5 سنوات من الاستثمارات.. قناة السويس الجديدة ملحمة شعب وإرادة دولة
الأربعاء، 05 أغسطس 2020 08:58 م
القناة الجديدة بأيدي واستثمارات مصرية وساهمت فى تصدر مصر للتجارة العالمية وتوسيع المجرى لمرور أكثر شاحنات بالعالم
قناة السويس الجديدة تعد من أهم الإنجازات الاقتصادية فى العصر الحالى، ست سنوات مرت على يوم افتتاح القناة والبدء فى تشغيلها، وقبلها سنوات على بدء الحفر فى تنفيذها لتكون بمثابة مرحلة جديدة للتنمية فى اقتصاد الموانئ، ولكنه لم يقتصر على تنمية القناة فقط ولكن تطوير و تنمية المناطق المحيطة بالقناة ومحافظاتها بإقامة مشروعات خدمية وصناعية وتجارية ومد شريان الحياة من القناة الى سيناء والدلتا ليصبح مجتمع عمراني واحد غير منفصل
تملك قناة السويس تاريخ طويل وتحتل فى ذاكرة المصريين مساحة كبيرة من معاناة فى حفرها وبنائها بالدم والعرق والروح ولكن خيرها ذهب إلى أيدي الأجانب بعد منح ألامتيازات الأجنبية لهم قبل ان يحصد المصريين نتائج شقاءهم فى بنائها و قبل 151 عاما تم افتتاح القناة، بعد عشر سنوات كاملة و120 ألف من أرواح المصريين، لتمنح خيرتها للأجانب ويبقي للمصريين الالم على ضياعها حتى معركة تحريرها من أيدي الأجانب واستعادتها فى عام 1956 ليقف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وسط الشعب معلنا تأميم القناة ليصبح ملكا خالصا لمصر .
تحمل قصة بناء قناة السويس اسم إرادة شعب قثد استمرت على مدار السنوات الماضية شاهدة على قوة الشعب فى الدفاع عنها وتحريرها من أيدي العداون سواء قبل العدوان الثلاثي أو أثناء احتلال إسرائيل لها وتحريرها فى حرب السادس من اكتوبر لتستمر مسيرة العطاء فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى، باتخذ قرارا بحفر قناة السويس الجديدة والتى جرت هذه المرة بالاختيار وتمويل المصريين، اكتتب المصريون بـ66 مليار جنيه وقرروا الوقوف خلف الدولة وحفر قناتهم لتكون عملية التجديد.
وفى 6 أغسطس قبل خمس سنوات تزينت القناة هذه المرة لكنها أعلنت الاحتفال بالحفر الاختيارى لتبدأ مرحلة جديدة من القفزات فى الزمان والمكان بسلسلة من المشروعات القومية الكبرى، من طرق وكبارى، محطات مياه وكهرباء مصانع ومزارع، وتظل القناة رابطا وشريانا وشاهدا على التاريخ الحاضر والمستقبل وخلال حفر القناة الجديدة، تم العثور على عظام شهدائنا فى الحروب، ليذكرونا أن القناة هى روح مصر وجزء من تاريخها وحاضرها ومستقبلها.
شارك فى حفل القناة هذه المرة 50 ألف مهندس وفنى وعامل، ومئات من معدات الحفر فى عام واحد تم رفع رمال تُعادل حجم الهرم الأكبر 203 مرات و10 أضعاف السد العالى، فى مشروع مصرى 100%، وخلال 354 يوما وقبل 11 يوما من الموعد المحدد تم انتهاء القناة، والتى كانت عنوانا لإرادة المصريين ووحدتهم التفوا ودفعوا أموالهم لتمويل المشروع.
