شهادة جنرال تركي تكشف حقيقة إعدام ضابط كشف التمويل القطري للإرهاب في سوريا عبر أنقرة
الإثنين، 03 أغسطس 2020 12:23 صأمل غريب
كشفت عملية الإعدام التي نفذتها السلطات التركية في اسطنبول، بحق أحد الضباط الكبار الذي اكتشف التمويل القطري للجماعات الإرهابية في سوريا، عبر تركيا، عن ضلوع الدوحة وأنقرة، في تعميق الصراع داخل سوريا، من خلال أوامر أحد الضباط ضابط الذي تحول إلى مستغل للحروب، وتبيّن عمله مع الاستخبارات التركية.
وكشفت شهادة العقيد فرات ألاكوش، الذي عمل بقسم الاستخبارات بقيادة القوات الخاصة، خلال جلسة محاكمة أمام الدائرة 17 للمحكمة الجنائية التركية العليا، في مارس 2020، حصل على وثائقها موقع "نورديك مونيتور" السويدي، أن رئيس قيادة القوات الخاصة آنذاك، الفريق زكاي أكسكالي، أمر بعملية اغتيال للعميد سميح ترزي، لاكتشافه أمر سرية عمالة أكسكالي، مع جهاز الاستخبارات التركية، بإدارة العمليات السرية غير المشروعة في سوريا، من أجل تحقيق مكاسب شخصية، وجر أنقرة، بشكل أعمق في الحرب الأهلية السورية الدائرة.
وجاء في شهادة العقيد ألاكوش، أن ترزي، كان يعرف مقدار التمويل القطري لتركيا، بهدف شراء أسلحة وذخيرة للمعارضة السورية، علاوة على حجم التمويل الذي كان يستخدمه المسؤولون الحكوميون الأتراك بالفعل، ومقدار ما تم اختلاسه، مشيرا إلى أن الحالة القطرية ما هي إلا مثالا واحد على كيفية إساءة توجيه الأموال، كما وأنه هناك دولاً أخرى اختُلست أموالها بعد أن تم تحويلها لتركيا، وأوضح أن ترزي كان على علم بكل العمليات القذرة التي تديرها الاستخبارات التركية، وعن العصابة التي كان يقودها أكسكالي، داخل الجيش بعيدا عن التسلسل القيادي، وتفتقر لتفويض كبار الضباط بهيئة الأركان العامة.
وأوضحت شهادة الأكوش، أن كل ما سبق، كانت الأسباب الفعلية وراء توجيه أكسكالي، بإعدام ترزي، الذي استدعاه لأنقرة، من مقاطعة حدودية، بزعم توفير الأمن للمقر ضد تهديد إرهابي في أنقرة.
وقدم ألاكوش، الذي كان يعمل رئيسا لوحدة الاستخبارات في قيادة القوات الخاصة خلال الفترة من 2014 إلى 2016 وهو المنصب الذي اتاح له معرفة المعاملات السرية، ادعاءات أخرى، بأن ترزي، كان يعلم هوية الشخصيات الحكومية التي تتورط في عمليات تهريب النفط من سوريا، وكيف تقاسموا الأرباح، والأنشطة التي قاموا بها، إلى جانب علم ترزي، بأنشطة بعض المسؤولين الحكوميين الذين تورطوا في جلب كبار قيادات الجماعات المتطرفة لتلقي العلاج داخل تركيا، تحت ستار أنهم من قيادات قوات الجيش السوري الحر المعتدلة،علاوة على علمه بمقدار الرشاوي التي تلقوها مقابل الخدمات المقدمة، وهو أمر مخالف للقانون التركي، علاوة على تكليف الهيئة العامة للأركان، لترزي، بالعمل على الملف السوري، وأن الأخير كان على علم بتفاصيل جميع العمليات التي تجريها تركيا، عبر الحدود.
يشار إلى أن العقيد فرات ألاكوش، كان مكلفًا بالعمل لمدة 6 أشهر في فريق مكافحة تنظيم داعش، في العراق منذ ديسمبر 2015، ثم تم تعينه قائدا للوحدة الـ3 ضمن لواء القوات الخاصة الثاني في أمقرة، في 8 يونيو من نفس العام، وكان من بين مهامه حماية كبار الضباط ونشر القناصين والقوات في المهام الخاصة، ثم أصبح مسؤولا عن قاعدة ÖKİ-2 العسكرية، الواقعة في مقاطعة كيليس الحدودية جنوب شرق تركيا، بينما كانت العمليات في العراق، تدار من قاعدة ÖKİ-1، تحت قيادة خليل صويصل، في ذلك الوقت، والتي تقع في مقاطعة سيلوبي، بمحافظة شرناق جنوب شرق تركيا، في الحدود مع سوريا والعراق.
