945 شابا ماتوا غرقاً في شاطئ النخيل خلال عشر سنوات دون أن يتحرك أحد
السبت، 18 يوليو 2020 11:30 مإيمان محجوب ودينا الحسينى
محافظ الإسكندرية لـ"صوت الأمة": اتحاد الملاك السبب في تردى أحوال المنطقة.. والمنتفعين حولوا "النخيل إلى مرتع للفاسدين
المتحدث باسم أعضاء قرية النخيل: عيوب هندسية في حواجز الأمواج تحدث دوامات تسحب الضحايا تحت الصخور.. وخاطبنا رئيسى الجمعية المسئولة عن القرية ورئيس هيئة التعاونيات المصرية لكنهم لم يتحركوا
المتحدث باسم أعضاء قرية النخيل: عيوب هندسية في حواجز الأمواج تحدث دوامات تسحب الضحايا تحت الصخور.. وخاطبنا رئيسى الجمعية المسئولة عن القرية ورئيس هيئة التعاونيات المصرية لكنهم لم يتحركوا
عاد شاطئ الموت "النخيل سابقاً" إلى تصدر المشهد الأسبوع الماضى، بعدما حصد أرواح 11 شابا ماتوا غرقاً امام أسرهم، دون أن يستطيع أحد من اسعافهم أو نجدتهم.
دوامات وانهيارات رملية وسراديب تسحب المصطفين تحت الحواجز الصخرية ليموتوا غرقي بشاطئ النخيل بالعجمى غرب الإسكندرية، حيث اشتهر الشاطئء بارتفاع حالات الغرق، التي وصلت الي 945 غريق في العشر سنوات الأخيرة، ففى كل صيف تأتى النسبة الأكبر من عدد الغرقى بشواطئ الإسكندرية، من شاطئ النخيل.
وبدأت المأساة هذا العام ورغم إغلاق الشواطئ بغرق 11 ضحية بعدما تسلل بعض المواطنين حوالى الساعة 5.20 صباحا، والنزول إلى مياه شاطئ النخيل فغرق 11 شخصا بعد سحبهم في الدوامات وتم انتشال 7 جثث، وجارى البحث عن الآخرين بمعرفة الإنقاذ النهرى التابع للإدارة العامة للحماية المدنية.
وتعود قصة شاطئ الموت الغامض والجثث الضائعة في عمق المتوسط لعدة سنوات عندما ارتفعت حالات الغرق في الشاطئ التي بلغت 16 حالة فى يوم واحد فى العام قبل الماضى، مع صعوبة انتشال الجثث والتى قد تطول لعدة أسابيع، مما أثار انتباه الأجهزة التنفيذية للبحث عن أسباب المخاطر التي تحيط بالمصطافين بهذا الشاطئ ومحاولة وضع حلول علمية لمواجهتها والحد من حالات الغرق.
وقال محمد حمدي المتحدث باسم أعضاء قرية النخيل أنه بعد تكرار حوادث الغرق في الشاطئ التي وصلت إلي 945 غريق في العشر سنوات الماضية تم إبلاغ الجهات المعنية ومنها هيئة حماية الشواطئ التي أكدت علي انعدام الاتزان البيئي في الشاطئ ووجود عيوب هندسية في حواجز الأمواج التي تقوم بعملية سحب هيدروليكي للمصطافين، ليغرقوا تحت صخور الحواجز مما يؤدي لصعوبة استخراج جثث الغرقي، فتحلل اجسادهم بعد ثلاثين يوم لتستمر معاناة أهالي الضحايا للابد.
وضاف حمدى "كاتحاد شغالين لقرية النخيل خاطبنا رئيسى جمعية 6 أكتوبر المسئولة عن القرية ورئيس هيئة التعاونيات المصرية اللواء حسام زرق لكنهم لم يتحركوا"، لافتاً إلى أن كثير من النظريات تؤكد أن حواجز الأمواج التى وضعت بالشاطئ تتسبب فى دوامات تحصد أرواح المصطافين، خاصة من لا يعرف فنون السباحة جيدا، مما جعل الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية فى عام 2017 تطلب من الجمعية المسئولة عن الشاطئ، الأوراق والدراسات التى تمت خلال إنشاء حواجز الأمواج الموجودة بالشاطئ ليتم عرضها على المختصين من أساتذة كلية هندسة، والبت فى هذا الأمر، والتي أوضحت في تقريرها أن الجواجز الموجودة بالشاطئ تؤثر على التيارات المائية لتخلق دوامات تؤدى إلى حالات الغرق.
