حوار نائب مرشد الإخوان إبراهيم منير مع الجزيرة.. استدعاء الراقدين تحت التراب

الأربعاء، 26 أغسطس 2020 09:55 ص
حوار نائب مرشد الإخوان إبراهيم منير مع الجزيرة.. استدعاء الراقدين تحت التراب
كتب - طلال رسلان

مع تصدعات الجماعة وسقوط مفاصلها في مصر وتونس وليبيا واليمن وأخيرا السودان، بلعنات الوصول إلى الحكم التي كتبت نهاية التنظيم، أثرت تلك الانهيارات المتتابعة للجماعة الإرهابية في دول كانت تمثل مراكز قوة لها وأهمها مصر نسفت الخطط الاستراتيجية داخل هيكل التنظيم الدولي التي كان يسعى إلى تحقيقها بمساندة دول تتطابق مصالحها مع مصالح الجماعة.
 
لم يعد متبقي لقيادات الجماعة الهاربين في الخارج غير الشتات ولم الأطراف المنكسرة داخل غرف العناية المركزة في أذرعها الإعلامية، غير أن ذلك لم يعد يجدي نفعا مع مشروع أسقطت عنه الشعوب لثام المتاجرة بالدين والإرهاب والتنظيمات المسلحة.
 
في ثمانية عشر سؤالا أفردت قناة الجزيرة  القطرية، كرها وفقا لأجندة قصر الأمير في الدوحة، حوارا لنائب مرشد الجماعة الهارب في الخارج إبراهيم منير، يمسك فيه بتلابيب ما تبقى من المشروع الوهمي والسراب الذي يحسبه ماء.
 
في محاولة لاستدعاء الراقدين تحت التراب، دخل منير مباشرة في الحديث عن قضايا لطالما سعت الجماعة إلى كسب أرضية فيها غير أنها اصطدمت بإرادة الدول التي نسفت مشروعها وأجندتها فيما بعد مرحلة الانهيار وما تبعها من رحلة الفرار الكبير إلى الخارج.
 
شباب الإخوان في السجون
 

ملف المصالحة.. رمي التراب في عين الإخوان المفقوأة
 
لم يجد إبراهيم منير أمامه سوى الدخول مباشرة فيما يؤرق قيادات الإخوان بضغط من تابعيها بعد صدع كبير تسببت فيه تصريحاته السابقة عن ملف المصالحة مع الدولة في مصر، بعدما باع القضية لمصلحة الكبار وترك المسجونين على ذمة قضايا يحاسبون على أخطاء الجماعة وحدهم، في مشهد التخلي الذي فجر غضب عارم في مفاصل الجماعة الإرهابية، عندما قال جملته الشهيرة نهاية عام 2019 "الجماعة لم تطلب من أتباعها الانضمام لصفوفها، ولم تزج بهم فى السجون، ومن أراد أن يتبرأ فليفعل".
 
في تناقض واضح تحدث منير أولا عن رفضه عقد صفقة مع النظام فيما يخص ملف المصالحة، ثم سرعان ما رجع إلى سيرته الأولى في القفذ لمصلحة الهاربين على حساب المحبوسين قائلا "إن شباب الإخوان وشيوخهم بالسجون هم أصحاب الحق في تقييم موقفهم".
 
لكن في ظل نهج صريح وواضح من الإدارة المصرية بأنه لا تصالح مع الإرهاب مهما كانت الضغوط والألاعيب، تسرب ما يسمون بإخوان الصفوف الثانية والثالثة، وقفذوا بعيدا عن سفينة قيادات الإخوان الغارقة، بل وإن جزءا كبيرا جدا من المتعاطفين مع الجماعة فضلوا الخروج من الباب الخلفي لمشهد اللعبة الإخوانية في تخوف من أن تصيبهم لعنة الجماعة، مع الاحتفاظ بعودة خفية وقت الحاجة لإعادة تدوير الشائعات أو تخليقها.
 
إبراهيم منير
 

استعطاف المنشقين بالعودة إلى السفينة الغارقة
 
إبراهيم منير، الذي لم يستطع إخفاء قنبلة الخلافات الموقوتة داخل الجماعة، حاول جاهدا مراوغة المنشقين بأن الجماعة لا تزال بخير وبابها مفتوح لمن يريد العودة إليها، لكن محاولته اصطدمت بجدار صلب لم يجد له مخرجا سوى الاعتراف بوجود مشاكل لدى أبناء الجماعة في الخارج يتم الاجتهاد في حلها، حسب وصفه، وأنهم ليسوا ملائكة.
 
يبدو أن إبراهيم منير يحاول بتصريحاته عن "باب الجماعة المفتوح" خطب ود المنشقين والناقمين لقيادات وشيوخ الجماعة الذين كشف عنهم النقاب بتفضيل السبوبة قبل الانتظار وقت أكبر فوق السفينة الغارقة، ففي مايو من العام 2017م، جاءت تصريحات عصام تليمة، المدير السابق لمكتب الإخوانى الهارب فى قطر يوسف القرضاوى، لتؤكد أن تلك الانشقاقات والخلافات لم يعد يجدي معها استعطافات إبراهيم منير وغيره من قيادات الإخوان الهاربين.
 
