قطر تعيد زمن العبيد: انتهاكات ضد العمال.. واستغلال النساء جنسيا
الإثنين، 03 أغسطس 2020 08:00 م
تواصل السلطات القطرية تبني منهجا ينتهك منظومة حقوق الإنسان وذلك على خلفية الانتهاكات الجسيمة التي يمارسها النظام القطري ضد آلاف العمال المهاجرين الذين يجدون أنفسهم في ظروف أشبه بالرق والعبودية، وتسببت في وفاة المئات منهم واصابة اعداد كبير بفيروس كورونا المستجد.
وكشف تقرير أعدته مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الأنسان، أن آلاف العمال المهاجرين إلي قطر الذين ينحدرون من أصول آسيوية والذين يعملون في مواقع البناء، يواجهون انتهاكات جسيمة، وخاصة في ظل الظروف المجحفة التي يعمل فيها العمال وتسببت في وفاة المئات، منها ارتفاع درجة الحرارة التي تتجاوز 50 درجة مئوية، وتسببت بشكل رئيس في ارتفاع حالات الوفيات إلى جانب نظام الكفالة - وإن تغيير اسمه - يواصل ربط العمال بأصحاب العمل لمدة تصل إلى 5 سنوات، والتي يتعرض فيها العمال لخطر العمل القسري، والقيود المفروضة على تنقلهم، وفى بعض الأحيان تصل إلى مصادرة الجوازات، بالإضافة إلى أنه لا يزال يُطلب من عاملي المنازل الحصول على «مأذونية الخروج» من أجل مغادرة البلاد .
وأوضح التقرير الحقوقى، إلى أن السلطات القطرية تواصل ارتكابها أنماط ثابته من الانتهاكات عبر سياساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية التي أسهمت في انتهاك مبادئ حقوق الإنسان الدولية، وذلك على النقيض مع الدستور القطري وعدد من التشريعات القطرية التي ما زالت بعيدة جدا عن تبني نهج حقوق الإنسان، وقائمة على أفكار عنصرية وتمييزية، كما أن الإطار المؤسسي القطري المعني بحقوق الإنسان لم يفلح أن يشكل رافعة للقضاء على انتهاكات حقوق الإنسان وضمان مساءلة مرتكبها، بل تم استخدام كل المكونات القطرية المعنية بحقوق الإنسان للتغطية على الجرائم، كما أن السياسات القطرية تتصادم وبوضوح مع معايير حقوق الإنسان الدولية، ومع أسس العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وأضاف التقرير، أنه على الرغم من إقرار منظمة العمل الدولية بالتغييرات الهيكلية التي أدخلتها قطر والتي تشمل اعتماد حد أدنى مؤقت للأجور في أكتوبر 2017 وإدخال تحسينات على نظام الصحة والسلامة ونظام تفتيش وإنشاء لجان لتسوية المنازعات للتعامل مع شكاوى العمال، وعلى الرغم من أن معظم العمال لم يعودوا بحاجة إلى إذن أصحاب العمل لمغادرة البلاد إلا أنهم ما زالوا بحاجة إلى ما يعرف شهادة عدم ممانعة من صاحب العمل لتغيير وظائفهم في قطر، ويرفض العديد من أصحاب العمل تقديم مثل هذه الشهادات، ويجبر العمال على البقاء حتى انتهاء عقودهم والتي قد تصل إلى 5 سنوات، كما أن العمال الذين يتركون وظائفهم دون إذن صاحب العمل يمكن الإبلاغ عن الفرار وجلب تهمة جنائية لهم يمكن أن تؤدي إلى الاعتقال والترحيل بما يتعارض مع قوانين ومعايير العمل الدولية.
ووفقا للتقرير فقد شهدت أوضاع العمالة في قطر خاصة القادمة من الهند وبنجلاديش ونيبال ظروفا غير آدمية من حيث الحصول على الطعام والشراب، فضلا عن أماكن لا تصلح للسكن بالنسبة لهم، إلى جانب عدم حصول بعضهم على رواتبهم لقرابة 5 أشهر، وفي تقرير للاتحاد الدولي لنقابات العمال أشار إلى أن قطر تعامل العاملين لديها في مشروعات العمال وكأنهم عبيد، خاصة في ظل الظروف المناخية الصعبة والتي تجعلهم يعملون تحت درجات حرارة مرتفعة بشكل كبير للغاية في فصل الصيف، مما يشكل خطر على حياة العمال.
