إحباط العملية الإرهابية في بئر العبد بسيناء.. دلالة التوقيت وسرعة الرد (تحليل)
الأربعاء، 22 يوليو 2020 11:54 ص
أمس الثلاثاء، أعلن المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة، العميد تامر الرفاعي، إحباط هجوماً إرهابياً على أحد الارتكازات الأمنية بشمال سيناء، حيث تمكنت القوات من تصفية 18 إرهابياً وتدمير 4 سيارات دفع رباعي، من بينها 3 مفخخة.
وقال بيان المتحدث العسكري، إنه في إطار الجهود المتواصلة التي تقوم بها القوات المسلحة في مكافحة الإرهاب بشمال سيناء وتأمين كافة الاتجاهات الإستراتيجية للدولة، نجحت قواتنا في إحباط محاولة هجوم للعناصر التكفيرية على أحد الارتكازات الأمنية بمنطقة بئر العبد باستخدام 4 عربات وعدد من العناصر التكفيرية.
الحادث أسفر عن استشهاد جنديين اثنين، وأظهر سرعة في الرد على الحادث الإرهابي، بمساعدة القوات الجوية، واظهر حالة من الإشادة بسرعة الرد والتعامل، على عكس ما روجت له عناصر جماعة الإخوان الإرهابية، ومنابرها الإعلامية.
اقرأ أيضاً.. الجيش المصري.. حين تمتلك الدول الرجال
حادث بئر العبد.. لماذا الآن؟، دفع الحادث الإرهابي إلى إثارة مجموعة من التساؤلات حول دلالة التوقيت والمستفيدين وخلافه نستعرضها في السطور التالية.
بالنظر إلى جملة التطورات على الساحة السياسية والإقليمية، خاصة التطورات بشأن إمكانية التدخل المصري في ليبيا، حال الضرورة، اتخذت القوى المناوئة لمصر مجموعة من التحركات لخلق حالة من السخط حول التدخل العسكري في الحد الإستراتيجي الغربي، مع وجود أزمة متزامنة، إستراتيجية هي الأخرى متمثلة في "سد النهضة".
ومنذ بداية التلويح بالتدخل العسكري في ليبيا بشكل واضح وصريح، في يونيو الماضي، حين كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، يتفقد القوات المسلحة في منطقة سيدي براني، وبدأ عناصر جماعة الإخوان الإرهابية يرددون نغمة "إثيوبيا مش ليبيا".
كل المؤشرات كانت تؤكد على ضرورة التدخل المصري في ليبيا، وبالتالي انتظرت الدول الداعمة للإرهاب، الإعلان الرسمي عن إرسال القوات إلى الخارج، للدفاع عن الأمن القومي المصري.
#المتحدث_العسكرى : إحباط هجوم إرهابى ف شمال سيناء ... pic.twitter.com/eqFOb20rsV
— المتحدث العسكري (@EgyArmySpox) July 21, 2020
وخلال الأسبوع الجاري- يبدأ من الخميس- باعتبار بدايته اجتماع الرئيس السيسي مع شيوخ وأعيان القبائل الليبية، ويليه الأحد الماضي، اجتماع مجلس الدفاع الوطني بكامل أعضاء هيئته، وبث رسالة واضحة وصريحة بشأن ليبيا وسد النهضة، مروراً بموافقة مجلس النواب، الاثنين، على إرسال قوات قتالية لخارج لمواجهة التحديات التي تواجه الأمن القومي المصري.
البرلمان أكد في بيانه على موافقته على تفويض الجيش في إرسال عناصر من القوات المسلحة في مهام قتالية خارج حدود الدولة، للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي وضد أعمال الميليشيات الإجرامية المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية إلى حين انتهاء مهمة القوات.
اقرأ أيضاً.. ماذا لو تمكنت تركيا من احتلال ليبيا؟.. (سيناريوهات في أحلام أردوغان)
ومع ارتفاع حالة الدعم الشعبي والسياسي للجيش المصري، كان من الضروري في عقل الأطراف الداعمة للإرهاب في المنطقة ممثلة في قطر وتركيا، وذراعها جماعة الإخوان، خلق حالة من الصدمة وكسر ثقة المصريين في جيشهم والقيادة السياسية.
وبالتالي كان موعد حادث منطقة بئر العبد، الذي أظهر مجموعة أخرى من الدلائل، عن أن كل شيء معد له مسبقاً، فلأول مرة يتم نشر فيديوهات لعملية إرهابية بالتزامن مع وقوعها، من زوايا مختلفة، وتصوير العناصر الإرهابية وكأنهم يتجولون في المدينة، دون أي متابعة أمنية، وبالتالي ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات من عينة التقصير الأمني والاستخباراتي، وبالتالي كيف لجيش ضعيف في بلده أن يدخل ليبيا؟
#المتحدث_العسكرى : إحباط هجوم إرهابى على إحدى الإرتكازات الأمنية بشمال سيناء ... pic.twitter.com/k1rayvCx6Q
— المتحدث العسكري (@EgyArmySpox) July 21, 2020
هذا تزامن مع تغطية مباشرة لقنوات جماعة الإخوان، وعلى رأسها قناة الجزيرة، والتي أبت أن تصف العناصر المسلحة بالإرهابية والتكفيرية، كذلك شبكة رصد الإخوانية، والتي لم تنتظر أي بيان رسمي، فنشرت: "سيناء أولى من ليبيا".
وبالتدقيق وبحسب بيانات رسمية، تأكد أن التفجير المتداول كان لقصف القوات الجوية للسيارات التي استقلها الإرهابيون، كانت بمجموع 4 سيارات منها 3 مفخخة، وهو ما أكده بيان المتحدث العسكري.
كل ذلك لم تلتفت له الإخوان، بل عكفت لجانها على الترويج لمقاطع الفيديو بشكل كبير، مع منشورات تنال من عزيمة الجنود المصريين، غير أن مرور ساعات قليلة، كان كفيل بانكشاف هذا الزيف.
اقرأ أيضاً.. مصر تضع النقط على الحروف.. هل تنجح جهود السيسي في حل الأزمة الليبية؟
حيث نجحت القوة المكلفة بحماية الارتكاز الأمني بمساعدة القوات الجوية رد الهجوم الإرهابي، وتصفية 18 إرهابيًا من بينهم عنصراً يرتدي حزاماً ناسفاً، وتدمير 4 عربات منها 3 عربات مفخخة، واستشهاد عنصرين اثنين من قوة الكمين وإصابة 4، وليس كما روجت اللجان الإلكترونية وقنوات الجماعة.
الأمر وصفه مراقبون عسكريون، بالانتصار التكتيكي والمعنوي، حيث أكدت العملية دقتها وجاهزيتها أمام عنصر المفاجأة، يشير اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، إلى أن الإرهابي هو من اختار المكان الذي يهاجم فيه، وحدد السلاح والتوقيت، وتخيل أنه سيفاجئ القوات المسلحة ويهاجمها، ولكنه تفاجأ برد الفعل من القوات المسلحة بإحباط مخططات هؤلاء الإرهابيين، مما جعلنا ننبهر جميعًا من سرعة ودقة أداء قواتنا.
وأكد أن كل اتجاه من الاتجاهات الإستراتيجية حدود الدولة المصرية له تجميع قتالي وتشكيل تعبوي قادر على حماية الاتجاه المختص به، يحمي الدولة ويؤمنها ولا يتحرك من مكانه، لذلك لا تضطر الدولة لنقل عسكري واحد من اتجاه إلى اتجاه آخر، وإذا اضطرت لإرسال عناصر أخرى لأي اتجاه، فإنها لديها احتياطي عسكري قادر على البدء في أي وقت.
كافة تلك المؤشرات، تؤكد أن الأمر كان معد له مسبقاً للنيل من عزيمة المصريين وثقتهم بجيشهم، وخلق حالة من السخط ضد قرارات القيادة السياسية بشأن إدارتها للملفات الإقليمية الحاسمة.