الفرق بين المونولوجست والتنويرى!!
الخميس، 27 أغسطس 2020 02:41 م
ازدهر فن المونولوج فى مصر خلال القرن العشرين، ولمعت أسماء كثيرة وحقق أصحابها شهرة واسعة مثل: إسماعيل ياسين ومحمود شكوكو ونبيل فهمى وثريا حلمى وأحمد الحداد وسيد الملاح.
الراحل حمادة سلطان ربما كان آخر مشاهير المونولوج الموهوبين، وكان ذا قدرة فائقة فى إلقاء النكات وانتزاع الضحكات. وكعادة كل أمر، تراجع فن المونولوج واختفى المونولوجست المبدع والساخر ذو الحضور الطاغى فترة من الزمن، حتى استعاد مجددًا بريقه المختفى وتوهجه الغائب من خلال داهية العصر الدكتور "خالد منتصر". ينتمى المذكور إلى فئة الفنانين ذوى الألقاب العلمية الفخيمة، على غرار الباشمهندسة الراقصة "إيمى سلطان" على سبيل المثال وليس الحصر.
يختلف المونولوجست "خالد منتصر" عمن سبقوه من نجوم المونولوج، فى أنه يؤلف لنفسه مونولوجاته، ولا يعتمد على غيره فى كتابتها، فيعيش الحالة الفنية وتعيشه، ويسكنها وتسكنه، وهذا سَمت الموهوبين متعددى المواهب والطبقات"!!" كما يمتلك المذكور ظرفًا واستظرافًا لم يحظ بهما مَن أسسوا لفن المونولوج أنفسهم؛ إذ يتمتع بحضور لا ينقطع، وتوهج لا ينطفئ، فى إنتاج النكات والإيفيهات التى تجعل الحليم حَيرانًا. المتابع للكتابات والمداخلات والحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى لـ"خالد منتصر" لن يساوره الشك فى أنه بصدد موهبة خارقة فى الإضحاك والاستظراف وخفة الدم، لم تنل حظها حتى الآن؛ ربما لأن مونولوجست الحى لا يطرب. ولأنه يختلف دائمًا وأبدًا عن الآخرين.. فإن "خالد منتصر" يركز فى مونولوجاته على قضايا ذات طابع مختلف وجعلها شغله الشاغل، حيث يُصوب مدفعياته الثقيلة نحو الإسلام وعلمائه ومؤلفاتهم، فيثبت عوارها ووهنها وضعفه، ويؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن العالم بلا دين أفضل، وأن البشر بلا تدين أعظم، وأن المجتمعات بلا أخلاق أرقى. والأمانة تقتضى التأكيد على أن الرجل نجح فيما ذهب إليه نجاحًا عظيمًا، رغم أنه يحارب وحيدًا فى الميدان، ويناضل فريدًا فى ساحات الوغى، ويعزف منفردًا فى عالم يستمتع بسيمفونيات التخلف والرجعية ويرى فى الأديان ملاذًا آمنًا ومُخلصًا له.
عكستْ متابعة المونولوجست النابغة لبعض الحوادث الأخيرة ذائقة لا مثيل لها، وعقلًا لا يشبه سواه من العقول، فضرب موعدًا مع التاريخ من خلال حزمة من النكات والإيفيهات الاستثنائية التى سوف يتوقف أمامها التاريخ والجغرافيا طوييييلاً طوييييلاً "بصوت السادات"! فمع بزوغ شمس سنة هجرية جديدة لم يجد المونولوجست الألمعى فى تفاصيلها وأسرارها إلا رواية ضعيفة مطعونًا فى صحتها من المسلمين أنفسهم؛ ليطرحها على متابعيه من الأصاغر؛ ليمارسوا هوايتهم فى التطاول على حادث الهجرة بالكامل وأبطاله الأكارم، ويطعنوا فى الرسالة المحمدية وصاحبها.
وبالطريقة نفسها التى تنم عن عبقرية فنية منقطعة النظير، لم يجد "خالد" فى واقعة ضبط رئيس حى مصر القديمة متلبسًا فى قضية رشوة سوى "علامة الصلاة" التى تتوسط جبهته، ليوحى إلى متابعيه بالسخرية والغمز فى الصلاة والمصلين، باعتبار أن الصلاة تأمر بالحصول على الرشوة، وسط تهليل وتصفيق ألكترونى منقطع النظير من جانب مشجعيه ومريديه. ولأن الموهبة الحقيقية لا تفنى وتُستحدث من عدم، فإن جراب الحاوى "خالد منتصر" لا ينفد أبدًا، فعندما لا تكون هناك أحداث مُحرضة على الظرف والاستظراف، يلجأ فورًا إلى مخزونه الإستراتيجى، فيقتطع جزءًا من حديث لعدوه اللدود الشيخ "محمد متولى الشعراوى"، ويُحرِّف كلامه عن مواضعه، أو يتقول عليه كلامًا لم يقله، بحرفية لافتة، ما يثير ضحك الضاحكين واستهزاء الهازئين على أحد أكابر علماء الإسلام. يحتفى المونولوجست الأشهر بفنانة تخلع الحجاب أو تبدى رغبتها فى تقديم مشاهد إباحية، أو كاتب يقدم رواية جنسية، أو مثقف يعلن عن إلحاده، أو يدافع باستماتة عن فتيات التيك توك، وهى القضايا التى تشيع البهجة فى نفوس أحبائه عبر الفضاء الألكتروني. ما يقدمه "خالد منتصر" على مدار الساعة من وجبة دسمة من الإضحاك يجعله مرشحًا دائمًا وأبدًا للقيام ببطولة فيلم هابط أو مسرحية كوميدية هزلية، ويُغرى أصحاب الملاهى الليلية للاستعانة به للترفيه عن السكارى والندامى ورفيقاتهم. شخصيًا.. لو كنتُ منتجًا سينمائيًا أو مسرحيًا أو مالك ملهى ليلى ما تراجعتُ عن توقيع عقد احتكار مع ظريف مصر ومستظرفها الأول. الدكتور "خالد منتصر"..موهبة فنية لا تتكرر ولن تتكرر قريبًا فى عالم المرح والضحك والسخف والاستخفاف، شدوا عليه بالنواجز. يا كلَّ المنتجين والمهتمين بصناعة الضحك، لا تغفلوا عن هذه الموهبة الفنية الفذة، ولا تسمحوا لأعداء النجاح بأن يرجموها باحقادهم.. انطلق يا دكتور يا "خالد" يا أعظم وأروع مونولوحست ولا تتوقف عن رسالتك.. أما رسالة التنوير فاتركها لمن يمتلك أدواتها ومقوماتها ويقدر على تبليغها حق الإبلاغ.