6 اكتشافات أثرية جديدة تبوح بتاريخ الأجداد. منها جدار حمى مصر من فيضان النيل
الثلاثاء، 28 يوليو 2020 05:37 م
باطن الأرض المصرية مملوء بأسرار الماضى والإكتشافات الأثرية تضيف إلى مصر مزيدا من القطع النادرة التى تحكى تاريخ الاجداد، وتكمل لنا بعض الحلقات المفقودة من حضارة مصر القديمة التى لم تنتهى اسرارها بعد ، فخلال الشهرين الماضيين عثرت البعثات الاثرية التى تعمل تحت اجراءات احترازية مشددة فى مختلف مناطق المحروسة على 6 اكتشافات اثرية جاءت متنوعة فى عصورها وتكشف مدى ثراء الحضارة المصرية القديمة.
أحدث الاكتشافات ما عثرت عليه بعثة المسح الأثري بمنطقة الهضبة الصحراوية غرب أبیدوس، وهو مجموعة من الفتحات الموجودة على مستوى مرتفع من واجهة الجبل، ترجع إلى العصر البطلمي، ويرجح أن لها أھمیه دینیه عظيمة.
و تقع في منطقة الوادي المقدس جنوب الجبانة الملكية بأم القعاب، وتحتوى على مداخل تقود إلى غرف مقطوعة في الصخر، لا يزيد ارتفاعها عن 1.20 مترا، و تتنوع بين غرفة واحدة وغرفتين أو ثلاثة ومجموعة أخرى تتكون من خمس غرف متصلين ببعضهما البعض من خلال فتحات ضيقة.
وتقع الفتحات فوق آبار رأسية عميقة مرتبطة بأنفاق مياه طبیعیة، ويحتوي معظمها على كسر فخار ونیشات ومصاطب، كما عثرت البعثة أيضاً على غرفة بها نقوش ”جرافيتي“ لاسم يقرأ "خو-سو-ن- حور"، وأمه "آمون إیردس"، وجدته "نس-حور".
من الاكتشافات الاثرية المهمة توصلت له البعثة الأثرية المصرية أثناء أعمال مشروع ترميم طريق الكباش، عدد من أفران للحرق دائرية الشكل من الطوب اللبن، كما عثرت على سور ضخم من الطوب اللبن من العصر الروماني والمتاخر، و السور يوجد غرب طريق المواكب الخاص بمعبد خونسو، وطوله حوالي 30 متر وارتفاعه مترين ونصف وعرضه 3 أمتار، ويتكون من 17 مدماك من الطوب اللبن.
وعثرت البعثة أيضا على جدار تم بناءه من 3 مداميك من كتل من الحجر الرملي، كان يحمي الضفة الشرقية للنيل من تغير مناسيب نهر النيل خلال مواسم الفيضان، و يمتد هذا الجدار من أمام معبد الكرنك شمالاً وحتى معبد الأقصر جنوباً بمحاذاة طريق المواكب الكبرى بطول حوالي 3كيلومترات ، في منطقة نجع حمادى حيث تم العثور على جدار أثرى يعود للعصر البطلمى، وتم الكشف عنه أثناء قيام شرطة السياحة والآثار بإلقاء القبض على أربعة أشخاص كانوا يقومون بأعمال الحفر خلسة بمنطقة "هو" بنجع حمادى.
و تم التأكد من أثرية الجدار فهو مصنوع من الحجر الرملى ومزين بنقوش وخراطيش تنتمى للعصر البطلمي تحمل اسم المللك بطليموس الرابع، والمنطقة التي عثر بها على الجدار تمثل الاقليم السابع من الاقاليم المصرية القديمة.
ومن احدث الاكتشافات الاثرية ايضا، ما يعود الى العصر الصاوى فى منطقة البهنسا، حيث توصلت البعثة الأثرية المصرية الاسبانية التابعة إلى جامعة برشلونه، إلى مقبرة فريدة في نوعها ولم يتم الكشف عن هذا الطراز من قبل في البهنسا.
وقال د. مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن المقبرة تتكون من حجرة واحدة مبنية من الحجر الجيري المصقول، مدخلها من جهه الشمال، وجدرانها بها انحناء من أعلى عند بداية السقف مما يجعله مستوياً وليس مقبيا كما هو متعارف عليه في باقي المقابر المكتشفه سابقا في المنطقة، مشيراً إلى أنه لم يتم العثور بها على أي اثاث جنائزي.
ومن جانبة اضاف د. استر بونس رئيس البعثة، أن الحفائر أظهرت ثمان مقابر ترجع إلى العصر الروماني ذات سقف مقبي وغير منقوشة، تم العثور بداخلها على العديد من شواهد القبور التي ترجع للعصر الروماني، والعملات البرونزية والصلبان الصغيرة، والأختام الطينية .
وقامت بعثة جامعة توبنجن الألمانية برئاسة د. رمضان بدري حسين اثناء استئناف أعمال الحفائر الخاصة بها بورشة التحنيط والآبار بسقارة باكتشاف حجرة الدفن الملحقة بها من الأسرة السادسة والعشرين(664- 525 ق.م).
و حجرة الدفن المكتشفة حديثا وجدت بأحد هذه الآبار الذي يقع على عمق 30م وكانت مجاورة لخمس حجرات دفن أخرى تم الكشف عنهم في عام 2018.