من جانبه قال اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية، إن شاطئ النخيل يعد من الشواطئ الخطرة، نظرا لارتفاع حالات الغرق بها ووجود التيارات المائية "الدوامات" التى تتسبب الغرق خاصة لمن لا يجيدون فنون السباحة، لافتاً إلى أن الشاطئ يقع على مسافة طول 1700 متر، واشتهر عنه ارتفاع حالات الغرق فى السنوات الماضية حتى بلغ عدد حالات الغرق فى يوم واحد الى 16 شخصا فى العام قبل الماضى.
وقال اللواء محمد الشريف لـ"صوت الأمة"، "الجميع يعلم أن شواطئ الإسكندرية مغلقة بقرار رئيس مجلس الوزراء ضمن الإجراءات الإحترازية التي أتبعتها مؤسسات الدولة لمكافحة فيروس كورونا المستجد ، وتم وضع 10 لافتات بشاطئ النخيل والشواطئ العامة مدون عليها عبارة "غلق الشواطئ بناءاً علي تعليمات رئيس مجلس الوزراء وقرار من المحافظ"، ومع هذا تسلل الشباب حوالى الساعة 4 صباحاً في ظل عدم وجود فرق إنقاذ وعدم وجود مسئولين، وعدم بدء المرور للإطمئنان علي تنفيذ قرار الوزراء بعدم وجود تجمعات علي الشواطئ، واخترقوا قرار الحظر وتسللوا للشواطئ".
وأشار الشريف إلى أن النيابة العامة تولت التحقيق في الحادث، مضيفاً "لو وجدت مخالفة من أي مسئول بالمحافظة لتم القبض عليه وسجنه"، مشيراً إلى أنه كلف الجمعية المسئولة بإنشاء سور بتكلفة 3 مليون جنية وسيتم تنفيذه بتصميم خاص "شفاف" حتي لا يحجب رؤية البحر وهدفة إحكام عملية الغلق، مشدداً على صعوبة استخدام شاطئ حديد، وقال "تواصلت مع شركات البترول والبحرية الذين أكدوا أنه من الصعب استخدام شاطئ حديد لأنها مصممة لإنقاذ غرقي حتي نصف البحر وتحتاج غاطس 50 متر علي الأقل، ولو استخدمنا هذا القارب في هذه المنطقة أكدوا تعرضها للعطل وتعريض طاقمها للخطر".
وحول أزمة شاطئ النخيل وحوادث الغرق المتكررة قال اللواء محمد الشريف أن أزمة شاطيء النخيل تعود لعام 1993 فهو يتبع لجمعية 6 أكتوبر منذ عام 1978 وكان يعد من أجمل شواطئ الأسكندرية وأكثرهم إلتزاماً، ثم بدأ ملاك الوحدات البيع للمدنيين حتي تدهور الخدمات ونشبت مشكلات بين الملاك الجدد وبعضهم وبين الملاك والجمعية، وتحولت الأدوار الأرضي إلي محلات وأمتدت الخلافات مع المقاولين المعنيين بالبناء داخل المدينة، لافتاً إلى أنه صدر حكم قضائي في عام 2011 برفع البوابات عن المدينة التي كانت تحكم غلق المدينة وتنظم عملية دخول المواطنين بعد دفع تذاكر والتحقق من هوية الزائرين، وساءت المدينة وأصبحت مرتع للفسده والفاسدين حتي أقبل عليها اشخاص وسيدات سييء السلوك، وأطلق عليها "مملكة البوابين"، والذين أصبحوا متحكمين في المدينة، وبعد عام 2011 إنتشرت المخالفات وتفاقمت فضلاً عن البناء المخالف وانتشرت الباعة الجائلين والميكروباصات، وبعد وفاه رئيس مجلس إدارة الجمعية تدهور الأوضاع بالمدينة أكثر وأكثر .
