إفلاس سياسي واستغلال للمشاعر الدينية.. تحويل آيا صوفيا يثير استنكار وغضب الأرثوذوكس حول العالم
السبت، 25 يوليو 2020 02:00 م
أثار مشهد ظهور الرئيس التركي، رجب أردوغان، أثناء صلاة الجمعة الأولى من داخل مسجد أيا صوفيا، استياء العالم، وأجمع الساسة حول العالم بأن ما يفعله أردوغان، مجرد إفلاس سياسي واستغلال للمشاعر الدينية، أملا في العثور على شعبية تلاشت مع مرور الوقت.
وقال الأب كلاوديو مونجي، رئيس المركز الدومينيكي للحوار بين الأديان والثقافات في إسطنبول، تعليقا على حادث أيا صوفيا، إن التشويه الذي ألحقه الرئيس التركي، بـ "آيا صوفيا"، يأتي كونها معجزة معمارية فنية، وشهادة ملموسة لتاريخ معقد ومتعدد الحقب، وضربت مثلا كمصنع لا ينضب للأبحاث ومفترق طرق الفنون والأديان والثقافات، مشيرا إلى أن الباقي في الأمر مجرد خطاب دعائي يستغل المقدسات ورموزها بشكل فعال، ويثير ردود فعل عاطفية تغذي استقطاباً بين الإسلام والغرب الذى يُخال أنه مسيحي، بينما لا يتعدى الأمر كونه مجرد تبسيط مبتذل، موضحا أن كثيرين وقعوا في فخ الاستغلال الديني، فهناك شريحة كبيرة من الإسلام في الشرق والغرب أدانت المبادرة.
وتابع الراهب الدومنيكي، الذي يعيش في تركيا منذ 17 عاما: (كنا نفضل تفسيراً سياسياً استراتيجياً، أكثر من ذلك الديني حتى لو كان خطاب أردوغان السياسي تغذى بالخطاب الإسلامي دائمًا، فعلى خلفية التحدى ضد الغرب، تكمن الحاجة لإرساء قاعدة انتخابية راسخة، حتى لو كان الحزب بأكمله يعاني من تراجع في القبول أكثر من شخص أردوغان نفسه، فهو يحاول صرف الانتباه عن ملفات أكثر أهمية بكثير، كالوضع الاقتصادي الصعب الذي أصبح أكثر درامية بسبب الوباء، كما أنه يلعب بورقة الكبرياء السيادي ويجد مرفأ مثاليًا في غرب ما، يشهد فيه منطق الحملة الصليبية بروزا أكثر من أي وقت مضى.
على الجانب الآخر، أكد كرياكوس ميتسوتاكيس، رئيس وزراء اليونان، أن تركيا مثيرة للشغب وتهدد السلام في شرق البحر المتوسط، كما أنها تتحدى الحقوق السيادية لليونان وقبرص، وتدمر ثقافة القرن الـ21 بتصرفات مثل تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، فما يحدث في إسطنبول، دليل على الضعف وليس القوة وعدم قدرتهم على حجب إشعاع موقع التراث العالمي، موضحا أن الأمر بالنسبة لهم كمسيحيين أرثوذكس يونانيين، فإن آيا صوفيا هي اليوم أكثر من أي وقت مضى في أرواحهم، وأنه المكان الذي ينبض فيه قلوبهم وتحويل الحزن إلى قوة ورباطة جأش ووحدة، لأن آيا صوفيا موجودة على وجه التحديد لتوحيدنا جميعًا.
وفي نفس السياق، استنكر وندد اللقاء الأرثوذكسي، وهو تجمع سياسي ثقافي يضم رموز الطوائف الأرثوذكسية في لبنان، قرار رجب أردوغان، بتحويل آيا صوفيا التاريخي إلى مسجد، وأنه قرار استفزازيا يخالف أسس العيش المشترك ومبادئ التسامح والسلام، ويؤجج الصراعات الدينية، كما يخالف وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك التي أبرمها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان في الإمارات، كما يُعرّض مصير المسجد الأقصى وكنيسة القيامة لخطر تغيير معالمهما، حيث وفر أرضاً وذريعة لإسرائيل لممارسة مماثلة لما أقدمت عليه تركيا.
كما حذر بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية اللبنانية، من أن تحويل أيا صوفيا، إلى مسجد، من شأنه إثارة ملايين المسيحيين، وسيؤدي إلى الشقاق بين عالمين، داعيا مجلس الكنائس العالمي الذي ضم في عضويته 350 كنيسة، إلى إلغاء القرار.
جاء ذلك خلال المؤتمر الذي نظمه اللقاء الأرثوذكسي اللبناني بعنوان "آيا صوفيا معلم من معالم التراث العالمي"، الذي شارك فيه ممثلي الطوائف المسيحية والقوى السياسية اللبنانية.
ومن جانبها عبرت منظمة اليونيسكو عن أسفها لخطوة تحويل أيا صوفيا، وأكدت أنها تفاقم التوتر مع اليونان المجاورة لتركيا، والتي يعيش فيها ملايين المسيحيين الأرثوذوكس.