قانون التصالح في مخالفات البناء بين تخبط المواطنين واسترداد حق الدولة
الخميس، 13 أغسطس 2020 09:00 ص
ما زال قانون التصالح على مخالفات البناء يثير جدلا واسعا في تطبيقه وتخبطا بين المواطنين، وتشدد الدولة على تطبيق القانون واسترداد حقها وفرض هيبتها، حيث أن أحد أهم المخالفات التى شهدتها السنوات السابقة، التى كانت تشغل الحيز الأكبر للقضايا داخل المحاكم هى مخالفات البناء مما دعا البرلمان إلي إقرار "قانون التصالح ..
ورغم تعديل العقوبة أكثر من مرة على المخالف سواء عقوبة الحبس أو الغرامة ورفع الحدين الأدنى والأقصى للعقوبة في القانون رقم 119 لسنة 2008 "قانون البناء الموحد".إلا أن المشرع وجد أن المخالفات فى تزايد مستمر، وأن العقوبة لا تحقق رادع بسبب عدم توافر أماكن للسكن واضطرار المواطن إلى البناء على الأراضى الزراعية، ودون الحصول على التراخيص.
المحامي بالنقض أحمد غريب، قال أن كل من ينتظر الحكم بعدم دستورية قانون التصالح تأسيسا على مبدأ عدم سريان القانون بأثر رجعي وأنه لا جريمة ولا عقوبة بدون نص وأن العقوبة شخصية، نؤكد لهم أن فلسفة هذا القانون بنيت على تطبيقه بأثر رجعي، وإلا فقد معناه فهو جاء ليوفق ويصلح أعمالا تمت بالمخالفة للقانون أى أنها تمت فهو جاء ليصلح بين جهة الإدارة بما لها من سلطة تنفيذ قرارات الإزالة، وبين صاحب مصلحة فى ألا تتم الإزالة، وجاء ليصلح وضع بين جهة الإدارة الرافضة لتوصيل المرافق للأبنية المخالفة وبين صاحب مصلحة في توصيل تلك المرافق وجعل لذلك مقابل أي جعل مقابل مادي للتصالح ومن ثم لا يمكن اعتباره عقوبة، فإذا فشلت تلك المصالحة بين الطرفين تعود للإدارة سلطتها فى تنفيذ القرار الإداري.
وأضاف غريب أنه ليس هناك تعارض بين قانون التصالح ومبدأ عدم تطبيق لقانون بأثر رجعي، فكما أوضحنا أن فلسفة هذا القانون تقوم أساسا على تطبيقه بأثر رجعي، كما أن هذا القانون لم يستحدث جريمة ولم يقر عقوبة، فالجريمة وقعت سابقآ وجاء هو ليعالجها ومن ثم فلا جريمة استحدثت ولا عقوبة قررت بمقتضى هذا القانون، ونرى أن يعمل الجميع على التخفيف من آثار تطبيقه من حيث تنفيذ الإزالة أو من حيث قيمة مقابل التصالح ولكن التعويل على عدم دستورية القانون للأسباب المذكورة اعتقد أن ذلك ليس فى محله، وقد يحكم بعدم الدستورية ولكن لأسباب أخرى.
وأوضح غريب أنه فيما يتعلق بمطالبة البعض بعدم سريان القانون بأثر رجعي أن هذا الرأي لا يستقيم مع تسمية القانون، فالقانون عرف بأنه قانون تصالح، والتصالح لا يكون إلا فى وقائع تمت قبل صدوره وإلا ما سمى بقانون التصالح، فأنت تتصالح على أعمال وأفعال تمت بالفعل ولا تتصالح على أعمال لاحقة سوف تتم فما يتفق على إتمامه لاحقا فهو إجازة لتلك الأعمال وليس تصالح فيها، فالقانون صدر ليعالج أخطاء وقعت في الماضي قبل صدوره بل إنه منع التصالح مع الأعمال اللاحقة على صدوره، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى هناك خلطا ما بين الشق الجنائي والشق الإداري فى واقعة البناء، فالشق الجنائي في واقعة البناء يسرى عليه أحكام القانون من انقضاء دعوى وسقوط عقوبة باعتبارها جنحة حسب التصنيف القانوني للجرائم أما الشق الإداري وهو قرار الإزالة فيظل هذا القرار مستمرا واجب التنفيذ إلى أن ينفذ أو يتم إلغاؤه.
من جانبه قال الخبير القانوني جون نظمي - هذا القانون يشوبه عوار دستوري، لأن القائم بالمخالفة هو مالك الأرض أو المقاول، فلا يجوز محاسبة ساكن الوحدة أو العقار على المخالفة أيا كان المسمى سواء كان مصالحة أو غير ذلك، مضيفا أن المخالفة التي قام بها مالك الأرض أو المقاول تعد جنحة؛ والحكم الصادر في الجنحة قانونا يسقط وكل الآثار المترتبة عليها بعد مضي 3 سنوات من صدور الحكم .
وأضاف نظمى، أن هناك حكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة بتاريخ 24 مارس 2020 قضى بعدم جواز تنفيذ الإزالات التي تراخت في تنفيذها جهة الإدارة وذلك لعدم المساس بالمراكز القانونية التي اكتسبت، ونود أن نقول للجهات المختصة إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع، فمهما نفذت الدولة إجراءات لتنفيذ هذا القانون فمن أين يأتي المواطن بهذه المبالغ المادية المرتفعة مع ما تكبده المواطن من صعوبات في توفير ثمن الشقة المخالفة؛ وذلك كله في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، وما نتوقعه هو أنه سوف يتم إيقاف العمل بهذا القانون والحكم بعدم دستوريته؛ ولكن يجب قانونا أن تكون هناك دعوى قضائية مقامة أمام دائرة بإحدى المحاكم ويتعلق موضوعها بهذا القانون ومن ثم يتم الدفع بعدم دستوريته؛ وهذا هو الطريق القانوني لإيقاف العمل بهذا القانون، وقد تحدد اليوم الرابع من شهر أغسطس المقبل لنظر الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا وهي اخر درجات التقاضي .