استكمل اللواء الشريف أنه عام 1993 قامت الجمعية بعمل صدادات وحواجز علي الشاطيء نظراً لكثرة الدوامات والأمواج العالية، إلا أنها نفذت بشكل خاطئ، أدت بمرور السنين إلي عمل دوامات واحتجاز الأشخاص أسفلها، وفتحات الرمال كبيرة بين كل حاجز وحاجز أدت إلي ارتفاع منسوب المياه إلي أعلي الجسم ، وبعد 2011 فشلوا في جمع أموال من الملاك لإصلاح القرية نظراً لعدم رضاء السكان عن تدهور الأوضاع في المدينة لقلة النظافة وعدم السيطرة ، وأمتلأت القرية بالبلطجية .
وأشار المحافظ أنه منذ تولية رئاسة المحافظة وجد شكاوي من المواطنين أرسلت إلي رئاسة مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية بالمئات بسبب تفاقم القمامة، فتوجهت إلي زيارة المدينة وجدت تلال من القمامة وقمت بواسطة عمال المحافظة برفع كل القمامة وبعدها بمدة 15 يوم قمت عن طريق الحي ومقاول نضافه برفع مخلفات قمامة أخري، حتي أصبحت المدينة مدانة للمحافظة بمبلغ 340 ألف جنية لم يسددوا للمحافظة منها اية مبالغ، مع العلم أن النخيل كومبوند مغلق لا دخل للمحافظة بالنظافة داخلة، إلا أنني قمت بحل الأزمة للسكان الذين تعاقدوا مع مقاول رشحته المحافظة لجمع القمامة وكان هناك رضاء منهم إلا أن بعض المنتفعين داخل المدينة لم يعجبهم الأمر وافتعلوا المشاجرات مع المقاول ووصل الأمر لإتلاف سيارته حتي أجبروه علي ترك نضافه المدينة، ومع هذا لازالت المحافظة تمد للسكان يد العون لرفع القمامة والمخلفات حتي أضيف علي الحساب حساب.
وأوضح المحافظ أن شاطيء النخيل ملك المحافظة إلا أن الجمعية قامت بإدخاله ضمن المدينة وعليهم مديونيات، وتم إبلاغهم بطرح مناقصة للشاطئ لعدم سدادهم المبالغ فعلي الفور أبدوا رغبتهم في السداد واتفقت المحافظة معهم علي تولي مسؤولية الشاطيء والمدينة بالكامل.
من جانبه أكد اللواء جمال رشاد رئيس الإدارة، أنه كان من المقرر إعادة طرح شاطئ النخيل للمزايدة العلنية، خلال موسم صيف 2020، قبل أزمة فيروس كورونا، وذلك تنفيذا لقرار اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية بشأن إلغاء تخصيص شاطئ النخيل بنطاق حي العجمي وإعادة طرحه طبقا لقانون المناقصات والمزايدات وبما يحقق رغبات سكان مدينة 6 أكتوبر ،موضحا أنه تم شن حملة مكبرة بقيادة أسامة على مدير المصايف واللجنة الدائمة للشواطئ ومديري الشواطئ وإشغال الطريق لحى العجمى باستلام الشاطئ وتحرير محضر استلام بذلك ، وجارى التنسيق خلال الفترة القادمة بين الإدارة المركزية للسياحة والمصايف والادارة العامة للشئون المالية بالمحافظة ، لتنظيم إجراءات طرح الشاطئ.
وجاء قرار سحب الشاطئ وإعادة طرحة للمزايدة العلنية بعد استغاثات قاطني منطقة 6 أكتوبر لمحافظ الإسكندرية بمخالفة جمعية 6 أكتوبر المسئولة عن المدينة لبنود عقد التخصيص، وكذلك انتشار الاشغالات غير القانونية علي الشاطئ وسوء معاملة رواده ، فضلا عن وقوع العديد من حوادث الغرق بالمدينة خلال السنوات الماضية ،وعلى خلفية ما أثير في السنوات السابقة حول تعدد حالات الغرق، وتنفيذا للتعليمات المشددة الصادرة من محافظ الإسكندرية لجميع الأجهزة المعنية بضرورة اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية لمنع تكرار حوادث الغرق بشاطئ النخيل.