يوسف أيوب يكتب: حينما حدد الرئيس السيسي خط (سرت - الجفرة) كانت بداية التراجع التركي في ليبيا
الجمعة، 21 أغسطس 2020 03:25 ميوسف أيوب
إعلان المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الليبية صباح اليوم عن وقف إطلاق النار على جميع الاراضى الليبية، هو بمثابة اعتراف رسمى من فائز السراج ورفاقه المدعومين من قطر وتركيا أنه لم يعد بمقدورهم الصمود أكثر من ذلك فى مواجهة الرفض الليبى الشاسع لوجود مثل هذه الميليشيات الإرهابية التى ارادت ان تقدم ثروات ومقدرات الليبيين على طبق من ذهب لرئيس تركيا رجب طيب أردوغان، الذى تحركه أطماعه التوسعية والتى جعلته يتخيل أن بمقدوره بسط نفوذه خارج حدود تركيا.
إعلان وقف اطلاق النار والذى وافق عليه برلمان ليبيا الشرعى ورحبت به كل القوى الاقليمية والدولية، هو إعلان وفاة رسمى لكل الافكار التركية التوسعية على الاراضى الليبية، والتى اصطدمت بوجود موقف مصرى قوى رافض لكل ما من شأنه الاضرار بمصالح ليبيا الشيشة والجارة، وهو الموقف الذى لاقى مساندة ليبية لم يكن يتوقعها اردوغان ولا اتباعه فى ليبيا.
فعلى مدار الأسابيع الماضية استقبلت القاهرة ممثلى القبائل وشيوخ ليبيا الذين جاءوا لطلب الدعم المصرى لهم فى مواجهة المحتل التركى، وهو الطلب الذى تجاوبت معه مصر رسميا وشعبيا وبرلمانيا، فجاء تحذير الرئيس السيسى فى 30 يونيو الماضى وهو يتفقد عناصر المنطقة الغربية العسكرية، حيث وجه رسائل قوية وحاسمة إلى الأطراف المعتدية على سلامة ليبيا وخاصة الميليشيات المسلحة والمرتزقة المنتشرين في البلاد، استخدم فيها المصطلح الشهير "سرت والجفرة بالنسبة لنا خط أحمر"، مؤكدا أن مصر تكن كل الاحترام والتقدير لليبيا ولم تتدخل يوما في شؤونها الداخلية ومستعدة لتقديم الدعم من أجل استقرارها، مشددا: "نحن في مصر نكن لكم احتراما وتقديرا كبيرا ولم نتدخل في شئونكم ودائما مستعدين لتقديم الدعم، من أجل استقرار ليبيا وليس لنا مصلحة ليس إلا أمنكم واستقراركم ، وتجاوز سرت والجفرة خط أحمر، ولن يدافع عن ليبيا إلا أهل ليبيا ومستعدين نساعد ونساند هذا".
بعدما حدد الرئيس السيسى خط سرت الجفرة لم نسمع عن تحرك من جانب هذه الميليشات ومن يدعمونه لتخطى هذا الخط، لانهم ادركوا أن القضية لا تقتصر فقط على القول والتهديد، بل ان مصر ومن خلفها الليبيين مستعدين لهذه المواجهة إن حدثت.
بعد هذا التحذير كنا نتوقع تراجعا تركيا وهو ما حدث، فخلال الايام الماضية سمعنا العديد من التصريحات التركية التى كانت تسير فى اتجاه عدم الرغبة فى اغضاب مصر، حتى حينما زار وزيرا دفاع تركيا وقطر العاصمة طرابلس الاسبوع الماضى، كنا ندرك انها زيارة حفظ ماء الوجه والبحث عن اسباب للخروج من المأزق الذى اوجدوا انفسهم بداخلهم، وهو ما حدث بالبيان الذى صدر اليوم عن السراج الذى لا يتحرك الا من خلال اوامر تركية واضحة.
مجمل ما حدث يؤكد ان السياسة والحكمة ومعهم الحزم والحسم المصرى نجح في احتواء إندفاع وحماقات بعض تركيا ومعها قطر واطراف اقليمية في الشأن الليبي، فمنذ اللحظة الاولى حددت مصر استراتيجة التعامل ولَم تخرج عنها، حيث حددت خطواتها باهمية الحفاظ على وحدة ليبيا وعلى مقدرات شعبها، وثانيهما هو عدم التفريط في أيٍ من اسس الأمن القومي المصري وعدم السماح بإعادة بناء قواعد ارتكاز للتنظيمات الإرهابية على الحدود الغربية المصرية، وهى الاستراتيجية التى تتحقق كل يوم على الارض.