وأوضح التقرير، أن آلاف العمال المهاجرين الذين ينحدرون من أصول آسيوية والذين يعملون في مواقع البناء، يجدون أنفسهم في ظروف أشبه بـالرق والعبودية ما يحدث في قطر يدق ناقوس الخطر حول انتهاك أبسط حقوق الإنسان، حيث أظهر المؤشر العالمي للعبودية في 2018 أن حوالي 4000 شخص (أو 1.50 لكل ألف شخص من سكان قطر) يعيشون في عبودية حديثة، مشيرًا إلى أن 37.72 لكل 100 شخص يتعرضون للعبودية، كما جاءت قطر التي يصل عدد سكانها إلى 2.4 مليون نسمة في صدارة قائمة الدول الأقل دعمًا لاستجابة الحكومة للحد من العبودية حسب المؤشر.
كما أكدت الحكومة النيبالية أن معظم الشركات الدولية العاملة في قطر لا تفي بمتطلبات السلامة، فالعديد من عمال البناء يفقدون حياتهم من خلال هذا الإهمال الجسيم حيث اكدت العديد من التقارير الحقوقية في نيبال إن أصحاب العمل في قطر فشلوا في تهيئة ظروف عمل لحماية صحة العمال حيث أكدت التقارير أن ما يصل إلى 1300 عامل مهاجر غادر نيبال على أساس يومي للوظائف في الخليج، وتم إعادة العديد من العمال المهاجرين القتلى إلى نيبال كل يوم.
ووفقا لأرقام الحكومة النيبالية فإن الحوادث وسوء الأحوال المعيشية تتسبب في وفاة حوالي 110 أشخاص كل عام، وأن العديد من العمال النيباليين لقوا حتفهم إما في بناء الملاعب أو أي شيء متعلق بالملاعب في قطر، لقد حاولت الحكومة إقامة دعوى ضد أصحاب العمل لكن من الصعب التحقيق بسبب الوسطاء المتورطين في توظيف العمال حيث أنه لا توجد وثائق مناسبة للعاملين النيباليين نتيجة لذلك ليس من السهل إثبات مسؤولية الشركة، ومن الصعب إثبات مساءلة الشركات المشاركة في التحضير لكأس العالم FIFA. انعدام الشفافية في عملية التوظيف يسمح للشركات بالهروب من الدعاوى القضائية.
كما يواجه العاملون في المنازل ومعظمهم من النساء وضعا أكثر صعوبة من حيث التعرض للإساءة والاستغلال لأن قانون العمل الجديد في قطر يستعبد صراحة عاملات المنازل، بالإضافة إلى انتهاكات العمل يتعرض العديد من عاملات المنازل للإيذاء البدني والجنسي، ووصولهم إلى المعلومات والدعم ويتم تقليص سبل الانتصاف بشكل خاص حيث يميلون إلى العيش في أماكن خاضعة للسيطرة في المنازل الخاصة لأصحاب عملهم مع عدم وجود حرية في التنقل أو أوقات للراحة وتقييد استخدام الهاتف والإنترنت.
وأوضحت مؤسسة ماعت أنه في الوقت الذي بدأت فيه بعض الدول اتخاذ مجموعة من التدابير التي تساعد على الحد من انتشار فيروس كورونا، كوقف الأنشطة التعليمية والرياضية والاجتماعية، وكذلك وقف العمل في القطاعات غير الضرورية وتطبيق آليات التباعد الاجتماعي، فقد أصرت السلطات القطرية على استمرار العمل في منشآت كأس العالم التي من المفترض أن تستضيفها في شتاء 2022، معرضه نحو 2 مليون من العمال المهاجرين بخطر الإصابة بفيروس كورونا،
وكشف التقرير أن قطر تجاهلت حقوق هؤلاء العمال الذين يواجهون انتهاكات عدة حتى قبل انتشار فيروس كورونا، تتعلق بالعمل في ظروف غير آدمية، وأجورهم التي لا تتجاوز الـ6 دولارات يومياً، ويعيشون في معسكرات مكتظة بالبشر في وسط الصحراء لا تصلح كسكن آدمي، ولا تتمتع بظروف معيشية صحية أو لائقة، حيث لا توجد مياه أو كهرباء، ما يعني أن العمال هم حتماً أقل قدرة على حماية أنفسهم من الإصابة بالفيروس،
وأضاف، أن قرب العمال من بعضهم البعض في المخيمات الضيقة لا يسمح بأي نوع من التباعد الاجتماعي، حيث ينام فيها نحو 10 أشخاص في غرفة واحدة على أسرة من طابقين، الأمر الذي ساهم في انتشار الفيروس بين العمال المهاجرين، والذي حاولت قطر في البداية التكتم على هذه الإصابات بين العمال الأجانب، إلا إنها في الأخير اضطرت للاعتراف والإقرار بوجود إصابات بينهم رغم تقليلها من العدد.