التمويل كان هو الأزمة الحقيقة التى تواجه الدولة فى حفل القناة الجديدة خاصة مع رفض الدولة أن تلجأ إلى الدول والمستثمرين الأجانب وان تكون القناة الجديدة مصرية خالصة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة بعد ثورتين ليكن الرهان على الشعب المصري ووعيه ومساعدته للدولة ليعلن الرئيس السيسي مشاركة المصريين فى تملك القناة من خلال اسهم يتم بيعها لتستقبل البنوك 64 مليار جنيه خلال أيام تكفى وتزيد ولولا قرار وقف تلقى أموال المصريين لتضاعف المبلغ عشرات المرات.
ساهمت القناة الجديدة فى إحداث نقلة اقتصادية ونوعية هامة حيث تم تعميق الغاطس إلى 24 مترا «66 قدما»، لاستيعاب كل أنواع السفن وناقلات البترول والحاويات، والسماح بالعبور المزدوج لقافلتى الجنوب والشمال مع تقليص زمن الرحلة للنصف من 22 ساعة إلى 11 ساعة فقط، تضاعفت قدرة القناة على استقبال السفن والحاويات العملاقة التى لم يكن مرورها ممكنا قبل حفر القناة الجديدة، وتمكنت إدارة القناة سواء فى عهد رئيسها السابق الفريق مهاب مميش أو الرئيس الحالى للقناة الفريق أسامة ربيع من المساهمة فى تطوير الإدارة وجعلها على قدر من المرونة لزيادة الإقبال على الناقلات بالقناة .
فى الماضي كان العبور من خلال 3 قوافل يومية، قافلتان من الشمال وقافلة من الجنوب، مع أوقات انتظار طويلة لكل منها حتى تعبر القافلتان الأخريان، وبعد حفر قناة السويس الجديدة استوعبت القناة للمرة الأولى العبور المزدوج مع تقليص زمن العبور من 22 إلى 11 ساعة، وكانت المشكلة القديمة أن تعطل سفينة واحدة يمكن أن يُعطل القناة وحركة التجارة العالمية بأكملها، لكن القناة الجديدة قضت على تلك المخاطر، وأصبح لدينا مساران للعبور إذا تعطل أحدهما يمكن اللجوء للآخر.
وساهمت القناة الجديدة فى زيادة عامل الأمان الملاحى مع زيادة المناطق المزدوجة بالقناة، بالإضافة إلى استيعاب الأجيال الجديدة من السفن العملاقة فى ظل وصول غاطس قناة السويس إلى 66 قدما، وأصبحت قناة السويس قادرة على استيعاب الزيادة المستقبلية فى أعداد وحمولات السفن العابرة، ومواصلة دورها فى تدعيم خزانة الدولة بالنقد الأجنبى،مما ساهم فى رفع تصنيف القناة عالميا وتعزيز تنافسيتها والحفاظ على مكانتها الرائدة، بزيادة القدرة العددية والاستيعابية، وعامل الأمان الملاحى وغيرها من المزايا الملاحية التى نجحت فى كسب ثقة العملاء من التوكيلات الملاحية.
وبالرغم من مرور العالم وحركة التجارة بأزمات نتيجة انخفاض أسعار النفط عام 2016 أو أزمة فيروس كورونا هذا العام تمكنت من الحفاظ على كفاءتها، ونجحت فى تقديم عروض تسويقية مهمة وتخفيضات ساهمت فى جذب السفن، خاصة أن سفن الحاويات الكبيرة أصبحت توفر فى التشغيل والوقود عندما تمر من القناة فى ظل أسعار تنافسية يصعب منافستها.
ونجحت القناة فى تثبيت الاستحواذ على 12% من حجم التجارة العالمية، تمر من القناة. كما نجحت فى تخطى أزمة فيروس كورونا التى هزت العالم، وأصرت على التجارة العالمية. ونتيجة لهذه السياسة فقد تم الإعلان عن المنطقة الاقتصادية للقناة والتى تمثل أحد أهم أضلاع التنمية فى مدن القناة ومصر، وتمثل أحد أهم عناصر الجذب الاستثمارى.