وأشار د. رمضان بدري حسين الي انه أثناء أعمال تنظيف وتسجيل الحجرات الخمس عثرت البعثة على جدار حجري أخفى خلفه حجرة دفن سادسة عُثر بها على أربعة توابيت خشبية في حالة سيئة من الحفظ، أهمهم تابوت لامرأة تُدعى "ديدي باستت"، دُفنت ومعها ستة أواني كانوبية من الألبستر، علي عكس عادة المصريين القدماء الذي كانوا يقومون بتحنيط الرئتين والمعدة (أو الطحال) والأمعاء والكبد ويحفظونها في أربعة اواني كانوبية يحميها أربعة آلهة يعرفون باسم أبناء حورس الأربعة.
وعليه يؤكد د. البدري ان الأواني الكانوبية الست الخاصة بايدي باستت تعد كشفاً فريداً من نوعه. كما اشارت القراءات الأولية لصور الأشعة المقطعية (CT Scan) التي اجرتها البعثة علي الإناءين الإضافيين، الي أنهما يحتويان على أنسجة بشرية، والتي توضح انه من المرجح أن يكون جثمان ديدي باستت أُجريت له عملية تحنيط خاصة تم خلالها الاحتفاظ بأحشائها في ست أواني على غير عادة المصريين القدماء.
واستطرد قائلا ان دراسة نصوص التوابيت الحجرية والخشبية بحجرات الدفن الستة أسفرت عن نتائج هامة، منها أن غالبية التوابيت لكهنة وكاهنات إلهة على هيئة الثعبان، تُدعى نيوت شاس والتي كانت من الآلهات الثانوية خلال عصر الدولة الحديثة إلا أن هذه النصوص تشير إلى ارتقاء مكانتها وانتشار عبادتها في الأسرة السادسة والعشرين وربما كان لها معبداً في منطقة منف عاصمة مصر الإدارية وجبانتها سقارة.
ومن بين كهنة نيوت شاس كاهنة تُدعى إيبوت وكاهن يُدعى تشانيميت، دُفنا في نفس الحجرة ويبدو أنهما من المهاجرين المتمصرين، حيث أن اسمهما يعتبران من الأسماء الخاصة بمجتمع الليبيين المهاجرين الذين نزحوا إلى مصر وكونوا الأسرة الثانية والعشرين (943- 716 ق. م).
واستمرت أجيال المهاجرين الليبيين تمثل عنصراً من عناصر المجتمع المصري الذي تميز بتنوعه الثقافي، فكانت مصر بلداً مفتوحة للمهاجرين من بينهم اليونانيين والليبيين والفينيقيين وغيرهم من الأعراق الأخرى.
لم تنتهى بعد اسرار الملك رمسيس الثاني فهناك منها كثير مخبأ مع الاثار التى لم يتم اكتشافها، وكان آخر تلك الاسرار ما توصلت البعثة الأثرية العاملة بمعبد رمسيس الثاني في أبيدوس، والتابعة إلى جامعة نيويورك، برئاسة الدكتور سامح إسكندر إلى الكشف عن ودائع أساس ومخازن معبد رمسيس الثاني.
وقال د. مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للاثار، إن البعثة كشفت في الركن الجنوبي الغربي من المعبد، عن نماذج لألواح منقوش عليها اسم العرش للملك رمسيس الثاني مطلية باللون الأزرق أو الأخضر ونماذج لأدوات البناء وأواني فخارية وقطع أحجار من الكوارتزيت بيضاوية الشكل، مشيرا إلى أنه تم دفنها عام 1279 قبل الميلاد في وقت احتفالات وشعائر تأسيس المعبد.
وأشار د. ايمن عشماوي رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، إلى ان البعثة عثرت ايضا على عشرة مخازن كبيرة متصلة بقصر المعبد ومشيدة بالطوب اللبن، كانت في الأصل تحمل سقوف مقبية مشيدة بالطوب اللبن، وتستخدم كصوامع ومستوداعات لحفظ إحتياجات المعبد من قرابين وأدوات وغيرها، ووجد بداخلها مجموعة من رؤوس وعظام الثيران داخل محاريب مقطوعة فى جدرانها ترجع إلى العصر البطلمى، بالإضافة إلى العثور على هيكل عظمي كامل لثور مدفون بعناية تحت أرضية قصر المعبد.
وأوضح الدكتور سامح إسكندر المشرف على البعثة، أن ودائع الأساس التي تحمل اسم العرش للملك رمسيس الثاني تؤكد على أن بناء هذا المعبد تم بالفعل خلال فترة حكمه وليس في وقت سابق خلال فترة حكم والده الملك سيتى الأول، مؤكدا على أن تلك الاكتشافات غيرت من شكل الخريطة الأثرية لمنطقة أبيدوس وأضافت مزيد من الفهم لطبيعة المعبد فى مصر القديمة واقتصادياته خلال فترة القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
واشار د. إسكندر إلى إن وضع العديد من قرابين الثيران داخل جدران مخازن المعبد والمؤرخة بفترة العصر البطلمي تكشف عن أن المعبد كان لا يزال يحظى بالقدسية بين جموع المصريين حتى تلك الفترة وأن ذكرى رمسيس الثانى كانت لا تزال نابضة بالحيوية في الفكر المصري بعد ألف سنة من حكمه.