وجاء ضمن شهادة الأكوش، أنه من بين مهام ترزي، تنسيق العمليات مع جهاز الاستخبارات التركي، بقيادة هاكان فيدان، إلى جانب عمله عن كثب مع البنتاغون، في إطار برامج تدريب وإعداد مقاتلي المعارضة السورية، فكانت الاستخبارات التركية تجند المقاتلين وتعيينهم من أجل البرنامج، فيما كان الجيش التركي يوفر التدريب، إلا أنه عندما لاحظ سميح ترزي، محاولة دمج الجهاز لمتشددين بالبرنامج كمعتدلين، رفع اعتراضا معتبرا الأمر خداعًا، ما أدي إلى استهدافه من جانب الاستخبارات التركية أكسكالي.
وكشف العقيد الأكوش، ضمن شهادته، أن سميح ترزي، كان على علم بالكثير عمّا يجري في العراق، وبمفاوضات الرهائن مع داعش، التي أجرتها الاستخبارات التركية، للإفراج عن الرهائن الأتراك الذين احتجزتهم داعش، عند اقتحامها لمبنى القنصلية التركية في الموصل، موضحا أن بعض الأموال التي أعطتها تركيا إلى داعش، أخذها في الحقيقة مسؤول تركي استخدم الأموال المختلسة في شراء 20 شقة في أنقرة، كما أن ترزي، كان على علم وثيق بالكيفية التي تم تحويل مسار النفط السوري الذي استولت عليه داعش من سوريا، وتحويله إلى تركيا، عبر حكومة إقليم كردستان العراقية، من خلال مساعدة سياسي محلي بارز في كردستان، بالتعاون مع مسؤولين أتراك حكوميين، باستخدام وكالة حكومية تركية، كما علم بقدر العمولة التي تم دفعها للمسؤولين الأتراك.
وكشفت شهادة ألاكوش، عن صفقة غير مشروعة تم خلالها شراء أسلحة من العراق، وكيف تم إهدار الأموال في الصفقة، وأن ترزي احتج خطيًا على شراء قيادة القوات الخاصة، صفقة أسلحة وذخيرة بمبلغ 16 مليون دولار، من العراق في 2016، واعتبره انتهاكًا للقانون التركي، خاصة أن أغلب الذخيرة المشتراة من المورد العراقي، لم تكن مناسِبة لاحتياجات الجيش السوري الحر، مشيرا إلى أن سميح ترزي، كان يعلم حجم إهدار الأموال التقديرية السرية الموجودة في سوريا والعراق، تحت تصرف الرئيس رجب أردوغان.
وكشف الأكوش، أن سميح ترزي، تلقى خلال محاولة انقلاب التي جرت في 15 يوليو 2016، دعوة إلى أنقرة من جانب أكسكالي، رغم حظر الطيران المفروض من هيئة الأركان العامة، إلا أنه تم السماح لرحلة ترزي، بالإقلاع بإذن خاص من مدينة سيلوبي، إلا أن أكسكالي، أمر أحد مساعديه، وهو ضابطَ صف يدعى عمر خالص دمير، بقتل ترزي، لدى وصوله إلى مقر قيادة القوات الخاصة، فأطلق عليه النار عندما أوشك على دخول المقر، ثم جرى أُخِذ سميح ترزي، لأكاديمية جولهان الطبية العسكرية، ومات متأثرًا بجروحه.
كما كشفت شهادة ألاكوش، عن تلقيه أمرًا من الفريق أكسكالي، خلال ليلة 15 يوليو 2016، بالاستعداد لهجوم إرهابي، وأنه لم يكن يعلم بمحاولة الانقلاب، وأن مهمته كانت تقديم دعم إضافي إلى مكتب رئيس الأركان العامة، كنوع من التدابير المتخذة ضد هجوم إرهابي محتمل وفقًا للمخابرات التركية، وأنه تلقى التعيين شخصيًا من الفريق زكاي أكسكالي، قائد القوات الخاصة، وقيل له بأن يحصل على تفاصيل المهمة من العقيد أوميت باك، وأنه نفّذ مسؤوليته ضمن التسلسل القيادي لتوفير الأمن لمكتب رئيس الأركان العامة، ويعتقد بأنه وفريقه أُجبروا على الوقوع في فخ، وأن أن الفريق أكسكالي، أمر بإعدامه أيضًا، لكنه نجا بفضل الحس السليم الذي اتبعه أفراد القوات الخاصة المنتشرون في هيئة الأركان العامة.
يشار إلى أن العقيد الأكوش، أدين في 20 يونيو 2019، أدين على خلفية اتهامات بالتآمر للانقلاب ضد رجب أردوغان، استنادًا إلى أدلة غير صحيحة، وحُكم عليه بالسجن المشدد مدى الحياة، بينما الفريق أكسكالي، الذي كان قد أصدر أمرًا مباشرًا للأكوش، بالذهاب إلى هيئة الأركان العامة، فلم يتم ذكر أسمه كمشتبه به في القضية، بسبب الدور الذي لعبه في تنفيذ محاولة الانقلاب الزائفة، بالتعاون مع الاستخبارات التركية، كما تم مكافئته في وقت لاحق بترقيته لرتبة فريق عام 2016، وقاد أحد العمليات العسكرية التركية داخل سوريا في شهر أغسطس 2016، ثم عُيين قائدًا لفيلق الجيش الثاني، إلى أن تقاعد في شهر يوليو 2020.