في حملة هجوم على قيادات الجماعة الكبرى، وإعلان محاكمات داخلية لهم، وقال "تليمة"، موجها حديثه لقيادات الجماعة الحالية: "هم فاشلون ليس لديهم بدائل أو خطة للحفاظ على المسار، ولكنها تحافظ فقط على كراسيها داخل التنظيم"، وأضاف: "سنحاكم القيادات الفاسدة، والله أعلم هتتعلق منين، فما يفعلوه أمر مؤسف وأحبطت أنصارهم، وهناك تقصير وأفعالهم تفقع المرارة، هما ماعندهمش دم ويعيشون فى ترف ربنا يخدهم من الحياة".
لم تدم تصريحات تليمة وقتا كبيرا حتى خرج خلفه محمد العقيد، عضو مجلس شورى الإخوان فى تركيا، ببيان شهير هاجم قيادات عواجيز الإخوان، وعلى رأسهم إبراهيم منير أمين التنظيم الدولى للجماعة، ومحمود عزت القائم بأعمال مرشد الإخوان، ومحمود حسين الأمين العام للجماعة، ومحمود الإبيارى القيادى بمكتب إخوان لندن، مشيرًا إلى أن الجماعة تعانى من أفشل "رباعى" مشتت حتى الآن، وأكد أن شباب الجماعة سيبدأون فى انطلاق المرحلة الثانية من إعادة هيكلة التنظيم، وإعادة بناء مؤسسات الجماعة.
وكانت أجهزة الأمن المصرية قد ألقت القبض على محمود عزت صباح اليوم الجمعة، حيث أصدرت وزارة الداخلية بياناً قالت فيه إنه "وردت معلومات لقطاع الأمن الوطني باتخاذ القيادي الإخواني الهارب محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام للإخوان ومسؤول التنظيم الدولي للجماعة الإرهابية، من إحدى الشقق السكنية بمنطقة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة مؤخراً وكراً لاختبائه"، وذلك على الرغم من الشائعات التي دأبت قيادات التنظيم على الترويج لها بتواجده خارج مصر بهدف تضليل أجهزة الأمن.
وقال بيان الداخلية إنه تمت مداهمة الشقة وضبط عزت، وقد أسفرت عملية التفتيش عن العثور في الشقة على العديد من أجهزة الحاسب الآلي والهواتف المحمولة التي تحتوي على البرامج المشفرة لتأمين تواصل عزت مع قيادات وأعضاء التنظيم داخل وخارج مصر.
آخر أعمدة معبد الإخوان
يمثل محمود عزت العمود الأخير في معبد جماعة الإخوان الإرهابية بعد ضربات وأحداث أوقعت الأعمدة الأخرى للجماعة توالت كالقذائف على رأس التنظيم وكان أبرزهم:
في أغسطس 2013 تم القبض على محمد بديع لاتهامه بالتحريض على ارتكاب أحداث العنف والقتل، وقتل المتظاهرين في 30 يونيو، وتأليف عصبة الغرض منها مقاومة السلطات، وحكم عليه بالسجن المؤبد 5 يوليه 2014.
وفي يوليو 2013 القبض على مهندس العمليات داخل جماعة الإخوان الإرهابية، خيرت الشاطر، حيث أنه متهم بالتحريض على قتل المتظاهرين أمام المقر الرئيسي لجماعة الاخوان في حي المقطم، والتخابر مع الأجهزة الأجنبية خارج البلاد وإمداد جماعة الاخوان بمعونات مادية، وحكم عليه بالسجن المؤبد في القضية المعروفة إعلاميا بـ"أحداث مكتب الارشاد".
سقوط محمد مرسي الذي ترأس حزب الحرية والعدالة ، وتم عزله من الشعب المصري في ثورة 30 يونيو 2013، ومتهم في قضية الهروب من سجن وادي النطرون أثناء ثورة 25 يناير 2011، وتوفي في يونيو 2019 خلال جلسة محاكمته في قضية التخابر مع حركة حماس.
ومهدي عاجف المرشد العام السابع لجماعة الاخوان، واتهم بالتحريض على العنف واثارة الفوضى والشغب ، وتوفي في مستشفى القصر العيني بالقاهرة عن عمر ناهز 89 سنة، وكان محبوس على ذمة عدة قضايا.
وسعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة، ورئيس مجلس الشعب المنحل عام 2012، وتم القبض عليه في يوليو 2013 لتحريضه على العنف خلال أحداث 30 يونيو 2013
وحسن مالك، مهندس علاقات البيزنس للاخوان، وتم القبض عليه في أكتوبر 2015 لتجميعه العملات الأجنبية وتهريبها خارج البلاد للإضرار بالاقتصاد القومي للبلاد، وقضت المحكمة عليه بالسجن المؤبد أبريل 2019
ومحمد البلتاجي، وتم القبض عليه في أغسطس 2013 ، ومتهم بالتحريض على العنف في أحداث فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وحكم عليه بالسجن المؤبد في عدة قضايا أبرزها أحداث الاتحادية واتهامه بالتخابر لصالح دول أجنبية
وعصام العريان، وتم القبض عليه في أكتوبر 2013 بتهمة الهروب من سجن وادي النطرون والتخابر مع حماس والقضية المعروفة باسم مسجد الاستقامة، وتوفي في أغسطس 2020 بعد تعرضه لأزمة قلبية خلال مشادة مع أحد قيادة جماعة الإخوان الإرهابية بالسجن
وصفوت حجازي، وتم القبض عليه في السلوم قبل هروبه إلى ليبيا عام 2013، متهم بتدبير تجمهر مسلح والاشترك فيه بميدان رابعة العدوية، والقتل العمد مع سبق الإصرار للمواطنين وقوات الشرطة المكلفة بفض تجمهرهم.
وحسن البرنس، النائب السابق لمحافظة الإسكندرية، تم القبض عليه في 22 أغسطس 2013، ومتهم بالتحريض على أحداث العنف التي شهدتها الإسكندرية يواجه 17 اتهاما من بينهم تكوين تنظيم يسعى إلى الإرهاب وتعطيل العمل بالدستور والقانون ومهاجمة المنشآت العامة والتحريض على القتل العمد والشروع في القتل والحرق، ورشاد بيومي، والمسئول عن قسم الطلاب بجماعة الاخوان، تم القبض عليه في يوليو 2013، حكم عليه بالسجن المؤبد في اقتحام الحدود الشرقية والمعرفة باسم "اقتحام السجون".