لم تكن تصريحات تليمة وقتها غير إشارة لانقلاب على "عواجيز الجماعة" من شباب وقيادات التنظيم الهاربين من الملاحقات هم الآخرين، في حملة هجوم على قيادات الجماعة الكبرى، وإعلان محاكمات داخلية لهم، وقال "تليمة"، موجها حديثه لقيادات الجماعة الحالية: "هم فاشلون ليس لديهم بدائل أو خطة للحفاظ على المسار، ولكنها تحافظ فقط على كراسيها داخل التنظيم".
 
وأضاف تليمة: "سنحاكم القيادات الفاسدة، والله أعلم هتتعلق منين، فما يفعلوه أمر مؤسف وأحبطت أنصارهم، وهناك تقصير وأفعالهم تفقع المرارة، هما ماعندهمش دم ويعيشون فى ترف ربنا يخدهم من الحياة".
 
لم تدم تصريحات تليمة وقتا كبيرا حتى خرج خلفه محمد العقيد، عضو مجلس شورى الإخوان فى تركيا، ببيان شهير هاجم قيادات عواجيز الإخوان، وعلى رأسهم إبراهيم منير أمين التنظيم الدولى للجماعة، ومحمود عزت القائم بأعمال مرشد الإخوان، ومحمود حسين الأمين العام للجماعة، ومحمود الإبيارى القيادى بمكتب إخوان لندن، مشيرًا إلى أن الجماعة تعانى من أفشل "رباعى" مشتت حتى الآن، وأكد أن شباب الجماعة سيبدأون فى انطلاق المرحلة الثانية من إعادة هيكلة التنظيم، وإعادة بناء مؤسسات الجماعة.

سد النهضة ومباركة الإخوان.. التنصل من الفضيحة التاريخية
 
بالطبع لن يفوت إبراهيم منير فرصة رضا قصر الدوحة بحوار الجزيرة، من غير الحديث عن لعنات التاريخ لفضيحة الإخوان في الموافقة على بناء سد النهضة، فحاول غسل يد الجماعة بقوله "لا تسألوا جماعة مطاردة.. أسألوا الدولة الحاكمة الآن"، فزاد كهل الجماعة الطين بلة ورمى التراب في العين المفقوأة، باعترافين صريحين الأول عدم نفي الجريمة التاريخية بتفويت ومباركة الجماعة لبناء سد النهضة الإثيوبي، وإقرار بشرعية النظام المصري الذي حمل على عاتقه الدفاع عن مقدرات المصريين في مياه النيل أو دونها أي شيء، في حل أزمة سد النهضة.
 
لم يستطع منير بتصريحاته التي بدا إعدادها مسبقا، رمي الجريمة التي لصقت بالإخوان في فيديوهات شهيرة بإقرار تمرير بناء سد النهضة، أشهرها، مقطع فيديو لـ"محمد مرسى" نفسه وبلسانه فى لقاء سابق  مع قناة "العربية" تحدث فيه عن أزمة سد النهضة، قائلا: "المياه ستزداد ولن تنقص وسنرفع أيدينا للسماء وسنقول يارب والأمطار ستزيد.. سد إثيوبيا يؤثر على توليد الكهرباء فى مصر بنسبة 18%، وإحنا عندنا محطات كهرباء بالغاز والسولار"، إلى جانب من فيديو "الجلسة السرية"، التى أذيعت على الهواء لمحمد مرسى والكتاتنى، والمسئولين الإخوان آنذاك، وهم  يتحدثون فى هذا الملف، وعن التدخل فى الشأن الداخلى الإثيوبى ودعم المعارضة هناك، إضافة للحديث على الهواء عن الحل العسكرى والمخابراتى لهدم سد النهضة، مع اقتراح الاستعانة بإسرائيل وأمريكا وإيطاليا، وما دار في مجمل المؤتمر الكارثي الذي رسخ أساسات السد عقب زيارة محمد مرسى إلى إثيوبيا، وأصبح أمرا واقعا عقب مؤتمر الفضيحة والعار لمناقشة التآمر على إثيوبيا، وأذيع على الهواء مباشرة، وشارك فيه أيمن نور أعضاء وقيادات الجماعة.
 
مرسي
 

خاتمة لتمرير رسائل أمير الدوحة
 
بالطبع لن ينهي إبراهيم منير حواره غير بمحاولة تمرير الرسائل التي وصلت إليه من قصر الأمير في العاصمة القطرية قبل إجراء هذا الحوار، بل إنها الأساس الذي قامت عليه فكرة استدعاء منير من أطلال جماعة الإخوان، فتحدث الرجل جاهدا في اختيار كلماته بمظلومية حصار قطر "الدولة المسلمة الشقيقة" من الرباعي العربي في شهر الصيام، ولا بأس من زيادة الحبكة بحشر اسم السعودية مع العلاقات بإسرائيل، في سياق خطب الود الإخواني القطري.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق