ظاهرة التنمر تعود بوجهها القبيح مع الفنانين والمشاهير
السبت، 18 يوليو 2020 06:00 مأمل غريب
نقلا عن العدد الورقي
ابنة عمرو السولية آخر المتضررين من المتنمرين.. ورجال دين وعلماء نفس: يعانون من اضطرابات نفسية واجتماعية غير سوية
ابنة عمرو السولية آخر المتضررين من المتنمرين.. ورجال دين وعلماء نفس: يعانون من اضطرابات نفسية واجتماعية غير سوية
عادت ظاهرة التنمر لتطل بوجهها القبيح مجدداً، لكن هذه المرة من باب التنمر بالشخصيات العامة والمشاهير وأبنائهم، فبعد أزمة صورة بنات الفنان شريف منير، وكذلك صورة وأيضا الصورة نقيب المحامين رجائي عطية برفقة حفيدته، وشقيقة محمد رمضان، لاحقت الظاهرة لاعب الأهلى عمرو السولية الذى أعلن اتخاذه كافة الإجراءات القانونية لكل من أساء فى حقه وحق ابنته من متابعيه عبر حسابه الشخصي على موقع إنستجرام، بعدما تنمر بعض المتابعين على ملابس ابنته التى لم تتجاوز الثلاث سنوات، وكتب السولية عبر حسابه الشخصي على إنستجرام، "تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية وعمل محاضر لكل من أساء في حقى أو فى حق أى فرد من أفراد أسرتي".
وكان عمرو السولية قد رد على تعليقات عدد من متابعيه بموقع إنستجرام ووالتى زعموا أن ملابس ابنته ليلى التى تبلغ من العمر 3 سنوات ونصف غير محترمة، موضحًا أنه سيتقدم ببلاغات ضدهم.
كان الأمر في بداية انطلاق مواقع التواصل الاجتماعي، لا يخرج عن مجرد أراء فردية لأشخاص من ذوي الأفكار الشاذة أو أصحاب العقول المريضة التي اعتادت الخوض في الأعراض وتناول الحياة الشخصية للأفراد أو للشخصيات العامة في البداية، كان السائد أن تلك الأصوات الشاذة، إلا أنه مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشارها بشكل أوسع، تفشت الظاهرة وتطورت لتصبح مجموعات منظمة فيما يشبه اللجان الإلكترونية، مما دفع بطرح سؤال عمن يقف وراء تلك المجموعات ومن يدعمهم بهذا الشكل الفج ولمصلحة من؟
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الماضية، عددا من الصور الخاصة بنجوم ومشاهير وشخصيات عامة، كانت السبب وراء اندلاع أزمة كبيرة بين مجتمع السوشيال ميديا، بسبب نشرهم صورا لهم بصحبة أفراد عائلاتهم، ففي الوقت الذي اكتفى فيه البعض من متابعيهم بكتابة تعليقات إشادة ومباركة، راح أخرون ينصبون أنفسهم حكاما على غيرهم، ونصبوا أنفسهم «حماة للفضيلة»، وتطاولوا عبر استخدام كلمات جارحة وألفاظ نابية وخادشة للحياء، ظنا منهم أنه إنما يدافعون عن الأخلاق وحماية الدين.
كانت أولى المعارك التي ظهرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تلك التي خاضها الفنان شريف منير، عندما تعرض لهجوم ضاري، بسبب نشره صورة لابنتيه (فريدة وكاميليا)، فجاءت تعليقات المجموعات المنظمة التي تشبه اللجان الإلكترونية، بشكل يحمل السخرية والتنمر، فيما اختار البعض الأخر يتهم النجم في عرضه وشرفه ورجولته واخلاقه، وهو ما استنكره شريف منير، بشدة قبل أن يبادر بحذف الصورة التي تسببت في إذاءه وبناته الصغار.
وكتب شريف منير عبر حسابه على إنستجرام: «الإفراط في حسن النية قد يكلفك الكثير، بعد مانزّلت صورة بناتي، فريدة 16 سنة وكاميليا 12 سنة، وشوفت تعليقات من ناس مرضى وقليلي الرباية، وجرحوا بناتي و جرحوني، مسحت الصورة ولقيت البوست ده معناه ينطبق عليا، حسبنا الله ونعم الوكيل».
في نفس الوقت، تعرضت سيدة الأعمال (إيمان رمضان)، شقيقة النجم الفنان محمد رمضان، إلى حملة غير أخلاقية على مواقع التواصل الاجتماعي، وصلت إلى حد التتنمر على شكلها والطريقة التي ظهرت بها خلال حفل زفافها، وصلت إلى حد كتابة تعليقات خارجة ومسيئة لها، مما دفعها إلى الخروج عن صمتها والرد على التجاوزات التي طالتها.
على الجانب الأخر، لم يسلم رجائي عطية نقيب المحامين، هو الأخر من تجاوزات وتطاول مجموعات حماة الفضيلة، بعدما انتشرت صورة له بين أوساط المحامين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان فيها برفقة إحدى الفتيات، مما عرضه لسيل من الهجوم والبذاءات، قبل أن يتبين للجميع بعدها بأن الفتاة هي لحفيدة رجائي عطية، خلال رحلة مصيف مع العائلة، ليخرج عن صمته ويعلق على الموقف المخذي لزملائه، بقوله: (البذاءات بلغت حدا لا تتهاوى إليه نقابة عوالم، يبدو أنني أخطأت في تسخير نفسي وعلمي لمن أردت أن أعيد لهم المحاماة، حسبي الله ونعم الحسب حسبي).
لم يكن النجم محمد رمضان، بعيدا هو الأخر، عن التنمر والتطاول من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب لون بشرته وشكل والده، فعندما نشر النجم صورة له بصحبة والده في أحد الأماكن العامة، أعادت نشرها المذيعة الكويتية المغمورة (مي العيدان) مقدمة برامج النميمة الفنية على قناة سكوب الكويتية، ووصفت النجم المصري ووالده بشكل عنصري ساخرة من لون بشرتهما الأسمر.
وكتبت الكويتية مي العيدان، عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، معلقة على الصورة: (لأول مرة صورة محمد رمضان مع أبوه.. واي أبوه يخرع).
كما كان للنجم محمد رمضان نصيبا أخر، من السخرية والتنمر على لون بشرته، عندما ذهب أحد أصحاب العقول المريضة، ينشر صورة للنجم ويسخر من لون بشرته، فما كان من رمضان إلا التعليق بقول: (فخور بلوني الأسمر).
رأي الدين في (حراس الفضيلة)
يرى علماء الدين، أنه لا يصلح للإنسان تنصيب نفسه حكما على الناس وينسى نفسه، بل عليه النظر إلى عيوبه الشخصية قبل البحث عن عيوب غيره، كما أنه عليه أيضا السعي لإصلاح نفسه وذاته أولا، ثم يذهب لمحاولة إصلاح الآخرين من باب محبة الخير لهم والنصيحة إليهم، وليس من باب تنقيص الآخرين أو التماس وإظهار عيوبهم، وهو ما نهى عنه دينا الإسلامي الحنيف، إذ أن المسلم لا يحق له شرعًا، التطاول على أخيه يرميه بالباطل أو أن يتدخل في حياته الشخصية لمجرد النيل منه أو لمجرد الذم، وكما قال سيدنا رسول الله صل الهم عليه وسلم: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ»، فإنه ينبغي على الإنسان أن يشغل باله بنفسه فقط دون أن يترصد ويتصيد الأخرين.
ويقول بعض العلماء عن هذا الحديث، إنه يعادل ثلث الإسلام، إذ اجتمع فيه الورع والزهد كله، لأنه أصل عظيم من أصول تهذيب النفس وتزكيتها، فإلاسلام بالأساس جاء ليتمم مكارم الأخلاق، ومن ثم فإن ترك ما لا يعنيك من الإسلام، كما أنه إذا كان الأمر يتعلق فقط بالدعوة الحسنة، فإن الأمر لا يحتاج على الإطلاق التدخل في شئون الآخرين، إذ أن أساس الدعوة هو اللين والموعظة، لقوله تعالى: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»، فالإنسان إذا ابتعد عمَّا لا يعنيه ولم يدخل في شؤون الناس، ولا في سؤال فلانٍ وعلان عمَّا لا يعنيه، فهذا هو من كمال الإيمان، لأنه قد يدخل في شيءٍ يضره، أو يُشوش على غيره، أو يُسبب فتنة، فمن تتبع عورات الناس تتبع الله عوراته.
وفي نفس السياق، يؤكد أطباء علم النفس، أن التدخل في شؤون الأخرين يعتبر سلوك غير أخلاقي على المطلق، ينتشر في المجتمعات بقصد تصيد أخطاء الأخرين أو إزعاجهم واستفزازهم، وأن الشخص المتطفل لا يحترم خصوصيات غيره ولا مشاعرهم ولا أحساسايهم وظروفهم الخاصة.
ويؤكد الأطباء النفسين، أن المتدخلين في شؤون الغير، فإنهم يعانون من اضطرابات نفسية واجتماعية غير سوية، إذ يشعرون بالسعادة من خلال التطفل والتدخل في شؤؤون الآخرين، كما أن الشخص المتدخل هو شخصية انتهازية ويعاني من قلق وساذج أحيانا، كذلك من خصائصه أنه يعاني من فراغ في حياته ولديه نوع من حب التلسط والسيطرة ويتصف بالثرثرة ونقل الكلام، إذ يشعر بالنقص وحاجته إلى تقدير المجتمع له ويفتقد الأمن النفسي واحترامه لنفسه.