حرص الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، علي إلقاء كلمة بمناسبة ختام الدور الخامس من الفصل التشريعي الأول، أكد خلالها دور المجلس النيابي على وجه يرضي ضمائر نوابه، في فترة من أدق الفترات التي مر بها الوطن.
إلي نص الكلمة:
الإخوة والأخوات أعضاء المجلس الموقر:
مع ختام أعمال دور الانعقاد الخامس من الفصل التشريعي الأول لمجلس النواب، ومعه نودع فترة زمنية ثرية من النشاط البرلماني الدءوب، عملنا خلالها على ترسيخ مكتسبات مهمة في طريق البناء الديمقراطي، وخلق سوابق وممارسات برلمانية نوعية، مستحضرين في ذلك مستجدات الواقع الدستوري وغاياته، وآمال المواطنين وطموحاتهم، وخصوصيات المرحلة ومتطلباتها، نستلهم أسسها وتوجهاتها نحو إستراتيجية تنمية وطنية حقيقية وملموسة تصوغ ملامحها قيادة سياسية واعية وقادرة.
وعندما أسترجعُ هذا الفصل التشريعى منذ بدايته في مطلع عام 2016 استحضر اللحظات الأولى لهذا المجلس والمراهنات التي عقدت بأنه لن يكمل مدته، وأن خطواته سوف تتعثر، وأنه لن يملأ الفراغ الواقع في ترتيب مؤسسات الدولة، في ظل محاولات بائسة من البعض لفرض مقاطعة واسعة لنا على المستوى الإقليمي والدولي.
عندما استحضر ذلك كله، أجد أن مجلسكم قد حمل الرسالة، وأدى الأمانة، وأوفى بالقسم، وبذلتم ما اتسعت له طاقاتكم، وخضتم غمار معارك عدة على جميع الأصعدة بقلوب مخلصة دون أي تقاعس لبلوغ ما يأمله الشعب من أهداف، فلم تغفل أبصاركم عن تحري إرادته، بل اقتحمتم بروح قادرة قضايا شائكة كانت مهملة عبر سنوات، واستطعتم بجهودكم الارتقاء بأداء السلطة التشريعية إلى مستوى التحديات التي نواجهها، فقد أدى مجلس النواب واجبه على وجه يرضي ضمائرنا في فترة من أدق الفترات التي مر بها الوطن.
ولا يجب أن ننسى أن مجلسكم الموقر وضع نصوصاً دستورية جديدة في روحها ومضمونها موضع التطبيق، ولم تكن هذه بالمهمة السهلة بل احتاجت إلى كثير من الانتباه والدروس والتحليل، ولا ننسى أننا استطعنا بكثير من الجهد والصبر والتعاون مع الأصدقاء المخلصين من أبناء هذا الوطن من استعادة عضويتنا في البرلمان الدولي والبرلمان الأفريقي وغيرها من المؤسسات والمنظمات الدولية.
الأخوات والإخوة أعضاء المجلس الموقرين
إن العمل البرلماني الذي أنجزتموه طيلة هذه الدورة، هو ختام حلقات النضال التي خاضها مجلسكم الموقر من أجل هذا الوطن، وأسفرت عنه نتائج يفخر بها كل عضو في هذا البرلمان.
ولقد بذلت كل لجان المجلس النوعية بوصفها المصنع الحقيقي جهوداً مثمرة على المستوى الرقابي والتشريعي، فظهرت نتائجها واضحة جلية على صفحة أعمال المجلس.
فعلى المستوى التشريعي؛ يمكننا القول - بضمير مطمئن- إننا اجتهدنا قدر طاقاتنا وبذلنا ما في وسعنا للوفاء بالاستحقاقات التشريعية التي نص عليها الدستور، ولم نهادن أو نقبل الحلول الوسط ولم نتهاون عن عمل تشريعي يدعم مسيرة التطور والإصلاح التي تخوضها الدولة المصرية، مهما كانت الصعوبات والتحديات، وقد سعينا إلى استغلال كل دقيقة من وقت عمل البرلمان في سبيل انجاز مهامه. والمؤشرات والإحصائيات خير شاهد ودليل، فلم نسع إلى استغلال المشاعر أو التلاعب بالمواطن بل قدمنا صالح الوطن والمواطن ولو كان لذلك ثمن غال ولكن كل هذه الأثمان تبدو زهيدة رخيصة إذا ما قورنت بصالح الوطن.
وعلى صعيد الدبلوماسية البرلمانية فقد شارك المجلس في العديد من المؤتمرات والاجتماعات الدولية تأكيداً على الوجود المصري الفعال والمؤثر في مختلف المحافل الدولية، وسعياً إلى تعزيز جسور الصداقة والتعاون والشراكة مع مختلف برلمانات العالم الشقيقة والصديقة، كما استقبلنا في مجلسنا العامر الضيوف والأشقاء والأصدقاء من كل القارات، مستكملين نجاح السياسة الخارجية التي أولتها القيادة السياسية اهتماماتها.
وقد أولى المجلس في هذا السبيل عناية خاصة للقضية الليبية نظراً للظرف الحرج والدقيق الذي تمر به ليبيا، وتأثيره الخطير والمباشر على الأمن القومي المصري، فكثف المجلس من مشاوراته مع نظيره الليبي، واستضاف الأخ المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، الذي تحدث من على منصتكم في الجلسة العامة، للعالم بأسره، شارحاً القضية الليبية، مشيداً بالموقف المصري الداعم للحق الليبي، ومعتزاً بعروبة المؤسسة العسكرية المصرية وقدرتها على حماية الأمن القومي العربي في مصر وليبيا، خاصة ونحن نرى ونلمس خطوات القيادة السياسية الجادة في هذا الملف الدقيق، ولهذا ندعمها ونباركها.
الأخوات والأخوة أعضاء المجلس
وكما بدأ هذا البرلمان مهمته في ظل ظروف استثنائية مرت بها مصر والمحيط الإقليمي بأسره، فقد أراد الله له أن ينهي مهمته أيضا في ظل ظروف استثنائية غير مسبوقة تمر بها البلاد والعالم أجمع، وذلك بفعل التداعيات الناجمة عن انتشار وباءِ كورونا المستجد (كوفيد 19) والتي أحدثت تغييرا في نمط أعمالنا وسلوكنا، ورغم ذلك لم يعطل هذا الوباء المجلس وأعضاءه عن ممارسة الدور الوطني الذي أخذه على عاتقه، فانعقد المجلس بشجاعة وإقدام في ظل ظروف قاسية وإجراءات احترازية ووقائية مشددة، ليستكمل دوره التشريعي الداعم للدولة في مختلف ظروفها، بل إن المدقق في الأرقام يجد أن إنجاز المجلس زاد في هذه الفترة رغم دقة الظروف وصعوبتها في مظهر واضح من مظاهر حسن استغلال الوقت وإعمال اقتصاديات المناقشات والمداولات.
الزميلات والزملاء
لا يسعنى ونحن ننهى أعمال دور الانعقاد الخامس إلا أن أوجه الشكر والتقدير لكم، أغلبية ومعارضة ومستقلين، فقد قدمتم صورة مضيئة ومشرفة للممارسة البرلمانية المعاصرة التي تعمل للمصلحة الوطنية في مناخ ديمقراطى أرسى دعائمه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية.